مقالات مشابهة

بعد قرار بايدن.. ردة فعل الدول المشاركة بالاتفاق النووي الإيراني (4+1) بعد إجتماع غير رسمي لها

أكد وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتفاق النووي (4+1) مع إيران، بعد اجتماعهم عبر تقنية “الفيديو كونفرانس” اليوم الاثنين، التزامهم بحفظ الاتفاق.. وذلك في ظل غياب الولايات المتحدة الأمريكية التي انسحبت من الاتفاق بشكل أحادي في 2018م.

وبحسب وكالة “تسنيم” الدولية للأنباء فقد أكد بيان مشترك للوزراء عقب اجتماعهم اليوم، على ضرورة عمل الوكالة الدولية للطاقة الذرية بحيادية واستمرار التعاون معها.. مجددين التزامهم بحفظ الاتفاق وتكثيف جهودهم في هذا الصدد.

وشدد البيان على أهمية دور الوكالة بصفتها المنظمة الدولية الوحيدة المستقلة والحيادية التي فوضها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لمراقبة والتحقق من تنفيذ التزامات عدم الانتشار النووي بموجب الاتفاق النووي.. مؤكدين  على أهمية مواصلة التعاون بحسن نية مع الوكالة.

وبحث الوزراء في اجتماعهم.. استمرار ضرورة التنفيذ الكامل والفعال للاتفاق النووي من قبل جميع الأطراف والتطرق إلى التحديات الحالية لتنفيذه، بما في ذلك عدم الانتشار النووي والالتزامات الأخرى ومنها رفع العقوبات المفروضة على إيران.

وأشار البيان إلى أن الاتفاق النووي، الذي تمت المصادقة عليه بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2231 في عام (2015م)، يظل عنصرًا رئيسيًا في نظام عدم الانتشار النووي العالمي وإنجازًا مهمًا للدبلوماسية المتعددة الأطراف الذي يلعب دورا السلام والأمن على الصعيدين الإقليمي والدولي.

وأعرب وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتفاق النووي في بيانهم، عن أسفهم الشديد لانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق.. مؤكدين أن قرار مجلس الأمن رقم 2231 لا يزال مُلزم التنفيذ بالكامل.

واتفق الوزراء في ختام اجتماعهم على مواصلة المحادثات لضمان التنفيذ الكامل للاتفاق النووي من قبل جميع الأطراف، وركزوا على إمكانية عودة محتملة للولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي.. مؤكدين استعدادهم لمعالجة القضية برؤية إيجابية وبجهد مشترك.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الموقعين على الاتفاق النووي اليوم، القول “إنهم يريدون الرد بشكل إيجابي” على احتمال عودة الولايات المتحدة إلى طاولة المفاوضات، فيما حث الأوروبيون إيران على عدم القيام بما يلحق الضرر بمستقبل الاتفاق.

واجتمع وزراء خارجية أوروبا والصين وروسيا وإيران لمحاولة تهدئة الأمور بانتظار تسلم الإدارة الأميركية الجديدة الحكم، بينما تتخذ إيران إجراءات تبعدها عن التزاماتها في إطار الاتفاق.

ويشهد الملف الإيراني توتراً جديداً منذ اغتيال الفيزيائي النووي الإيراني محسن فخري زاده نهاية نوفمبر الماضي.. ففي مطلع ديسمبر الجاري، أعربت باريس ولندن وبرلين عن “قلقها العميق” إزاء تركيب 3 مجموعات جديدة من أجهزة الطرد المركزي المتطورة لتخصيب اليورانيوم في نطنز بوسط إيران.

وأعربت الدول الثلاث عن قلقها إزاء تمرير البرلمان الإيراني قانوناً مثيراً للجدل بشأن القضية النووية، والذي إذا أقر، فمن المرجح أن يؤدي إلى نهاية الاتفاق.. والذي يدعو الحكومة إلى تعزيز البرنامج النووي بشكل كبير ووضع حد لعمليات التفتيش التي تقوم بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وكتب وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب “تويتر” اليوم: “لقد أوضحت أن إيران يجب ألا تنفذ التمديدات المعلنة مؤخرا ضمن برنامجها النووي”.. مضيفاً: “إن مثل هذه الخطوة ستعرض للخطر احتمالات التقدم التي نأمل أن نراها في عام 2021”.

كما دعا نظيره الألماني هايكو ماس إلى عدم “تفويت الفرصة الأخيرة” المتمثلة في تنصيب رئيس جديد في واشنطن من خلال القيام “بمناورات تكتيكية”.

وقال الرئيس الإيراني حسن روحاني يوم الخميس الماضي إنه واثق من أن الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن سيعود إلى الالتزامات الأميركية بموجب الاتفاق الذي انسحب منه دونالد ترامب في 2018.

وقال روحاني في كلمة متلفزة “لا يساورني الشك بأن صمود الشعب الإيراني خلال الأعوام الثلاثة هذه، سيرغم الإدارة الأميركية المقبلة على الرضوخ أمام الشعب (في إيران) والعودة إلى التزاماتها، وسيتم كسر العقوبات”.

فيما أكد الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن الذي سينصب في 20 يناير القادم، استعداده للعودة إلى اتفاق فيينا.

وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده، قد صرح في وقت سابق خلال مؤتمر صحفي، بأن اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتفاق النووي اليوم غير رسمي.

وقال زاده، “يعقد اليوم.. اجتماع غير رسمي لوزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتفاق النووي عبر الفيديو “الكونفرانس”.. لن يركز هذا الاجتماع على قضايا خاصة بالاتفاق النووي فقط، لكنه سيستعرض مجموعة التطورات التي حدثت في الأشهر القليلة الماضية”.

وأكد أن الاتفاق النووي اتخذ شكله النهائي بعد محادثات طويلة وتم التوقيع عليه وبالتالي لا يمكن فتح هذا الملف مرة أخرى، ولا يمكن إخضاع الاتفاق النووي إلى التفاوض من جديد، والقرار 2231 واضح بهذا الشأن.

وتابع قائلا: “قلنا مرارا إن مفاوضات جديدة لن تجري بشأن الاتفاق النووي وعلى الأطراف الأخرى العودة للالتزام بتعهداتها، أما ما يثار حول المواضيع الأخرى فإن إيران أعلنت موقفها بوضوح في أنها لن تتفاوض مع أي أحد في قضايا تمس أمنها القومي ومصالحها العليا، وأن لديها أولويات وسياساتها الدفاعية التي تعمل على أساسها”.

وحول التصريحات الأخيرة لمدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قال زادة: إن علاقات إيران بالوكالة هي علاقات فنية وتقنية وينبغي أن تبقى في هذا الإطار.. داعيا الوكالة الدولية إلى الابتعاد عن القضايا والضغوط السياسية.

هذا ورفضت إيران طلب بعض الدول العربية المشاركة في أي مفاوضات في شأن برنامجها النووي، بعد حديث عن سعي إدارة الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن لإشراك بعض دول الجوار في أي مفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني.

وفي هذا الصدد، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إن “المفاوضات النووية تُعتبر مسألة أمن قومي إيراني، وليس ملفاً إقليمياً مفتوحاً للمفاوضات”.. مشدّداً على أن الدول العربية “ليست معنية به”، وعلى أنّه “لن تكون هناك مفاوضات جديدة حول الاتفاق النووي”.

في المقابل، أكد زاده أن طهران مستعدّة للشروع في مفاوضات إقليميّة مع دول الجوار لتسوية أزمات المنطقة.. وقال في لقاء مع صحيفة (همشهري) الإيرانية إن على جميع الدول أن تدرك مكانتها جيدا حتى يتم بناء العلاقات المشتركة على أساس الاحترام المتبادل.

وأشار إلى أن بعض دول المنطقة قد تحولت إلى سوق وترسانة للأسلحة وباتت مصدراً للتجاوز والعدوان من القرن الإفريقي وشمال إفريقيا حتى اليمن.. مضيفاً: “متى ما أدرك الآخرون أن القضايا الإقليمية يجب أن تحل دون تدخل خارجي وأن الأمن لا يتحقق بالأجرة عند ذلك يمكن الحوار بخصوص القضايا الإقليمية”.

وجدد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية موقف بلاده واستعدادها الدائم للتعاون مع دول المنطقة.. داعيا هذه الدول للالتفاف إلى ما يجري على الأرض والاهتمام بموقعها ودورها، وأكد أن  بإمكان جميع الدول أن تساهم في وضع أسس ثابتة للمنطقة، ولا ينبغي القلق في هذا المجال.

على الصعيد ذاته، شدد مندوب إيران الدائم لدى الأمم المتحدة مجيد تخت روانجي على ضرورة أن يثبت الأوروبيون فاعلية آلية “انستكس”.. مشيراً إلى أن إيران يجب أن تتمتع بالمزايا الاقتصادية من الاتفاق النووي.

وفي رسالة له إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وممثل جنوب إفريقيا لدى الأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن جيري ماتجيلا، استعرض روانجي تقييم إيران للتقرير العاشر للأمين العام للأمم المتحدة بشأن القرار رقم 2231.. وتطرق في رسالته إلى “الانتهاك الأميركي الصارخ للاتفاق النووي”.

واعتبر روانجي “خفض إيران التزاماتها النووية بأنه نتيجة قسرية لانتهاك الأطراف الأخرى للاتفاق وبما يتفق مع حقوق إيران في الاتفاق النووي”.

السفير الإيراني في روسيا مهدي سنائي بدوره، جدد موقف بلاده حول الاتفاق النووي قائلا: “في حال لم تفي الدول الأعضاء في الاتفاق النووي خاصة الدول الأوروبية بتعهداتها تجاه هذا الاتفاق فان طهران ستبحث سيناريوهات جديدة من ضمنها الانسحاب من الاتفاق النووي”.

وأضاف سنائي في تصريح لوسائل إعلام روسية: إن إيران لا تنوي الانسحاب من الاتفاق النووي لكن في حال لم تفي دول الاتحاد الأوروبي بتعهداتها حول هذا الاتفاق فان الانسحاب من الاتفاق النووي ستكون ضمن السيناريوهات المطروحة من قبل إيران”.. مؤكدا أن المسؤولية الرئيسية لحفظ الاتفاق النووي تقع على عاتق أوروبا.

وكانت منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي هيلغا اشميد، قد أعلنت في بيان لها الأسبوع الماضي، أن وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتفاق النووي سيعقدون اجتماعا غير رسمي عبر الفيديو في 21 ديسمبر الجاري.. وجاء بيان المسئولة الأوروبية عقب انتهاء الاجتماع الـ17 المرئي للجنة المشتركة للاتفاق النووي.

وقال البيان: إن اجتماع اللجنة المشتركة، عُقد برئاسة الأمينة العامة لجهاز الإقدام الخارجي “هيلغا ماريا اشميد”، نيابة عن الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي “جوزيف بوريل”، وبمشاركة ممثلين عن الصين وفرنسا وألمانيا وروسيا وبريطانيا وإيران، على مستوى المساعدين ومدراء الشؤون السياسية لوزراء خارجية هذه الدول.

وأشار البيان إلى أن المشاركين استعرضوا في ظل التحديات الراهنة، سبل التعاون للحفاظ على الاتفاق النووي والتأكد من تنفيذ الاتفاق بنحو شامل ومؤثر بواسطة جميع الأطراف فيه.. مضيفاً: إن المشاركين اتفقوا أيضا على عقد اجتماع غير رسمي وعبر الفيديو لوزراء خارجية دول الاتفاق النووي في 21 ديسمبر.

الجدير ذكره أن مجموعة الدول الخمس الدائمة العضوية (5+1) توصلت مع إيران إلى اتفاق في محادثاتها الجارية في 14 يوليو 2015م في مدينة فيينا النمساوية بشأن البرنامج النووي الإيراني يشمل تقليص النشاطات النووية الإيرانية مقابل رفع العقوبات الاقتصادية الدولية المفروضة عليها.

ومجموعة (5+1) هي مجموعة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، وهي: (الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، روسيا، الصين بالإضافة إلى ألمانيا)، والتي تتولى المفاوضات مع إيران حول برنامجها النووي.

وبدأت المجموعة عملها في عام 2006 ولا تزال مستمرة حتى اليوم، ما عدا الولايات المتحدة التي انسحبت بشكل أحادي من هذا الاتّفاق في 8 مايو 2018م، بعد مجيء إدارة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب، وأعلن بعد انسحابه من الاتفاق إعادة فرض العقوبات الأمريكيّة على إيران والمتعلّقة بنشاطها النووي.

وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها بعض الحكومات المشاركة في الاتفاق ومنها حكومة فرنسا وألمانيا والمملكة المتّحدة وإيران، لا يزال مستقبل الاتفاق النووي غير مستقرّ حتى الآن.. لهذا من الضروري حماية العلاقات الاقتصادية بين الاتحاد الأوروبي وإيران لإنقاذه.. ولا يمكن تحقيق هذه المهمّة إلّا عبر بذل جهود سياسيّة وقانونيّة حثيثة ومفاوضات على أعلى مستوى تقنع طهران بالبقاء في الاتّفاق.

المصدرسبأ