مقالات مشابهة

مقاطعة النفط الروسي.. ما هي أهداف وآثار حرب النفط الأمريكية على فنزويلا؟

المشهد اليمني الأول/

قامت وزارة الخزانة الامريكية يوم الثلاثاء الماضي بوضع شركة “روس نفط تريدينغ”، وهي شركة تابعة لشركة النفط الروسية، إلى قائمة العقوبات التي يديرها مكتب مراقبة الأصول الأجنبية “أوفك”، بحجة أن هذه الشركة قامت خلال الفترة الماضية بانتهاك العقوبات التي فرضها البيت الأبيض على الصادرات النفطية الفنزويلية وتهدف هذه الخطوة الأمريكية إلى خفض عائدات النفط التي تصب في جيب الحكومة الفنزويلية وتعطيل التبادل المالي والتجاري بين موسكو وكاراكاس.

العقوبات النفطية

تعد وفنزويلا واحدة من الدول الرئيسية الأعضاء في منظمة “أوبك” والتي كانت تصدر ثلاثة ملايين برميل يوميًا قبل أن تقوم الولايات المتحدة بفرض الكثير من العقوبات على صادراتها النفطية ولقد بدأت الجولة الجديدة من عقوبات النفط ضد فنزويلا في أواخر أبريل 2019 بمقاطعة شركة البترول الوطنية الفنزويلية للنفط وعلى الرغم من أن صادرات النفط الفنزويلية تأثرت كثيراً بهذه العقوبات في البداية، إلا أنها سرعان ما تكيفت مع تلك الظروف الجديدة وفي هذا السياق، ذكرت العديد من التقارير الاخبارية بأن صادرات النفط الفنزويلية بلغت نحو مليون برميل يوميًا قبل فرض عقوبات 2019 وبعد مرور ستة أشهر على هذه العقوبات، عاد وضع النفط الفنزويلي إلى حالته السابقة، حيث تمكنت الحكومة الفنزويلية من زيادة صادراتها النفطية لضعفين، حيث قامت شركة البترول الوطنية الفنزويلية في ديسمبر 2019 بتصدير كميات كبيرة من النفط إلى الهند والصين وكوبا وروسيا.

وعلى صعيد متصل، ذكرت بعض المصادر الاخبارية بأن الولايات المتحدة أعلنت يوم الثلاثاء الماضي فرض عقوبات على فرع لشركة “روسنفت” النفطية الروسية العامة على خلفية تعاملاته التجارية المستمرة مع فنزويلا، في تحذير جديد لموسكو أحد الداعمين الرئيسيين لنظام “نيكولاس مادورو”. وتستهدف العقوبات تحديدا شركة “روسنفت ترايدينغ” ورئيسها “ديدييه كاسيميرو”. وفي هذا السياق، قال مسؤول امريكي لم يشأ الكشف عن هويته أن “شركة روسنفت ترايدينغ قامت بتأمين القسم الاكبر من الموارد المالية لنظام مادورو، وقراراتها كان لها تأثير كبير”. وهنا تجدر الاشارة إلى أن الولايات المتحدة تدعم زعيم المعارضة الفنزويلية “خوان غوايدو” واعترفت به رئيسا بالوكالة وقبل عشرة أيام، وجه موفد الولايات المتحدة الى فنزويلا “ايليوت ابرامز” تحذيراً جديداً الى موسكو وقال “ستكتشف روسيا قريبا أن دعمها المستمر لمادورو لن يكون مجانيا بعد اليوم”. وأوضح ذلك المسؤول الأمريكي أن العقوبات التي أعلنت عنها الولايات المتحدة يوم الثلاثاء الماضي سيكون لها تأثير على أنشطة “روسنفت ترايدينغ” في الولايات المتحدة والعالم أجمع. وأورد أن “تسمية روسنفت ترايدينغ وديدييه كاسيميرو تعني ان أي شخص خارج الولايات المتحدة يقوم بتعاملات مع هذا الكيان يعرض نفسه لعقوبات”.

أهداف الولايات المتحدة

تسعى الولايات المتحدة إلى احتكار سوق الطاقة العالمي من خلال زيادة إنتاج النفط الخام والاستثمار بكثافة في الصخر الزيتي والاحفوري، وذلك من أجل تعزيز مستوى اقتصادها وموارد طاقتها النفطية وغير النفطية وذلك لكي تتمكن من القضاء على منافسيها في العالم والضغط على الاقتصادات الناشئة مثل الصين وفي هذا السياق، كشفت العديد من التقارير أن فنزويلا تتمتع بأعلى حصة من احتياطيات النفط في العالم، حيث تمتلك 19 في المائة من احتياطيات النفط العالمية، والتي تبلغ حوالي 297 مليار برميل.

ومن ناحية أخرى، لم يكن “هوغو شافيز” وخليفته “مادورو”، راضين بأن تقوم الشركات الأمريكية بإدارة سياسات فنزويلا النفطية، ولهذا فلقد بذل قادة البيت الأبيض الكثير من الجهود خلال الفترة الماضية لإخراج فنزويلا من سوق الطاقة العالمي ومع ذلك، فإن حلفاء فنزويلا، مثل روسيا وكوبا الذين عانوا خلال السنوات الماضية من الكثير من العقوبات الامريكية، لا يرون بالضرورة الامتثال للعقوبات الأمريكية التي فرضتها هذه الاخيرة على صادرات النفط الفنزويلية.

لقد كان للعقوبات الأمريكية الجديدة على صادرات النفط الفنزويلية تأثير عكسي صب في صالح الشركات الروسية وفي هذا السياق، قدرت صحيفة واشنطن بوست في تقرير نشرته في فبراير 2020، الأرباح الروسية من العقود السرية بين موسكو وكاراكاس لنقل وبيع النفط بمبلغ 120 مليون دولار ولهذا فلقد فرض قادة البيت الأبيض عقوبات يوم الثلاثاء الماضي على صادرات النفط الفنزويلية وذلك من أجل إيصال عائدات النفط الفنزويلية إلى الصفر وخفض أرباح شركات النفط الروسية. الجدير بالذكر أن البيت الأبيض أصبح أكثر حساسية بعدما صرح وزير الخارجية الروسي “سيرجي لافروف” خلال زيارته التي قام بها مؤخرا للعاصمة الفنزويلية كاراكاس، بأن كاراكاس وموسكو يعتبران حليفان استراتيجيان وقال: “تتخذ كاراكاس وموسكو إجراءات لضمان استمرار التعاون التجاري الاقتصادي بينهما في ظل الظروف الحالية التي قامت فيها الولايات المتحدة بفرض المزيد من العقوبات على فنزويلا”.

آثار العقوبات الجديدة

على الرغم من أن البعض، مثل الرئيس التنفيذي لشركة “رابيدان انرجي” توقعوا أن تصل صادرات فنزويلا النفطية إلى الصفر بعد بضعة أيام من فرض العقوبات عليها، إلا أن هذه التوقعات لم تكن صحيحة وذلك لأن فنزويلا لها دورا كبيرا في صناعة النفط العالمية وفي هذا السياق، أشار الأمين العام لمنظمة “أوبك” إلى موقف فنزويلا في قمة ديسمبر، قائلاً: “النفط الفنزويلي مهم للتنمية العالمية”. ومن ناحية أخرى، احتجت بعض الشركات الأمريكية مثل شركة “شورون” على العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على صادرات النفط الفنزويلية وذلك لان هذه الشركة لديها شراكة مع شركة البترول الوطنية الفنزويلية في مشروع “بتروبوسكان” وتمتلك حصة 39 ٪ ولهذا فلقد أجبر البيت الأبيض على إعفاء هذه الشركة من العقوبات في نوفمبر الماضي لمدة ثلاثة أشهر.

وعلى صعيد متصل تدرك الصين جيدًا أن هدف الولايات المتحدة طويل الأجل من العقوبات النفطية الفنزويلية هو الضغط على الاقتصاد الصيني، ولهذا فإن بكين تواصل شراء النفط من فنزويلا. ومن جانبها لم تظهر الحكومة الروسية أي تعاون مع تلك العقوبات التي فرضتها واشنطن على صادرات النفط الفنزويلية وفي هذا السياق، قالت وزارة الخارجية الروسية، إن “الولايات المتحدة تسعى للسيطرة على العالم وروسيا لا تقبل التدابير التقييدية أحادية الجانب لتركيع العالم”. وأكدت هذه الوزارة الروسية على أن هذه الإجراءات لن يكن لها تأثير على العلاقات التجارية بين البلدين وقالت: “مثل هذه الإجراءات التي اتخذتها الادارة الامريكية ضد روسيا تظهر أن الشركات الأمريكية لا تستطيع الدخول في منافسة عادلة مع الشركات الروسية وأن سياسة الولايات المتحدة سوف تقضي على التجارة الحرة والعالمية”.

ورداً على العقوبات الأمريكية، قالت شركة البترول الوطنية الفنزويلية: “سنواصل تقديم الدعم اللازم لمواصلة تشغيل وتداول التجارة النفطية مع الجانب الروسي في فنزويلا”. ولقد أكدت السجلات والتقارير المتعلقة بصناعة النفط الفنزويلية أنه على الرغم من أن العقوبات الأمريكية أدت إلى انخفاض صادرات النفط الفنزويلية، إلا أنه كان لها دوراً فعّالاً في توجه الحكومة الفنزويلية إلى مبادلة جزءًا ثابتًا من صادراتها النفطية في أسواق البورصات غير رسمية، وهذا الامر سوف تؤثر في المستقبل سلباً على الحسابات النفطية الامريكية التي يسعى قادة البيت الأبيض من خلالها احتكار سوق الطاقة العالمي.