المشهد اليمني الأول/

خلال أسبوعين ستكون صورة المنطقة ومعها العالم وأسواق النفط قد توضّحت بين خياري التسويات والتصعيد المفتوح، ففي نهاية الشهر الحالي ستنعقد قمة العشرين في اليابان وتحضرها دول معنية بالوضع المتصاعد في الخليج وفي أسواق النفط، وتثبت على هامشها انعقاد قمة روسية أميركية ستكون المحطة الفاصلة لظهور بارقة أمل بتفادي خيار التصعيد.

ومثلها ستكون قمة أميركية صينية، وستكون السعودية حاضرة وتركيا والدول الأوروبية واليابان، والتشاور الثنائي والمتعدّد الأطراف سيشكّل السمة الغالبة على أعمال القمة، فإما أن يخرج دخان أبيض بمبادرة روسية تتبناها الأطراف المشاركة وخصوصاً أوروبا واليابان والصين، ويقبلها الجانبان الأميركي والإيراني، تتناسب مع عدم قبول إيران بالتفاوض من خارج الإطار الذي رسمه الاتفاق النووي الذي انسحبت منه واشنطن وتدعو لتفاوض من خارجه، وتتناسب مع عدم إمكانية مطالبة واشنطن بالعودة للاتفاق.

والمبادرة المأمولة يمكن أن تقتصر على هدنة تضمن لإيران قدراً من تفادي العقوبات يتيح بيع نسبة معقولة من نفطها كما كان الحال قبل الأول من ايار الماضي، مقابل تخلي إيران عن الذهاب إلى الانسحاب من الاتفاق النووي والبدء بالتخصيب المرتفع لليورانيوم، ويمكن للهدنة أن تكون لستة شهور وتتجدّد وصولاً للانتخابات الرئاسية الأميركية، على أن تجري في ظلالها مساعٍ لتسويات للملفات الإقليمية، خصوصاً في اليمن التي تشكل مصدر القلق السعودي والأميركي في آن واحد.

فشل قمة العشرين في توفير مناخ مناسب للتهدئة ووقف التصعيد سيعني أنّ شهر تمّوز سيكون بداية صيف شديد الحرارة في المنطقة والعالم، حيث ستندلع حرب نفطية بدأت معالمها بالظهور، وستعود إيران للتخصيب المرتفع لليورانيوم وتخزين ما تقوم بتخصيبه وصولاً لامتلاكها ما يكفي لإنتاج قنبلة لا تريد أن تنتجها، لكن امتلاك ما يكفي لإنتاجها سيغيّر معادلتها النووية جذرياً، وهو ما تعلن واشنطن أنها تعتبره خطاً أحمر كان في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما أحد أهمّ أسباب القبول بالتفاهم النووي. وفيما بدأ الرئيس دونالد ترامب يوجّه الاتهامات لإيران بتفجير ناقلتي النفط في خليج عُمان لم يبدُ أنه يملك خارطة طريق لمواجهة التصعيد مكتفياً بالقول سوف نرى.

الرهان الأميركي الذي تحدث عنه وزير الدفاع الأميركي والبعثة الأميركية في نيويورك، لتشكيل إجماع دولي بوجه إيران تكفلت قمة شنغهاي بتبديده بعدما تحوّلت إلى منصة لتفاهمات إيرانية روسية صينية هندية على مواجهة السياسات الأميركية، وإعلان تبني دعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للدفاع عن الاتفاق النووي مع إيران، واعتبار الانسحاب الأميركي من التفاهم واللجوء إلى العقوبات الاقتصادية الأحادية مواصلة لنهج مرفوض في السياسة الدولية.