المشهد اليمني الأول|

أكد ما يعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي مضيّه في “استعادة دولة الجنوب”، وعدم تراجعه عن ما حققه من انتصارات أفضت إلى بسط سيطرته على عدن، معرباً عن شكره للسعودية على احتواء الأزمة ودعوتها طرفي النزاع إلى الاحتكام لحوار برعايتها.

جاء ذلك في بيان سياسي صدر عن هيئة رئاسة المجلس وتضمن موجهات عامة لإدارة المحافظات الجنوبية كسلطة أمر واقع بعيداً عن الحكومة الشرعية والتحالف العربي.

ووصف مراقبون البيان بأنه “إعلان دستوري جديد” في جنوب اليمن، مذكرين بالإعلان الدستوري الذي أعلنته جماعة الحوثيين عقب انقلابها في صنعاء عام 2015.

وقال المجلس في البيان، إن المسؤولية الملقاة على عاتق قياداته تحتم عليه التعامل بمسؤولية مع الواقع، انطلاقاً من موجهات عامة تضمنت عدم التراجع عن ما تم انجازه في عدن، وشراكة كل الجنوب في الانتصار ورعاية أسر القتلى من الطرفين.

وخلا بيان الانتقالي من أي إشارة إلى الحكومة الشرعية والاعتراف بشرعيتها، أو الانسحاب، لكنه أشار إلى دور السعودية في انهاء التوتر بعدن، واستعداده للمشاركة في حوار ترعاه إذا استكملت الترتيبات.

وتضمن البيان توجيهات للأجهزة الأمنية والعسكرية ومختلف القطاعات الصحية والتعليمية والاقتصادية والقضائية في المحافظات الجنوبية بالقيام بمهامها، وتحسين خدمات الكهرباء والتعليم والصحة، ومعالجة مشاكل الاراضي ومكافحة الفساد والمحسوبية، وتفعيل القضاء والنيابات وأجهزة الشرطة وتجنب التخوين وتسخير الموارد وبناء الطاقات ومراجعة استيراد المشتقات النفطية، وجميعها من اختصاصات الحكومة الشرعية والسلطات المحلية المعينة من الرئيس هادي.

وتعهد الانتقالي في البيان بتأمين وحماية مقرات وطواقم المنظمات الدولية الإنسانية والحقوقية، والبعثات الدبلوماسية، ومصالح الدول والشركات الأجنبية الموجودة على أرض الجنوب، والتنسيق مع المانحين لتوفير الاحتياجات الإنسانية والإغاثية والمشاريع التنموية وإعادة الإعمار.

وأشار الانتقالي إلى التزامه بالحوار كوسيلة مثلى لفض النزاعات السياسية، وتسوية الخلافات الدولية، والاستعداد للمشاركة في أي حوار يرعاه التحالف العربي، أو مجلس التعاون لدول الخليج العربية، أو الأمم المتحدة، أو الجامعة العربية، دون أن يشير إلى الطرف الذي سيكون الحوار معه وما إذا كانت المليشيات الحوثية أو الحكومة المعترف بها.

ونوه بيان الانتقالي بالوقوف إلى جانب التحالف العربي، والاستمرار في مقاومة الحوثي والتمدد الإيراني في المنطقة، مشيراً إلى دعم ومساندة من وصفها “المقاومة الوطنية الشمالية ضد مليشيات الحوثي والتمدد الإيراني” مع الرفض القاطع لأي تواجد عسكري شمالي على ارض الجنوب؛ فمكانها الطبيعي هو بمواجهة الغزو الحوثي، على حد وصفه.

وأكد على العمل على تحرير ما تبقى من وادي حضرموت وبيحان(واقعتان تحت سيطرة الحكومة الشرعية) ومكيراس (واقعة تحت سيطرة جماعة الحوثيين)، وأي بقعة أخرى من الأراضي الجنوبية.

وتحدث البيان عن “تأمين حرية العمل والتنقل للأشقاء الشماليين في العاصمة عدن وكافة المحافظات الجنوبية، مع ضرورة التزامهم بحمل وثائق ثبوتية واستكمال الإجراءات الأمنية اللازمة، وهو ما يعزز توجهه السابق في عمليات ترحيل المواطنين والنازحين من ابناء الشمال بشكل مناطقي وعنصري من المناطق الجنوبية.

وتحدث البيان عن تغير في الموقف الدولي تجاه القضية الجنوبية، إبان أحداث عدن، مشيراً إلى توصل المجتمع الدولي والمنظمات إلى قناعات “أن مزيداً من التسويف والمماطلة، وعدم التعاطي الإيجابي وفق إرادة شعب الجنوب، سيولد المزيد من التعقيدات والمخاطر على أمن وسلامة المنطقة”.

ويشابه البيان وموجهات العمل التي أعلنها الانتقالي الجنوبي، للبرنامج الحكومي المقتضب، لأي سلطة انقلابية أو شرعية، واستند فيه المجلس إلى الجماهير التي احتشدت الخميس دعماً للانقلاب العسكري الذي نفذه الاسبوع الماضي، والمواجهات مع الحرس الرئاسي وقوات الحكومة المعترف بها، والتي انتهت بعد اربعة أيام بفرض سيطرته الكاملة على عدن بما فيها قصر المعاشيق الرئاسي (مقر الحكومة في عدن).

وتتهم الحكومة اليمنية الانتقالي والإمارات بتنفيذ انقلاب عسكري، وعبّر التحالف الذي تقوده السعودية عن رفضه لممارسات المجلس، مطالباً في بيان الأحد الماضي، بالانسحاب الفوري من المواقع التي سيطر عليها، والاستجابة للدعوة السعودية للحوار مع الحكومة، لكن الأخيرة أكدت أن الحوار يأتي بعد الانسحاب من المعسكرات ومؤسسات الدولة.

وكان المجلس الانتقالي أعلن قبوله المشاركة في الحوار الذي دعت إليه السعودية، لكنه أكد في تصريحات لقياداته رفضه سحب قواته، أو التخلي عن ما حققه بقوات السلاح والعتاد الذي حصل عليه من الإمارات، وأبدى هاني بن بريك نائب رئيس المجلس الإنتقالي في خطبة ألقاها في عدن صبيحة يوم عيد الأضحى، استعدادهم لمواجهة السعودية والحرب معها لسنوات على غرار الحوثيين، الذين صمدوا تحت طائراتها خمس سنوات في شمال اليمن.