مقالات مشابهة

وسط غضب عدة مكونات سياسية.. المغرب العربي في فوهة إعصار التطبيع الصهيوني

المشهد اليمني الأول/

بعد إعلان المملكة المغربية تطبيع علاقتها مع الكيان الصهيوني، بات قطار “التطبيع” على مقربة من باقي الدول في المغرب العربي مما يضع تحديات كبيرة جديدة في منطقة حبلى بالأزمات والصراعات، وقُوبل الاتفاق المغربي -الإسرائيلي برعاية أمريكية باستنكار شرائح عديدة في المجتمعات المغاربية سواء في تونس او الجزائر او المغرب نفسها.

فقد علت أصوات الاستنكار لهذه الخيانة التاريخية للقضية الفلسطينية، وأعلنت العديد من الأحزاب الوطنية والتقدمية ومنظمات المجتمع المدني في المملكة المغربية رفضها تطبيع حكومتها مع الكيان الصهيوني على غرار الجبهة العربية التقدمية والمؤتمر الوطني الاتحادي والمرصد المغاربي لمناهضة التطبيع والمجموعة الوطنية للتضامن مع الشعب الفلسطيني وغيرها.

لا مساومة على فلسطين

في هذا السياق، قال الناطق باسم الجبهة العربية التقدمية علي بطوالة لـ “العهد” الاخباري إنه ليس هناك مجال للمساومة على القضية الفلسطينية من طرف أي نظام عربي لأنها القضية المركزية للشعوب العربية مؤكدا ان هناك تحركات قادمة في الشارع المغربي لمطالبة الحكومة بالتراجع عن هذا القرار الخطير.

وأضاف بطوالة لموقعنا: “لدينا عدة تنظيمات تقدمية ووطنية مثل المجموعة الوطنية للتضامن مع الشعب الفلسطيني والشبكة الديمقراطية للتضامن مع الشعوب والجمعية المغاربية لمساندة الشعب الفلسطيني إضافة الى الأحزاب السياسية، وأعلنت جميعها عن رفض العملية وطالبت الدولة بالتراجع عنها. وسبق ان عارضنا عدة عمليات وخطوات تطبيعية مثل قدوم بعض الوفود الاسرائيلية في زيارات الى المغرب او عمليات تبادل اقتصادية وتجارية”.

وأشار محدثنا الى ان المغرب كان قد سبق أن طبّع بعد “أوسلو” وكان هناك مكتب اتصال إسرائيلي في الرباط ولكن بعد الانتفاضة الفلسطينية أوقف المغرب جميع عمليات التطبيع ومنذ ذلك الحين بقيت الأمور عادية. واليوم تحت ضغط ترامب وضغوط دول الخليج يبدو ان الحكومة المغربية خضعت لهذا الابتزاز وقبلت بالتطبيع”.

وعما اذا كانت دول مغاربية أخرى يمكن ان تلحق بركب التطبيع يجيب السياسي المغربي بالقول:”لا اعتقد ذلك، صحيح ان هناك ضغوطا تمارس على تونس وموريتانيا وعلى الجزائر وليبيا للتطبيع ولكن في اعتقادي فإن هذه الشعوب تملك شبكة مقاومة كبيرة من شأنها ان تسدّ كل هذه المحاولات والاختراقات”.

الاستقواء بالصهاينة

من جهته أعرب النائب السابق في البرلمان التونسي هشام الحاجي لـ ” العهد” الاخباري عن استنكاره خطوة المغرب التطبيعية مشيرا في حديثه لـ “العهد” الى ان ما حصل هو كارثة حلت بالبلاد المغاربية وستشجع العملاء ودعاة التطبيع في البلدان الأخرى على النسج على منوالها. وأضاف: “الإعلام المغربي قد يسعى الى إبراز “نجاحات اقتصادية واجتماعية” قد تكون وهمية جراء التطبيع بغاية التأثير على شعوب المنطقة لتطالب حكوماتها بالنسج على منوال المغرب”.

ويضيف محدثنا قائلا: “كما أن المغرب أسّس لعرف جديد في تعاملات بلدان المغرب العربي فيما بينها وفي فضّ نزاعاتها وذلك من خلال الاستقواء بالصهاينة على حساب الأشقاء، فقد ارتبط التطبيع المغربي باعتراف الولايات المتحدة بمغربية الصحراء الغربية. لقد كنا نلوم في الماضي من يستنجد بالأمم المتحدة على حساب شقيقه فإذا بنا اليوم نستنجد بالصهاينة الذين عاثوا فسادا في الأرض العربية ليعترفوا لنا بالحقوق ونعطيهم صكّ غفران على جرائمهم في فلسطين ولبنان وسوريا ومصر وتونس والعراق”.

ودعا الحاجي العرش والحكومة المغربيين إلى التراجع عن قرار التطبيع وعن مقايضة الصحراء الغربية بالتطبيع مع الصهاينة فالتاريخ الذي ذكر أمجاد عبد الكريم الخطابي والمهدي بن بركة وعلال الفاسي وغيرهم من المناضلين المغاربة ضد الاستعمارين الإسباني والفرنسي، سيذكر أيضا أن حكام اليوم مدوا أيديهم إلى كيان مجرم وطبّعوا معه رغم جرائمه التي لا تغتفر، ولا يتحدث هذا التاريخ عن النعم المادية الزائلة والمنافع الاقتصادية المرحلية التي قد يجنيها المغرب جراء هذا التطبيع المجاني.

يشار الى ان عدة أحزاب تونسية أصدرت بيانات ادانة من بينها حزب التيار الشعبي الذي اعتبر ان “تطبيع النظام المغربي مع الكيان الصهيوني خيانة تاريخية عظمى لكل القضايا العربية والإنسانية العادلة”، محذرا من تداعيات صفقة القرن على الأمن القومي العربي. وأضاف بيان التيار الشعبي ان “هذا التوقيع هو إعلان رسمي من النظام المغربي لخنوعه للوصاية الصهيونية المباشرة وتحويل المغرب الشقيق أرضا وشعبا إلى محميّةٍ يحتلها ويديرها لحساب الحركة الصهيونية والامبريالية الأمريكية”.

وأضاف البيان: “إن النظام المغربي الذي حذا حذو أنظمة الخليج العربي في اعلان تحالفه مع الكيان الصهيوني أكد دوره الخياني التاريخي لكل القضايا العربية والإنسانية العادلة كما أكد مشاركته في كل التخريب الذي طال الوطن العربي ولذلك تمت حمايته واجهاض كل التحركات الشعبية المطالبة بالحرية والعدالة الاجتماعية في المغرب التي تقودها قوى شعبية تقدمية مناهضة للنظام المخزني العميل وللاستعمار والصهيونية.”

ودعا التيار الشعبي الشعب المغربي إلى مقاومة الوصاية الصهيونية وكذلك تجديد دعوته للعمل على الارتقاء بأدوات النضال المعادي للاستعمار والصهيونية من خلال تشكيل جبهة للمقاومة العربية القومية الواسعة التي تضم تحت لوائها كافة ألوان الطيف الشعبي المقاوم كخيار استراتيجي يعبر عن ولادة حالة نضالية عربية شاملة من أجل اسقاط هذه الاتفاقيات ووقف مسلسل الاستسلام لإرادة العدو.

__________
تونس/روعة قاسم.