مقالات مشابهة

خمسة أعوام من الصمود اليمني.. إنه عام الدفاع الجوي والمفاجآت العسكرية لدول العدوان

المشهد اليمني الأول/

على مشارف العام السادس لعدوان التحالف السعودي العبثي على اليمن، تتخبّط قيادات التحالف بشكل غير مسبوق على المستويين العسكري والإقتصادي.

قرارُ العدوان الذي وُضع له سقف زمني لا يتخطى الشهر وصولاً لمرحلة الحسم الشامل كبّد التحالف السعودي خسائر باهظة في العديد والعتاد والأموال دون أن يحقّق أي تقدّم يُذكر في بنك الأهداف المُعدّة أميريكياً، وعلى الدفّة الأخرى تسارع غير محدود الأفق في وتيرة تطوّر القدرات العسكرية والإستخباراتية اليمنية.

وفي حوار مفتوح مع “مرآة الجزيرة” أكد الباحث السياسي العميد عبد الغني الزبيدي أن حضور الجيش السعودي تلاشى في المعارك رغم امتلاكه لأحدث تقنيات الأسلحة، ورأى الخبير العسكري شارل أبي نادر تكون أهداف الجيش اليمني واللجان الشعبية اللاحقة أشد إيلاماً من سابقاته، فيما اعتبر المحلل العسكري محمد عباس أن “القدرات العسكرية اليمنية هي مولود يمني بإمتياز استطاع أن يواجه التحدّيات وينتصر عليها،،

آخر المهالك السعودية تجسّدت في العمليات العسكرية التي شنّتها قوات الجيش اليمني واللجان الشعبية لإسترجاع محافظة الجوف ودخول محافظة مأرب. لتحسّس الخسائر السعودية في هذه المعارك يكفي فقط مراقبة ردات الفعل العنيفة التي قامت بها “السعودية” في الصليف في محافظة الحديدة لتواصل بذلك انتهاكاتها لإتفاق “استوكهولم”.

مناورة أريد بها حرف الأنظار عن الهزائم التي ألحقتها عمليات الجيش واللجان بقوات التحالف السعوي في محافظة الجوف في الشمال وصولاً إلى تخوم محافظة مأرب. ظناً منها (أي السعودية) أن القفز بين الجبهات سيشتّت استراتيجيات الجيش واللجان الحاضرون بيقظة تامة على مختلف نقاط الإشتباك.

تصرّ “السعودية” على إنكار حقيقة الواقع السياسي والعسكري الجديد في اليمن، لا تزال تنظر إليه كما كان خلال الـ40 عام الماضية. تتعامل مع هذا البلد الذي لطالما نظرت إليه كما لو أنه مجرّد غرفة عمليات للسفارة السعودية خارج التحوّلات الجذرية التي أنتجتها ثورة شعبية سلميّة قادها أنصار الله في سبتمبر/ أيلول 2014.

لذا تمضي قدماً في استنهاض جميع أدواتها وخلاياها بالداخل اليمني. تسخّر جميع إمكانياتها في حرب لم تحقّق منها حتى اليوم أي إنجاز يذكر سوى القتل والنهب وتدمير المدمّر. بدا عام الحرب الرابع حافلاً بالإنتصارات التي حقّقها الجيش واللجان ضد التحالف السعودي، كان أبرزها عملية “البنيان المرصوص” التي أدّت إلی تحرير 2500 کیلومتر من أراضی محافظتي مأرب والجوف من الإحتلال السعودي والإماراتي. وعملية “إن عدتم عدنا” التي تمت عبر 9 صواريخ باليستية وأكثر من 20 طائرة مسيرة استهدفت معسكرات التحالف السعودي في المخا.

لتتكلّل إطلاق المرحلة الثالثة لعمليات توازن الدفاع والردع بإستهداف شركة النفط السعودية “أرامكو” في ينبع. بالإضافة إلى تطورات ملحوظة في البنية العسكرية والإستخباراتية بدت واضحة في عمليات التصدّي لطائرات سعودية متطورة أمثال طائرة “تورنيدو” وأيضاً في إسدال الستار عن أربع منظومات دفاع جوّي خلال افتتاح معرض الشهيد عبد العزيز المهرم.

وفي إطار الحديث عن تطور القدرات العسكرية للقوات المسلحة اليمنية والجان الشعبية اعتبر المحلل العسكري محمد عباس في تصريح خاص لـ”مرآة الجزيرة” أن لهذا التطور عدة عناصر، أولها اتخاذ قرار الصمود والمواجهة وتعزيز التلاحم الشعبي والقضاء على عملية استهداف المجتمع اليمني من الداخل ومحاولة تمزيق الشعب اليمني وهو الأمر الذي قوبل بالوحدة الشعبية. يضاف إلى ذلك مسألة توطين التقانة العسكرية التي أنتجت منظومة استطلاع وقيادة وتحكم وبالتالي هي قادرة على تنفيذ مهمها المعلنة وضبط عمليات الإستهداف أي لم تكن هذه العمليات عشوائية بل كانت منظمة وفق منظومات وخيارات محددة. القدرات العسكرية اليمنية واجهت التحديات وانتصرت عليها بالإضافة إلى ذلك، يشير المحلل السوري لمسألة الإنتشار الإستراتيجي الواسع والدقيق والفعّال للقوات المسلّحة اليمنية واللجان الشعبية الذي حظي بولاء شعبي ووطني كبير،

لكن بحسب قوله تعد منظومة القيادة هي العنصر الأكثر أهمية في الحرب بإنتمائها للشعب اليمني ووفائها له. الأمر الذي حرّض العقل اليمني على إنتاج المنظومات الصاروخية الباليستية، البحرية، الجوّالة، الطائرات المسيرة، الدفاع الجوّي ومنظومات استطلاع استراتيجية، فضلاً عن القدرة على العمل داخل حدود العدو وتحديد بنك أهداف في عمقه والتأثير عليه بفعالية سواء كان في ينبع أو في الرياض أو في المطارات العسكرية، مما أدى إلى شل وتعطيل الحياة العسكرية والإقتصادية والإستراتيجية لدول تحالف العدوان.

كل ذلك، كما يقول عباس كان “يُثبت أن القدرات العسكرية اليمنية هي مولود يمني بإمتياز استطاع أن يواجه التحدّيات وينتصر عليها ويحقّق الإرادة الوطنية للشعب اليمني في تحقيق ذاته وفي امتلاك المبادرات الإستراتيجية سواء كانت عسكرية أو اقتصادية أو ثقافية التي تعد مقوّمات الصمود الشامل للدولة اليمنية”.

الخبير العسكري نوّه إلى أن “المعركة التي يخوضها محور المقاومة على العديد من الجبهات هي بالأصل معركة واحدة تمتد من شواطئ المتوسط عند اللاذقيّة ثم تصل بيروت إلى صور لغزّة ولا تتوقف أبداً عند مرافئ عدن، مبيناً أنها حرب ممتدة على امتداد آبار النفط وحيث الإمتداد الجيوبوليتيكي للعدوان الأميركي الذي يريد السيطرة على منطقة شرق المتوسط وعلى مضيق باب المندب، البحر الأحمر ومضيق هرمز”. وبالتالي إن “طبيعة الحرب وخوض الصراع في المنطقة يتجسّد في إرادة المقاومة وفي محور المقاومة الذي يواجه العدوان الصهيو أميركي التركي الذي تكامل في همجيته ضد شعوب المنطقة لكن في المقابل ثمة تكامل في جبهة المقاومة من إيران إلى اليمن، إلى بيروت، فدمشق مرورواً بغزة وبغداد وهذا معناه إذا أراد الأميركي أن يواصل الحرب في المنطقة تعزز حلف مقاومة الإرهاب وحلف المقاومة التي تكامل تكامل دورها مع روسيا والصين،

لذا نرى أن جميع الأدوار التي تُخاض اليوم هي معارك متصلة من إدلب إلى غزّة إلى مأرب ونهم إذ لا يمكن الفصل بين عمليتي البنيان المرصوص وعملية تحرير سراقب، ولا يمكن أن الفصل بين هذه المعارك وبين الإنتصارات التي تحققها المقاومة الفلسطينية في معاركها ضد العدو الصهيوني انطلاقاً من غزة”، بحسب عباس. وأردف “إن محور المقاومة وحلف مكافحة الإرهاب يتكاملان معاً في مواجهة العدو الصهيو أميركي بالإضافة إلى العدو التركي ذلك أن سلوك حزب العدالة والتنمية الآن يشكل خطراً على الإسلام والمسلمين وعلى المنطقة بأكملها،

وأعتقد أن الأميركي يستترُ في الإرهاب لأن الإرهاب الأميركي الذي أراد النيل من المنطقة بتفخيخها من الداخل ومحاولة تفكيكها وتفجيرها وتدمير المجتمعات والإستثمار في أبنائها التي أرادتهم أن يكونوا جنوداً لأعدائنا لكن بإرادة المقاومة نستطيع القول أنها بدأت ترسم معالم الإنتصار وتحقق هزيمة للمشروع الإرهاب الأميركي”. البنية العسكرية السعودية مترهّلة الباحث في الشؤون السياسية والعسكرية

وتطرّق العميد عبد الغني الزبيدي إلى تلاشي الحضور الميداني للجيش السعودي في المعارك بالرغم من امتلاكه لأحدث تقنيات الأسلحة، وقال “نحن لا نرى جيش سعودي أصلاً، فبالرغم من أن (السعودية) تحتل المرتبة الأولى على صعيد مستوى التسليح في الجزيرة العربية لكنها لم تصمد أثناء مواجهة الجيش اليمني واللجان الشعبية لولا إدخال الكثير من المرتزقة للدفاع عن حدودها”، مؤكداً لو أنها لم تفعل ذلك “لكان الجيش واللجان الشعبية قد وصلوا إلى مناطق في العمق السعودي وربما جرى استعادة نجران وجيزان وعسير،

ولكن جرى تجميع مرتزقة يمنيين من أكثر من مكان بالإضافة إلى دول أخرى تشارك السعودية بما يسمى الدفاع عن حدودها فضلاً عن 20 ألف جندي سوداني كانوا يقاتلون في صفوف التحالف السعودي”. وتابع “وبالتالي المعركة اليوم مع اليمنيين وهم مقاتلين أشداء لكنهم مع الأسف في الموقف الخطأ. الجيش السعودي متهالك بلا عقيدة وبلا تدريبات أيضاً”. ولفت إلى أنه “هناك ضربات شبه يومية لا يتم الإعلان عنها، لكن في الضربات الكبرى التي تضرب عصب النفط السعودي يعلن عنها لخدمة العمل العسكري، ولذلك استمرار العدوان بالتأكيد سيجعل هذه الضربات مستمرة ومتطورة وكبيرة وفاعلة ومؤثرة”.

القيادة السعودية بحسب المحلل اليمني لا تزال تراوغ وتناور وبالتأكيد لديها حسابات، يمكن عامل الوقت يكون لصالحها، إذ ربما تحدث اختراقات هنا أو هناك، ربما يحصل خلاف كبير بين اليمنيين قد يؤدي إلى تطويل أمد الصراع الذي تراهن عليه (السعودية). ربما تكون تراهن على تدخل الكيان الصهيوني بشكل مباشر أو الأمريكي. استمرار الحرب على اليمن هو مصلحة داخلية سعودية لأنه يتم تحجيم الكثير اليوم داخل الأسرة آل سعود نفسها، وداخل المجتمع السعودي بسبب العدوان على اليمن وعندما ينتهي العدوان على اليمن ربما سترتفع الأصوات داخل الأسرة المالكة وستنكشف حقائق لم تعلن بعد حول الإنفاق الضخم والإسراف في موارد الدولة السعودية على حرب اليمن وبالتالي نحن اليوم نراهن على أن السعودية تراوغ في اتفاق السلام هذا لا يعنينا لأن إطالة الحرب تصب في مصلحة اليمنيين أولاً من حيث القدرات العسكرية وثانياً من حيث الكشف عن زيف وكذب الإدعاءات التي دخلت إليها السعودية وهي الحفاظ على أمنها القومي وإعادة الشرعية.

وتابع “(السعودية) تتعرض لإهانة ليس فقط في الحد الجنوبي، بل ضُربت الجغرافيا السعودية كلها دون أن يكون هناك كقاومة وردود فعل سيما من خلال أجهزة الرادارات والأسلحة الدفاعية المتقدمة، لذلك لم تهد تعنينا هذه المبادرة فاليمنيون مستمرون اليوم بالصمود والصبر ومستمرون أيضاً بالدفاع عن حقهم في الوجود فلا يمك القبول أن تعود السعودية إلى اليمن كما كانت فقد جرى قصقصة أجنحتها عبر إقصاء أدواتها في اليمن” مضيفاً “الوضع اليمني مستتب والدولة تمارس مهامها بشكل فاعل لأن السفير السعودي لم يعد يتدخل بالشأن اليمني”.

عملية توازن الردع الثالثة مرحلة متقدمة في مسار الردع من جهته، يرى المحلل العسكري شارل أبي نادر أن عملية توازن الردع الثالثة التي نفذتها وحدات الجيش واللجان الشعبية اليمنية بإستهداف شركة “أرامكو” وأهدافاً حساسة أخرى في ينبع السعودية على مسافة حوالي ألف كلم، بواسطة طائرات مسيرة وصواريخ مجنحة وبالستية، هي “مرحلة متقدمة من ضمن مسار من الردع، تدرج في مراحله من عملية توازن الردع الأولى التي استهدفت حقل الشيبة النفطي السعودي على الحدود السعودية مع أبوظبي وبعشر طائرات مسيَّرة دفعة واحدة، إلى عملية توازن الردع الثانية والتي تم خلالَها استهداف مصافي بقيق وخريص النفطية في المنطقة الشرقية من المملكة والتي تُعتَبرُ الأكبرَ في العالم”. بالرغم من أن العملية تختلف عن سابقاتها في نوعية الأسلحة، والتي استعمل فيها طيران مسير وصواريخ باليستية وصواريخ مجنحة، يورد أبي نادر لكن “جميع أهداف العمليات الثلاثة تصب في إطار الردع وإيفاد رسالة حاسمة،

أولاً عن مستوى القدرات العسكرية التي اكتسبتها وحدات الجيش واللجان الشعبية اليمنية من ناحية، ومن ناحية أخرى عن مصداقية وثبات القرار المتّخذ لناحية استهداف متدرج للأهداف الإستراتيجية التي تؤثر على مكانة واقتصاد وأمن وتوازن السعودية، في حال بقي العدوان على اليمن”. أهداف الجيش واللجان المقبلة ستكون أشد إيلاماً إلى ذلك، توقّع الخبير اللبناني أن تكون أهداف الجيش اليمني واللجان الشعبية اللاحقة أشد إيلاماً من سابقاته .

وقال من خلال المسار المتواصل والمتصاعد لمستوى الأهداف الإستراتيجية والحساسة التي تم استهدافها، ومن خلال مصداقية التحذيرات اليمنية ضد العدوان، أصبحنا نتوقع أن تكون الأهداف اللاحقة أكثر إيلاماً وتأثيراً على العمق السعودي وعلى مكامن قوته الاقتصادية والعسكرية، ومن خلال مسار التطوير الذي أثبتته وحدات التصنيع الحربي اليمنية، في الصواريخ الباليستية والطيران المسير ومؤخراً في الدفاع الجوي، إذ بد أن العام الحالي هو عام الدفاع الجوي، لذا يمكن أن نتوقع إدخال قدرات أكثر تطوراً في تلك الأسلحة في المدى وفي القدرة التفجيرية وفي دقة اللإصابة، ولا يمكن استبعاد إدخال صورايخ بحرية متطورة في المعركة” .

قرار إيقاف الحرب ليس بيد “السعودية” الخبير العسكري نوّه إلى أن قرار “إيقاف حرب اليمن ليس بيد (السعودية)، انطلاقاً من مصلحة الولايات المتحدة الأميريكة التي تستفيد من حرب اليمن لناحية صفقات الأسلحة، وطالما أن واشنطن تجد في هذا العدوان أو الحرب المفتوحة في المنطقة فرصة للضغط على اليمن وبالتالي على محور المقاومة وخاصة على ايران أعتقد أن قرار الحرب هو بيد واشنطن وليس بيد الرياض، ولو كان العكس، كانت (السعودية) أوقفتها منذ زمن،

حيث نجد أنها تتكبد خسائر مهمة يوماً بعد يوم من جراء تورطها في هذا العدوان، وهي عملياً تخسر الكثير على جميع الأصعدة الداخلية والإقتصادية والعسكرية والمعنوية. من هنا سوف تحاول واشنطن الابقاء على هذه الحرب ولكن بشكل فرض توازن معين لابعاد الانهيار عن السعودية، وذلك من خلال تزويد الرياض تباعا بالاسلحة والقدرات الغالية الثمن، هذا عسكرياً.

ومن ناحية أخرى سوف تحاول دائماً دعم ومساندة (السعودية) في المحافل الدولية، لإبعاد ضغوط المجتمع الدولي عنها لإيقاف عدوانها على اليمن”، ينهي الخبير كلامه .