نداء عاجل لمن يهمه الأمر:
قبل وقوع الفأس على الرأس “حرب ناعمة من نوع آخر”.. “مصنع إسمنت باجل نموذجاً يحط الرحال عند السيد القائد بعد ساحات الثورة والإعلام والقضاء ورئاسة الجمهورية “وثائق حصرية”

المشهد اليمني الأول – تقرير خاص

وسط مؤامرة كبيرة تتعرض لها الجمهورية اليمنية أرضاً وإنساناً من قوى الإستكبار العالمي، ويتم فيها إستهداف الهوية الإيمانية بحرب ناعمة شعواء، يتعرض القطاع الصناعي والإنتاجي في الملف الإقتصادي لهجمة عدوانية خطيرة لا تقل ضراوة عن الهجمات العسكرية والحرب الناعمة.

المشهد اليمني الأول يلقي الضوء على نموذج هام من القطاع الصناعي والإقتصادي في البلد يتعرض لهجمات ممنهجة منذ سنوات. وسط تراخي من السلطات في المجلس السياسي الأعلى، موجهاً الـ نداء للجهات المعينة وقيادة الثورة بعمل اللازم لإيقاف ما يُراد له أن يكون.

تدمير ممنهج للإقتصاد الوطني

مع توقيع المبادرة الخليجية عقب ثورة 2011م تعرضت كافة مؤسسات الدولة لحرب تدميرية شعواء تنتهي برهن اليمن أرضاً وإنسان وعسكر وثروات في أيدي الوصاية الدولية.

تجلت أبرزها بتدمير المؤسسة العسكرية بالهيكلة وتدمير القدرات العسكرية و”دعشنة” الجهاز الأمني والعسكري.

ثم عكفت حكومة الوفاق الوطني بقيادة عملاء على إغراق مؤسسات الدولة بالعجز والتدمير الممنهج من خلال قروض البنك الدولي.

وإستخدام تلك القروض بإنشاء مشاريع غير إنتاجية بهدف إغراق الدولة بالديون وإسقاطها لقمة صائغة للإستكبار العالمي.

ويتم ذلك بفرض إتفاقيات نهب الثروات وفرض سياسة خارجية منبطحة وعميلة.

قانون الشراكة حرب ناعمة من نوع آخر

إلى جانب القروض ظهر مصطلح “قانون الشراكة” الذي أصدرته حكومة “باسندوه” بهدف إدخال عائلات تجارية موالية للغرب والإستكبار تضمن تدمير ما تبقى من معاني الدولة السيادية.

وعلى الرغم من تجميد الحكومة آنذاك للقرار بعد مظاهرات ومظاهر نداء قادها إتحاد عمال اليمن لإيقافه لخطورته على القطاع العام، إلا أن القرار كان في المضي من تحت الطاولة بمسميات واجراءات عديدة.

مثلما مُنح المرتزق “حميد الأحمر” شريك شركة أركاديا، حق تسويق مبيعات اليمن من النفط الخام “المسيلة” بواقع 3 مليون برميل.

وواصلت قوى النفوذ والهيمنة وأدوات الخارج في الداخل تدمير الإقتصاد الوطني بالتخريب المتعمد للقطاع العام، للوصول به إلى مرحلة الشراكة مع القطاع الخاص.

ومن أمثلة ما تعرض لهذا التخريب كانت مصانع الإسمنت في البلد، وبشكل خاص مصنع إسمنت باجل.

تغلغل مشبوه لصالح مجهولين

مثلما تأتي مسميات الحرب الناعمة لغزو الثقافة الإيمانية للشعب اليمني، يتم غزو العقول والدولة بحرب ناعمة إقتصادية من نوع آخر، بهدف إدخال قطاع خاص موالي للإستكبار العالمي في القطاع العام الوطني.

ومن تلك المسميات والأساليب أن سبب إشراك القطاع الخاص هو أن المنشأة فاشلة.

ومسميات أخرى أن الدولة تعاني من فجوة مالية وعاجزة عن التمويل، أو إشراك قطاع خاص تحت بنود وآلية صارمة تكون تحت سيطرة الدولة، وأنه لا حل سوى إشراك القطاع الخاص.

كل تلك المزاعم غير صادقة، إلا إذا كانت تحت رقابة شعبية ونقابية صارمة تخضع بدورها لقانون ملزم.

بحيث يضمن عدم ترجيح الكفة على القطاع العام الوطني، إذا لم يتم تجاوز هذا الحل بحلول أخرى متاحة.

فبالإمكان تمويل تكاليف التشغيل من القروض الوطنية أو بإشراك مجتمعي ولفترة محددة ريثما تتجاوز المنشأة مرحلة العجز.

هذه العناوين العامة، أما الخاصة بعقد شراكة تخرج المنشأة بموجبه من قانون المؤسسات العامة إلى قانون الشركات الخاصة.

وبالتالي عدم خضوع المنشئات لأجهزة الرقابة، الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة والهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد.

كما تعفي المؤسسة من إلتزاماتها تجاه الدولة والمواطن، بالإضافة إلى عدم الإلتزام بصيانة المعدات والتحديث.

بشكل أوضح “يعني ربح فقط”.

وبعد ثورة 2014م جائت حكومة الشراكة بنفس النوايا بقيادة خالد بحاح، في ذلك الوقت أرسلت الحكومة اليمنية بعثات إلى الولايات المتحدة الأمريكية بهدف الترويج والتهيأة للشراكة بإضفاء مميزات الشراكة بين القطاع الخاص والعام في لقاءات يدعمها البنك الدولي.

ولم يتم إقرار القانون رسمياً آنذلك، حتى تم إقراره اليوم للأسف من قبل مجلس النواب في عهد حكومة الإنقاد اليوم.

وحتى اليوم لم يُنشر تفاصيل ذلك القانون، ونتمنى أن لا يكون قد أصدر بالفعل قرار جمهوري من المجلس السياسي الأعلى لشرعنة ذلك.

حمران العيون

في عام 2010م وفي صحيفة الثورة الرسمية كتب الدكتور عبد العزيز المقالح مقال أورد فيه أن “حمران العيون” من أبناء جلدتنا يسعون لذبح مصنع الغزل والنسيج كمقدمة لذبح مصانع الإسمنت الحكومية.

ويعتبر مصنع الغزل والنسيج في صنعاء هو أول مصنع في شبة الجزيرة العربية تم افتتاحه في عهد الإمام أحمد بن حميد الدين 1961م.

وكذلك مصنع الغزل في باجل الذي تم تشييده بالقرب من وادي سردود، حيث زراعة محصول القطن المادة الخام.

وفي العهد الجمهوري لانظمة العمالة لأمريكا والسعودية تم نهب مصنع باجل من كل المعدات والصفيح فأصبح أثر بعد عين.

وكاد مصنع صنعاء أن يلحق به، وحكومة الإنقاذ في صنعاء الثورة اليوم تنقذه من مذبحة مؤكدة.

ففي تاريخ 17 مارس الماضي وبعد 15 عاماً من توقيف مصنع الغزل والنسيج تم إعادة تشغيله من جديد.

لكن مطلع إبريل 2020م الحالي تم توقيع الشراكة بين مصنع النسيج والقطاع الخاص، في خطوة منقوصة الشفافية لبنود الشراكة.

الإسمنت بعد الغزل والنسيج

وبالمثل مصنع أسمنت باجل القلعة الإقتصادية الأولى في شبه الجزيرة العربية، فسنوات التأسيس تعود الى عهد الإمام أحمد وتوقيع الإتفاقية في عهد المشير السلال، ووضع حجر الأساس والإفتتاح في عهد القاضي عبد الرحمن الإرياني مارس 1973م، وافتتاح الخط الثاني في عام 1984م، وكان من المتوقع إفتتاح الخط الثالث في إبريل 2014م.

لكن “حمران العيون” بعرقلة التشغيل وتقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة الحديدة يحمل رئيس مجلس الإدارة السابق “ع ع ج” المسؤولية.

في حين تم توقيف الخط الأول والثاني عن الإنتاج في سبتمبر 2009م، بمبرر إرتفاع أسعار وقود الأفران “المازوت”.

وحينها وبالرغم من وجود رصيد مالي للمصنع بالمليارات ورصيد مالي للمؤسسة بعشرات المليارات -حسب تقارير الأجهزة الرقابية- لم تكلف الإدارة نفسها بتغيير منظومة الإحتراق من المازوت مرتفع الثمن إلى الفحم الحجري رخيص الثمن أو إستيراد المادة الخام من الخارج وتحقيق أرباح مؤكدة كما فعل القطاع الخاص.

وبدلا من ذلك تم إستنزاف المركز المالي للمصنع بالمليارات، ثم التطفل على المركز المالي لمصنع إسمنت البرح ومصنع عمران.

وكانت النتيجة كارثية بإغراق المصنع بديون أكثر من قيمته، وتقارير الأجهزة الرقابية ترصد المخالفات والجرائم الفنية والمالية الجسيمة.

بعض تلك الجرائم وجد طريقه إلى النيابات ومحاكم الأموال العامة في صنعاء والحديدة والمتهمين في قفص الإتهام.

نهج واحد بقصد أو بدون قصد

في عام 2016م وصل ممن ينتمون إلى أنصار الله إلى مراكز القرار في المؤسسة اليمنية العامة لصناعة وتسويق الأسمنت.

ومصنع إسمنت عمران يتجاوز العدوان وينجوا من المذبحة ويتمكن من التشغيل وبكامل الطاقة الإنتاجية.

وتمكن من الوفاء بكل حقوق ومستحقات العمال وقدم خدمات للمجتمع والنازحين، وعلى وشك تغيير منظومة الإحراق من المازوت إلى الفحم الحجري لتخفيض تكاليف الإنتاج.

فيما مصنع إسمنت باجل تم الإكتفاء بتشغيل طاحونة إسمنت فقط من أصل ثلاثة في أكتوبر 2018م.

تم ذلك بطحن المادة الخام المشتراه من مصنع إسمنت عمران وبسعر أغلى مما لو تم الشراء من الخارج.

وتم الإكتفاء بالإنتاج بنسبة 30% فقط، والنفقات لاتغطي الإيرادات، ولم يتم الايفاء بمستحقات وحقوق العمال وخدمات المجتمع.

وكان من المتوقع في عام 2019م وصول المادة الخام “الكنلكير” والمستوردة خصيصاً لمصنع باجل، والتشغيل وتحقيق أرباح مؤكدة وعبر المتعهد “ق” حسب العقد المبرم معه.

ولكن “حمران العيون” كان لهم رأى آخر، فتبخرت السفينة في البحر وتجاوزت مصنع باجل للقطاع الخاص.

وفي يناير 2020م حصلت قيادة المؤسسة على قرارات مُلزمة بتشغيل الخط الثالث الجديد الصيني، وحتى تاريخه لم يُرى دوران عجلة التنمية في مصنع إسمنت باجل.

فالقطاع الخاص الذي دخل مجال صناعة الأسمنت في 2007 م يسعى للسيطرة على ممتلكات خام مصنع باجل، فهي تتمتع بمواصفات عالمية من حيث احتوائها على مادة الكلس المناسبة لصناعة الإسمنت.

تخريب ممنهج

في هذا الصدد إلتقى المشهد اليمني الأول مع نائب مدير الخدمات في مصنع إسمنت باجل المهندس عبدالرحمن محمد عبدالقادر أنعم، والمجاهد حالياً في أحد الأقسام العسكرية، والذي أوضح عبر نداء له ملخص ما حل بالمصنع من تدمير ممنهج وأرسل مناشدات للقيادة السياسية في المجلس السياسي الأعلى، دون تلقيه التجاوب المسؤول لإنتشال مصنع إسمنت باجل من مذبحة محققة.

يوضح أنعم في معرض نداء لنقابة المهندسين ونقابة عمال وموظفي مصنع أسمنت باجل، وبالـ نداء الموصول للسيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، أن “ما تم في مصنع إسمنت باجل من تخريب مالي وتعطيل الإنتاج وتخريب فني خاصة في مجال الطاقة الكهربائية وعرقلة تشغيل مشروع التوسيع الخط الثالث” كان بفعل فاعلين، يهدف إلى الوصول بالمصنع لمرحلة العجز المالي، وبالتالي فرض الحل “بالنوع الثالث من الخصخصة الشراكة مع القطاع الخاص حسب قانون الشراكة”.

ويشير نائب مدير الخدمات في المصنع وفي نداء معزز بوثائق أُرسلت لرئيس المجلس السياسي المشير مهدي المشاط بخصوص إعادة تشغيل المصنع المتوقف منذ سبتمبر 2009م، إلى تقدمه برفقة زملائه من مصنع باجل برؤية للمجلس السياسي لإنتشال مصنع إسمنت باجل من المصير المخطط له بنقله من ملكية الشعب والدولة إلى ملكية القطاع الخاص وما لذلك من فقدان مكتسبات عده للموظفين والمجتمع المجاور وحتى الدولة بفعل فاعلين كبار، لافتاً لعدم التوفق حتى الآن بالإستجابة المسؤولة.

وصول مقلق إلى مرحلة الشراكة 

يقول أنعم أن التحذيرات السابقة منذ العام 2011م من الوصول لهذه المرحلة تحققت اليوم بإقرار هذا القانون، في حين لا يُعرف ما هي الخطة لتطبيقه على مصنع إسمنت باجل والتوسعة التابعه له، مضيفاً بأن مصنع إسمنت عمران خرج من هذا المصير، فيما القيادة الحالية للمؤسسة العامة لصناعة وتسويق الإسمنت تسير نحو هذا الطريق بالنسبة لمصنع إسمنت باجل “بقصد أو بغير قصد”.

ويستند للواقع بعدم التشغيل الكلي أو الجزئي بالكنلكير المادة الخام المستوردة خصيصاً لمصنع إسمنت باجل والتي ذهبت للقطاع المنافس بدلاً من مصنع باجل، بعد تعب وعناء بالحصول على موافقة الأمم المتحدة وتحييد المصنع من العدوان.

ويوضح أن الإدارة الحالية إكتفت بطحن إنتاج مصنع عمران بتكاليف مرتفعة بالمقارنة مع الإستيراد.

معتبراً ذلك “دليل واضح للوصول إلى نقطة المصنع فاشل والحل إشراك القطاع الخاص”.

مؤكداً أن ذلك هو “نفس الأسلوب السابق للإدارات السابقة مع أفضلية للإدارة الحالية بتشغيل طاحونة واحدة فقط من أصل ثلاث طواحين تحقق الطموح المطلوب”.

فساد بالوثائق الدامغة

أكد المهندس عبدالرحمن أن مايمتلكه من وثائق تخريب وتعطيل وعرقلة من عام 2007م حتى اليوم يثبت مايراد له أن يكون.

مشيراً إلى أن بعض هذه الوثائق وجد طريقه إلى نيابات الأموال العامة في الحديدة وصنعاء ومحكمة الأموال الحديدة، بتوفيق ذاتي مع ثلاثة من الموظفي هم “عيون والرعوي والأهدل”، معتبراً أن هذا العمل وفق الوثائق كان عمل “ممنهج ومبرمج بغض النظر عن اللون السياسي لقيادة المؤسسة من 2007م حتى تاريخه”.

مصنع باجل يحط الرحال عند السيد القائد

يرى أنعم أن الحل ممكن عبر “إجتماع مشترك بين النقابتين للتشاور وإعداد بيان و نداء إستغاثة لقائد الثورة السيد عبد الملك بن بدر الدين الحوثي يحفظه الله وينصره لإعادة تشغيل المصنع بالخطوط الثلاثة وبإمكانيات وتمويل الدولة وإبعاد شبح القطاع الخاص عن المصنع”.

ويبين أنه “إذا كان لابد من الشراكة للتشغيل فعلى النقابتين الطلب بوجود ممثل للعمال ضمن فريق التفاوض مع القطاع الخاص ولوضع شروط تحفظ حقوق الموظفين وتضمن صيانة وتحديث المعدات، بعيداً عن هيمنة قيادة المؤسسة”.

وأن “يتضمن البيان نص صريح يدعو إدارة مصنع إسمنت باجل المدير العام والمدراء بعدم التوقيع على أي إتفاقية مقبلة تهدر الحقوق والمكتسبات تحت طائلة المسؤولية القانونية”.

موضحاً أن: “المصنع ملك للشعب والدولة الممثلة بالنظام والدستور والقوانين ذات العلاقة وليس ملك للألوان السياسية والأشخاص، فالإتحاد قوة بإشراك المجلس المحلي ونواب المنطقة بالتوقيع على البيان والـ نداء للسيد القائد باعتبار أن المصنع قدَّم ويُقدم خدمات للمجتمع المجاور لا يقدمها القطاع الخاص، كالمياه والكهرباء والتعليم والصحة وحتى الرياضة والشباب والنازحين”.

المسؤولية جماعية

يتضح للمراقب أن “قضايا تخريب المصنع منذ أعوام في القضاء والـ نداء لرئيس المجلس السياسي دليل مساعد وقوي بأن ما جرى في المصنع مقصود ومتعمد، فكل ما حدث وجرى تم تحت سمع وبصر الدولة وعليها تحمل المسؤولية”.

ويؤكد أنعم أن المسؤولية مشتركة بين العمال والدولة “فالمواطنة واجبات ومسؤولية وليست حقوق ومستحقات فقط”.

محذراً من العواقب بالإسترشاد بموقف بني إسرائيل مع نبي الله موسى عليه السلام، عندما قالوا “ادعوا لنا ربك”، “إذهب أنت وربك فقاتلا إن ها هنا قاعدون”، فاستحقوا ما استحق بني إسرائيل لعن وغضب وشتات.

وقد حصل موقع المشهد اليمني الأول على نص الـ نداء الموجه للمجلس السياسي الأعلى.

ويتضمن الـ نداء معوقات التشغيل ورؤية لإنتشال المصنع من التعثر والتعطيل المتعمد، بالإضافة لمخالفات ومرفقات للتوسيع الخط الثالث لمصنع إسمنت باجل.

رابط تحميل ملف الرؤية والمقترحات – عدد 55 صفحة

https://cutt.us/QFVvh