مقالات مشابهة

مركز الأبحاث الأمريكي: إيران تعلّمت الدرس عقب الاتفاق النووي ولهذا فإنها لن تتخلى عن برنامجها الصاروخي

المشهد اليمني الأول/

ذكر مركز أبحاث “ستراتفور” الامريكي أن إيران لن تتخلى ولن تقدم أي تنازلات عن برنامجها الصاروخي، كما فعلت خلال السنوات الماضية فيما يتعلق بالاتفاق النووي. ومركز أبحاث “ستراتفور” هو مركز دراسات استراتيجي وأمني أمريكي، يعد أحد أهمّ المؤسسات الخاصة التي تعنى بقطاع الاستخبارات، يعلن على الملأ طبيعة عمله التجسسي، ويجسّد أحد أبرز وجوه خصخصة القطاعات الأمريكية الحكومية وتطلق عليها الصحافة الأمريكية اسم “وكالة المخابرات المركزية في الظل” أو الوجه المخصص لـ”لسي آي إيه” ومعظم خبراء مركز “ستراتفور” ضباط وموظفون سابقون في الاستخبارات الأمريكية.

وعلى صعيد متصل، كشف مركز أبحاث “ستراتفور” الأمريكي مؤخرًا في تقرير تحليلي، أن فهم وإدراك طهران لجميع التهديدات التي تواجهها، سوف يساعدها على تطوير العديد من البرامج الصاروخية التي تمتلكها ولا سيما الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز ولقد أظهرت حرب العراق التي استمرت ثماني سنوات قبل عقدين من الزمان كان لدى طهران عدد محدود من الخيارات الاستراتيجية والدفاعية والعسكرية وفي ذلك الوقت لم تكن طهران قادرة على الرد على صواريخ “صدام حسين” وغاراته الجوية بشكل جيد وذلك لأنها لم تكن تمتلك الكثير من القدرات العسكرية المصنعة محليا.

لقد تعلمت طهران من تجربة حرب العراق القيمة الاستراتيجية لاستخدام الصواريخ لكسر ثقة العدو ورفع التكلفة الاقتصادية التي سوف يخسرها العدو أثناء قيامه بمهاجمة إيران ومنذ ذلك الحين، سعت إيران لتطوير ترسانتها من الصواريخ الباليستية المتطورة والمتنوعة، ولقد ركزت جهود البحث والتطوير في مجال الصواريخ الإيرانية على تحسين قدرة ودقة وكفاءة أنظمة هذه الصواريخ الباليستية وزيادة القدرة والدقة التكتيكية لهذه الأنظمة الصاروخية وخلال السنوات الماضية صبت طهران مجمل تركيزها على صناعة وتطوير عدد من الصواريخ الباليستية لردع أعدائها وإجبارهم على عدم الدخول في حرب مع جمهورية إيران الإسلامية.

وفي السياق نفسه، لفت مركز أبحاث “ستراتفور” إلى أنه من الناحية التكتيكية، لم تتمكن الصواريخ القديمة التي استخدمتها طهران في حربها مع العراق من أصابة أهدافها بشكل جيد ،وذلك بسبب دقتها المنخفضة ومداها القصير ولهذا السبب، وخصوصًا بعد الحرب التي شنتها أمريكا على أفغانستان والعراق واقتراب القوات الامريكية من الحدود الإيرانية،

سعت الجمهورية الإسلامية، بدلاً من زيادة مدى صواريخها الباليستية والوصول بها إلى خارج الشرق الأوسط، قام الخبراء الايرانيون بالعمل على تحسين دقتها التكتيكية وإمكانية استخدامها لضرب بعض الأهداف الاستراتيجية للعدو وقاموا أيضا بإدخال الكثير من التعديلات على تلك الصواريخ وتطويرها.

وذكر مركز أبحاث “ستراتفور” أنه عندما وصف الرئيس الأمريكي السابق “جورج دبليو بوش” إيران في عام 2002م بأنها محور للشر، عرفت طهران أن هذا الرئيس المتهور سوف يشن قريباً المزيد من الحروب في منطقة الشرق الأوسط، وهذا الأمر كان حافزًا لإيران للتركيز على صنع وتطوير صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى وأكثر دقة.

وعلى صعيد متصل، ذكر مركز أبحاث “ستراتفور” في تقريره أنه على الرغم من أن إيران لم تكشف بعد أو تختبر صواريخ باليستية يصل مداها إلى أكثر من 2 كيلومتر، إلا أن أمريكا قلقة من أن برنامج الفضاء الإيراني قد يكون غطاء لأبحاث تكنولوجية مزدوجة والتي يمكن أن تستخدم لتصنيع وتطوير الكثير من الصواريخ الباليستية بعيدة المدى والتي يمكن أن تصل إلى أمريكا وإن صحت جميع هذه التكهنات الأمريكية فإن إيران قد تكون بذلك بين الدول القليلة التي تمتلك مثل هذه الأسلحة التي ترعب الغرب.

وفي سياق متصل، كشفت وكالة الاستخبارات العسكرية الأمريكية في تقرير نشرته قبل عدة أسابيع عن تنامي القدرات العسكرية لقوات الجيش الإيرانية في جميع المجالات الصناعية والدفاعية، وفي هذا التقرير تم تسليط الضوء على أهداف واستراتيجيات وخطط وبرامج القوات العسكرية الإيرانية، كما تطرق هذا التقرير إلى الهيكل التنظيمي الخاص بالقوات المسلحة الإيرانية وإلى القدرات العسكرية التي تمتلكها هذه القوات الإيرانية.

وزعم هذا التقرير بأن طهران تبذل الكثير من الجهود في كل المجالات الصناعية والعسكرية لكي تصبح القوة العظمى في منطقة غرب آسيا ولا سيما في منطقة الشرق الأوسط، ولفت هذا التقرير الأمريكي إلى أن طهران تمكّنت خلال السنوات الماضية من المضي قدماً في مجال تصنيع وتطوير العديد من المعدات الصاروخية والطائرات من دون طيار،

وفي بداية هذا التقرير تحدّث “روبرت اشلي” رئيس وكالة الاستخبارات العسكرية الامريكية قائلاً: “خلال السنوات الماضية تمكّنت إيران من تطوير قدراتها العسكرية والصاروخية وهذا الأمر شكّل تهديداً لمصالحنا ولمصالح حلفائنا في منطقة الشرق الأوسط ولهذا فإنه ينبغي علينا أن نعرف إلى أي مدى أصبحت إيران قوية في المجال العسكري”.

وعلى صعيد متصل، أكد مركز أبحاث “ستراتفور” أن الهجمات التي وقعت خلال العامين الماضيين أظهرت أنه على الرغم من أن الصواريخ الإيرانية أصبحت أكثر دقة، إلا أن جهود إيران لا تزال مستمرة لتحسين دقة ترسانتها الصاروخية وقد أدت البحوث الصاروخية الإيرانية الأخيرة إلى إنتاج صواريخ كروز متطورة وذات دقة عالية.

وأشار هذا المركز الامريكي إلى أن طهران تعلن في كل عام عن صناعة وتطوير صواريخ جديدة وهذا ما رأيناه في ذكرى انتصار الثورة الإسلامية التي انطلقت مراسمها قبل عدة أشهر، حيث قامت إيران في تلك المناسبة بإزاحة الستار عن صواريخ جديدة تم صناعتها وتطويرها بأيدي إيرانية، وأكد هذا المركز الامريكي أن إيران تستخدم تلك الصواريخ لأغراض استراتيجية ولإخافة الأعداء الأقليميين والغربيين وتستخدمها أيضا لشن ضربات موجعة ضد أهداف الجماعات الإرهابية التي كانت منتشرة في كردستان العراق وسوريا.

وفي سياق متصل، ذكر مركز أبحاث “ستراتفور” أنه لم يتغير فهم وإدراك إيران من التهديدات التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط ولقد أظهر انسحاب الرئيس الامريكي “دونالد ترامب” من الاتفاق النووي الذي تم التوقيع عليه مع إيران في عام 2015م، أنه حتى لو تم التوقيع على اتفاقية جديدة، فلا شيء يمكن أن يمنع الحكومة الأمريكية القادمة من انتهاك هذه الاتفاقية.

لذلك، لا تزال إيران تجد نفسها في حاجة إلى تطوير برنامجها الصاروخي، خاصتا وأنه لا تزال الأوضاع في سوريا والعراق وأفغانستان وتنظيم “داعش” الارهابي تشكل مصدر تهديد لإيران.

ولفت هذا المركز الامريكي إلى أنه إذا ما قامت إيران بالتوقيع على اتفاقية مع الغرب بشأن برنامجها الصاروخي، فإن المملكة العربية السعودية والإمارات لن تقوم بتغيير مواقفها العدائية تجاه طهران. في الواقع، سوف ينظر هذان البلدان إلى أي اتفاق جديد باعتباره سوف يفرض قيوداً على الاستراتيجية الإقليمية تجاه إيران ولهذا الأمر فإن إيران لن تتراجع أبدًا عن برامجها الصاروخية.