مقالات مشابهة

حادثتين في أقل من أسبوع.. سط وإستيطان وتهويد ديني ديموغرافي، بزيارة صهاينة العرب للمسجد الأقصى المبارك

المشهد اليمني الأول/

في حادثة تكررت مرتين خلال أسبوع، تسلل وفد تطبيعي إماراتي آخر إلى المسجد الأقصى المبارك، أي بعد مرور ثلاثة أيام على الزيارة الأولى، لم يكن الوفد الإماراتي الذي زار المسجد الأقصى المبارك في الخامس عشر من الشهر الجاري أول الوفود الخليجية التي تزور المسجد الأقصى المبارك، لكن الملاحظ هو تكرار هذه الزيارات خلال أيام قليلة،

وتكررت زيارات الوفود الإماراتية، بعد التطبيع مع الاحتلال، إلى المسجد الأقصى المبارك، في زيارات مخطط لها بشكل جيد، ويهدف الاحتلال من خلالها للترويج بين الشعوب المطبعة، وبضوء أخضر إسرائيلي، لتصبح زيارات مسيّرة إلى المسجد الأقصى لمن يرغب من العرب، مع توفير الحماية الإسرائيلية اللازمة، كمدخل للتطبيع مع الشعوب مباشرة، هذا الأمر بحد ذاته أخطر من التطبيع مع الأنظمة الرسمية، مع الإقرار بخطورة التطبيع الرسمي وتداعياته على القضية الفلسطينية.

وشهد أسبوع الرصد اقتحام وفودٍ إماراتية المسجد الأقصى المبارك، ففي 15/10 اقتحم الأقصى وفدٌ خليجي مكون من 10 أشخاص، بحماية قوات الاحتلال، وقد دخل الوفد إلى ساحة البراق المحتلة بسياراتٍ تابعة للشاباك الإسرائيلي، ودخلوا إلى الأقصى من باب المغاربة المحتل.

وأشيع ابتداءً أن الوفد قادمٌ من دولة عُمان، ونفت لاحقًا مصادر عمانية مشاركة مواطنيها في اقتحام الأقصى، ثم خرجت إلى وسائل الإعلام معطيات تفيد أن الوفد إماراتي الجنسية، يضم عناصر أمنية تزور الأراضي المحتلة، والتقط المقتحمون صورًا وهم يؤدون الصلاة داخل أحد مصليات المسجد الأقصى، وبالتزامن مع الاقتحام اعتقلت قوات الاحتلال 3 شبان مقدسيين وقفوا في وجه المقتحمين.

وفي 18/10 اقتحم الأقصى وفدٌ إماراتي آخر، بحماية قوات شرطة الاحتلال ومخابراته، ولم تتجاوز مدة الاقتحام 15 دقيقة، وانتشرت مقاطع مصورة لتصدي المقدسيين للوفد المقتحم،

وبحماية مباشرة ومشددة من قوات الاحتلال الإسرائيلي، دخلت هذه الوفود إلى المسجد الأقصى المبارك، خوفاً من أن يكون مصيرها كمصير المطبع السعودي الذي استقبل بالأحذية والبصاق خلال زيارته إلى المسجد الأقصى قبل فترة وجيزة، وقد سلكت طريقاً تسيطر عليه قوات الاحتلال بشكل كامل.

وقيل إن الوفد دخل إلى باب المغاربة وصولاً إلى المسجد الأقصى تحت حماية إسرائيلية، في مشهد يشبه اقتحام المستوطنين الصهاينة لباحات المسجد الأقصى بحماية إسرائيلية، في خطوة لاقت رفضاً فلسطينياً كبيراً وواسعاً.

من جانبهِ أكد خطيب المسجد الأقصى المبارك ورئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس المحتلة الشيخ عكرمة صبري أن الزيارات التطبيعية للمسجد المبارك لا تقل خطورة عن اقتحام المستوطنين للمسجد والمدينة المقدسة.

وأشار صبري إلى أن الزيارات الأخيرة لبعض المطبعين لمدينة القدس المحتلة هي نتيجة واضحة لجريمة التطبيع وأحد إفرازاتها ومخرجاتها العاجلة، مضيفاً أن الزيارات التطبيعية مرفوضة جملةً وتفصيلاً وعلى كافة الأنظمة أن ترجع إلى صوابها وتعود للرواية الإسلامية عن المسجد الأقصى لا الرواية اليهودية”، ومن المعيب أن تدخل تلك الوفود تحت الحماية الإسرائيلية، وفي هذا السلوك اعتراف ضمني بشرعية الاحتلال في المدينة المقدسة”.

نُفذت هذه الزيارات في وقت أعلنت حكومة الاحتلال الإسرائيلي عن مخطط لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية في الضفة الغربية ومصادرة آلاف الدونمات في الأغوار، في تنفيذ واضح لمخطط الضم الإسرائيلي وإحكام السيطرة الإسرائيلية على الأرض الفلسطينية، لتكريس الاحتلال وترسيخه فيها، في وقت يُحرم الفلسطينيون من أداء صلاة الجمعة للأسبوع الرابع على التوالي في المسجد الأقصى.

كما أن إدخال الوفود من باب المغاربة للمسجد الأقصى المبارك، الجهة التابعة لحائط البراق، يهدف بالدرجة الأولى إلى تزوير الواقع، وإظهار حائط البراق وباب المغاربة كحق للصهاينة فقط أمام مطبعين عرب يسهلون للاحتلال مخططاته، وتعتبر هذه الزيارات التي تنظم من بوابة الاحتلال دعم مباشر للاحتلال والتطبيع الكامل مع كيان العدو الصهيوني، واعتداء مباشر على الحقوق الفلسطينية.

مضامين الزيارات

هذه الزيارات لا تُنظّم عبثاً، ذلك أن وراءها أهداف أخرى، ففي الخامس عشر من أيلول/سبتمبر من العام الجاري، نشرت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية تقريراً دعت فيه رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى اصطحاب رئيس الوفد الإماراتي الذي سيزور تل أبيب، أو دعوة ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد واصطحابه لأداء صلاة جماعية مشتركة في المسجد الأقصى، تحقيقاً لنبوءة توراتية

تقول وفق “جيروزاليم بوست”: “الهيكل سيصبح بيتاً للصلاة لجميع الأمم في آخر الزمان، وفي المستقبل، وسيطلق عليه بيت صلاة لجميع الأمم”. وبالتالي يمكن للرجلين “نتنياهو ومحمد بن زايد” الصلاة من أجل السلام والازدهار والاستقرار في المنطقة، كلٌ بحسب ديانته.

وتقول الصحيفة: “ربما يكون من الحكمة تحقيق هذه النبوءة بالسماح لليهود والمسلمين بالصلاة في الحرم القدسي بتناغم وتوافق، من دون أن يدوس أحدهم على حقوق الآخر وحرياته”.

وما حدث على مدار أيام قليلة مضت من زيارات منظمة لوفود إماراتية هو مؤشر وعمل متقدم لتهيئة الظروف والمناخ لفرض واقع جديد في المسجد الأقصى المبارك، عنوانه السيطرة الإسرائيلية الكاملة، للوصول إلى مثل هذه اللحظة التي تتحدث عنها الصحيفة.

ويمثل تطبيق هذا المقترح خيانة كبيرة لفلسطين والمسجد الأقصى، لكن التطبيع مع “إسرائيل” الذي أخذ سبعة أشكال حتى اللحظة، وفق تصريح نتنياهو، أو تسيير مثل هذه الزيارات، قد يجعله طبيعياً، فهل يحقق المطبعون نبوءة التوراة، بعد أن حققوا مصالح نتنياهو ومطامعه الكبرى؟!

وأخيرا… إستجلاب الوفود التطبيعية إلى مدينة القدس لم يغير من واقع المدينة شيئاً، ولن يمنح الاحتلال أي شرعية باحتلاله لمدينة القدس والمسجد الأقصى الشريف.. فلا أهلاً ولا سهلاً بصهاينة العرب في المسجد الأقصى..

_______
المشهد اليمني الأول