مقالات مشابهة

إسقاط عدن وأبين ومعارك في شبوة .. كيف يكون سيناريو الأطماع في المهرة؟

المشهد اليمني الأول |

قبل قرابة أسبوعين من إنقلاب “الانتقالي الجنوبي” وصلت إلى عدن معدات عسكرية سعودية قادمة من منفذ الوديعة الحدودي بعد أيام قليلة من زيارة وزير الداخلية في حكومة الشرعية أحمد الميسري إلى الرياض. الأمر نفسه يتكرر حيث وصلت مطلع الأسبوع تعزيزات عسكرية سعودية إلى منفذ صرفيت الحدودي مع سلطنة عمان في محافظة المهرة في ظل احتمالات أن يتوسع “الانتقالي الجنوبي” للسيطرة على المحافظات الجنوبية.

بدأت قوات الانتقالي المدعومة إماراتياً الانقلاب العسكري في عدن وأنهته على مرأى ومسمع من الجميع بمن فيهم قوات التحالف المتواجدة في عدن واضطر وزراء في حكومة الشرعية لمغادرة عدن لتبدأ مرحلة “الدعوة” للحوار بعد أن حسمها الانتقالي عسكرياً. وبالتزامن مع اجتماعات قيادة الشرعية في الرياض ومطالبة الإمارات بوقف دعمها للمليشيات بدأ “الانتقالي” التمدد شرقاً وسيطرة الثلاثاء،20 أغسطس على معسكرات في أبين بعد حصار ومواجهات رغم حديث الرياض عن استجابته للانسحاب من المواقع والمعسكرات والمؤسسات التي سيطر عليها في عدن.

وبدخوله أبين يكون “الانتقالي الجنوبي” قد استحوذ على عدن وأبين، فيما تتواجد المليشيات التي تدعمها الإمارات في لحج والضالع وشبوه وحضرموت وسيناريو تمدد تلك المليشيات إلى هذه المحافظات مايزال قائماً بقوة في ظل عدم ردعها في عدن حيث يمكن أن تستمر في إسقاط المحافظات الجنوبية بالتزامن مع تواجدها في جدة لـ”الحوار”.

وبعد عدن وأبين وشبوه والتواجد في حضرموت يتوقع أن يتجه “الانتقالي الجنوبي” المدعوم إماراتياً إلى محافظة المهرة. محافظة المهرة الواقعة أقصى الشرق على الحدود مع سلطنة عمان توجهت إليها أطماع التحالف – الإمارات ثم السعودية – في وقت مبكر. وشهدت المحافظة الغنية بالثروات حراكاً شعبياً رافضاً لتواجد المعسكرات السعودية والمليشيات التابعة لتحالفها والتي سعت جاهدة لإثارة الفوضى وإفراغ مؤسسات الدولة من محتواها ودعم التشكيلات العسكرية التي لا تخدم إلا أهداف التحالف.

ومع الأحداث التي شهدتها عدن ثم أبين، لايزال سيناريو تمدد الانقلاب شرقاً قائماً في ظل سعي المحافظ المدعوم سعودياً راجح باكريت إلى تمكين التحالف والمليشيات على حساب الحكومة . وتنبه أبناء محافظة المهرة مبكراً حيث عقدت قبائل المهرة منتصف الأسبوع اجتماعاً قبليا موسعاً أكدت فيه دعوتها للهبة الشعبية الهادفة لطرد المليشيات المدعومة سعوديا والخارجة عن سيطرة المؤسسة الأمنية في كافة مديريات المهرة.

وفي اللقاء، حملت قبائل المهرة القوات السعودية مسؤولية ما ينجم عن استخدام القوة ضد سكان المحافظة مؤكدة أنها تحتفظ بحق الرد على أي استهداف أو استفزاز يتعرض له أي مواطن. وطالبت القبائل بسرعة إقالة المحافظ راجح باكريت كونه يدير مليشيا تحت مسمى الشرطة العسكرية بالإضافة إلى ممارسته لكل أنواع الفساد والعبث بالمال العام. وفي كلمة له دعا وكيل محافظة المهرة السابق الشيخ علي سالم الحريزي المجندين اليمنيين الذين يعلمون تحت أوامر القوات السعودية بالانسحاب من الوحدات العسكرية ورفض أوامر السعوديين. وقال الحريزي إن أي مكونات تدعي أنها تمثل الجنوب لا يمكن الاعتراف بها ووصفها بأنها أدوات بيد ما سماها “قوات الاحتلال السعودي الإماراتي” في إشارة إلى المجلس الانتقالي في عدن.

وكانت مصادر مطلعة كشفت عن مخطط سعودي إماراتي في محافظة المهرة بإشراف المحافظ راجح باكريت يهدف إلى تسليم المهرة، لمليشيات الانتقالي الجنوبي في تكرار لسيناريو عدن وأبين. وقالت المصادر أن أرتال عسكرية مكونة من مدرعات وعربات مصفحة تابعة للمليشيات الممولة من السعودية شوهدت أثناء دخولها مطار الغيظة الدولي الذي تم تحويله منذ عامين إلى قاعدة عسكرية تابعة للسعودية.

وأوضحت أن السعودية كانت تمهد عبر مليشياتها لتنفيذ مخطط يستهدف تفجير الوضع داخل المهرة وجر المحافظة إلى أتون إقتتال داخلي على طريقة الإنقلاب في عدن. وتحدثت المصادر عن تنسيق سعودي إماراتي لاستقدام مليشيات تابعة لما يسمى “المجلس الانتقالي الجنوبي من عدن يتم تسليحها بكافة الأسلحة والمدرعات من داخل مطار الغيظة بدلاً من عناصر مليشيات “الشرطة العسكرية” وهي المليشيات التي فشلت في تمرير المخطط السعودي في المهرة خلال المرحلة الماضية.

ووفقاً للمصادر فإن محافظ المهرة راجح باكريت المقرب من السلطات السعودية “تواصل فعلياً مع الإماراتيين وهاني بن بريك بإيعاز من قائد القوات السعودية المتواجد داخل القصر الجمهوري في الغيظة لتكرار سيناريو عدن في المهرة وتسليم المحافظة رسميا لمليشيات الانتقالي”. وأشارت المصادر إلى أن “لجوء السعودية إلى هذا الخيار جاء بعد فشلها في تمرير أجندتها عبر مليشياتها التابعة لراجح باكريت بفضل تماسك أبناء المهرة ورفض الكثير منهم الإغراءات للانضمام لتلك المليشيات”.

وتشهد محافظة المهرة توترا متصاعداً منذ أيام وسط انتشار كثيف لمليشيات باكريت المدعومة سعوديا يقابله انتشار مشابه لقبائل المهرة ودعوات لهبة شعبية لطرد المجاميع الخارجة عن سيطرة أجهزة الدولة الرسمية. في مايو من العام 2017م أعُلن عن تشكيل “هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي الأعلى” وفي أكتوبر من العام نفسه وصل “عيدروس الزبيدي” الذي يرأس المجلس إلى مدينة الغيظة عاصمة محافظة المهرة بعد زيارات عدد من المحافظات الجنوبية.

عيون تحالف السعودية والإمارات على محافظة المهرة منذ أعوام ومع واقعية احتمالات أن يدفع التحالف بمليشيات الانتقالي والتشكيلات العسكرية التي أنشأنها في المهرة، يزداد التوتر أكثر في المحافظة التي يطمح أهلها أن تظل هادئة وبالتالي قد يتصاعد التوتر في ظل تمسك أبناء المهرة وقبائلها بشرعية الرئيس هادي ومحاولة السعودية والإمارات نشر الفوضى في المحافظة.

ويرى المتابعون أن البوابة الشرقية للبلاد التي تتشارك فيها سلطنة عمان الحدود مع اليمن لن تنجح فيها مساعي السعودية والإمارات لفرض نفوذهما عليها في ظل الهبة الشعبية والوعي الذي نجح على مدى سنوات في إيقاف أطماع الرياض وأبوظبي في المحافظة. ويستمر أبناء المهرة في اعتصاماتهم، ومسيراتهم السلمية في مواجهة المليشيات التابعة لتحالف السعودية والإمارات مطالبين بإنهاء التواجد العسكري غير المبرر الذي يتغلغل في المعسكرات والمواقع الإستراتيجية وبالقرب من مصالح المواطنين.

  • كلمات مفتاحية
  • عدن