المشهد اليمني الأول/

في لحظة نقل اليابانيين رسالة ترامب لإيران لإقناعها بالتفاوض مع واشنطن لإنهاء التوتر الذي افتعلته إدارة ترامب بانسحابها من الاتفاق النووي، دوّت انفجارات في بحر عُمان بعد استهداف ناقلتي نفط هما من الناقلات العملاقة التي تحمل النفط الخام من الخليج.. ما طرح تساؤلات حول الجهة المنفذة وأهدافها، هل هي لإحباط الوساطات الدولية بين طهران وواشنطن.

من الواضح أنّ إيران ليس لها مصلحة في القيام بمثل هذا الهجوم، فهي متيقنة من أنّ واشنطن لا تجرؤ على شنّ الحرب عليها، وفي نفس الوقت تبيّن عدم قدرة واشنطن على تصفير صادرات إيران النفطية.. في ظلّ قرار صيني روسي حازم بالاستمرار في شراء النفط الإيراني.. والناقلتين المستهدفتين تحملان شحنات نفط متجهة لليابان.. مايؤكد أنّ الهدف كان إحباط جهود اليابان ومعاقبتها على استئناف شراء النفط الإيراني ودورها في التوسط بين واشنطن وطهران.. لهذا فإنّ الجهة التي تقف وراء ضرب الناقلتين متضرّرة من هذه التطورات التي تصبّ في مصلحة موقف إيران الذي يرفض تقديم التنازلات لواشنطن قبل ان تعود إلى الالتزام بالاتفاق.

وإذا ما دققنا بالجهات المتضرّرة من التطورات الجارية في مصلحة إيران وتراجع خطاب الحرب في واشنطن، يأتي في المقدّمة كيان العدو الصهيوني الذي يقف بالأصل ضدّ الاتفاق النووي وعمل في ما بعد عبر اللوبي الصهيوني في واشنطن والمحافظين الجدد على ممارسة الضغوط على إدارة ترامب للانسحاب من الاتفاق وهو ما حصل.

كما يأتي في المرتبة التالية دعاة الحرب في واشنطن الذين يعارضون سياسة ترامب في التفاوض مع إيران، وقد تكون السعودية أيضاً لها مصلحة، فهي منخرطة في السياسة الإسرائيلية، سيما أنّ المسؤولين في الرياض يشعرون بالخيبة من توجهات ترامب بعد تفجيرات ناقلات النفط في ميناء الفجيرة، بعدم الذهاب إلى التصعيد ضدّ ايران وتهيئة المناخ لشنّ الحرب ضدّها.

غير أنّ الاستهداف الجديد لناقلات النفط أكد مجدّداً الحاجة الغربية الأميركية للتهدئة مع إيران لما لذلك من مخاطر تهدّد إمدادات النفط من الخليج وباب المندب إلى دول العالم التي تستورد نحو 20 بالمئة من احتياجاتها النفطية من المنطقة.. ومثل هذا الأمر يصبّ بالتأكيد في مصلحة إيران التي أكدت أكثر من مرة أنه لا يمكن السماح بوقف تصدير نفطها وبقاء الآخرين يصدّرون نفطهم.

لكن إلى أين تتجه الأمور؟

كلّ المعطيات تؤشر إلى عدم ترجيح خيار الحرب لأن لا واشنطن تريد الإقدام عليها بسبب كلفتها الباهظة وتداعياتها على المصالح والنفوذ الأميركي في المنطقة إلى جانب وقف إمدادات النفط واشتعال أسعاره بشكل جنوني.. وفي المقابل فإنّ خيار التفاوض بين طهران وواشنطن احتمالاته ضعيفة جداً اذا لم يكن مستبعداً لأنّ طهران لن تقبل العودة إلى التفاوض أقله قبل أن تعود واشنطن إلى الالتزام بالاتفاق النووي وما يتضمّنه من التزامات، فيما إدارة ترامب ترفض ذلك وتسعى إلى التفاوض لتعديل الاتفاق عدا أنّ ترامب ليس له مصلحة في التراجع عن هذا الموقف لأنه سيعتبر فشلاً كبيراً لسياساته وهزيمة أمام إيران ويؤدّي إلى خسارته دعم وتأييد اللوبي الصهيوني في الانتخابات الرئاسية المقبلة التي يطمح فيها للفوز بولاية ثانية… ولهذا فإنّ المرجح أن يبقى الصراع بين إيران والولايات المتحدة تحت سقف لا حرب ولا تفاوض… وبالتالي بقاء التوتر والصراع بوسائل غير مباشرة وعبر الضغوط الاقتصادية التي تمارسها واشنطن ضدّ طهران على الرغم من أنها لن تفلح في دفع القيادة الإيرانية إلى التراجع قيد أنملة عن مواقفها الرفضة لأيّ شروط وإملاءات أميركية.
ـــــــــــــــــــــــ
حسن حردان