المشهد اليمني الأول/

طائرات يمنية مُسَيّرة مجددا تضرب أهدافا حيوية في داخل السعودية على الحدود الجنوبية للمملكة، ليست واحدة وانما اعداد منها في خامس عملية من هذا النوع تطال مطارات جنوبية للمملكة منذ نحو ثلاثة أسابيع وتكثفت منذ الـ20 من مايو المنصرم.

بالأمس استهدفت الطائرات المسيرة لم يعلن الطرف اليمني عن عددها مطار جيزان الإقليمي وضربت مرابض الطائرات الحربية ومراكز تحكم وإدارة الطيران المسير الاماراتي والسعودي المتواجدة في المطار، وهذه الضربة هي الثانية التي يتعرض لها المطار منذ أواخر مايو المنصرم، حيث تعرض المطار لاستهداف الطيران المسير، وتعطلت حركة المطار لساعات وحولت العديد من الرحلات الى مطار جدة نتيجة اغلاق المطار في مايو الماضي، وكعادتها ادعت السلطات السعودية انها اسقطت طائرة مسيرة غير ان جدول الرحلات الذي جرى تعليقه الى المطار فضح زيف تلك الادعاءات.

بحسب مصادر عسكرية يمنية فإن الرياض حولت جزءا من انشطة مطار جيزان الاقليمي المدنية الى أنشطة عسكرية تخدم عملياتها العسكرية ضد اليمن حيث انشئت مرابض للطائرات وإدارة وتحكم بالطائرات المسيرة الامريكية والصينية والتي تستخدمها كل من الامارات والسعودية في عدوانهما على اليمن ، واسقط مؤخرا خمس منها في صنعاء وصعدة والحديدة.

تمتاز طائرة قاصف 2k – وهي صناعة عسكرية يمنية بنسبة 100% – بكونها طائرة متشظية صنعت بطريقة لا تستطيع أنظمة الرادار التقاطها ورصدها وكذلك المنظومات الاعتراضية وتنفجر على ارتفاع ما بين 10 إلى 20مترا , ويبلغ المدى المؤثر القاتل للطائرة 80مترا * 30 بشكل بيضاوي أما المدى نصف قاتل 150مترا *50مترا .

نجحت طائرة قاصف 2k في استهداف منصات صواريخ الباتريوت في مطار نجران ومثل هذا الاستهداف تطورا لافتا.. ومطار نجران الذي أعادت السلطات السعودية اغلاقه بعد يوم واحد من إعلان اعادة فتحه في مايو الماضي امام الطيران التجاري تعرض لهجومين بالطائرات المسيرة ، وعقب العملية العسكرية الواسعة للجيش واللجان أوائل يونيو الحالي واسقاط 20 موقعا سعوديا بمحاذاة مدينة نجران تلاشت مجددا آمال الرياض بإعادة فتح مطار نجران.

وباستثناء ضرب خط البترولاين في الثلث الأول من شهر رمضان الفائت والذي ينقل امدادات النفط السعودي من منابعه في المنطقة الشرقية على الخليج الى ميناء ينبع غربا في البحر الأحمر والتي لها تفصيل مختلف لجهة التصعيد الأمريكي في المنطقة واستمرار الصمت العالمي على جرائم السعودية والامارات برعاية أمريكية في اليمن ، فإن الهجمات الجوية اليمنية المسيرة على مطاري نجران وجيزان الإقليميين ، ليست يتيمة توفر معلومات عسكرية او ثغرة لتحقيق وتنفيذ هجوم يؤلم دول التحالف ، فهذا الامر يبدو ان صنعاء تقنيا وفنيا تجاوزته بعد عملية التاسع من رمضان الشهيرة ، بل يندرج في سياق عملية عسكرية ستتعاظم ان لم تراجع الرياض حساباتها.

تغريدة رئيس الوفد الوطني محمد عبد السلام على صفحته بتويتر وربطه بين الهجمات المتسقة على مطاري نجران وجيزان السعوديين، والحصار المفروض على مطار صنعاء اماط اللثام عن الهدف وراء تكثيف الهجمات المسيرة على هذين المطارين ، وهو اجبار الرياض على رفع الحصار عن مطار صنعاء القابع تحت حصار مطبق منذ اكثر من 3سنوات‘ ولقي آلاف اليمنيين حتفهم بسبب منعهم من السفر لتلقي العلاج في الخارج.

تصريح عبد السلام يفتح الباب امام دخول مطارت سعودية اقلها في الجزء الجنوبي من المملكة وفي المقدمة مطار ابها الإقليمي والحيوي في دائرة الاستهداف، والملف الذي قررت صنعاء فتحه للمقايضة لتصبح المعادلة مطارات السعودية الجنوبية مقابل مطار صنعاء والمقايضة مرشحة للتوسع أيضا إن لم تذعن الرياض وابوظبي ، وللإشارة فمطار أبها الإقليمي تعرض لعدد من هجمات الطائرات المسيرة وأدنى مواصفات الطائرة 2k التي لا يكتشفها الرادار وذات مواصفات تقنية وتفجيرية أعلى من طائرات قاصف التي استهدفت مدرج مطار أبها لمرتين متتاليتين في العام 2018م.

تغريدة عبد السلام إشارة واضحة كذلك عن عجز الأمم المتحدة عن القيام بصلب اهدافها التي انشئت من اجلها في مناطق الصراعات، ويأس صنعاء تجاه فتح مطار صنعاء بجهود اممية ولو في الحيز الإنساني لإخراج المرضى ممن يحتاجون العلاج في الخارج ، بدل تركهم يموتون ببطء، وهو ما فعلته الامم المتحدة وتلك جريمة بعينها خشية اثارة غضب الرياض وتوقف الدعم السعودي عن منظماتها والذي تحول الى ما يشبه الرشى لشراء سكوتها في ملفات عديدة ، على راسها السكوت عن اغلاق مطار صنعاء اللاإنساني خارج مقررات بنود القرار 2216 الذي تتشدق به الرياض في عدوانها على اليمن. ومن حق صنعاء ان تغسل يديها من الامم المتحدة في سياق تخفيف الحصار عن الشعب اليمني، فالأخيرة لم تكتف فقط بإخراج الرياض من قائمة قاتلي الأطفال التي تصدرها الأمم المتحدة ، بل ذهبت لتبييض صفحة السعودية وتوقيع اتفاقية مع القاتل لرعاية أطفال اليمن في سابقة وفضيحة تاريخية لم يشهد العالم مثيلا لها ‘ وذلك ليس الا مثالا واحدا لمئات القضايا.

وفي المحصلة فمن شأن تعطيل مطارات السعودية الجنوبية بشكل كامل بات من المؤكد انه في مقدور الطرف اليمني الذي يعتمد الأناة والصبر في رسائله العسكرية وتوسيعها بالتدريج ، حمل عدة رسائل سلبية عن تآكل قوة السعودية وفشلها الاستراتيجي ‘ وتأكيد التحول الحاصل في مجريات المعركة ، وخاصة بعد استهداف محطتي النفط في الدودامي وعفيف وتوقف ضخ النفط في خط لبترولاين الذي يبلغ طوله 1200 كيلومتر ، وظهورها –أي الرياض – بمظهر الضعف وهي التي ابتدأت حربا لإظهار قدرتها على الردع في العام 2015م، فإذا بها تستجدي مواقف كلامية للعزاء والسلوى في قمم مكة الطارئة والعادية ولا تجدها.

والسؤال الذي يدور بخلدنا لن يكون هل ستنجح الطائرات الصغيرة ذات القيمة المنخفضة في فعل ما عجزت عنه منظمة كبيرة كالأمم المتحدة بإمكانياتها بجمعيتها العمومية ومجلس أمنها وميزانيتها الضخمة، في فك الحصار عن مطار صنعاء !، بل كم من الوقت ستتحمل الرياض كلفة المكابرة، وفي نهاية المطاف و كلا الحالين خاسرة إن تمكنت تلك الطائرات من الوصول الى أهدافها وهي تؤكد قدرتها في كل مرة تهاجم فيها أهدافا في العمق السعودي، أو أسقطتها كما تزعم -الرياض – بصواريخ تفوق كلفة الواحد منها قيمة الطائرة المسيرة بـ 3 آلاف مرة.
ـــــــــــــــــــــــــــ
إبراهيم الوادعي