المشهد اليمني الأول/

ليست مصادفة ان يكون مثل هذا النصر لـ (انصار الله) على مايسمى بـ (التحالف العربي) لان المعادلة العسكرية لايمكن حسابها في بعدها المادي فقط بل الأهم في بعدها المعنوي ،لان الأخير  يرفع مستوى الكفاءة لدى المقاتل ويتحول من فرد الى جمع من المقاتلين ،فتختفي الأرقام والإعداد ويحضر الواقع الميداني بما يتحقق من نصر.

في المعادلة العسكرية ليست هنالك من مقارنة بين قوات انصار الله وبين قوات (التحالف العربي)لا في العدة ولا في العدد،ولا مساحة الحركة ،فهؤلاء محاصرون من جميع الجهات برا وبحرا وهؤلاء الأفق مفتوح لهم بما يرغبون من جلب المال والسلاح.

الذي عاش تجربة قتال (انصار الله) ضد السعودية واتباعها يدرك معنى ان يؤمن الإنسان بالانتصار رغم كل التفاوت الذي أسلفناه ،ولو راجعنا البيانات التي كان يصدرها (عسيري)اول ايام الحرب ،وكيف يهدر بصوته وكيف تراجعت هذه البيانات تباعا يعي تماما ان ما يسمى ب(قوى التحالف العربي)قد اصطدم بارادة شعب صلب وأنهم قد تورطوا فيه .

لاشك ان السعودية ومعها الامارات قد استعانت بخبرات كبيرة من خبراء ومراكز دراسات من امريكا واسوائيل ومنحوهم كل ما يمكن ان يساعدهم على تحقيق هزيمة على خصمهم ، ولم يكن بحسبانهم ان تأخذ الحرب كل هذا الأمد وان تكون الخسائر بهذا الحجم على مستوى الأفراد او الأموال فارتدوا على أعقابهم !

السيد حسن نصر الله ،كان قد قرأ نتيجة الحرب في اليمن مسبقا ،وتوقع الهزيمة للسعودية واتباعها وقدم لهم النصيحة ان (لايتورطوا مع انصار الله )

وأكد سماحته ( إن النظام السعودي قد شاخ وربما يكون في مراحله الأخيرةً و أن الحرب على اليمن وتدخلها في الدول الأخرى سيتركان أثرا على مستقبل السعودية)  وان شيخوخة هذا النظام (السعودية)ستكون  يد (انصار الله).

وكان قد نصح السعودية في اول ايامٍ الحرب بان الأموال التي تنفقها على حرب اليمن يمكن ان تنفقها على الشعب اليمني لتكسب وده بدل قتله وتدميره .

لم يتوقف (انصار الله) في قتالهم ضد السعودية والإمارات في حدود القتال التقليدي بل ارتقوا الى مستوى التحديات التي تواجههم في الحصول على اخر التقنيات العسكرية ،ولكافة صنوف المعركة واستطاعوا ان يضربوا خصمهم على (اليد التي توجعه) وهي (مراكزه الاقتصادية)التي يستثمرها لشراء الأسلحة وذبح الأبرياء فكانت حرائق أرامكو عنوانا كبيرا لهذا النصر الذي اذهل العالم .

انتصار نجران  الأخير ،في المعادلات العسكرية فيه غرابة ،حيث ان الجيوش الصغيرة التي تعتمد الكر والفر لايمكنها ان تهاجم فرقة كاملة بكل إعداد مقاتليها الذين يتجاوزون الاربعة آلاف والمحصنين في مواقعهم والمحاطين بكل أنواع الألغام والحراسات واجهزة الرصد  والاستعدادات ناهيك عن الحماية الجوية ،وان يتم الإحاطة بهم ومهاجمتهم ثم اقتيادهم اسرى لمسافة ليست بالقصيرة الى داخل العمق اليمني ،فالأسرى مشكلة بالحرب لانهم يحتاجون الى إعداد كبيرة من الأفراد للسيطرة عليهم  ومطاردتهم وسحبهم الى الخلف  ثم اقتيادهم وإدارتهم .! ناهيك عن قيادة المعدات والآليات من الغنائم !

انصار الله يقولون ان الإعداد لهذه المعركة تم التحضير لها منذ فترة ليست بالقصيرة ولم يتم الشروع بها حتى اكتملت الخطة بكل ابعادها بما في ذلك التعاون من داخل المملكة ،وهذا بعني مدى السرية في التخطيط بحيث لم تكشف الخطة لتكون مفاجأة للخصم والانقضاض عليه ،وبذا فان العدو لايملك الان الاَ ان يقر بالهزيمة وان يبتعد عن (وهم التفوق) والخيلاء .

انصار الله ليسوا محاربين فقط ،بل هم سياسيون ماهرون أداروا الملف السياسي بكل مهارة وفاوضوا مثلما أداروا بلدهم من الداخل على كافة المستويات من رواتب ومصارف وخدمات وغيرها بالشكل الذي حافظوا فيه على شعبهم رغم قسوة الظروف من حصار وامراض وهدم وحرق واعتداءات ليل نهار ،كما نجحوا في الملف الاعلامي بحيث ان العالم يستمع ويشاهد  (قناة المسيرة  )اكثر مما  يتابع اكاذيب اعلام خصمهم ،ومن دقة عملهم الاعلامي ان وقائع معركة الجيران الأخيرة صورتها مائة كاميرا !

انتصارات انصار الله نصر لكل فصائل المقاومة في لبنان وسوريا والعراق وفلسطين ،وعنوان لكل احرار العالم الطامحين للحرية والخلاص من جور الطغاة .

رسالة انتصارات  معركة نجران التي عنوانها (نصر من الله) وصلت الى أعداء الامة ،وفهموا معنى الجهاد الإسلامي ،وفهموا معنى ان يكون موعد المعركة في محرم  الدم والشهادة ،وأول المرتعبين من هذا الانتصار (إسرائيل ) والتي بدأت تدرك تماما ان مقولة الامام الخميني (قدس سره ) بانه ((لابد ان تمحى إسرائيل ) ومن بعده سماحة القائد الامام الخامنئي ((امريكا ستنهار وإسرائيل ستزول ) بانها حقائق وليس مجرد تنبوءات .نبارك للشعب اليمني هذا الانتصار الكبير ،كما نشد على أيدي المقاومة للمزيد من المواجهات مع أعداء آلامة لان في ذلك عزة للإسلام وكرامة للامة. وتأريخها.

بقلم/ محمود الهاشمي