مقالات مشابهة

ما بعد “بريكست”.. مخاوف بريطانية من تصاعد النزعة الانفصالية لخروجهم من الاتحاد الأوروبي

لا يزال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي “ما بعد بريكسيت” يثير المخاوف من تزايد النزعة الانفصالية في إقليمي إيرلندا الشمالية حيث لم تشمل مفاوضات البريكسيت مسألة ترسيم الحدود بين هذا الإقليم وجمهورية إيرلندا، ما يفتح الباب على مصراعيه لنزاع انضمام الإقليم لإيرلندا أملا بإلغاء الحدود بينهما وربما العودة لأحضان الاتحاد الأوروبي وكذلك الحال بالنسبة لأسكتلندا.

وأبرم رئيس الحكومة البريطانية بوريس جونسن، يوم الخميس الماضي، اتفاق تجارة مع زعماء الاتحاد الأوروبي لما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد أو ما يطلق عليه “بريكست”.

وجاء ذلك قبل سبعة أيام فقط من موعد انسحاب بريطانيا من أحد أكبر التكتلات التجارية في العالم، في أهم تحول عالمي لها منذ ضياع الإمبراطورية البريطانية.

وبالإضافة الى ذلك، خسر البريطانيون إثر خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي مزايا كثيرة، فقد انتهت الفترة الانتقالية لبريكست بعد استفتاء واحد في الاتحاد ومرور أربع سنوات ونصف، ودخلت اتفاقية جديدة بين المملكة والاتحاد حيز التنفيذ.

وخلافا لما سعت له الحكومة البريطانية السابقة في يناير من العام الماضي، وإعلانها أن “بريطانيا المستقبل ستكون أقوى، وأكثر عدلاً، وأكثر اتحاداً”،أعرب سياسيون في حينها، أمثال رئيس الوزراء البريطاني الأسبق جون ميجر ، وخليفته توني بلير، عن خشيتهم أن يعصف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بالمملكة المتحدة.

فمنذ وقفت تيريزا ماي، في 11 يوليو الماضي، لتعلن على الملأ جملتها الشهيرة “بريكسيت يعني بريكسيت”، وتتعهد باحترامها “الإرادة الشعبية”، والمضي نحو “أفضل خروج” من الاتحاد الأوروبي، وهي تسير في حقل ألغام، تنفجر داخلياً وخارجياً.


وكان آخرها في ذلك الوقت عندما أعلنت رئيسة حكومة اسكتلندا، نيكولا ستيرجن، عزمها تنظيم استفتاء جديد حول استقلال اسكتلندا عن المملكة المتحدة، ثم تبعتها زعيمة حزب “شين فين” في إقليم إيرلندا الشمالية، ميشيل أونيل، بالدعوة لإجراء استفتاء شعبي حول خروج الإقليم من المملكة المتحدة والانضمام إلى جمهورية إيرلندا.

وعارضت حكومتا اسكتلندا وإيرلندا الشمالية، وإلى حد ما حكومة إقليم ويلز، خروج بريطانيا التام من الاتحاد الأوروبي، أو ما تصفه وسائل الإعلام بـ”الخروج القاسي”، وطالبتا بـ”خروج مرن” يُتيح للمملكة المتحدة البقاء في السوق الأوروبية الموحدة.

واصطدم موقف إقليمي اسكتلندا وإيرلندا الشمالية بموقف “صقور بريكسيت” في حكومة تيريزا ماي، الرافضين لخوض مفاوضات “مرنة” مع الاتحاد الأوروبي تقوم على أساس “وصول بريطانيا الكامل إلى السوق الموحدة، مقابل التزامها بالحريات الأوروبية الأربع: تنقل الأفراد، وتنقل الخدمات، وتنقل السلع، وتنقل رؤوس الأموال”.

ورأى قادة الحزب القومي الاسكتلندي في حينها أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أسوأ بكثير من خروج اسكتلندا من المملكة المتحدة. بل أن بعضهم رأى أن اسكتلندا ستكون أفضل حالاً بعد خروجها من بريطانيا وانضمامها كدولة مستقلة إلى الاتحاد الأوروبي، فالانضمام إلى تكتل اقتصادي، يضم 27 دولة، أفضل من الانغلاق ضمن بريطانيا ما بعد “بريكسيت”.

ويرى المراقبون أن أوروبا، التي عارضت انفصال اسكتلندا عن المملكة المتحدة، في العام 2014، لم تعد تتحرج، سياسياً وأخلاقياً من انفصال اسكتلندا عن بريطانيا التي انفصلت عن الاتحاد الأوروبي. بل إن دولاً أوروبية، مثل إسبانيا وبلجيكا، التي رفضت في العام 2014 انفصال اسكتلندا عن بريطانيا، وانضمامها للاتحاد الأوروبي، خوفاً من تشجيع الحركات الانفصالية الأخرى الناشطة في أوروبا، يتوقع أن تدعم دول الاتحاد استقلال اسكتلندا عن المملكة المتحدة، على خلاف موقفها في استفتاء العام 2014 للرغبة في ضم اسكتلندا المستقلة للاتحاد تعويضاً عن خروج بريطانيا.

ولا يمكن لحكومة لندن تجاهل تحركات الحزب القومي الحاكم في اسكتلندا، كما لا يمكن لها كذلك تجاهل تحركات حزب “شين فين” المعروف بالجناح السياسي للجيش الجمهوري الإيرلندي، الذي أصبح منذ انتخابات الأسبوع الماضي ثاني أكبر حزب في برلمان الإقليم، إذ حصل على 27 مقعداً في الجمعية، يتقدمه الحزب الاتحادي الديمقراطي الوحدوي بمقعد واحد. ويخشى زعماء “شين فين” أن يؤدي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إلى عودة “الحدود السابقة” والجمارك مع جمهورية إيرلندا المجاورة.

المزايا التي سيخسرها البريطانيون إثر خروجهم الاتحاد الأوروبي وهي كالتالي:-

أولا- الحق في العيش والعمل في الاتحاد الأوروبي حيث انتهت حرية التنقل لمواطني المملكة المتحدة ،وهذا يعني أن الأشخاص الذين يرغبون في الاستقرار في بلد أوروبي (باستثناء أيرلندا) سيتعين عليهم اتباع قواعد الهجرة وقد يحتاجون إلى الحصول على تأشيرات عمل أو مواجهة إجراءات روتينية أخرى. ويشعر البعض بالقلق بشأن الآثار المترتبة على العلاقات العائلية العابرة للحدود.

ثانيا- سهولة السفر إلى الاتحاد الأوروبي حيث سيكون التنقل ضمن الاتحاد المؤلف من 27 دولة أقل حرية بكثير، حيث لا يمكن للبريطانيين قضاء أكثر من 90 يومًا في دولة أوروبية واحدة. كما لن يتم إصدار بطاقات التأمين الصحي الأوروبية للمواطنين البريطانيين وقد يتم تطبيق قيود السفر المتعلقة بفيروس كورونا.

ثالثا- القدرة على المشاركة في برنامج إيراسموس إذ لن يتمكن الطلاب البريطانيون بعد الآن من الدراسة أو العمل أو التطوع أو التدريس أو التدريب ضمن برنامج إيراسموس الأوروبي. ومن إيجابيات البرنامج أيضا أنه يوفر منحًا لدعم الطلاب والمعلمين.

رابعا- الحق في عدم فرض رسوم التجوال إذ انتهى ضمان التجوال الهاتفي المجاني للهاتف، مما يعني أن البريطانيين عليهم دفع فاتورة باهظة الثمن لإجراء مكالمات أو إرسال رسائل نصية أو استخدام بيانات الإنترنت أثناء وجودهم في الاتحاد الأوروبي. وعلى البريطانيين التحقق من الفواتير عند مقدمي الخدمات الهاتفية.

خامسا- الانطلاق في رحلة برية عفوية عبر الاتحاد الأوروبي حيث يمكن لسائقي السيارات البريطانيين القيادة في الاتحاد باستخدام رخصهم البريطانية ولكنهم سيحتاجون إلى الحصول على التأمين الدولي “البطاقة الخضراء” للسيارات ووضع ملصق GB على المصد. وقد يحتاج السائقون من بعض المناطق، ، وكذلك أولئك الذين لديهم رخصة قيادة ورقية إلى تصريح قيادة دولي.

سادسا- القدرة على التصويت والترشح في انتخابات البرلمان الأوروبي إذ أصبح لدى المواطنين البريطانيين عدد انتخابات أقل للمشاركة فيها الآن.

سابعا- الحق في التجارة الحرة داخل الاتحاد الأوروبي حيث أنه مع خروج المملكة المتحدة من السوق الموحدة والاتحاد الجمركي في 31 ديسمبر الماضي ، من المتوقع أن تواجه الشركات فواتير جديدة وأوراق عمل إضافية وتكاليف إضافية عند التداول مع شركاء سابقين في الاتحاد الأوروبي.

وبخصوص الحق في عدم فرض رسوم التجوال، فقد نصحت الحكومة البريطانية مواطنيها من الذين ينوون السفر إلى الخارج أن يدققوا في أسعار المكالمات هناك، وذلك لأن الاتفاقية التجارية بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي لا تضمن عدم أموال إضافية.

لكن الشركات الكبرى في بريطانيا قالت إنها لا تنوي إضافة تعريفة إضافية للمكالمات خارج بريطانيا.

وقد أبلغت شركات الاتصالات عملاءها أنه سيترتب عليهم دفع رسوم إضافية في حال استخدموا أكثر من نصف المكالمات المخصصة لها خارج البلاد، أو في حال قضاء أكثر من 62 يوما خلال أربعة اشهر في الخارج، وهو ما كان ممكنا حين كانت المملكة المتحدة عضوا في الاتحاد الأوروبي.

ولا تتضمن الاتفاقية التجارية بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي استمرار حظر تعريفة التجوال، بل تنص على أن الطرفين سيشجعان شركات الاتصالات على أن تكون رسومها شفافة ومعقولة لمكالمات التجوال.

وجاء في إرشاد الحكومة أن هناك ضرورة للفحص مع شركة الاتصالات التي تتعامل معها بخصوص تكاليف مكالمات التجوال في دول الاتحاد ابتداء من 1 يناير 2021.

المصدرسبأ