المشهد اليمني الأول/

 

منذ صدور قرار هادي بتعين نبيل شمسان محافظاً  لمحافظة تعز بدأت ردود الافعال تجاه الرجل على شكل عراك في وسائل التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومعارض وقد ساهم هذا العراك إلى حد كبير في تفخيخ أرضية المناخ السياسي وخلق خصومة مع الرجل القادم من على مركب «بولونيل» في شاطئ النيل بالقاهرة وقبل أن يصل إلى تعز حتى اليوم لممارسة عمله.

 

 

مصادر مقربة من المحافظ أكدت أن «المحافظ لا يزال ينتظر إقرار الميزانية العامة للمحافظة من قبل حكومة هادي وتكفلها بمعالجة الملفات الشائكة والتي أبرزها ملفي الجرحى والإعمار» مشيرة إلى أن «هناك الكثير من العراقيل تقف في طريق عودة المحافظ لممارسة مهامه من داخل المدينة».

 

 

 

غياب المحافظ الجديد نبيل شمسان بالتزامن مع عودة عادل عبده فارع قائد كتائب جماعة «أبو العباس» المدعومة إماراتياً أثارت الكثير من التكهنات وردود الفعل المتباينة ففي الوقت الذي اعتبرته الجماعة «عودة مشروعة» إلى مقرها الحقيقي عده آخرون «ناقوس خطر» ينذر بجولة صراع جديدة.

 

 

 

مصدر عسكري مطلع أكد أن «عادل عبده فارع قائد كتائب (أبو العباس) عاد إلى وسط المدينة منذ قرابة أسبوعين» وكشف المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه عن «عمليات تجنيد وتحشيدات مستمرة يجري التحضير لها من قبل الرجل في مناطق تواجده بالمدينة القديمة وجبهة الكدحة بالإضافة إلى معسكر تدريبي أخر للكتائب في مدينة عدن». وأفاد بأن «جماعة أبو العباس تجري تحضيرات لعودتها مجدداً إلى المدينة من خلال تجهيز العديد من المعسكرات التدريبية لمقاتلين يتم استقطابهم من المناطق التي كانت تحت سيطرتها بالإضافة إلى عقد اجتماعات مكثفة مع عقال الأحياء وتهديدهم بعدم الإدلاء بأية معلومات وعدم التعامل مع الجهات الأمنية».

 

 

 

وأشار المصدر إلى أن «السلاح لا يزال يتدفق إلى مدينة تعز بشكل مخيف ومريب منذ مغادرة محافظ تعز السابق أمين محمود» من جهته قال المتحدث باسم قيادة محور تعز العقيد عبد الباسط البحر إن «هناك لجنة رئاسية مشكلة للتعامل مع هذه القضية وتطبيع الأوضاع في مدينة تعز بشكل عام».

 

 

وأكد البحر أن «اللجنة اتخذت عدداً من الإجراءات والاتفاقات الموقعة بينها تقسيم مسارح الأعمال القتالية لكل كتائب وألوية الشرعية» مشيراً إلى أنه «سيتم متابعة تنفيذ هذه الإجراءات التي اتخذتها اللجنة الرئاسية».

 

 

وفي المقابل قال القيادي في كتائب «أبو العباس» عادل العزي إن «كتائب أبو العباس لم تغادر تعز، حتى نقول إنها عادت» موضحاً أن «التدريبات الحالية هي تدريبات لأفراد الكتائب مثلها مثل أي لواء يقوم بدورات عسكرية لأفراده» وحول اجتماعات «أبو العباس» بعقال الحارات أكد العزي أن «الاجتماع كان من أجل التعاون مع الأجهزة الأمنية في مدينة تعز إضافة إلى ترتيب كشوفات عمليات صرف المواد الغذائية المقدمة من الهلال الأحمر الإماراتي فقط لا غير» لافتاً إلى أن «الكتائب تقوم بدورها القتالي في جبهة الكدحة، بالإضافة إلى تتبع العناصر الإرهابية من تنظيم الدولة الإسلامية وداعش (الدولة) ومداهمة أوكارها» وأشار إلى أنه «تم القبض على مجموعة منهم أبرزهم أبو صالح اللحجي وأحمد البريهي».

 

 

هذه التطورات والتحولات لأجندات القوى المتصارعة في المدينة التي مزقتها الحرب وصراعات الجماعات المسلحة منذ أربعة أعوام جعلتها تتصدر تقارير فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة، حيث أورد تقرير فريق لجنة الخبراء الدوليين الأخير التابع للأمم المتحدة والذي قدم إلى مجلس الأمن في 18 من يناير في إحدى فقراته كشفاً بأسماء مجموعات مسلحة في تعز قائلاً إنها «تنفذ اعمالاً إجرامية بينها الاغتيال»وأشار التقرير إلى أن «الصراع في مدينة تعز هو تنافس من أجل السيطرة على المدينة وإيرادتها، بين عناصر الإصلاح المسلحة وكتائب أبو العباس».

 

 

القيادي في جماعة «أبو العباس» عادل العزي اعتبر أن التقرير نتيجة طبيعية للتقارير التي تم رفعها مسبقاً مرجعاً السبب في ذلك إلى قيادات تعز العسكرية التي «تتعامل بحزبية مفرطة» وأكد أن «القيادات تعمل على رفع تقارير مغلوطة ضد أخصامها»، مشيراً إلى أن «التقرير لا يستهدف شخص بعينه، وإنما يستهدف تعز بالكامل».

 

 

أما المتحدث باسم قيادة محور تعز العقيد عبد الباسط البحر فاعتبر أن التقرير غير حقيقي مؤكداً أن «الفريق لم يحضر إلى تعز وإنما أخذ المعلومات عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي» وأوضح أن «بعض معلومات التقرير قديمة جداً ومعظم المسميات التي أوردها التقرير قد انتهت وتلاشت منذ فترة طويلة» مشيراً إلى أن «تعز اليوم هي من أكثر المناطق المحررة أمنا وأمان والتقارير الرسمية تثبت أن تعز قطعت شوطا كبيرا في هذا الجانب».

 

 

اليوم وعلى الرغم من أن ملفات شائكة ومعقدة لا تزال تنتظر المحافظ فإن تأخره عن ممارسة عمله من داخل المدينة تجعل الرجل وبحسب مراقبين: «أمام اختبار حقيقي في لململة شتات المؤسسة العسكرية والأمنية، وانتماءاتها الحزبية وغير الوطنية والتي تعتبر السبب الجوهري في فشل كل من تعاقب على قيادة المحافظة».

 

 

الناشط السياسي والصحافي أكرم الحاج أكد أن «التباين في التفاهمات بين التيارات السياسية والتي ولدت صراعاً لم يعد خافياً على أحد كان السبب الجوهري في عدم تمكين المحافظين السابقين من مزاولة مهام مسؤولياتهم في إدارة المحافظة وإن بدت المواقف الإعلامية لصراع الأحزاب السياسية عكس ذلك»وأوضح أن «التهديدات الأمنية والعسكرية لا تزال تعصف بالمدينة خصوصاً أنها رفضت مشاريع كثيرة مشابهة لما حصل ويحصل لجارتها عدن».

 

 

ويعتقد الحاج أن «هيمنة حزب التجمع اليمني للإصلاح (جماعة الإخوان المسلمين) على القرار العسكري والأمني وضعف قرار الشرعية بتعز ساهمت في توسع الصراع المعلن والغير معلن بين الجماعات المسلحة في المدينة» مضيفاً أن «هذه المكونات السياسية والعسكرية فشلت حتى الآن بالتحكم على قرار أبناء تعز الذين يشكلون قلقاً حقيقياً لجميع الأطراف السياسية الحزبية الداخلية والمشاريع الخارجية التي تتجاذبها وتسعى لتكبيل حرية قرار أبنائها السياسي ومشروعهم الوطني الخالص».

 

 

 

وأشار الحاج إلى أن «الغضب الشعبي المتصاعد داخل المدينة قد يغير المسار الذي تفرضه تلك التجاذبات الحزبية والإقليمية خاصة مع تنامي الخوف بين أوساط أبناء تعز من أن محافظتهم معرضة لمواجهات قد تكون أشرس من تلك التي شهدتها خلال السنوات المنصرمة».

 

(تقرير – مفيد الغيلاني)

مصدرالعربي