المشهد اليمني الأول/

ساعات تفصلنا عن دوي صرخات التكبير والتمجيد لله والثناء عليه شكراً له على هدايته لنا واختصاصه إيانا بنعمة إجتياز هذا الشهر الفضيل، ومن المعلوم أن لهذا الإحتفاء المجتمعي الهائل طقوساً خاصة عند كل المسلمين، ألا أن الأطفال يتميزون عن غيرهم في الإحتفاء بهذا العيد وطرق تعبيرهم عن بهجتهم بحلول أجواءه العظيمة.

لا نزال نتذكر جيدا انا ومنهم في جيلي، كيف كنا نقضي الأجواء العيدية منذ إنطلاق شعاعات التباريح الأولى لهذا اليوم إبتداءاً بالإغتسال وإرتداء الملابس الجديدة التي يشترط فيها جيوب وفيرة للاحتفاظ بـ “عسب العيد” ننطلق للصلاة في المصلى ثم نعود لنستكمل تسلم الرواتب “حق الجعالة” وننطلق لنزعج الجميع في الحي بأصوات المفرقعات والقريح.

الطفل اليمني له طقوسه ما عيد إلا بقوارح

ينفق كل ما بجعبته من أجل شراء المفرقعات والأسلحة البلاستيكية مسدسات وبندقيات خرزية أو مائية، لتبدأ معارك اللعب من اليوم الأول للعيد، في الآونة الاخيرة أدرج الأطفال طقوس أخرى تتمثل في قضاء الكثير من أجواء العيد في الحدائق والمنتزهات، لكن ومنذ إنطلاق العدوان الأمريكي البريطاني السعودي الإماراتي الغاشم الذي لم يترك لا منتزها ولا حديقة إلا واستهدفها بتدميره وقصفه.

عاد الأطفال اليمنيين مجدداً ليصنعوا من حاراتهم ساحات للعب والإبتهاج لكن بطرق أخرى، الطفل اليمني الذي يستمتع هو أساساً بأصوات المفرقعات والمتفجرات لم يعد يبالي بأصوات الصواريخ والقصف رغم فارق الصوت والأذى لهذه الاسلحة المحرمة دوليا.

ألعاب الأطفال تغيرت فبدلاً من “الغميضة والملاحقة وجر الحبل” وغيرها، ظهرت طقوس أخرى متعدده ينتظر الأطفال فيها للعيد كاكرنفال لجني المال ليشتروا به بعض الأشياء لقضاء تلك الجواء العيدية والمرح فيها بأدائهم لبعض تلك الالعاب بما يتماشى مع هذه الأوضاع، أوضاع الحرب والحصار، لذلك سترى العديد منهم يخرجون في الصباح الباكر لتوزيع العيديات مع آبائهم على رجال الأمن المرابطين في الشوارع والطرقات، ستراهم يذهبون لزيارة روضات الشهداء وعيادة أسرهم وأسر الجرحى والأسرى، ستراهم يعودون ليبتكروا العديد من الألعاب التي تحاكي واقع أبطالهم المميزون في الجبهات، ينقسمون إلى فريقين المجاهدين والأمريكيين لتبدأ معارك مثيرة تنتهي قطعاً بالتنكيل والأسر لفريق الأعداء وغالباً ما تتهتي هذه المعارك بخسائر في الملابس.

في كل عيد سترى أشياء والعاب متعددة يحاكي فيها الأطفال واقع الرجال، وفي هذا العيد لفت انتباهي طفل صغير جدا ربما لا يتجاوز عمره الأربع سنوات، الطفل الذي هو قريب لأحد أصدقائي من أبناء محافظة الصمود والسلام صعدة كان قد إشترى له أحد أقربائه لعبة عيدية، هذه اللعبة هي عبارة عن نموذج مدرعة أمريكية صنع يمني ليلعب بها في العيد وهنا كانت المفاجئة، الطفل الصغير وبمجرد أن رأى المدرعة تفحصها ثم طرحها في الحوش وذهب سريعا ليحضر شيء ليعود ليلعب مجددا.

وفعلا قام مباشرة ليطبق مشاهد الإعلام الحربي عليها بالصعود عليها ليدوسها بقدمه الحافي ويصرخ من فوقها، لم يكتفي الصغير بهذا فبعد أن أنهى المرحلة الأولى من السيطرة نزل الطفل عنها مسرعاً وقد أمسك بيده ماكان قد أحضره من الداخل السلاح المدمر (الولاعة) الإمتياز اليمني الهائل في عدة المحارب اليمني.

تخيلوا ان هذا الشبل اليمني كان ينوي أن يحرق المدرعة لينتهي المشهد الأسطوري الذي يقوم به أبطاله الخارقون في الجبهات من رجال الله الأشداء بإحراقهم لآليات العدو ومدرعاته بعد دوسهم عليها بأقدامهم الحافية والتكبير لله من عليها!

مشهداً واحد فقط حري بكل طواغيت العالم وعلى رأسهم الشيطان الأكبر أمريكا أن يعيدوا التفكير مجدداً بحجم هذه الورطة الكارثية التي تورطوا بها بشنهم لعدوانهم الغاشم على هذا البلد العظيم، الذي يسابق اطفاله اعمارهم بمراحل عديدة ليصلوا إلى تحقيق طموحاتهم العظيمة ليدوسوا على أنفها المتجبر ويحرقون كبريائها وينسفون اله المنافقين في الأرض نسفاً.

نعم يا رجال ودفت أمريكا وفتحت على نفسها بعدونها علينا أبواب أجيالاً من الكوارث والمحن لا ينقضي مداها حتى يوم القيامة جيلاً بعد جيل، والحمد لله رب العالمين.

#اعيادنا_جبهاتنا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
الباهوت الخضر