مقالات مشابهة

حكومة العدوان الجديدة.. أداة الأدوات الاستعمارية

على مر التاريخ لم تنجح دولة غازية في أن تتعايش وتتألف مع الشعوب التي استعمرت أوطانها، فالعلاقة بين الاحتلال والشعوب المحتلة علاقة عداء حتى وإن أذعنت الشعوب التي قبلت الاستعمار.

وارتضت البقاء تحت رحمة المحتل، لن تسلم من عدائه وحقده وخوفه منها، فأمريكا التي قامت على جثث الهنود الحمر، وارتكبت أكبر جريمة إبادة جماعية بحق سكان أمريكا الأصليين الممثلين بالهنود الحمر لم تقبل التعايش مع من تبقى من سكان أمريكا الأصليين.

رغم أن الهنود الأحمر اعتقدوا أن المستوطنين الجدد مجرد آلهة رحيمة جاءت لتخلصهم من الشر وفق أساطيرهم، فتم استئصالهم وإبادتهم ومن تبقى منهم تم تهجيره قسرياً بعد نهب ثرواتهم وقتل أبناءهم واستحياء نسائهم، وهناك نماذج كثيرة ومتعددة لحروب انتهت بهلاك الشعوب المستعمرة أو مقاومة المستعمر والتحرر كضرورة لا مناص منها.

ولنا في اليمن تجارب متعددة في مواجهة العدوان الخارجي انتهت برحيل الاحتلال.

ورغم مرور 53 عاما ً على رحيل آخر جندي بريطاني من جنوب هذا الوطن، إلا أن الدويلات التي لا تاريخ لها تناست أن أبناء اليمن كسروا جبروت الإمبراطورية التي لم تكن تغيب عنها الشمس، فأجبروا المحتل البريطاني على الرحيل بعد 129 عاماً مذلولاً مدحوراً، وواجهوا أكبر قوة في العالم بالإرادة وقوة الحق، ولم يهابوا من حداثة الأسلحة البريطانية فخاضوا معركة تحرير غير متكافئة بالسلاح والمال والعتاد، فانتصروا وأجبروا المحتل على الرحيل.

واليوم يعود الاحتلال تحت ذرائع جديدة وبمخططات وأجندات متعددة متجاهلاً أن كلمة الاستسلام لا توجد عند أحرار اليمن، وأن كل المساعي الاستعمارية آيلة للسقوط لامحالة مهما حاول المحتل تحسين صورته المتوحشة واستخدام عملائه لتنفيذ أجندة قوى الاستكبار العالمي.

فالشعب اليمني يدرك جيداً، أن عدن كانت ولا زالت محط أنظار الدول الطامعة التي تسعى للحصول على موطئ قدم لها، وتحلم في إرساء قواعد لها على البحر الأحمر والخليج العربي ومن ثَمَّ السيطرة على المحيط الهندي من خلال السيطرة على جزيرة سقطرى اليمنية، ويدرك أيضاً أن الفار هادي والحكومات التي يشكلها المحتل الغازي لأرض الجنوب، ليس سوى أدوات وضيعة مسلوبة الإرادة والقرار، تنفذ ما تؤمر، لاشرعية لها ولا تمثل أبناء المحافظات الجنوبية، صنعها المحتل الجديد كما سبق للاحتلال البريطاني أن صنع حكومة الاتحاد أواخر الخمسينيات من القرن الماضي، وحاول أن يمتص غضب الشارع الجنوبي المطالب برحيل المحتل الإنجليزي حينذاك.

فبريطانيا فشلت في الأمس القريب في إجهاض ثورة الأحرار من حركات نقابية وعمالية وطلابية، ولاتزال تقف اليوم وراء صنع حكومة جديدة كلفت بتحقيق أهداف قديمة للإنجليز، فبريطانيا كانت تخطط للبقاء في جنوب اليمن كحامي لدويلات السلاطين ومشيخات وإمارات خلقتها كما خلقت دويلة الإمارات اليوم ومن خلفها “إسرائيل” وأمريكا وبريطانيا المجلس الانتقالي الجنوبي كواجهة محلية لتنفيذ مطامع وأجندة الغزاة.

لقد فشل المُحتل أكثر من مرة، وستُفشل إرادة الشعب اليمني بجنوبه وشماله كافة المخططات والمؤامرات عما قريب، كما كشفت أقنعة الإمارات التي أرتمت إلى حضن أوليائها الصهاينة، وكذلك السعودية التي تزعمت صفقة القرن، وتحولت إلى أداة من أدوات أمريكا و”إسرائيل” تنفذ أجندة ومطامع المستعمرين مقابل قيام تل أبيب وواشنطن بحماية الأسرة الحاكمة التي صنعتها بريطانيا قبل 100 عام، كما صنعت الإمارات عام 1971، كأدوات لإثاره الصراعات في المنطقة وتنفيذ المؤامرات الدولية.

اليوم تم تشكيل حكومة ارتزاق وعمالة جديدة، وتم اختيار أعضائها بالمناصفة بين الإمارات والسعودية وبتوجيهات من أمريكا وبريطانيا تم إعلانها الأسبوع الماضي، ولكنها لم تطأ تراب هذا الوطن حتى الجزء المحتل منه، ولن تستطيع اتخاذ أدنى قرار حتى قرار عودتها وإقامتها وتحركاتها لا تمتلكه، فرئيسها المرتزق معين عبد الملك تم التوافق عليه بين الرياض وأبوظبي لأنه خادم آمين للدولتين وسبق أن أثبت ولائه خلال العام 2018، بتمكين الرياض من التدخل العسكري في المهرة، وكان له دوراً بارز في تسليم جزيرة سقطرى للإماراتيين.

ولذلك منح ثقة حكام أبوظبي والرياض الذين أقروا ترقيته من وزير أشغال غير شرعي، إلى رئيس حكومة ومن ثم اقتضت مصالح الدولتين ومصالح أمريكا وبريطانيا وإسرائيل إعادته كرئيس حكومة مكلفة بتهيئة الأوضاع في المحافظات المحتلة لإنشاء قواعد عسكرية بريطانية وأمريكية وإسرائيلية تحت ذرائع مكافحة الإرهاب ومكافحة القرصنة وحماية الممرات المائية وخطوط الملاحة الدولية.

تلك هي المهمة المكلفة بالقيام بها حكومة ما يسمى اتفاق الرياض الذي انتزع منها كل الصلاحيات واستحوذ على إدارة الملف الأمني والعسكري في المحافظات المحتلة، فما ستقدمه تلك الحكومة لأبناء المحافظات الجنوبية وما سوف تتلقاه من دعم مالي متواضع، لا يساوي ذرة تراب واحدة تنازلت بها لدول العدوان وقوى الاستكبار.

فالأيام القادمة كفيلة بإسقاط المزيد من أرواق المرتزقة وأسيادهم، وما نثق به هو أن كل المؤامرات والأجندات والمخططات الاستعمارية سوف تسقط تحت أقدام أحرار شعبنا اليمني في جنوبه والشمال، فأرض جنوب هذا الوطن التي طردت المستعمر البرتغالي والمستعمر البريطاني ومن قبله التركي، ستطرد الغزاة والمحتلين عما قريب فالاحتلال إلى زوال.

المصدرالمسيرة