مقالات مشابهة

جرائم العنصرية في أمريكا.. سلوك إجرامي لم يغيره الزمن

المشهد اليمني الأول/

جريمة قتل جورج فلويد بطريقة وحشية على يد الشرطة الأمريكية في مدينة مينيابوليس، وما يحدث في المدينة حالياً من اضطرابات رفضاً للسياسية العنصرية التي تتبعها الولايات المتحدة الأمريكية، تعيد إلى الأذهان أحداثا و جرائم عنصرية عدة حصلت في الأعوام الماضية، نتيجة التحريض الدائم الذي يحصل ضد أصحاب البشرة السمراء.

وعلى الرغم من أنه تمّ حظر التمييز العنصري الرسميّ بشكلٍ واسعٍ في منتصف القرن العشرين وأصبح يُنظر إليه على أنّه غير مقبول اجتماعيا وأخلاقيّاً، ولكن تبقى السياسة العنصريّة ظاهرة كبرى، ولا تزال العنصرية تنعكس في عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية.

تاريخ الولايات المتحدة مليء بالحوادث والعنصرية، وبعد عشرات العقود من العزل العنصري وأكثر من عشرة أعوام من النضال تحت قيادة مارتن لوثر كينغ، تم إلغاؤه، فخرجت مسيرة كبيرة للمطالبة بالحقوق المدنية في العام 1963. بيد أن الإلغاء الرسمي للتمييز العنصري لم يضع حداً للمشاكل، فقد شهدت الستينيات الكثير من الاحتجاجات وأعمال الشغب التي أدت الى القتل أحيانا: في واتس في العام 1965، وفي ديترويت في العام 1967، ثم في العام 1968 تم اغتيال مارتن لوثر كينغ، ما خلف عشرات القتلى وآلاف الاعتقالات. بعد هدوء نسبي في السبعينيات والثمانينيات تجدد الغضب في العام 1992 مع قضية رودني كينغ الذي تعرض للضرب من قبل أربعة ضباط شرطة من ذوي البشرة البيضاء أمام كاميرا أحد مصوري الفيديو الهواة، بعد القبض عليه بسبب تجاوز السرعة المقررة.

آخر الاحتجاجات ضد العنصرية في الولايات المتحدة الأمريكية كان في العام 2010 بعد أن قُتل الشاب الأسود أوسكار غرانت على ايدي رجال الشرطة. وفي 9 آب 2014، قتل مايكل براون الذي لم يكن مسلحًا، ولا ننسى حادث شابل هيل عام 2015 الذي راح ضحيته 3 أمريكيين مسلمين في ولاية كارولينا الشمالية والذي لم يكن حادثا عابرا، بل هو جريمة من 6 آلاف جريمة تحدث سنويًا في الولايات المتحدة الأمريكية لأسباب عنصرية مختلفة سواء بسبب الدين، اللون، العرق، الجنس أو حتى الإعاقة.

وفي عام 2018 قتل شاب في ستارباكس في مدينة فيلادلفيا في ولاية بنسيلفانيا من قبل الشرطة، كما قتل شاب آخر يدعى ديانتي ياربر بنحو عشرين رصاصة أطلقها رجال شرطة على موقف للسيارات في ولاية كاليفورنيا، كلها جرائم أدت لإندلاع إحتجاجات عارمة.

جرائم عنصرية رسمية

ونُشر الكثير من التقارير التي تشير إلى قيام بعض الأشخاص داخل أمريكا بأفعال وجرائم ذات دوافع عنصرية وذلك منذ أن أصبح ترامب رئيسا للولايات المتحدة، وقد وجهت الاتهامات إلى ترامب بأنه يسعى إلى رسم خط خفي للتمييز بين الأمريكيين البيض والسود، إضافة إلى تبني خطابات كراهية ضد المهاجرين والمسلمين.

وفي أعقاب حادثة مدينة إل باسو الأمريكية، التي تسببت في مقتل عشرين شخصاً، تعالت الأصوات المنوّهة بدور ترامب في تأجيج الكراهية والتحريض على العنصرية، حيث أشير إلى أن سبب الحادث هو الكراهية.

اليوم أشعل مقتل “جورج فلوريد” موجة غضب ضد رجال الشرطة، وفتحت الطريقة التي قتل بها هذا الشاب الباب على مصراعيه مجددا على الأزمة والعنصرية بين الدولة والشعب في امريكا، كما دفع إلى المواجهة في الشارع، ويأتي كل هذا فيما يقف النظام الأمريكي بأسره عاجزاً عن إنصاف ذوي الأصول الأفريقية، وكبح جماح ما يتعرضون له من انتهاكات من قبل الشرطة التي أضحت اليوم مكلفة بتنفيذ ما يسمونه قانونا بعيدا عن خدمة الشعب وحفظ سلامته، وخصوصا بعد تشريع أعطاها الضوء الأخضر بممارسة التحقيق والبحث والاحتجاز وإطلاق النار عموماً على أي مشتبه به وبمباركة تامة من المحاكم، فأضحوا يعاملون الشعب كأعداء أو مشتبه بهم بدلا من معاملتهم كمواطنين.
ـــــــــــــــــــــــــــ
د. علي مطر