مقالات مشابهة

موقع ستراتفور الأمريكي: السعودية تبحث عن طريق للخروج من مستنقع اليمن

المشهد اليمني الأول/

قال موقع “ستراتفور” إن علاقة السعودية بالولايات المتحدة ستصبح أكثر خصومة بمجرد أن يتولى الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن منصبه في كانون الثاني / يناير ويزيد من تعرض الرياض للضغوط السياسية الأميركية.

رأى موقع “ستراتفور” الاستراتيجي الأمريكي في تقدير للموقف أن نافذة المملكة العربية السعودية للخروج من الصراع في اليمن من دون تعريض جميع مكاسبها للخطر تنغلق بسرعة، حيث تنتقل الولايات المتحدة إلى حكومة أقل صداقة للرياض، وبينما يسعى “المتمردون الحوثيون” إلى الحصول على تنازلات أعمق على الأرض. ففي 17 تشرين الثاني / نوفمبر، أفادت التقارير أن السعودية عرضت على “أنصار الله” الحوثيين منطقة عازلة على طول الحدود السعودية اليمنية في مقابل سحب قواتها من اليمن. تمثل هذه الخطوة انخفاضاً كبيراً في الأهداف السعودية الأصلية في البلاد، فضلاً عن اعتراف ضمني بالبقاء الطويل للوجود السياسي والعسكري للحوثيين في اليمن.

وأضاف الموقع أن تضاؤل ​​الدعم الخارجي لحرب اليمن، إلى جانب الضغوط الاقتصادية من انخفاض أسعار النفط وتفشي وباء كورونا، قد أدت إلى زيادة دفع السعودية للانسحاب من اليمن، مما أجبر الرياض على قبول فشل تدخلها العسكري لمدة خمس سنوات.

فقد فشلت عملية الرياض المستمرة في اليمن في تحقيق هدفها الأساسي المتمثل في إخراج جماعة “أنصار الله الحوثيين” من العاصمة صنعاء وإعادة الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى السلطة. لكن السعودية تكبدت خسائر كبيرة في صفوف الجنود والمعدات العسكرية في إطار جهودها للقيام بذلك.

كما أدى تدخل المملكة إلى إثارة غضب المشرعين الأميركيين في الكونغرس، الذي صوت مرات عدة لإنهاء الدعم الأميركي للتدخل. كما عانت المملكة من تراجع الدعم من حلفائها الإقليميين أيضاً، حيث سحبت الإمارات العربية المتحدة أخيراً قواتها من اليمن في محاولة لتقليل تعرض أبو ظبي لهجمات المتشددين المرتبطة بها.

وفضلاً عن استعادة السيطرة على مساحات شاسعة من جنوب اليمن، كان تقدم التحالف السعودي محدوداً. وظلت خطوط المواجهة الرئيسية بالقرب من تعز ومأرب والحديدة من دون تغيير إلى حد كبير لسنوات، مع التطورات الصغيرة التي حققها الحوثيون أخيراً والتي أبرزت صعوبة الحفاظ على السيطرة على المنطقة.

لقد جاء اعتماد السعودية الكبير على الغارات الجوية وعمليات الحصار في اليمن على حساب الخسائر في صفوف المدنيين وانقطاع إمدادات الغذاء والوقود التي تشتد الحاجة إليها للسكان اليمنيين الفقراء بالفعل.

وفي نيسان / أبريل 2019، صوت الكونعرس الأميركي على إنهاء الدعم العسكري لتدخل الرياض في اليمن، والذي عارضه ترامب في النهاية.

وقال “ستراتفور”، القريب من وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، أن علاقة السعودية بالولايات المتحدة ستصبح أكثر خصومة بمجرد أن يتولى الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن منصبه في كانون الثاني / يناير ويزيد من تعرض الرياض للضغوط السياسية الأميركية، مما يعمق انعدام الثقة بين الحليفين.

وأضاف تقدير الموقف أنه مقارنةً بترامب، من غير المرجح أن يعرقل بايدن محاولات الكونغرس لإنهاء الدعم الأميركي للتدخل السعودي في اليمن، وهو ما أدانه بايدن بدوره. في الواقع، بعد تنصيبها في 20 كانون الثاني / يناير المقبل، قد تقرر إدارة بايدن التقليل بسرعة من مشاركتها في الصراع، مما يترك السعودية من دون الدعم اللوجستي والاستخباراتي الذي استخدمته في الضربات الجوية والعمليات في اليمن.

وقد ترى الرياض مثل هذا القرار على أنه بداية لحملة ضغط دبلوماسي أميركي أكبر لتقليص تدخلها في اليمن بعد سنوات من الدعم القوي لها من إدارة ترامب، مما يدفع المملكة إلى زيادة تنويع علاقاتها بعيداً عن واشنطن.

فالسعوديون قلقون بالفعل بشأن نهج إدارة بايدن تجاه إيران وسجل السعودية في مجال حقوق الإنسان، وخاصة بعد أن هدد بايدن بتحويل السعودية إلى دولة “منبوذة” لاغتيالها الصحافي السعودي المعارض جمال خاشقجي في عام 2018.

ورأى الموقع أن العلاقات الدفاعية والعلاقات الاقتصادية بين السعودية والولايات المتحدة جوهرية. لكن تراجع الحاجة إلى النفط السعودي بسبب انخفاض أسعار الطاقة العالمية وزيادة عمليات التكسير الهيدروليكي في الولايات المتحدة قد ساعدا واشنطن على التفكير في علاقة أسهل مع المملكة.

وتسعى السعودية إلى إيجاد شركاء دفاعيين واقتصاديين جدد لتعويض فقدان العلاقة الوثيقة مع الولايات المتحدة، بما في ذلك زيادة العلاقات الدفاعية مع الصين وعلاقة دافئة محتملة مع “إسرائيل” للوصول إلى التقنيات الإسرائيلية.

كما أن انسحاب التحالف السعودي، إلى جانب القتال المتزايد بين المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي وحكومة هادي، سيزيد من جرأة المقاتلين اليمنيين “الحوثيين” الذين يعتقدون أنهم يواجهون عدواً ضعيفاً على طول الخطوط الأمامية.

وهذا سيجبر “الحوثيين” على السعي للحصول على تنازلات أكبر من السعودية، بما في ذلك المزيد من السيطرة على الأراضي وتأثير أكبر في المفاوضات السياسية مع حكومة هادي. فكلما طالت قدرة “الحوثيين” على إجبار السعوديين على البقاء عسكرياً في اليمن، زاد احتمال أن الضغط الأميركي لإنهاء الحرب سيجبر الرياض على منح تلك التنازلات.

قد يؤدي تصنيف الولايات المتحدة المحتمل لجماعة “أنصار الله” الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية إلى زيادة تعقيد قدرة الرياض على التوصل إلى تسوية سياسية مع الجماعة المتمردة، حيث قد يطالب “الحوثيون” بإلغاء التصنيف كشرط أساسي للمفاوضات.

في موازاة ذلك، انخرط المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة هادي في قتال في محافظة أبين حيث تعثرت الاتفاقات الدبلوماسية لإنهاء التنافس بينهما. ويهدد القتال المستمر بتحويل الموارد عن خط المواجهة في مأرب، حيث يشن الحوثيون هجوماً للسيطرة على المدينة الرئيسية.

المصدر: الميادين