مقالات مشابهة

عذراً .. يا رسول الله

المشهد اليمني الأول/

أمر خطير ومُحير للغاية أن يتحول ازدراء الإسلام والإساءة إلى الرسول الأعظم – صلى الله عليه وآله وسلم – مصدراً للإثارة والضجة من قبل وسائل الإعلام ، وفي المقدمة بعض وسائل الإعلام العربية التي تتسلى بالفكرة وكأنها تتحدث عن أمر عابر، والحقيقة أن هذه الوسائل كلها تحركها أصابع خفية ترقص على كف الشيطان، وتروج أفكاراً مشحونة بالبغضاء والكراهية ،

الأولى تدعي بأنها تكشف خفايا الإسلام والرسول تعرَّف العالم بهذه الخفايا ، أما الثانية فهي ساذجة تتغنى بألفاظ وعبارات ربما لا تدرك معناها ، وهنا تكمن الإشكالية الكبرى لأن المسلمين تراخوا عن الدين بل وحولوه إلى وسيلة لتمجيد الذات أو قهر الآخرين مما جعل الأعداء يستغلون هذا التراخي ويقدحون في الإسلام كما يشاءون سواءً عبر الأفلام الماجنة أو من خلال الكاركاتير أو الصورة في الصحف .

لترجمة هذه الغاية تحتل القنوات المسيحية الناطقة بالعربية أكبر مساحة في القمر العربي نايل سات، وتشرف عليها عدة مؤسسات تتكامل في العمل و تقوم بوظائف متمايزة، البعض يمول وآخر يحرر الأفكار وفريق ثالث يتولى النشر والإعلام ويوصلها إلى أروقة الساسة وأوساط الجماهير لتحقيق الغرض ذاته، أما آخر الفرق وهو الأخطر فهو الذي يمرر هذه الأفكار عبر الحكومات ويجعلها تُصدَّر في شكل قوانين قهرية وسياسات تحمل مذاقاً خاصاً يجسد المصداقية والامتياز في التعاطي مع الحياة لإقناع الحكام بأهميتها وإصدارها بقرارات جمهورية أو مراسيم ملكية ،

بحيث تمكنت منظمات في الغرب وأمريكا من تحويل أفكار ومزاعم الخوف من الإسلام أو (الإسلام فوبيا) إلى تشريعات في الكثير من الدول الإسلامية بحجة مكافحة الإرهاب والعمل على تعبئة الجماهير وتدجين العمل السياسي بنفس الأفق الخبيث وتحت يافطة (حماية حرية الرأي والتعبير) تتواصل الإساءة إلى شخصية الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ، والمسلمين يتفرجون أو يكتفون بإصدار بيانات إدانة وتنديد ينتهي مفعولها بمجرد أن يجف حبرها .

في هذا الجانب بلغ الأسلوب حداً لا يُطاق من السفاهة والبذاءة والسخرية والتهكم وكلها تزدرئ رموز الإسلام وفي المقدمة رسول الله النبي الأعظم – صلى الله عليه وآله وسلم ، فعبرت عن سقوط في الأخلاق والقيم لأولئك الناس الذي يحاولون أن يزيفوا الحقائق ويجدوا ملاذاً لدى مفكرين إسلاميين يعينونهم على هذا المستوى من التدني الذي يصيب مشاعر المسلمين بالأذى ،

أقول المسلمين في مستوى المواطنين فقط ، أما الحكام فلم يعد لديهم مشاعر ولا يتأثرون بما يؤذي الإسلام ، ولقد وصلنا إلى أسوأ وأخطر مراحل السقوط عندما قرأنا الخبر الذي أفاد بحصول تلك القنوات الماجنة الخليعة على تبرعات كبيرة من بعض الدول العربية (الخليجية) تقدم عبر منظمات أمريكية بحجة إظهار التسامح وعدم اضطهاد المسيحيين في الشرق ، وهي عناوين كاذبة وخادعة ،

لكنها تعزز دور تلك القنوات المدعومة أساساً من منظمات أمريكية أبرزها (منظمة أوقفوا أسلمة أمريكا) ومنظمة (تصرفوا من أجل أمريكا) هذه المنظمة الأخيرة لها أكثر من 573فرعاً بما في ذلك الدول العربية والإسلامية وتتجاوز ميزانيتها السنوية أكثر من مائة مليون دولار أمريكي ، هذه الميزانية مخصصة فقط للاستقطاب والاستحواذ وإغواء المسلمين عن دينهم ، بحيث أصبح لها أتباع ومريدون في الدول العربية و الإسلامية يقدرون بالآلاف ، والحكومات مشغولة بمتابعة من يسمونهم الروافض أو أعداء الأنظمة أو الإرهابيين وفي حالات كثيرة يكون المسمى مجرد غطاء لاستهداف المعارضين والتنكيل بهم.

هذه الحالة تؤكد مدى السقوط الذي وصلنا إليه وحالة الإهانة والذل التي مكنت تلك الوسائل الإعلامية والقنوات من التمادي في تشويه صورة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ، والإساءة إلى الإسلام وتجريح مشاعر المسلمين وكل القيم الإنسانية النبيلة ، وصل الأمر إلى حالة الخطورة الفائقة التي لا تقبل الصمت ولا يمكن السكوت عليها ،

فما العمل؟!! الإجابة على هذا السؤال تؤكدها الوقائع التي نستشف من خلالها أن الحكومات والدول باتت مدجنة لا علاقة لها بالإسلام ، أو أنها استهوت تحويل الإسلام إلى مجرد طقوس عبادية وسجنته في المسجد فقط بحجة العلمنة وعدم ربط الدين بالسياسة ، كل هذه الكلمات المطاطية للأسف الشديد بتنا نسمعها ليلاً ونهاراً وأصبحت هي الحاكمة للعقول والمسيطرة على أفئدة الحكام العرب والمسلمين ، وكلهم في الظاهر يتباكون على الإسلام ويُظهرون الحماس له ، لكنهم في الخفاء يتشفون ولا يترددون عن حضور الحفلات الماجنة التي تسيء إلى الإسلام وتشوه كل معانيه السامية.

إذاً المعول هو على الشعوب ذاتها وعلى المسلمين في كل مكان، وفي المقدمة علماء الدين الذين لا يزالون على ارتباط وثيق بالله سبحانه وتعالى، ولم يسقطوا في مهاوي الرذيلة ويتحولوا إلى مجرد أبواق لإزالة قبح الحكام، وهؤلاء يجب أن يكون لديهم قوة المنطق وأن يتعاملوا بفكر منفتح لا بطريقة المنازل أو الروابط أو حلقات الدرس ، بل بطريقة الإنسان الواعي المدرك لحقيقة ما يجري على الإسلام والمسلمين ، والقادر على مقارعة الحجة بالحجة ، وهذا ما ننتظره من العلماء الأجلاء من لا يخشون في الله لومة لائم وهؤلاء هم الأساس ، ومن الله نستمد العون وهو من وراء القصد ..
_________
أحمد يحيى الديلمي