المشهد اليمني الأول/

كشفت تغريدات الرئيس دونالد ترامب، الأحد، عن معارضة شاملة للتنوع في الولايات المتحدة، وأنه “عنصري هائج”، حسبما كتب المعلق في صحيفة “نيويورك تايمز”، تشارلز أم بلو.

وقال: يواصل دونالد ترامب محاولاته إقناع أي شخص غير مصدق بأنه عنصري هائج، على الأقل بهذه الطريقة أتخيل دوافعه. وفي الحقيقة، ربما انكشفت الطبيعة الحقيقية له مرة بعد الأخرى، ولهذا يحاول استخدام عنصريته، مستهدفًا عنصرية الأشخاص الذين يدعمونه.

وأشار بلو إلى تغريدات ترامب، الأحد، التي يقول إنها من أكثر التغريدات العنصرية التي كتبها، وذلك بعد يوم من إعلان إدارته أنها ستقوم بمداهمات ضد المهاجرين غير المسجلين. وفحوى التغريدات صار معروفًا ولا داعي لتكرارها الآن، مع أن الكاتب يقدمها كما هي.

فقد دعا ترامب النائبات الأربع المنحدرات من أصول عرقية إلى الاهتمام بشؤون بلادهن الأصلية “المحطمة” و”الفاسدة”، ومع ذلك يسمحن لأنفسهن بإخبار “الولايات المتحدة الأعظم والأكثر قوة على ظهر البسيطة كيف تدار حكومتنا”، بدلًا من الاهتمام بإصلاح الدول التي جئن منها المحطمة بالكامل والتي تنتشر فيها الجريمة.

والنائبات التقدميات اللاتي استهدفن ترامب بالهجوم هن إلهان عمر وألكسندريا أوكاسيو- كورتيز ورشيدة طليب وأيانا برسلي.

وأكد الكاتب أن النائبة الوحيدة التي جاءت إلى الولايات المتحدة كلاجئة هي عمر، أما النائبات الثلاث فهن مولودات في الولايات المتحدة. ولكن الحقيقة المهمة هي أنهن لسن بيضاوات ونساء، وينتمين لـ”الآخر” في رؤية القومية البيضاء، ومن أصول إفريقية وشرق أوسطية ولاتينية.

ويعلق بلو أن اللجوء لتأطير هذا يعكس التفكير عن بلد أبيض “أنشأه وبناه البيض ومصيره أن يظل أبيضًا، ومن يريد الدخول فيه والاعتراف به عليه الاندماج فيه، والقبول بذلك السرد والركوع لذلك الإرث والخنوع لتلك العادات.”

وهذه الرؤية تتعامل مع الناس السود والبُنيين بأنهم ناقصون، كارثة كاملة وشاملة، وأسوأ من هذا الأكثر حمقًا وفسادًا في أي مكان في العالم، لأن البلد في قاعدته يتعامل مع السود والبُنيين على أنهم ناقصون. فمن وجهة النظر البيضاء لا مجال للتعددية الثقافية، لكنها ترفض اعتبار الرفض بأنه عنصري. ولهذا يشعر البلد وممثلوه البيض بالغضب عندما يرون نساء سوداوات وبُنيات من أماكن غريبة وأسماء غريبة، يتجرأن على تحدي البطريركية البيضاء في هذا البلد.

ويصبح السؤال في هذا السياق: لماذا لا يعرفن حدودهن؟ ولماذا لا ينحنين راكعات لطبقة النبلاء؟ ولماذا لا يعترفن ويشرفن أحقية الرجل الأبيض بالتفوق؟

ويرد الكاتب أن كل الحديث عن التفوق العرقي الأبيض وأيديولوجيته هو كذبة، فالولايات المتحدة هذه وسعت حدودها من خلال سفك دماء السكان الأصليين ونكث العهود معهم. وأنشأت ثروتها على مدى 250 عامًا من خلال استغلال أجساد السود الذين أجبرتهم على العمل مجانًا.

ويقول الكاتب إن المعاداة للسود ظلت موجودة طوال تاريخ هذا البلد، ولكنها اليوم تزداد كثافة وتتوسع لتشمل معاداة المسلمين والرهاب من المهاجرين. ويقول بلو إن أمريكا ولدت بتشوه/مرض خلقي، وهي بحاجة دائمة لإعادة تأهيل نفسها، مع أنها رفضت العلاجات المقدمة لها وكتمتها.

ويرى الكاتب أن تحدي الولايات المتحدة لكي تتحمل مسؤولية آثامها وتشريف قيمها ليس هجومًا شرسًا عليها بل هو فعل من الوطنية. وكما كتب الروائي المعروف جيمس بالدوين: “أحب أمريكا أكثر من أي بلد في العالم، ولهذا السبب فأنا مصمم على انتقادها وللأبد.” ومن أحسن لقيادة المهمة من أربع نساء يمثلن وجه أمريكا المستقبلي. ولكن ترامب والكثير من مؤيديه والمدافعين عنه يتقيأون عنصريتهم ويقولون لأنفسهم إنه من المقبول لو ارتدت تمامًا مثل الكلب الذي يلعق قيأه.

ويقول بلو إن دخول ترامب في خلاف داخلي بين النائبات ورئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي ليس جديدًا. فمع أنه ظهر كمن يدافع عنها وقال للصحافيين: إنها ليست عنصرية، وأن يصفنها بالعنصرية هو عار، ولكنه لم يكن يدافع عن بيلوسي بل كان يختفي وراءها، وهي طريقته للقول إن الأشخاص غير العنصريين يمكن اتهامهم بها مثله. وحاول الموازنة بينه وبين بيلوسي وأنهما ضحيتان في المستوى نفسه.

ولكن لا مجال للمقارنة، فلن يكون هناك نقاش حول ترامب وعنصريته، ولا مدعاة للحديث عما يدون في قلبه من عنصرية لأننا نراها تخرج منه. فالناس البيض والعنصر الأبيض هما في مركز رئاسة ترامب، وهدفه الرئيس هو الدفاع والترويج لها وحمايتها. وكل ما يهدد العنصر الأبيض يجب الهجوم عليه. ويقوم ترامب باستخدام سلطة الرئاسة الأمريكية للدفاع عن التفوق العرقي الأبيض، ولهذا السبب يحبه الجمهوريون.

ويقول بلو: نراقب فصلًا مظلمًا في تاريخ هذه الأمة يتكشف أمامنا وفي ساعة الذروة. ونراقب رئيسًا يعيد العنصرية العارية للبيت الأبيض، ونشاهد إخواننا المواطنين -ربما ثلثهم- وهم يكشفون وبشكل مفتوح عداءهم لنا من خلال استمرار دعمه.