مقالات مشابهة

معايير صفقة القرن!

المشهد اليمني الأول/

صفقة القرن هي ليست مشروعاً سياسيًا وانما برنامج عمل مشترك بين الرئيس ترامب ورئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو . موضوع البرنامج لا يقتصر فقط على تصفية القضية الفلسطينية ، وانما يهدف الى توسيع و ترسيخ التطبيع للوصول الى مرحلة ” التركيع ” ايّ هيمنة اسرائيل على المنطقة : هيمنة سياسية وعسكرية و تقنية و اقتصادية .

هي ليست مشروعاً سياسياً تتبناه أميركا واسرائيل والسلطة الفلسطينية ، على غرار اتفاقيات أوسلو؛ غالبية الطبقة السياسية الأمريكية والطبقة السياسية الاسرائيلية أعلنوا صراحة عدم تأييدهم لصفقة القرن ،لدرجة انَّ رئيس الوزراء الأسبق في اسرائيل ايهود أولمرت يتفق مع الرئيس محمود عباس لتنظيم مؤتمر صحفي في نيوريوك ،خلال زيارة الرئيس للأمم المتحدة هذا الأسبوع ،يعلنون عن معارضتهم لصفقة القرن .

خطورة صفقة القرن هو في تبنيها من قبل رؤساء ( ترامب و نتنياهو ) أمتهنوا البلطجة و اعتادوا على انتهاك القانون الدولي والشرعية الدولية ، و نجحوا في توظيف مال عربي و رؤساء عرب لتأييد و تنفيذ صفقة القرن . رؤساء، لايهمّم امن واستقرار المنطقة والعالم ، و انمّا هيمنة أميركا في العالم وهيمنة اسرائيل في المنطقة ، وعلى حساب كل القيم والقوانين والمعايير الإنسانية والدولية . ستمضي اسرائيل في تطبيق بنود صفقة القرن ، تلك المتعلقة بضم المستوطنات في الضفة الغربية وضم غور الأردن ، مناسبة صفقة القرن هي فرصة اسرائيل للتمدد والتوسع ، وفي إطار تطبيع ،يتوسع هو الآخر يوماً بعد يوم ليضم السودان ،وقد يليها المغرب .

حُجّة السودان في التطبيع ، وحسب ما جاء على لسان رئيس مجلس السيادة السوداني ،السيد عبد الفتاح البرهان ،هو مصلحة الشعب السوداني ، و أنَّ السلطة الفلسطينية هي ذاتها تتفاوض مع اسرائيل !

قرار السودان في التطبيع جاءَ ليكافئ ترامب ونتنياهو على طرحهما لصفقة القرن ، و لدعمهما في مساراتهم الانتخابية . جاء قرار التطبيع و جاءت تصريحات الرئيس البرهان في وقت تعتزم فيه السلطة الفلسطينية على وقف كافة أشكال التعاون والتفاوض مع اسرائيل و مع أميركا . سيكون ثمن هذا التطبيع هو وساطة اسرائيلية من اجل رفع اسم السودان من قائمة الدول الداعمة للإرهاب .

في ذات سياق سباق التطبيع مع اسرائيل ، تندرجُ تصريحات وزير خارجية المغرب ، و مضمونها ان المغرب لن يكون فلسطينياً اكثر من الفلسطينين ! تصريح رسمي ويعبّر عن موقف المملكة ونيتّها في التطبيع . وسيكون سعر هذا التطبيع هو وساطة اسرائيلية لدعم أمريكي للمغرب بخصوص مشكلة الصحراء المغربية او الغربية .

اتخاذ مثل هذا المواقف السياسية العربية تجاه اسرائيل ، وفي هذا الوقت ، يُحسبْ اكثر من تطبيع ، هو بمثابة تمكين لاسرائيل و اصطفاف مع قوة انتهاك الشرعية الدولية و اعتداء علي حقوق الشعب الفلسطيني و حقوق الشعوب العربية في الجولان وفي غور الأردن وفي القدس .

تأتي هذه المواقف السياسية التطبيعيّة و اكثر مع اسرائيل في وقت تعتزم فيه السلطة الفلسطينية والفصائل الفلسطينية جميعها الى إيقاف اتصالاتها و تعاملاتها مع اسرائيل ، والى تبّني خيار المقاومة ، واقع يُفّندْ ما كانت تدعيه بعض الدول العربية ” باننا نوافق على ما يوافق عليه الفلسطينيون ” .

نخشى ان تصل مواقف بعض الدول العربية الى اعتبار السلطة الفلسطينية منظمة ارهابية ،على غرار حماس ، لانها رفضت صفقة القرن !

نجاح او فشل صفقة القرن لا يتوقف على قرار الجامعة العربية الرافض لها ، ما قيمة القرار اذا كانت بعض الدول العربية تتسابق للتطبيع مع اسرائيل بل وتمكينها .

نجاح و فشل صفقة القرن ، بل مصير الكيان الصهيوني الغاصب ، يتوقف على خيار الشعب الفلسطيني في المقاومة السلّمية و التظاهرات و الاحتجاجات كمرحلة أولى ، لنرى كيف سيكون موقف أميركا و موقف الدول الغربية الديمقراطية والتي تؤيد و تدعم حق التظاهر السلمي وتندد باستخدام القوة ضد المتظاهرين .