مقالات مشابهة

ما الفرق بين اللقاح والعلاج؟ وما تفاصيل العلاج لمحاربة “كورونا”؟

المشهد اليمني الأول/

منذ اندلاع أزمة فيروس “كورونا” حول العالم، ونحن نسمع عن كم من الأخبار التي تُفيد عن تطوير لقاح هنا أو اكتشاف علاج جذري هناك. هذه الأخبار تتصدّر لأهميتها عناوين النشرات الاخبارية، لا بل تصل على هيئة أخبار عاجلة على الهواتف. لكن سُرعان ما تتبخّر تلك المعلومات في الهواء ويتبيّن بعد فترة وجيزة مجموعة حقائق تتعلّق إما بعدم فعالية هذا اللقاح أو العلاج بعد إجراء التجارب عليه، أو بتمكن بعض العلاجات من شفاء حالات معينة دون أخرى، أو بشائعات وإيحاءات كاذبة تُبث في سياق التناطح الدولي للفوز بشرف التغلب على “كورونا”.

الطبيب الفرنسي راوول ديدييه كان من أوائل الذين ضربوا المواعيد للتغلب على الفيروس واختفائه، تارةً عبر إشارته الى أهمية دواء الهيدروكسيكلوروكين في العلاج، وتارةً أخرى عبر ترجيحه اختفاء الفيروس خلال فصل الربيع. وحتى الساعة، لا يزال الفيروس موجودا في العالم، يصيب أعداداً كبيرة، ويحصد حياة كثر. طبعاً لا بد من الإشارة في هذا الصدد الى أنّ طبيعة فيروس “كورونا” وهيكليته لا تزال حتى اليوم في جزء مهم منها غامضة، وهو الأمر الذي يُصعّب المهمة ويجعل مسألة ضرب المواعيد القصيرة لتطوير اللقاحات ضرباً من الخيال.

إلا أنّ ذلك لا يعني حُكماً أن تقف الدول مكتوفة الأيدي بانتظار أن يهبط عليها اللقاح او العلاج فجأة. والحق يُقال بغض النظر عن الأهداف الكامنة لدى أي دولة وراء البحوث والتجارب إلا أنّ هناك جهدا جبارا يُبذل في هذا المجال. ولبنان ورغم الإمكانيات البسيطة، لا بل شبه المعدومة كان على لائحة تلك الدول التي اجتهد باحثوها في رحلة المواجهة مع “كورونا” حتى سجّلوا إنجازاً علمياً سيكون قيد التجارب في المختبرات الأوروبية. فماذا يقول نائب رئيس لجنة علماء لبنان لمكافحة الكورونا (lscc) والمتخصّص في علوم الجزيئيّات الذرية والنانوتكنولوجيا الدكتور محمد حمية لـ”العهد” عن هذا الإنجاز؟.

الفرق بين اللقاح والعلاج

قبل الحديث عن الإنجاز اللبناني، لا بد من تعريف كل من اللقاح والعلاج، خصوصاً أن هناك لغطا لدى البعض في التمييز بينهما. وفي هذا الصدد، يقول الدكتور حمية إنّ اللقاح هو أن نجد الهيكلية المضادة للبروتين الفيروسي، وهذا ما لم يتم التوصل اليه حتى الآن في أي دولة من دول العالم. أما العلاج وبغض النظر عن الهيكلية المضادة فهو تركيبة معينة من الممكن أن تحوي هذا الفيروس وتبعده عن الخلايا الرئوية. بمعنى أن الفيروس يبقى ولكن يجري إبعاده عن الخلايا الرئوية، وهذا يسمح بإعادة الأوكسيجين الى الدم، ما يقوي مناعة الانسان للسيطرة على الفيروس. يؤكّد حمية أنّ العلاج وعلى عكس اللقاح موجود، في الصين مثلاً يوجد علاج، اذ إنّ الاصابات ارتفعت لمدة 35 يوماً، ومن بعدها مضى 50 يوما شهدنا خلالها ثباتاً في الأرقام حيث كان ارتفاع الاصابات يسير بشكل بطيء جداً، وحالات الشفاء تزداد بسرعة.

ويوضح حمية أنّ بدايات الحديث عن علاجات كانت في فرنسا مع راوول ديديه الذي تكلّم عن أهمية الهيدروكسيكلوروكين الذي يحتوي على كلور معين. هذا الكلور كان ممنوعا في فرنسا، إلا أنه وبنتيجة ظروف كورونا جرى إقرار هذا الدواء الذي واجه فيما بعد اعتراضا كاملا وقيل أنه المسبب لحالات الوفاة بفيروس كورونا، وقد تطورت هذه الفضيحة في فرنسا. وفي المقابل، جرى الحديث عن تطوير لقاح في بريطانيا لكنه لم ينجح، اذ ومن أصل الآلاف المؤلفة نجح على المئات وهذا لا يعد نجاحاً.

لا تنتظروا صدور لقاح خلال شهر أو ثلاثة

وفي معرض حديثه عن اللقاحات، يجد حمية من المفيد أن نستعيد تجربة عام 2001 والتي ظهر فيها فيروس “ميرس كورونا” (MERS-CoV). هذا الفيروس لغاية الآن وبعد مرور 19 عاماً لم يتم العثور على لقاح له، وهو أدى حينها الى إصابة نحو 4000 شخص، وكانت الأرقام مضبوطة في العالم، ليس كما اليوم. ولكن بغض النظر عن الأعداد، لم يتمكّن العالم من العثور على لقاح له، عكس “الايبولا” الذي وجد له لقاح عام 2011. لذلك فإنّ الفيروسات -وفق حمية- تحوي مسلكين؛ إما أن نجد لها لقاحا، وإما أن لا نجد. ويُشدّد حمية على أنّ الناس يجب أن لا تترقّب إيجاد اللقاح خلال شهر أو شهرين أو ثلاثة أشهر، فعمر اللقاحات -وفق حمية- ليس أقل من عام، بل إن هناك فيروسات تستغرق عشر سنوات حتى نتمكن من العثور على لقاح لها، وهناك فيروسات لا يوجد لها لقاح، وكل ذلك متعلّق بالهيكلية البروتينية لكل فيروس.

ما الفرق بين اللقاح والعلاج؟ وما تفاصيل العلاج اللبناني لمحاربة “كورونا”؟

في حال توصلنا الى لقاح اليوم قد لا يصبح فعالاً في الغد!

وفي هذا الصدد، يؤكّد حمية أنّ فيروس كورونا المستجد معدّل مخبرياً وبأيدٍ بشرية من تاريخ كانون الأول 2019. وفق قناعاته، فإنّ المختبرات التي عملت عليه هي ما بين أميركا، فرنسا، الصين وألمانيا. لكنّ المفاجأة تكمن في أنّ هذا الفيروس اليوم يُعدّل تلقائياً، وهنا كانت الصدمة لأنه عندما دخل الى جسم الانسان تأقلم مع الخلايا الرئوية وخرج عن السيطرة، وكل يوم يغيّر بهيكليته، ما يعني أننا وفي حال توصلنا الى لقاح اليوم، في الغد قد لا يصبح فعالاً. حتى أن اللقاح التجاري والذي ينتظره العالم فإنه لا يزال حتى الآن غير موجود.

لبنان توصّل الى معرفة هيكلية البروتين الفيروسي بنسبة مهمة

ماذا عن لبنان؟، يوضح حمية أن لبنان بدأ بدراسة “الكوف” مع بداية ظهوره في ووهان الصينية، وذلك من ضمن هيكلية دراسة الفيروسات التي نعنى بها. وصادف أن انتشر في لبنان وتسلمنا هذا الملف وتمكنا منه خلال شهرين، وفي الشهر الثالث وضعنا الاستراتيجية للعلاج، حيث توصلنا الى معرفة هيكلية البروتين الفيروسي بنسبة تتراوح بين الـ40 الى 50 بالمئة، اذ تمكّنا من فهم الفيروس والتعديلات التي أدخلت عليه. هذه النسبة -وفق حمية- كانت كافية وسبق فيها لبنان حتى ما توصل اليه ديديه الفرنسي وبريطانيا. ويشير المتحدّث الى أنّ لبنان كان من أوائل البلدان التي تكلمت عن الهيكلية، لكننا توصلنا الى حقيقة أن هذا الفيروس ليس من الممكن أن يصنع له لقاح لأنه يحتوي على عامل مخبري معدّل.

علاج وقائي للفيروس في مراحله الأولى

ويتحدّث حمية عن العلاج اللبناني لمواجهة “كورونا”، فيؤكّد أنّنا وفي لجنة علماء لبنان لمكافحة كورونا توصلنا الى استراتيجية علاج وقائي للفيروس في مراحله الأولى. ينتقي حمية كلماته وعباراته بدقه ويُشدّد على أنها استراتيجية علاج لمراحل العدوى الأولى. ومن منطلق الجرأة والصراحة العلمية، يؤكّد المتحدّث أننا لم نتوصّل الى علاج قاطع أي عندما يكون الفيروس متملكا بالمصاب، لكن توصلنا الى علاج للمراحل الأولى. وهذا الأمر يصفه حمية بالانجاز في لبنان يجب الإضاءة عليه، خصوصاً أننا وبإمكانيات شبه معدومة سيكون بإمكاننا منع الفيروس من النزول باتجاه الرئة، ومداواة الأفراد لمجرد أن نكتشف الاصابة. ويُشدّد حمية على أن هذا العلاج هو عامل فعال ونحن بصدد تطويره أكثر مع الدول الأوروبية.

ما المبدأ الذي يقوم عليه العلاج؟

حمية الذي لا يستطيع أن يكشف الكثير عن هذا العلاج الوقائي الذي أطلق عليه اسم “troy3” نسبة الى حصان طروادة وهو الفخ الذي وضع لاقتحام حصن طروادة، يلفت لموقع “العهد” الإخباري الى أننا وبهذا العلاج نضع فخاً لهذا الفيروس بحيث نُدخل الى داخل الجهاز التنفسي البشري، عبر الاستنشاق التنفسي، خلايا صناعية جزئية وليست بشرية تحمل هيكلية تشبه هيكلية الفيروس، ما يؤدي الى التصاق الفيروس كبروتين جرثومي بهذه الخلايا، ومن ثمّ نتخلّص من الخلايا الصناعية عبر طرق محددة ومعينة لإبعاد الفيروس عن الرئة. وبحسب حمية، فإنّه وبمجرد أن يبتعد الفيروس عن الرئة يعود الأوكسيجين بمعدل كاف الى الدم والرئة، مما يقوي مناعة الانسان لإعادة الهيكلية من جديد والتخلص بمفرده من الفيروس. هذا العلاج -برأي حمية- فعال، لكن كيفية صناعة هذه الخلايا وما هي وما المحاور التي دارت حولها، هذه الأسئلة ستتم الإجابة عليها في المزيد من الدراسات القادمة.

ويوضح نائب رئيس لجنة علماء لبنان لمكافحة الكورونا أنّ العلاج يعمل تبعاً لمبدأ أنّ الاصابة لا تحصل تلقائياً في الرئتين، بل تمكث في الحنجرة والقصبة الهوائية لمدة ثلاثة أو أربعة أيام، وهنا نلعب دورنا بحيث ومجرد أن يتبينّ في فحص الـpcr وجود الاصابة، نقوم بعملية استباقية وقبل أن تنزل الاصابة الى الرئتين، نسارع الى إدخال الخلايا الصناعية الى هناك، ونبدأ في الوقت نفسه بالعلاج في القصبة الهوائية. أما ما مدى الفعالية؟ يسأل حمية ويجيب على نفسه بالاشارة الى أنه وكلما يمضي يوم تزداد أبحاثنا ويزداد التأكيد بأن هذه الدراسة فعالة، فهي لم تطرح لأنها ليست فعالة، بل لأنها وجدت على مبادئ علمية وجرى الاعتراف بها، بحيث تراجعت منظمة الصحة العالمية في بعض الأمور ووجدوا أن هناك أمورا مهمة جداً بداخلها. ويلفت حمية الى أننا ولكي نطبّقها نحتاج الى حوالى الشهرين، اذ لا بد من إيجاد بعض الأمور التي تدخل في هذا العلاج. وفق حمية، فإنّ المصاب وخلال تلقيه العلاج يتعرّض لحقل مغناطيسي معين وهناك جلسات معينة يقوم بها المصاب على ثلاث أو أربع مراحل لينتهي من العلاج كالجلسات المغناطيسية لمرضى السرطان. هذا الحقل موجود، ولكن يُعدّل عليه للمساعدة في هذا العلاج.

والجدير ذكره أنّ مصلحة حماية الملكية الفكرية في وزارة الاقتصاد والتجارة في لبنان كانت قد منحت الباحث حمية وهو متخصص في علوم النانو تكنولوجي، والباحث في علم الجينات السرطانية والجرثومية الدكتور مازن التامر، والباحثة في علم الميكروبيولوجي الدكتور ماري ضومط براءة اختراع تركيبة العلاج المذكور لمدة عشرين عاماً تبدأ من تاريخ إيداع الطلب المقدم في 22 نيسان الماضي. وفي هذا الصدد، يؤكّد حمية حيازة الباحثين على حماية الملكية الفكرية العالمية (pct) بالتعاون مع مُنظّمة الصحة العالمية في فرنسا، وليس مع لبنان لأسباب تتعلّق بعدم توقيع لبنان على معاهدة التعاون بشأن البراءات (pct). برأي حمية، يكفي أنّنا أنشأنا هذه الاستراتيجية من لبنان، وهذا بحد ذاته إنجاز. ويُشدّد على أنّ الباحثين عملوا بدافع وطني، ومعظمهم يمتلك الجنسية الأخرى وقد جرت مطالبتنا من قبل المختبرات عبر البريد الالكتروني بالعودة الى الخارج مع تحفيزات، لكننا أبينا جميعا أن نسافر ونترك وطننا.

الخطوات اللاحقة بشأن العلاج

ما الخطوات اللاحقة بشأن العلاج اللبناني؟ يشير حمية الى أنه وفي علم اللقاحات، عندما نسمع أنّ هناك لقاحاً معناه أنه أصبح لدينا تجارب. أما في علم العلاجات، فالشركات العالمية هي التي تقوم بالتجارب. وهنا يوضح حمية أن التجارب تتخّذ محورين، إما أن تكون سريرية أو مخبرية. في العلاجات تقام التجارب المخبرية أولاً لمعرفة ما إذا كانت التركيبة تحمل أذى على صحة الانسان أم لا، ومن ثم يطبّق على الانسان. لذلك لا يزال العلاج الذي اكتشف لبنانياً في المختبرات ولم يطبق على أي انسان. ولا ننسى -يقول حمية- أنّ معركتنا مع العلاج عمرها شهران فقط، وهذه المعركة قد تمتد بالحد الأدنى الى عام. ويوضح حمية أن الأبحاث ستبقى مستدامة لأنّ الفيروس سوف يعيد هيكليته ويعود بطريقة أخرى في السنوات القادمة، ولكن سيبقى من نفس العائلة “الكوف”. لذلك، فإن العلاجات اليوم لا تتم سريرياً قبل أن نتأكد مئة بالمئة أن لا ضرر على جسم الإنسان. ويلفت المتحدّث الى أنّنا نتواصل مع الشركات الدولية ومن ضمنها شركة “بيل غيتس” لمعرفة الطروحات التي وضعتها لإجراء التجارب المخبرية عليها وانهائها، وإن شاء الله وبعد إنهاء التجارب المخبرية تتضح الصورة أكثر، وهذه المرحلة سنعلن عنها.

ويُشدّد حمية على أن هدفنا من خلال الأبحاث العلمية هو وضع لبنان على السكة العلمية، وأن لا ننتظر اللقاح كي يأتينا من الخارج. برأي حمية، حتى ولو لم نتوصل الى شيء، علينا أن نضع لبنان على السكة كي يبحث وينتج، فإذا توصلنا الى نتيجة نصيب، واذا لم نتوصّل فهذا الأمر سيكون مثارا للتطوير لاحقاً. اليوم، حتى ولو كان العلاج على يد لبنان أو يد أي دولة ثانية، فنحن نكون قد وضعنا لبنان على سكة الانتاج لأنه لم ينتج بحثا واقعيا فعالا مع أن لدينا طاقات مختبئة وكوادر ، وهذا لا يقف عند “الكوفيد 19” اذ إن هناك الكثير من الامور البحثية.

ويُلخّص حمية حديثه عن الانجاز اللبناني بالقول: هناك من أنتج علاجا وقائيا وليس بلقاح في لبنان، وهذا يحتاج الى المزيد من الأبحاث والإصرار والمتابعة، ولا بد من التضحية لنعيد لبنان إلى السكة العلمية في مجال الابحاث العلمية الجريئة (الفيروسات، والنانو تكنولوجيا). هذه العلوم الحديثة التي حرم منها الشرق الأوسط ولبنان لعقود.

وفي الختام، يلفت حمية الى أنّ كافة الدول اليوم تتناطح لتقول لدينا لقاح وهذا الأمر -برأيه- أضحى سياسياً، فمنذ اليوم الأول قالوا عثرنا على لقاح، وعقبها جرى النفي لتتصاعد أرقام الاصابات بسرعة. ووفق دراسة أنجزها حمية يعلن فيها عن وجود لقاحات في مختبرات سرية بالعالم. وفق قناعاته العلمية فإنّ من عدّل في هذا البروتين الفيروسي يستطيع أن يخلق لقاحا له منذ اللحظة الاولى، ولكن لكي نعرف أين موجود يجب أن نعرف من الذي عدّل، وحتى الآن لا دليل قاطعا على ذلك، رغم أن كافة البراهين تقول إن هناك 4 أيادٍ: أميركية، فرنسية، ألمانية وصينية، ودراسات السنوات القادمة ستظهر لنا من كان يمتلك اليد الطولى في هذا الفيروس. يصر حمية على قناعته بأنه وقبل عام لن يصدر لقاح في العالم، وفي المقابل يصر على طرح السؤال الآتي: ألا يوجد لقاح مختبئ في مكان ما في العالم لا يظهر الا باتفاقات دولية بين البلدان الكبرى؟.