مقالات مشابهة

لوموند الفرنسية: على الممالك المهتزة إعادة بناء علاقاتها مع اليمن فرغم العدوان تتزايد قوة “أنصار الله”

ترجمة من لوموند الفرنسية

اعتبرت جريدة لوموند الفرنسية القرار رقم 2216 الصادر عن مجلس الأمن في 14 أبريل 2015، شيكا على بياض سمح للسعودية من خلال التحالف بينها وبين عشرات الدول كمصر والأردن والسودان والمغرب، إضافة إلى دول الخليج، باستثناء عمان، بالعدوان على اليمن، وفرض الحصار الذي تسبب في أكبر مأساة إنسانية.

ونشرت لوموند الفرنسية ( Le Monde diplomatique) والتي تصدر شهريا عن شركة لوموند وتنتشر حول العالم بـ 26 لغة (يبلغ عدد النسخ المطبوعة 2.2 مليون نسخة ) تقريرا موسعا حول الحرب العدوانية على اليمن بعنوان (سلسلة انتصارات الحوثيين وفشل السعودية في اليمن)“، أظهر الفشل السعودي في الحرب على اليمن، على العكس من الرهانات الغربية التي وصفها التقرير بأنها كانت غير دقيقة، لافتا إلى الصراعات والخلافات البينية بين أقطاب التحالف ومليشياته، والانقسامات المستعرة بين الممالك الخليجية.

واعتبرت لوموند الفرنسية في تقريرها القرار 2216 بمثابة تقنين العمل العسكري، وكذلك الحصار على منافذ الدخول والخروج من/والى اليمن، الذي سرعان ما أدى إلى تكلفة بشرية مروعة، وأضافت في تقرير لها “يوصف هذا الحصار في كثير من الأحيان بأنه “أسوأ أزمة منذ عقود»، وهي أزمة لا تزال الاستجابة فيها لحالات الطوارئ تعاني من نقص الموارد من الناحية الهيكلية.

منذ ذلك الحين، وبينما تقدر وكالات الأمم المتحدة عدد ضحايا القتال والكارثة الإنسانية بـ 250 ألفًا، يظل الركود العسكري واضحًا. وأكدت بأن القوى الغربية المتورطة بشكل خاص في عقود بيع الأسلحة، تجد نفسها اليوم متورطة في مشروع حربي غير شريف وغير فعال»، وحول التهم بوجود دعم وتدخل إيراني في المعركة، قال التقرير : ” غالبًا ما تشكل القضايا الإقليمية المتخيّلة منظورًا لإدراك الصراع وهو أمر ضروري بالطبع ولكنه غير كافٍ. لكن الاتهامات الموجهة لإيران، التي يقال إنها تدعم الحوثيين، تتطلب الإشارة إلى الدور الذي تلعبه طهران. ”

وأضافت لوموند الفرنسية “على الرغم من تلك المزاعم ، لم يتم الكشف عن أي خبير عسكري إيراني أو ممثل للحرس الثوري على الأراضي اليمنية – بخلاف الواقع في العراق أو سوريا-على سبيل المثال.ومع ذلك ، هناك إجماع بين المتخصصين في كل من اليمن وإيران للتأكيد على البعد الثانوي لدعم الجمهورية الإسلامية (للحوثيين)، الذين لا تزال قدرتهم على التعبئة قبل كل شيء محلية.

وقال التقرير إن صعود جون بايدن إلى الرئاسة الأمريكية يعد تهديدا بمزيد من التوهين لموقف النظام السعودي في الحرب على اليمن ، وأضافت لوموند دبوماتيك في تقرير نشرته مؤخرا أن بايدن أعلن خلال حملته الانتخابية معارضته للحرب في اليمن وأدلى بتصريحات انتقد فيها بشدة الموقف السعودي، مهددًا بتحويلهم إلى “منبوذين» من “المجتمع الدولي».

وجاء في تقرير لوموند الفرنسية: ” سيكون الملف السعودي، من خلال الحرب في اليمن، بمثابة اختبار للإدارة الجديدة. بغض النظر عن توزيع المقاعد في الكونجرس بعد انتخاب عضوين في مجلس الشيوخ في جورجيا، فقد يميل البيت الأبيض إلى ممارسة الضغط على الرياض للإسراع في إنهاء الصراع أو/على الأقل، لإجبار النظام السعودي على احترام أكبر للسكان المدنيين اليمنيين. في الواقع، خلال فترة ولايتهم السابقة، دعم الممثلون المنتخبون للأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، بقيادة السيد بيرني ساندرز على وجه الخصوص، العديد من النصوص التي من المحتمل أن تقوض الدعم الأمريكي للتحالف في اليمن.».

فشل العدوان على اليمن

وحول فشل العدوان التحالفي على اليمن أشار التقرير الذي نشرته جريدة لوموند دبلوماتيك الفرنسية تحت عنوان (سلسلة انتصارات الحوثيين وفشل السعودية في اليمن)، إلى فشل العدوان التحالفي على اليمن، لافتا إلى أن سببه السعودية في المقام الأول، وقال التقرير الذي حصلت عليه الثورة وترجمته كاملا “إن الفشل العسكري والسياسي لتحالف العدوان يُعزى في المقام الأولى إلى السعودية التي بالغ صانعو القرار الغربيون في تقدير قوتها على السيطرة على الملف في اليمن، دون أي قراءة مفصلة للواقع».

وكشفت لوموند الفرنسية عن محاولات النظام السعودي في البحث عن مخارج ورطته في اليمن ، وقالت “تتلمس السعودية اليوم قبول التفاوض مع (الحوثيين) اليمنيين الذين هم الآن في موقع قوة، ويتقدمون نحو مدينة مأرب ، آخر معقل هادي.

كما أشارت في التقرير إلى أن ما تعرض له ثلاثون مليون يمني لن يترك سكان شبه الجزيرة العربية سالمين ، مضيفة “إن الممالك الخليجية، اهتزت بفعل تقلبات عائدات النفط، والتوقعات الجديدة لرعاياها وتحدي المناخ، والتي عليها المحافظة على علاقتها المترابطة مع اليمن من خلال بناء افق علاقة جديدة ومختلفة عن الخيار العسكري»، لافتتة إلى أن السعودية ارتكبت جرائم حرب متكررة ، أضرت بصورتها الدولية، كما أدت الملاحقات السعودية للمقيمين اليمنيين داخل المملكة إلى زيادة السخط والاستياء الشعبي في اليمن ضدها.

صراعات بين فصائل مرتزقة العدوان

وأوضحت لوموند الفرنسية في تقريرها أن السعودية لم تتمكن من إنفاذ اتفاق الرياض الموقع في نوفمبر 2019 بين حلفاء التحالف العدواني، والذي كان من المفترض أن ينهي الصراع بين مؤيدي هادي والمجلس الانتقالي في الجنوب، وقالت إن ذلك الفشل يظهر مرة أخرى هشاشة الموقف السعودي، ويشير هذا الواقع إلى أن توقيع اتفاق سلام بين التحالف و(صنعاء) لن يؤدي للأسف إلى إنهاء الصراع في اليمن.

واعتبرت إنشاء النظام الإماراتي لتحالفات مع مليشيات سلفية يشير إلى سياسة مشوشة وقصيرة النظر لدى التحالف، وأكدت أن الاستراتيجية الاماراتية تفتقر إلى الفروق الدقيقة حيث أنها تنشئ الكثير من الأعداء من خلال توزيع تهم التبعية لقطر أو تركيا، وقالت إن استمرار الخلاف داخل التحالف في الوقت الذي يبدو فيه أن الولايات المتحدة مثل روسيا والصين والاتحاد الأوروبي، مدركة للحاجة الملحة إلى عدم التحدث علانية، ورفض القيام بدور الحكم في هذا الصراع، وفي إعادة تشكيل المنطقة.

وقالت لوموند الفرنسية: ” منذ عام 2017، أدت هجرة عشرات الآلاف من العمال إلى المدن السعودية قبل وقت طويل من اندلاع الأعمال العدائية، إلى زيادة الاستياء الشعبي الذي سيجد السعوديون، بقيادة ولي العهد، صعوبة في نسيانه. أما على الصعيد الدولي، فإن صعود بايدن إلى السلطة في الولايات المتحدة يهدد بمزيد من التوهين لموقف الرياض. فخلال الحملة، أعلن الرئيس الأمريكي الجديد معارضته للحرب في اليمن وأدلى بتصريحات انتقد فيها بشدة الموقف السعودي، مهددًا بتحويلهم إلى “منبوذين” من “المجتمع الدولي”.

وتطرقت لوموند الفرنسية في تقريرها إلى الانقسامات في صف التحالف: ” في مواجهة عُمان، التي تتميز بحيادها الدبلوماسي في كل من اليمن وإيران، لم يعيد السعوديون تشكيل المنطقة لصالحهم أيضًا. كما لم تؤد الأزمة الاقتصادية في السلطنة، والتي تفاقمت بسبب وباء كوفيد -19 وكذلك محاولات الرياض لزعزعة استقرار المنطقة اليمنية المتاخمة للمهرة، إلى إخضاع السلطة العمانية، اتخذ السيد هيثم بن طارق، الذي خلف ابن عمه السلطان قابوس بن سعيد المتوفى في يناير 2020، خيار استمرارية الحياد الدبلوماسي الذي لا يتناسب مع طموحات الهيمنة السعودية، بينما يشهد على تشرذم الخيارات السياسية، وعلى المنافسة بين ممالك الخليج.

ويضيف تقرير لوموند الفرنسية: ” حتى داخل ” التحالف المشارك في الحرب على اليمن ” فإن قوة الرياض في الواقع موضع نزاع. لقد طورت الإمارات العربية المتحدة، من خلال مشاركتها العسكرية في المناطق الجنوبية من اليمن ودعمها المباشر للمجلس الانتقالي الجنوبي، سياسة تقويض للخيارات التي دافع عنها الوهابيون.

دفع تدخل أبو ظبي في جزيرة سقطرى أو موانئ البحر الأحمر الى ارتفاع منسوب المنافسة بين الحليفين المفترضين. ان العلاقات التي أنشأها الإماراتيون مع الجماعات المسلحة، والقمع العنيف الذي يشجعون عليه ضد الممثلين المحليين للإخوان المسلمين الذي يجسده التجمع اليمني للإصلاح، ترمز إلى غياب نظام إقليمي أو قراءة مشتركة وحقيقية للقضايا والأولويات والتهديدات بين أعضاء التحالف”.

وحول التحالفات التي تحاول الإمارات صنعها في اليمن، جاء في تقرير لوموند الفرنسية: ” بالإضافة إلى ذلك، فإن التحالف الذي أنشأته محليًا قوات أبو ظبي مع الميليشيات السلفية يشير بوضوح إلى سياسة مشوشة وقصيرة النظر.

ومع ذلك، يوصف هذا الوضع أحيانًا (خاصة من قبل القادة الأوروبيين) بأنه جزء من تصميم جيوسياسي إماراتي كبير يقوم على التكامل الاقتصادي والمصالحة. هذه الاستراتيجية، التي تفتقر بشكل فريد إلى الفروق الدقيقة، تنشئ الكثير من الأعداء الذين يقع اتهامهم بطريقة مبهمة بأنهم اتباع لتركيا أو قطر، مما يولّد الاستياء والعنف.

من ناحية أخرى، يأتي استمرار الخلاف داخل التحالف في الوقت الذي يبدو فيه أن الولايات المتحدة مثل روسيا والصين والاتحاد الأوروبي، مدركة للحاجة الملحة إلى عدم التحدث علانية، ورفض القيام بدور الحكم في هذا ” الصراع ” وفي إعادة تشكيل المنطقة”.

واختتمت لوموند الفرنسية تقريرها بالقول: ” اٍنّ استراتيجيات القادة السعوديين والإماراتيين لا تولي سوى القليل من الاهتمام للمدنيين. لكن الثلاثين مليون يمني المعرضون للخطر يذكرونهم بذلك، كما إن الانهيار الاقتصادي والصحي للمجتمع اليمني.. لن يترك سكان شبه الجزيرة العربية سالمين.

إن الممالك الخليجية، التي اهتزت بفعل تقلبات عائدات النفط، والتوقعات الجديدة لرعاياها وتحدي المناخ، عليها المحافظة على علاقتها المترابطة مع اليمن من خلال بناء افق علاقة جديدة ومختلفة عن الخيار العسكري. وعلى الرغم من التدخل العسكري للتحالف بقيادة السعودية وبدعم من القوى الغربية، تتزايد قوة ”أنصار الله” في اليمن ”.