المشهد اليمني الأول/

لا يزال كابوس الهجمات التي نفّذتها الطائرات من دون طيار التابعة لسلاح الجو اليمني على حقول نفط “أرامكو” داخل العمق السعودي تؤرّق مضاجع “آل سعود” وذلك لأن تلك الهجمات أدّت إلى تزلزل قيمة أسهم هذه الشركة النفطية الكبيرة في الأسواق العالمية، ولهذا فإنه يمكن القول هنا بأن جميع خطط ولي العهد السعودي المتعلقة بالحصول علي أرباح ضخمة من خلال خصخصة جزء كبير من أسهم هذه الشركة النفطية السعودية قد ذهبت أدراج الرياح.

“ابن سلمان” لا يزال يحلم بطرح جزء من أسهم “أرامكو” للاكتتاب

في عام 2016، رجّح ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان”، أن تتجاوز قيمة شركة أرامكو، عملاق إنتاج النفط في العالم، عند طرحها للاكتتاب العام حاجز تريليوني دولار. 

وأكد هذا الأمير المتهوّر الذي يرأس مجلس التنمية الاقتصادية ومجلس إدارة شركة أرامكو، أن الطرح العام الأولي لأرامكو السعودية يمضي قدماً صوب العام القادم، لكن تفاصيل الطرح لا تزال قيد البحث حالياً، وتعوّل الحكومة السعودية على طرح 5% من ذراعها النفطي شركة أرامكو لجني نحو 100 مليار دولار، تضاف إلى حوالي 200 مليار دولار حصيلة خصخصة عدد من الأصول الأخرى، ومنها مطارات، لتمويل خطة إصلاح اقتصادي طموح، رؤية السعودية 2030، تستهدف تنويع موارد الاقتصاد السعودي، الذي يعتمد بما لا يقل عن 90% على مبيعات النفط.

وحول هذا السياق، قال ولي العهد السعودي: “أعلم أن ليس هناك جدلاً كبيراً ثار بخصوص تقييم أرامكو، لكن الصواب في نهاية الأمر هو ما سيقرره المستثمر.. لا ريب أن أكبر طرح أولي في العالم يجب أن ترافقه الشائعات”.

وتابع قائلا: “أرامكو ستثبت جدارتها على أرض الواقع يوم الطرح الأولي.. في الحقيقة عندما تكلمت عن التقييم قلت حوالي تريليوني دولار وهو قد يزيد على تريليوني دولار”.

وجاءت الشكوك من قيمة “أرامكو” من جراء عدم الكشف حتى الآن عن احتياطياتها وما إذا كانت مؤكدة أم لا، وسط تقييمات كثيرة من مراكز بحثية قدرتها بنحو تريليون دولار.

سجلات الأسهم الأولية منذ عام 1998 وإلى الآن

في البداية، تم تخفيض خطة أرامكو الأولية لعرض الأسهم إلى 5 ٪ لتكون واحدة من الأرقام القياسية في العالم.

يذكر أن “علي بابا” حصل على 25 مليار دولار، عندما عرض أسهماً بحوالي 5 ٪ من أسهمه الكلية ولهذا فإنه من المحتمل أن السعودية وضعت تلك النسبة المساوية ليتجاوز الرقم القياسي 100 مليار دولار، لكن يراود القادة السعوديين الكثير من الشكوك حول ذلك ولذلك فلقد أعلنوا في نهاية المطاف أنهم سيقدّمون ما بين 1 إلى 2٪ من أسهم الشركة في الصيف المقبل للاكتتاب، وهذه النسبة تتراوح قيمتها بين 20 مليار دولار و40 مليار دولار.

تأثير هجمات الطائرات من دون طيار اليمنية على أسواق النفط السعودية والعالمية

كشفت العديد من المصادر الإخبارية، بأن السعودية شهدت خلال صباح يوم الرابع عشر من شهر سبتمبر الحالي هجمات كثيرة على بعض المنشآت النفطية التابعة لشركة “أرامكو” التي تعتبر من أكبر شركات النفط في السعودية والعالم، ما أسفر عن انخفاض في الإمدادات النفطية السعودية وخفض الإنتاج المحلي.

ولفتت تلك المصادر الإخبارية إلى أن الأسهم السعودية تراجعت بنسبة 2.3 بالمئة خلال يوم 15 سبتمبر عقب هذا الهجوم الذي استهدف منشأتي نفط بالسعودية في اليوم السابق ليتوقف أكثر من نصف إنتاجها، وجاءت هذه الخسائر استمراراً للاتجاه النزولي للأسهم السعودية التي تضررت في الأسابيع الأخيرة جراء القيم المرتفعة وأسعار النفط المنخفضة والقلق إزاء الآفاق الاقتصادية.

كما ذكرت تلك المصادر الإخبارية بأنه في تلك الفترة فتح المؤشر السعودي منخفضاً 2.3 بالمئة ولكنه قلّص خسائره لاحقاً، وبحلول الساعة 09:14 من ذلك اليوم، كانت خسائر المؤشر 1.3 بالمئة. ومحا المؤشر كل مكاسبه هذا العام وانخفض نحو 18 بالمئة من ذروة 2019 البالغة 9403 نقاط والتي سجلها في مطلع مايو.

وأعرب العديد من الخبراء الاقتصاديين بأن تلك الهجمات جاءت في توقيت سيء بالنسبة للسعودية التي تحضّر لإدراج شركة أرامكو العملاقة في بورصة تداول بالرياض في وقت لاحق هذا العام. 

وقالت مجموعة استشارات المخاطر “أوراسيا” في مذكرة إنه من المحتمل أن تغيّر الهجمات الخطط الخاصة بالطرح العام الأولي لـ”أرامكو” الذي طال انتظاره وقد تؤثر على التقييم.

وتابعت بالقول: “إن الهجوم الأخير على منشآت أرامكو سيكون تأثيره على الاهتمام بأسهم أرامكو كبيراً إذ إن المرحلة الأولية من الإدراج ستكون محلية والمكّون الدولي للصفقة سيكون أكثر حساسية إزاء المخاطر الجيوسياسية”.

التسريع بعملية عرض 5 ٪ من أسهم أرامكو على مرحلتين

كشفت العديد من التقارير الإخبارية بأن الرياض قررت أن تزوّد الأسواق المحلية مبدئياً ما بين 1 إلى 2 في المئة من أسهم أرامكو وستوفر باقي الـ5 في المئة المتبقية للأسواق الدولية، وهنا تجدر الإشارة إلى أن العرض في الأسواق الدولية، لديه مشكلاته، وعلى سبيل المثال فإن الحضور في بورصة نيويورك، سيسمح لضحايا الإرهاب بموجب قوانين تلك الولاية الأمريكية بمقاضاة شركة أرامكو التي يعتبرونها بأنها كانت أحد مصادر تمويل تلك الجماعات الإرهابية.

ولقد أثيرت شائعات خلال الفترة الماضية حول الشركات التي قد تشتري أسهم من شركة “أرامكو” وهي كالتالي، الشركة الماليزية “بتروليوم ناسونال بي إتش دي”، والشركات الصينية “سينوبك جروب”، وشركة البترول الوطنية، وصندوق الاستثمار الروسي المباشر، ومكتب أبو ظبي للاستثمار.

إن الحضور في بورصة نيويورك، سيسمح لضحايا الإرهاب بموجب قوانين تلك الولاية الأمريكية بمقاضاة شركة أرامكو التي يعتبرونها بأنها كانت أحد مصادر تمويل تلك الجماعات الإرهابية.

وفي سياق متصل، ذكرت تلك التقارير الإخبارية بأن السعودية تدرس تغيير خططها بشأن طرح المرحلة الثانية من أسهم شركة أرامكو في الأسواق الدولية.

ولفتت تلك المصادر إلى أن السعودية قد تستبعد إدراج شركتها الحكومية في بورصة لندن أو هونغ كونغ بسبب عدم الاستقرار السياسي.

وأشارت تلك التقارير إلى أن الشركة الأكثر ربحية في العالم، قد تتجه إلى بورصة طوكيو اليابانية لعرض المرحلة الثانية من أسهمها، وهو ما يعتبر، بحسب خبراء الاقتصاد، أكبر عرض عام للأسهم التجارية في التاريخ.

الخلاصة

ليس لدى شركات العاملة في مجال صناعة النفط واستخراجه الكثير من النظرات الإيجابية لنمو التكنولوجيات الجديدة المتعلقة بهذا المجال وهذا الأمر يعرفه القادة السعوديون جيداً، ويعرفون أيضاً أن الوضع بالنسبة لشركة “أرامكو” أصبح غير واضح، ويعلمون جيداً أنه مع مرور الوقت تزداد التوترات في المنطقة، ويصبح الضعف السياسي والاقتصادي في السعودية أكثر وضوحاً، وهذا الأمر يدفع عملاء أرامكو على التخلي عنها، لذلك، فإننا نرى بأن السعوديين في عجلة من أمرهم لبيع أسهم “أرامكو”.

مصدرالوقت