المشهد اليمني الأول/

كشف الموقع البريطاني “ميدل إيست إي” الأسباب الحقيقة التي تدفع بولي العهد السعودي محمد بن سلمان للسعي نحو إنهاء الأزمة مع قطر، مبيناً الدور الإماراتي الذي يدفع بإتجاه إبقاء الأزمة بين الجانبين السعودي والقطري.

وقال الصحفي “ديفيد هيرست” في مقال نشره الموقع تحت عنوان: “لماذا تحتاج الإمارات العربية المتحدة إلى إفشال أي صفقة سعودية مع قطر؟” أن كل من “السعودية” والإمارات قاموا بتهديد قطر حتى تنضبط وتنصاع لكافة مطالبهما كالبحرين.

التقرير بيّن أنه كانت الرياض وأبوظبي يحضّرون لحفر قناة على امتداد الحدود الترابية لقطر وإلقاء نفايات نووية فيها، مشيراً إلى أنهم كانوا “سيفعلون بأمير قطر ما فعلوه برئيس مصر محمد مرسي، الذي أطيح به في انقلاب عسكري، وكانوا سيحولون الدوحة إلى ميدان رابعة، حيث تم ذبح 817 مصريًّا”.

ومضى البلدين الحليفين قدماً في تنفيذ خطتهما بالتواصل مع المسؤولين في واشنطن حيث تم تجنيد مسؤولين سابقين في الإدارة الأمريكية لتهديد قطر بسحب القاعدة الجوية الأمريكية في العديد، من بينهم “روبرت غيتس”، الذي كان يشغل في السابق منصب وزير الدفاع، وكان يتوقع منه أن تتوفر لديه بعض المعرفة بالقاعدة الأمريكية في قطر، التي تضم مقر القيادة المركزية الأمريكية المعروفة باسم “سينتكوم”، بالإضافة إلى سفير الإمارات في واشنطن يوسف العتيبة، الذي بعث برسالة إيميل إلى “غيتس”، يقول له فيها: “محمد بن زايد يبعث لك بتحياته الحارة من أبوظبي، ويقول لك افتح عليهم أبواب الجحيم غدًا”.

الكاتب البريطاني، نوّه في هذا الإطار إلى أن قطر نجحت بتخطي المؤامرة التي حُضّرت لها، بل حوّلت التهديدات التي وجهت إلى سيادتها الوطنية وأصبح اقتصاد البلاد بعد عامين من الحصار، أقوى مما كان عليه، وهي الآن تنتج احتياجاتها من المواد الغذائية.

وفي ما يتعلق بدوافع محمد بن سلمان لإنهاء الأزمة مع قطر، يورد “هيرست” أن أول هذه الأسباب يعود إلى ما وصفه بالكارثة التس تسببت بها “أرامكو”، ذلك أن “السعودية” كانت قد وضعت خططًا قبل ثلاثة أعوام بهدف إدخال مئة مليار دولار ثمنًا لبيع أسهم بقيمة خمسة بالمئة من ثمن الشركة، وفتح السوق السعودي أمام المستثمرين الأجانب.

بيد أن الذي حصل هو إخفاق الرياض في الحصول على تقييم للشركة بمبلغ 2 تريليون دولار، وهو التقييم الذي كان سيعتمد عليه إذ ثمة إجماع على أن أرامكو تساوي ما بين 1.1 و1.5 تريليون، لذا قرر “ولي العهد السعودي التخلي عن فكرة بيع الأسهم في أسواق المال العالمية، معلناً بيع 1.5 بالمئة على أساس تقييم الشركة بمبلغ يتراوح بين 1.6 و 1.7 تريليون، وهو ما يمكن أن يجمع 25.6 مليار فقط لا غير”.

أما السبب الثاني وفقاً للكاتب البريطاني جاء من منطلق التفكير في إستراتيجية إعادة النظر حول أين وكيف أخفقت مبادرات محمد بن سلمان في مجال السياسة الخارجية بعد أصبح في عزلة ممن هم حوله، بالإضافة لحاجته إلى الأموال، وأوضح الكاتب أن سياسة “السعودية” الخارجية لم تحقق نتائج أفضل، بل زادت عدد الدول التي تم إقصاؤها، ومنهم الأردن وعمان والعراق وحتى مصر لا يمكن الاعتماد عليها، وأخيراً توقفت “السعودية” عن تزويدها بالنفط المجاني في المقابل، زاد تمكن إيران، خصمها الإقليمي اللدود.

والسبب الثالث في الرغبة في إنهاء النزاع مع قطر هو الكيان الإسرائيلي، “فقد شاع منذ فترة أن ثمّة خطة لعقد مؤتمر قمة على نسق كامب ديفيد، تعلن فيه الدول الخليجية الرائدة عن قرارها المضي قدمًا في تطبيع العلاقات مع إسرائيل فقد سمح محمد بن سلمان لعدد متزايد من المعلقين بالدفاع عن إسرائيل علانية، وحتى أثناء الهجوم الأخير على قطاع غزة”.

بالتالي إذا ما “أريد لهذه الخطة أن تنفذ، فإن ولي العهد السعودي بحاجة إلى قطر؛ حتى تحد من التغطية الإعلامية السلبية التي يمكن أن تحدث نتيجة لذلك، وهو بحاجة لأن تقوم قطر بكتم صوت الفلسطينيين بشكل خاص، والشارع العربي بشكل عام”.

وفي هذا السياق، يلفت الموقع إلى دور محمد بن زايد الذي يعد بمثابة العقل المدبر لسياسات ولي العهد السعودي، في حين أن “السعودية” تتكبد منفردة نتائج خطط ابن زايد، مشيراً إلى أن أبو ظبي تحتاج للتخفي في ظل الرياض إلى أن “يحين الوقت الذي تصبح فيه الحاكم الفعلي للعالم العربي السني، وبذلك لا يمكن توجيه لوم لمحمد بن زايد على كونه بلا طموح”.

ولذلك، لن يكون التقارب بين “السعودية” وقطر لمصلحة أبو ظبي، حيث يسلبهم ذلك عدوا من بينهم هم في أمس الحاجة إليه، إنه عدو يُتهم برعاية الإرهاب، ويضيف الكاتب أن “مثل هذا التقارب سيبقي السياسة الخارجية لقطر على حالها، وأنها بذلك ستظل قوة مناوئة لخطط محمد بن زايد في المنطقة من ليبيا إلى اليمن”.