مقالات مشابهة

مصير اليمن والمنطقة.. من مخرجات خمس سنوات

المشهد اليمني الأول/

تساؤلات عديدة تفرض نفسها، في هذه المرحلة الحساسة والمصيرية، من تاريخ اليمن والمنطقة والعالم على نطاق واسع، بيد من بات مصير اليمن اليوم، وقدر مستقبله، هل صار بيد التحالف السعواماراكي، أم بيد الارادة والمشروع والشعب اليمني?

للوصول إلى الإجابة الدقيقة، يقتضي العودة سريعاً إلى تصور تحالف العدوان الصهيوسعواماراكي لشكل ومستقبل اليمن أرضا وانسانا، التي أراد ان يفرضه، خلال مرحلة الحوار الوطني، قبل اطلاق عدوانه، والذي تمثل ذلك التصور، في تقسيم اليمن لستة أقاليم، يحكمها أدواته الارهابية والاجرامية أمثال علي محسن وأبو العباس وبن بريك والمخلافي إلخ.

تبدأ بإقليمان منفصلان، وخاضعان له في جنوب اليمن، والتي يعتبرها منطقة استثمار المشغل الصهيوامريكي لتمكين أطماعه، وفرض معادلات دولية تضمن تفرده بالهيمنة والسيطرة والاستحواذ، والتي يتم توظيف اليمن بموقعه ومخزونه الشعبي، مرتكز اساسي يؤمن الهيمنة والنفوذ على المنطقه والعالم لقرن قادم.

أيضاً في هذا الإقليمين تكمن أطماع تاريخية لادواته الإقليمية، في قضم شرق وجنوب اليمن بسواحلها وثرواتها وموانيها وجزرئها، واستعباد اليمنيين وتطويعهم لاجندة الصهيوامريكي.

بالتوازي مع ذلك تقسيم وسط وشمال وغرب اليمن إلى أربعة أقاليم، لتطويق وخنق واجهاض وتفكيك منطقة الارادة والقوة القادرة، على فرض المشروع الوطني النهضوي التحرري الاستقلالي، والضامن لتأمين مستقبل الاجيال، والرافعة الوطنية الوحيدة لاسقاط أطماع السعواصهيوامريكي.

ولهذا وضع تحالف العدوان والغزو تصوره لتقسيم اليمن، وفق معايير وظروف تؤسس لإغراق الشعب اليمني في فوضى وحروب وصراعات ونزاعات بسقف التناحر والابادة تحت ادارته، بعناوين مناطقية ومذهبية وعرقية، وقبلية وجهوية، وحزبية في ظل بيئة مفككة وظروف كارثية والأزمات الإجتماعية والأخلاقية والإقتصادية والسياسية، التي يحاول صناعتها ليتحكم بخيوط المشهد اليمني ويضمن تأمين سيطرته وأطماعه لعقود من الزمن، كما هو حصل اليوم بنموذجه المصغر في نطاق ما استطاع ان تصل إليه سيطرته جنوب وشرق اليمن المحتل.

ولذلك سعى التحالف الصهيوسعواماراكي بإصرار، لفرض تصور الأقلمة برؤيتها التفتيتة، لأنه يدرك انه بدون تفعيل مؤامرته بشكل كامل، وبدون تفعيل مسار التدمير الذاتي لليمن، لن يتمكن من تأمين أطماعه وهيمنته وسيطرته، بدون ذلك يعني الهزيمة الكبرى للتحالف وادواته، التي ترتد تلقائيا بما يجعل أطماعه ونطاق حضوره المحدود، أشبه برماد تذروه الرياح.

فبدأ بالخطة (أ) التي تكفل بتحقيقها الخائن هادي والنخب التقليدية، التي أسسها ذلك التحالف طيلت وصايته على اليمن منذ اغتيال الحمدي وسالمين، واستخدمها للتسلط الى ما قبل ثوره 21سبتمبر 2014م، التي اسقطت تلك الأطماع والمؤامرة المهدده وجودياً لليمن واليمنيين.

لينتقل التحالف الصهيوسعواماراكي إلى الخطة (ب) بإطلاق آلة عدوانه واجرامه ومنافث سمومه واحقاده مراهنا على تحقيق أطماعه وفرض إرادته لتفتيت اليمن واغراق الشعب اليمني ومصادره مستقبله، في عمليه خاطفة، إنطلاقاً من حسابات صنع ظروفها منذ عقود، جعلت اليمن في حكم الميت سريرياً.

وعلى تلك الحسابات أطلق الصهيوامريكي أدواته الإقليمية لشن العدوان على الشعب اليمني، مدعومة بثقل امبراطورية المادة والتكنولوجيا، والفتك والتدمير والابادة، وجحافل شذاذ الافاق لحسمها في أيام وفرض إرادته ومؤامرته بالقوة العسكرية.

لتنتهي خمسة أعوام من عدوانه بنتيجة تحقيق مكاسب منعدمة البقاء وسجل إجرامي لم يسبق إليها أحداً في التاريخ المعاصر.

في مقابل واقع يرسم صورة أكبر تفرض نفسها إجبارياً، خلاصتها فشل التحالف وهزيمته الشاهده بذاته ميدانياً وأخلاقياً، أمام صمود وانتصار قلعة الإرادة والمشروع والقدر اليمني والكتلة الشعبية الكبرى، وسط وشمال وغرب اليمن، وعجزه رغم إجرامه الذي لانظير له عن كسر إرادة الثورة اليمنية واجهاض مشروعها.

لقد كان أهم مخرجات خمس سنوات حرب، انتقال اليمن بثورته من مربع الصفر على خارطة التوازنات العسكرية والأمنية والسياسية و(قريباً الإقتصادية)، إلى مربع الرقم الصعب إقليمياً، الذي فرض واقعاً جديد فيها معادلة جديدة للمنطقة بأسرها، خلاصتها أمن واستقرار وسيادة ووحدة اليمن يساوي أمن واستقرار وسيادة ووحدة دول التحالف.

بل وصار يمن الأنصار رهان حاسم في مسار الإنتصار لقضايا شعوب الأمة ورسم مستقبل المنطقة، والخارطة السياسية الدولية.

أول تجليات نصر وصمود الإرادة والمشروع اليمني وهزيمة التحالف في سنته الأولى زلزال تسونامي سياسياً وامنياً، فكك هذا التحالف في المنطقة، بل وامتد ليضرب المجتمع السياسي الغربي، والنخب الحاكمة في قلب أمريكا والغرب.

هذا يقدم صورة للأمر الواقع، الطرف الذي بات بيده قدراً محتوماً مصير اليمن والمنطقة، يتجسد في إرادة شعب يمن الواحد والعشرين من سبتمبر.

باختصار اليمن بعد خمس سنوات من العدوان السعوصهيوسعواماراكي، إنتصرت فيه إرادته لمستقبل ووحدة شعبه ومصيره ومصالحه وسيادته واستقلالها بإرادة اليمنيين المتشبيعين بالحرية والكرامة، الذين حازوا بتضحياتهم الجسام وصمودهم الأسطوري جدارة الانتصار للحياة الكريمة والسيادة والريادة.

وما يحاول التحالف من أعلى رأس تنفيذه في المناطق المحتلة جنوب اليمن وشرقه، ليس إلا محاولة يأس وبأس ومهزوم يستثمر في السراب ويمني نفسه بالوهم، لأنه يدرك أن من يمتلك القدرة على صناعة الصمود ويقود ثورة الإنتصار للكرامة والمستقبل والحق المشروع والقضية العادلة، ويصنع من الصفر معجزات قهرت مستحيلات امبرطورية الطغيان في ذروة الجبروت، أمام قلعته التي يسورها شعب وارث أنوار الحكمة وأسرار البأس، و بصائر الإيمان منذ الأزل، ويعرف عن وطنه منذ المهد الأول لأول مستكبر في التاريخ بأنه مقبرة الغزاة، ذلك يجعله بيقين قاطعاً ، كفيلاً وجديراً وحرياً، ومالكاً للقدرة على دحر الغزاة، وحاملاً لقدر حماية الوطن والشعب ومستقبل الأجيال وتحقيق الكرامة والعزة والحلم اليمني في النهضة والبناء والإنتصار لقضايا الأمة العادلة، دون نقاش.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حميد القطواني