مقالات مشابهة

أمريكا تستغل اتفاق ابراهام ذريعة لإستغلال الإمارات ضد تركيا وقطر

المشهد اليمني الأول/

بعد اتفاق التطبيع بين دولة الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل، ذهب وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في زيارة للمنطقة لضمان استقرار المصالح الأمريكية، بالإضافة إلى الإمارات العربية المتحدة، قام بزيارة إسرائيل والسودان والبحرين وعُمان.

وقد تخللت تلك الرحلة انتقادات لتركيا بسبب سياساتها الخارجية التي لا تعجب الأمريكيون وحلفائهم، لتحمل تلك الزيارة رسالة واضحة: الولايات المتحدة في طريقها لتشكيل تحالف جديد في المنطقة، جوهره الإمارات وإسرائيل.

قد يكون هذا التحالف جزءً من استراتيجية أمريكية أوسع لدعم الحلفاء في الشرق الأوسط ومواجهة الصين وروسيا على المدى الطويل.

سياسة إدارة ترامب الخارجية اتخذت منذ البداية مساراً مختلفاً عن سابقيها من الإدارات، لعقود من الزمان، كان نظام التحالفات الأمريكية في الشرق الأوسط متجذراً بشكل عام في دعم تركيا وإسرائيل والمملكة العربية السعودية، خاصة بعد الثورة الإيرانية عام 1979، حيث أصبحت الجمهورية الإسلامية خصماً رئيسياً لسياسة أمريكا الخارجية، إلا أنه في الآونة الأخيرة، حققت إسرائيل مكانة فريدة باعتبارها الدولة الوحيدة في المنطقة التي تتلقى طائرات F-35 المتقدمة من الولايات المتحدة، وأصبحت تتلقى دعماً لا مثيل له من قِبل إدارة ترامب.

كذلك قام ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي الذي عقده سلفه أوباما مع إيران عام 2015، والذي كان قد بدأ في إذابة العلاقات مع إيران، أما تركيا، التي كانت ذات يوم حليفًا وثيقًا للولايات المتحدة، أصبحت في نظر ترامب “عدو” ذو خطر متزايد، خاصة بعد صفقات الأسلحة التي عقدتها مع روسيا حيث اشترت أنظمة الدفاع الجوي الروسية S-400، ما يعتبره تهديداً لإسرائيل، فضلاً رفضها التجاوب مع أي قرارات تهدد أمنها أو سيادتها الداخلية.

من ناحية أخرى، قامت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر والبحرين بقطع العلاقات مع قطر، في خطوة يمكن القول إنها لقت ترحيباً ومباركة أمريكية، تاركة انقساماً في الخليج بين الدول التي تمتلك فيها الولايات المتحدة قواعد رئيسية.

الخريطة الجيوسياسية في الشرق الأوسط قد تبدو معقدة الآن، ولكن النتيجة النهائية بسيطة نسبياً: يوجد الآن ثلاث تحالفات في المنطقة.

الأول يتألف من إيران والميليشيات التابعة لها في بعض الدول العربية، كحزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن والحشد الشعبي في العراق، وكذلك الحكومة السورية.

التحالف الثاني يتكون من تركيا وقطر، وهو تحالف يهدف بصورة رئيسية- إلى جانب الحفاظ على أمن تلك البلدان، بدعم حماس في غزة وحكومة الوفاق الوطني في ليبيا.

التحالف الثالث هو التحالف الذي حاول بومبيو تكوينه من خلال الاجتماع مع إسرائيل والإمارات والبحرين خلال رحلته الأخيرة، وهو التحالف الذي لم يكن ليرى النور بصورة رسمية قبل الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي، الذي قام في الأساس “بسبب تزايد المصالح المشتركة.”

أحد أبرز المصالح المشتركة التي قام عليها اتفاق الإمارات وإسرائيل هو مواجهة تركيا في “البحر”، خاصة وأن تركيا تُعد من بين أكثر دول المنطقة عداء للاتفاق الإماراتي الإسرائيلي، والتي هددت بسببه بقطع العلاقات مع أبو ظبي.

محاربة تركيا تتم الآن من أكثر من جهة، جميعها برعاية دول التحالف سالف الذكر، في يناير/كانون الثاني على سبيل المثال، وقعت إسرائيل واليونان وقبرص صفقة لخط أنابيب نفط، وهي صفقة تهدد أمن تركيا، وعليه قامت تركيا بتوقيع اتفاق مع ليبيا تطالب بموجبه بحقوق التنقيب عن خطوط الأنابيب المحتملة في البحر الأبيض المتوسط.

في مايو/أيار الماضي، أدانت فرنسا واليونان وقبرص والإمارات تحركات تركيا ضد اليونان، وذلك عندما أرسلت تركيا سفنا حربية قبالة سواحل اليونان في محاولة للحفاظ على أمن حدودها، بناء عليه وافق اليونانيون والمصريون على العمل معا في البحر، بل وقامت الإمارات بإرسال طائرات إف -16 إلى اليونان لإجراء مناورات مشتركة.

من المصالح المشتركة الراعية للتعاون بين إسرائيل والإمارات والولايات المتحدة (وحلفائها) هي موقفهم من بإيران.

استخدمت إيران، التي تنتقد الإمارات بشدة، العام الماضي طائرات بدون طيار وصواريخ كروز لمهاجمة المملكة العربية السعودية المجاورة، التي شكلت تحالفاً عربياً مع الإمارات لمحاربة المتمردين الحوثيين في اليمن المدعومين من إيران.

ساعدت زيارة بومبيو الأخيرة في رسم مسار للتحالف الجديد، كانت محطاته في السودان وسلطنة عمان تهدف إلى تنمية تلك الدول أيضًا، حتى لا يستقطبها النفوذ الإيراني أو الروسي أو الصيني، خاصة وأن الولايات المتحدة تشعر بالقلق بشأن “الغزوات” الصينية والروسية في الشرق الأوسط.

هذه ليست أولوية بالنسبة لحلفاء الولايات المتحدة، الذين يميلون إلى النظر إلى موسكو وبكين بشكل ودي، ومع ذلك، فكلما أظهرت الولايات المتحدة أنها تقف مع أصدقائها في الشرق الأوسط، قل احتمال انفتاحهم على القوى العالمية الأخرى.

هناك العديد من التحديات التي تنتظر إسرائيل والإمارات والولايات المتحدة، ذلك التحالف صاحب مصالح مشتركة في جميع أنحاء المنطقة مع اليونان ومصر وقبرص والبحرين والمملكة العربية السعودية.

إن تزايد الاجتماعات بين هذه الدول فيما يتعلق بمواقفهم تجاه تركيا وإيران، والهدف الأمريكي الأوسع المتمثل في تقليص النفوذ الصيني والروسي، يمثلان تحولاً في المنطقة يمكن أن يهيمن على العقد المقبل ويُحدث تغييراً تاريخياً.