مقالات مشابهة

سماء يمن الصمود.. التكنولوجيا الغربية في مواجهة إبتكارات الضرورة

المشهد اليمني الأول/

من أهم خصائص الحرب الدائرة في اليمن منذ العام 2015، أنها أثبتت عدم مناعة التفوق الجوي السعودي أمام وسائط الدفاع الجوي اليمني، مهما كانت بسيطة أو متقادمة، مادامت هذه الوسائط تستخدم بطرق مبتكرة، يتم من خلالها تقليل الفجوات التكنولوجية الهائلة بين الطائرات المعادية على مختلف أنواعها ووحدات الدفاع الجوي اليمنية.

هذه الاستراتيجيّة أسهمت بشكل واضح في إسقاط أعداد كبيرة من المقاتلات والمروحيات والطائرات من دون طيار، بعضها يعدّ من أحدث الأنواع المتوفرة لدى القوات الجوية في الشرق الأوسط.

مروحيات «الأباتشي».. الصيد الأول

يوثّق سجلّ الإسقاطات التي سجّلتها الدفاعات الجوية اليمنية لطائرات التحالف السعودي، أول إسقاط يتم لطائرة تابعة للتحالف في مايو 2015، وكان لمروحية قتالية أمريكية الصنع من نوع «أباتشي» تابعة لطيران القوات البرية السعودية، تم إسقاطها عن طريق صاروخ محمول على الكتف من نوع «ستريلا» روسي الصنع.

والجدير بالذكر أن مروحيات الأباتشي تنتجها شركة «بوينج» الأمريكية، وتعد المروحيات القتالية الأساسية في تسليح سلاح الجو الإماراتي الذي يمتلك منها 30 مروحية، في حين يمتلك طيران القوات البرية السعودية 82 مروحية من هذا النوع، يضاف إليها 72 مروحية أخرى من النسخة «إيه» تمتلكها قوات الحرس الوطني السعودي.

تظهر الإحصائيات المتوفرة أنّ مجموع مروحيات «الأباتشي» التي تم تأكيد إسقاطها من قبل الدفاعات الجوية اليمنية، هو 9 مروحيات، مروحيتان منها تتبعان سلاح الجو الإماراتي، أما البقية فتتبع طيران القوات البرية السعودية. آخر هذه المروحيات تم إسقاطها أواخر نوفمبر 2019، في أجواء عسير في الحد الجنوبي السعودي. وقد تم حينها استخدام نوع جديد من أنواع صواريخ الدفاع الجوي لم يتمّ الكشف عن تفاصيله حتى الآن.

هنا، لا بدَّ من الإشارة إلى أن إحدى مروحيات «الأباتشي» التي تمَّ إسقاطها، وتحديداً في الـ17 من أكتوبر 2017، في أجواء مديرية خب والشعف في محافظة الجوف، تم استهدافها بمنظومة «ثاقب 1»، وهي تطوير محلي لصواريخ (جو – جو) الروسية «آر 73»، التي امتلك سلاح الجوي اليمني منها 150 صاروخاً، استلمها في الفترة ما بين العامين 2002 و2005، لتسليح مقاتلات «الميج 29».

وقد أجرت جماعة «أنصار الله» والجيش اليمني بعض التعديلات على هذه الصواريخ، لتحويلها إلى صواريخ (أرض – جو) وتحسين التوجيه الحراري لها. يبلغ مدى هذا الصاروخ المعدل 9 كيلومترات، بارتفاع يصل إلى 5 كيلومترات، وهو مزود برأس حربي تبلغ زنته 7 كيلوغرامات. وقد دخلت هذه المنظومة إلى الخدمة في سبتمبر 2017.

لم تقتصر المروحيات التي تم إسقاطها في اليمن على هذا النوع، بل تم إسقاط عدة أنواع أخرى، منها مروحيتا نقل أمريكيتا الصنع تابعتان لسلاح الجو السعودي، من نوع «إس 70 ديزرت هوك»، في 2017، ومروحية نقل تابعة لسلاح الجو الإماراتي من نوع «إيه إتش 60 باتل هوك» تم إسقاطها في أغسطس 2017، في أجواء شبوة، ومروحية قتالية خفيفة تابعة لسلاح الجو الإماراتي من نوع «إن إس إيه 407» تم إسقاطها في يونيو 2016، في خليج عدن، بعد إصابتها في الأجواء اليمنيّة.

المنظومات الدفاعية محلية الصنع

على مستوى طائرات الجناح الثابت، حازت القاذفات المقاتلة الأوروبيَّة الصنع «تورنيدو» المركز الأول كأكثر نوع تم إسقاطه في الأجواء اليمنية، بواقع طائرتين في 2017، وواحدة تم إسقاطها في أجواء الجوف مساء الـ14 من فبراير الماضي.

جميع الطائرات المسقطة من هذا النوع تنتمي إلى سلاح الجو السعودي، الذي يعد سلاح الجو الوحيد في منطقة الشرق الأوسط الذي يمتلك هذا النوع من القاذفات المقاتلة بعدد 50 مقاتلة.

المثير للاهتمام في هذا النوع من المقاتلات القاذفة أنَّ الإسقاط الأوّل له تم عن طريق استخدام منظومة دفاع جوي أخرى مطوّرة محلياً في اليمن، وهي منظومة «فاطر 1»، التي تعدّ تطويراً وإعادة تأهيل محلية شاملة لصواريخ منظومة الدفاع الجوي المتوسطة المدى «سام 6».

يبلغ مداها الأقصى 24 كيلومتراً، وتستطيع استهداف الطائرات المعادية على ارتفاعات تصل إلى 14 كيلومتراً، وتبلغ زنة الرأس الحربي لصواريخ هذه المنظومة 60 كيلوغراماً. يتم توجيه صواريخ هذه المنظومة بالتوجيه الراداري شبه النشط، عن طريق الرادار الخاص بمنظومة «سام 6».

تأتي في المرتبة الثانية المقاتلات الأحدث في الترسانة السعودية، وهي المقاتلات الأمريكية «إف 15»، التي تم إسقاط مقاتلتين منها، الأولى في مارس 2015، والأخرى في مارس 2018، علماً أن سلاح الجو السعودي يمتلك نحو 40 مقاتلة من هذا النوع.

المثير للاهتمام في هذا الصَّدد أنَّ الجيش اليمني واللجان الشعبية استخدمت في عمليات إسقاط هذه المقاتلة الحديثة منظومة محلية الصنع تُدعى «ثاقب 2»، وهي تطوير محليّ لصواريخ الاشتباك الجوي الروسية «آر 27 تي»، التي امتلك منها سلاح الجو اليمني 100 صاروخ في 2002.

جماعة «أنصار الله» قامت بتعديل الصاروخ ليتمّ إطلاقه من منصات أرضية، مع تحسين قدرة الباحث الحراري الخاص به، ليبلغ مداه بعد التعديل 15 كيلومتراً، على ارتفاعات تصل إلى 8 كيلومترات، وهو مزوَّد برأس حربي كبير نسبياً تصل زنته إلى 40 كيلوغراماً.
وقد تمَّ تعزيز قدرات هذا الصاروخ على العمل ليلاً باستخدام منظومة التتبّع والاستشعار الحراري البعيد المدى «ألترا 8500»، وهي منظومة مخصّصة للعمل على متن المروحيات من أجل مهام المراقبة والدورية.

وقد حصلت القوات الجوّية اليمنية على 3 منظومات منها في يوليو 2009، ضمن مساعدات قدّمتها وكالة التعاون الأمني الدفاعي التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية للسلطات اليمنية وقتها.

يضاف إلى ما سبق طائرات متنوعة أخرى، من بينها مقاتلة أردنية من نوع «إف 16» تم إسقاطها في فبراير 2017، وقاذفة خفيفة تابعة لسلاح الجو الإماراتي من نوع «إيه تي 802» تم إسقاطها في سبتمبر 2017، ومقاتلة إماراتية من نوع «ميراج 2000» تم إسقاطها في مارس 2016، ومقاتلة سعودية من نوع «تايفون» تم إسقاطها في سبتمبر 2017.

والجدير بالذكر أن بعض هذه المقاتلات تم استهدافها بمنظومة أخرى محلية الصنع للدفاع الجوي، وهي منظومة «ثاقب 3» التي تعد تطويراً محلياً لصاروخ القتال الجوي الروسي المتوسط المدى «آر 77»، الذي امتلك سلاح الجو اليمني منه 100 صاروخ في الفترة ما بين العامين 2004 و2005، ويتميّز بالتوجيه الراداري الذاتي، مع إمكانية تعديل التهديف عن طريق توجيه راداري خارجي إيجابي، وتبلغ زنة رأسه الحربي 22 كيلوغراماً، ومداه بعد تعديله نحو 20 كيلومتراً. وقد دخلت هذه المنظومة إلى الخدمة بشكل فعلي في أواخر العام 2016.

الطائرات من دون طيار

استخدم سلاحا الجو الإماراتي والسعودي مجموعة متنوعة من الطائرات من دون طيار، تعددت مهامها ما بين الرصد والمراقبة والعمليات الهجومية، منها «درون» الاستطلاع الجنوب أفريقي «سيكير 400»، الذي استخدمه الجيش السعودي لتنفيذ عمليات الدورية والاستطلاع الإلكتروني لمناطق الاشتباك مع قوات «أنصار الله» في مناطق الحد الجنوبي السعودي (عسير ـ نجران ـ جيزان).

يمتلك سلاح الجو الإماراتي هذا النوع أيضاً بعدد يصل إلى 11 طائرة. وقد تم إسقاط 4 طائرات من هذا النوع، إحداها إماراتية، والطائرات الباقية منها تابعة للجيش السعودي، أولاها تم إسقاطها في يوليو 2015، والرابعة تم إسقاطها في نوفمبر 2018.

يتميّز هذا «الدرون» بالقدرة على التحليق المتواصل لمدة 16 ساعة، بمدى يصل إلى 260 كم، وارتفاع أقصى 6 كم، ويستطيع حمل مستشعرات إلكترونية وكاميرات يصل وزنها إلى 100 كيلوغرام، مع إمكانية تزويده بصاروخين موجّهين بالليزر.

كذلك، استخدم سلاح الجو السعودي في عملياته شمال اليمن «درون» الاستطلاع القريب الألماني الصنع «لوناكس 2000».

وقد تم إسقاط إحدى هذه «الدرونز» في أبريل 2015. هذا النوع يمكن تزويده بوسائط للتشويش اللاسلكي، ويبلغ مداه الأقصى 100 كم، وسقف تحليقه 3 كم، بسرعة قصوى تبلغ 70 كم في الساعة، ومدة تحليق متواصل تتراوح بين 6 و8 ساعات.

يُضاف إلى ذلك نوع من أنواع «الدرونز» الهجوميّة استخدمه الجيشان الإماراتي والسعودي في عملياتهما في اليمن، وهو «الدرون» الهجوميّ الصّينيّ «وينج لونج 2»، المتخصّص في عمليات القصف الأرضي، إلى جانب قدرته على القيام بعمليات التّصوير والاستطلاع.

تبلغ سرعته القصوى 280 كم في الساعة، بسقف تحليق أقصى يبلغ 5 كم، ومدى كلي يبلغ 4 آلاف كيلومتر، ومدة تحليق متواصل تبلغ 20 ساعة، يستطيع هذا النوع حمل ذخائر للقصف الأرضي يصل وزنها الأقصى إلى طن واحد.

وقد تم إسقاط 3 «درونز» من هذا النوع، بواقع «درون» واحد في 2016، واثنتين في 2019. يضاف إلى ذلك 5 إسقاطات لـ«درون» هجومي صيني آخر، وهو «سي إتش 4»، تمت خلال الفترة ما بين يوليو 2018 ويناير 2020.

تعدّ المروحيَّة من دون طيار النمساوية الصنع «كام كوبتر إس 100»، التابعة لسلاح الجو الإماراتي، الطائرة من دون طيار الأكثر إسقاطاً في الميدان اليمني، حيث تم إسقاط 6 طائرات منها، الأولى تم إسقاطها في أغسطس 2015، والأخيرة تم إسقاطها في يونيو 2019.

هذه المروحية مخصَّصة لعمليات التصوير والرصد القريب، ويمكن تزويدها بصواريخ خفيفة تبلغ سرعتها القصوى 220 كم في الساعة، ويبلغ سقف ارتفاعها 5 كيلومترات، ومداها الأقصى 180 كم، وتستطيع التحليق بشكل متواصل لمدة 6 ساعات.

__________________
محمد منصور
كاتب مصري وباحث في الشؤون العسكرية