المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    كتب بدمه في سجل الخالدين

    بحرٌ لا ينفد من الكرامات والبطولات، لا عمقَ محدودٌ...

    الشهادة الزهرة الفواحة في ميدان الكرامة

    في ميادين العزة والكرامة، تتفتح زهرة لا تذبل يعبق...

    نتائج قرعة دوري أبطال أفريقيا وكأس الكونفدرالية

    أسفرت قرعة دور المجموعات لبطولتي دوري أبطال افريقيا وكأس...

    الليلة.. أوروبا على صفيح ساخن في أقوى جولات دوري الأبطال

    تنطلق اليوم الثلاثاء مباريات الجولة الرابعة من مرحلة الدوري...

    غوغل تطلق ميزة استخدام الخرائط دون إنترنت

    أعلنت غوغل عن تطوير جديد في تطبيق Google Maps...

    صعدة .. مدينةٌ تابى أن تموت

    المشهد اليمني الأول/

    لطالما أصمُّوا مسامعنا عن (تعز) وما حل بتعز في بكائياتٍ طويلة لا تعدو أن تكون عملياتِ ابتزازٍ سياسيٍ واستثمارٍ رخيصٍ للدماء الغرض منها تحريك عواطف الناس وتهييجها بما ليس صحيحاً على الأرض، ونحن قد قلناها أكثر من مائة مرة أننا ضد أن تُسفَك قطرة دمً واحدةٍ في تعز أو غير تعز، إلا أننا لا نكاد نخفي موقفنا من أولئك الذين يريدون اختزال الجرح والألم اليمني كله في تعز وكأنما ليس ثمة مصابٌ على امتداد رقعة الأرض اليمنية إلا تعز وكأنما أكثر من عشرة آلاف غارةٍ على تعز لم تُلقِ عليها سوى باقات الورود وعقود الفل والرياحين حتى لم نسمع من يشتكي أو يتذمر منها على بشاعة وهول ما خلفت وأحدثت.

    أما صعدة في نظرهم فلتسحق سحقا ولتدمر تدميرا وكأنها ما خلقت إلا لهذا فلا بواكي ولا مراثٍ لها مع أنها تلقت من الغارات والصواريخ والقنابل بمختلف أنواعها الفسفورية والفراغية والعنقودية أضعاف أضعاف ما تلقته تعز أو أي محافظةٍ أخرى، فلم يبق في صعدة المدينة منزلاً ولا داراً إلا وأصابته نيران الحقد المتراكم والمزمن في صدور حثالات البشر من بني سعود وأعرابهم في الخليج.

    و لم تبق قريةٌ في ريف صعدة ولا سهلٌ ولاجبلٌ ولا مزرعةٌ إلا وتم إزالتها من على وجه الأرض ومحوها من الوجود .
    من يقف على أطلالها اليوم وينظر بتأمل، سيعتقد أنه أمام هيروشيما أو ناجازاكي أخرى، فلم يعد فيها بيتٌ قائمٌ على أساسه أو مبنىً منتصبٌ على قواعده إلا ونال نصيبه من القصف والدمار والإجرام وكأنما كان له ثأرٌ قديمٌ جديدٌ مع تتار العصر من مستعربي الجزيرة والخليج.

    ما تبقى من أهلها إما صامدون على حطام وأنقاض مدينتهم يواجهون بكل شجاعةٍ وإصرارٍ مصيرهم وينتظرون دورهم من الموت، وإما نازحون بأطفالهم ونساءهم ليس جبناً وهرباً من الموت وإنما رأفةً و حناناً بأطفالهم الذين لاشك سيستلمون الرأية غداً لمواجهة البغي والظلم و يثأرون لمدينتهم وشعبهم من قوى الإستكبار والعدوان.

    هكذا أصبحت صعدة عاصمةً للجرح وعنواناً للألم، فما سمعنا أن أحداً من أبناءها قد تباكى عليها أو اشتكى مما وقع بها احتراماً لما وقع وحل باليمن عموماً وتجلداً وصبراً على الظلم والبلوى منذ أكثر من عقدٍ من الزمن، فكأنما يأبى أبناء صعدة إلا أن يعيشوا ويموتوا واقفين وهكذا هم الأحرار.

    فلماذا لا يتعلم أولئك الناعقون والمتباكون على مصاب مدينةٍ يمنيةٍ هنا أو هناك والمستثمرون لأوجاع وآلام الناس ودماء الأبرياء من أبناء صعدة الشموخ والهدوء والصبر على البلوى ؟!

    لماذا يصرون على الإيذاء بالوطن وإنزال الألم به في أكثر من مقامٍ ومكان والتباكي على أطلال وهمٍ وأنقاض سرابٍ إذا ما قارنا مصابهم بمصاب صعدة الصمود وقد غدت إنموذجاً واضحاً وعنواناً للألم و عاصمةً للجرح ومع ذلك لا تزال تنادي العالم من تحت أنقاضها وتهتف أنها مدينةٌ تأبى أن تموت؟
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    الشيخ عبدالمنان السُنبلي

    spot_imgspot_img