مقالات مشابهة

البرنامج النـووي.. إيران تكشف زيف الإدعاءات الصهيونية

كشفت إيران باقتدار زيف وكذب إدعاءات مسؤولي الكيان الصهيوني بشأن برنامجها النـووي الذين لجأوا إلى وسائل مضللة بتحديد مواعيد لحصول طهران على السلاح النـووي، لكن في كل مرة منذ أكثر من 3 عقود من الزمن يثبت زيف وكذب ادعاءاتهم.

ولجأ مسؤولو الكيان الصهيوني مجددا الى هذه الاسطوانة المشروخة بعد أن تناهى الى أسماعهم احتمال عودة أمريكا الى الاتفاق النووي، وذلك بالرغم من امتلاك الكيان الصهيوني اكثر من 200 رأس نووي وعدم عضويته في معاهدة حظر الانتشار النووي “ان بي تي”.

ويسعى مسؤولو الكيان الصهيوني منذ عقود للإيحاء بأن الأنشطة النووية الإيرانية تشكل تهديدا لأمن المنطقة والعالم؛ وهو التكتيك الذي استمر حتى بعد إبرام الاتفاق النـووي وعمليات المراقبة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية للأنشطة النووية الإيرانية فضلا عن 17 تقريرا ايجابيا من المدير العام السابق للوكالة الفقيد يوكيا امانو في إثبات وفاء إيران بالتزاماتها في إطار الاتفاق.

ووقفت إيران مؤخرا بقوة في وجه التهديدات التي أطلقها رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال الصهيوني أفيف كوخافي وأكدت على جدية التعامل مع تلك التهديدات، وهو ما أجبر مسؤولي الكيان، على مراجعة مواقفهم منها، مؤكدين أنها “غير مسؤولة”، و”لا تعبر إلا عن رأيه الشخصي”.

وكان كوخافي أطلق تصريحات في مؤتمر معهد الأمن القومي الصهيوني، والتي تحدّث فيها عن وضع “الجيش” خططاً عسكرية لمواجهة المشروع النـووي الإيراني، وأكد أن عودة إدارة الرئيس جو بايدن إلى الاتفاق السابق أمر سيئ جداً .

وفي تصريحاته استعرض كوخافي أيضاً الخطوط العريضة للطريقة التي سيتعامل بها “الجيش” الصهيوني في أي حرب قادمة مع أي جبهة من جبهات المقاومة، إذ أكد أن جيشه لن يكتفي باستهداف المقاومة وجنودها، ولكنه سيقصف البنى التحتية والمدنية المحيطة بها. ولقيت تصريحات كوخافي موجة كبيرة من الانتقادات في الكيان الصهيوني حيث هاجم رئيس جهاز الموساد يوسي كوهين، تلك التصريحات، ودعا الى الابقاء على الاتصالات مع الإدارة الأمريكية الجديدة فيما يخص الشأن الإيراني.

الإذاعة “الإٍسرائيلية”، أكدت إن تصريحات كوخافي لم يتم التنسيق بشأنها مسبقا مع رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو ووزير حربه بيني غانتس، وأن تصريحاته جاءت في إطار مخاطبة الرأي العام داخل الكيان الصهيوني.

في المقابل ردت إيران بالتهديد بقصف العمق وتدمير مدينتي تل أبيب وحيفا و”تسويتهما بالأرض”، في حال تعرضت لاستهداف من قبل الكيان الصهيوني. وقال المتحدث باسم رئاسة الأركان الإيرانية، أبو الفضل شكارجي، رداً على تهديدات رئيس الأركان الصهيوني، “سنسوي مدينتي تل أبيب وحيفا بالأرض على الفور في حال ارتكبت إسرائيل أي خطأ ضد إيران”، واصفاً هذه التهديدات بأنها “حرب نفسية” و”أوهام”.

كما وصف محمود واعظي مدير مكتب الرئيس الإيراني حسن روحاني تصريحات كوخافي بأنها “بلا قيمة” واعتبرها من أدوات الحرب النفسية التي تديرها إسرائيل، مؤكداً استعداد بلاده للدفاع عن نفسها. وبعد فوز بايدن في الانتخابات الرئاسية الأمريكية واحتمال عودة أمريكا للاتفاق النووي شعر مسؤولو الكيان الصهيوني بقلق شديد وبادروا عبر تكرار اتهامات فارغة لمنع تنفيذ الاتفاق النـووي.

وقبل عدة ايام قال وزير الطاقة الصهيوني “یوفال شتاینیتز” في تصريح اذاعي بان “ايران بحاجة الى 6 اشهر لانتاج المواد القابلة للانشطار النووي لصنع السلاح النووي” واضاف: لصنع القنبلة النووية هنالك حاجة الى 25 كغم من اليورانيوم المخصب بنسبة 90 بالمائة. بناء على ذلك ستكون ايران قادرة على صنع السلاح النووي في غضون عام الى عامين.

مزاعم متكررة في أجواء الاتفاق النـووي وما بعده

وبحسب وكالة الأنباء الإيرانية فإن هذه الاتهامات تكررت دوما من قبل المحللين والخبراء الصهاينة على أمل ألا تعود إدارة بايدن الى الاتفاق النووي. قبل عدة أشهر حدد محلل القضايا العسكرية الصهيوني “الکس فیشمان” فترة 3 أشهر لحصول إيران على القنبلة النووية وقال حسب زعمه بان إيران تفصلها 3 اشهر اخرى عن الوصول الى امتلاك 25 كغم من اليورانيوم المخصب بنسبة 90 بالمائة وهي النسبة اللازمة لصنع القنبلة النووية.

وفي فبراير عام 2019 وبعد عدة أشهر من خروج أمريكا من الاتفاق النووي كان هنالك ادعاء من دائرة الاستخبارات في الجيش الصهيوني التي زعمت في تقرير لها “أن البرنامج النـووي الإيراني كان قد تطور بما فيه الكفاية لغاية توقيع الاتفاق النووي عام 2015. بناء عليه فان إيران قادرة على امتلاك السلاح النووي في غضون عامين فقط!”.

لكن أكثر الاستعراضات في هذا المجال جرت من قبل نتنياهو بحيث يكرر اتهاما مماثلا في سبتمبر من عام خلال اجتماع الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة. توقعاته لوصول إيران الى القنبلة النـووية كانت على الدوام خاطئة ومجرد مزاعم فارغة بحيث اطلق الكثيرون عليه لقب “الراعي الكذاب” لكثرة ما كذب وادعى من اتهامات باطلة.

وفي الـ 27 من سبتمبر عام 2012 وخلال كلمته في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، عرض نتنياهو كاريكاتيرا لقنبلة نووية في إطار زعمه بأن إيران ستصنعها ما جعله موضع سخرية الكثير من الحاضرين والرأي العام ووسائل الإعلام في العالم. إصراره على الادعاء بان إيران تفصلها عدة أشهر فقط عن صنع القنبلة النووية تم التشكيك به مرارا من قبل جهاز الاستخبارات الصهيوني (الموساد) ومن ضمن ذلك وضع الموساد بعد اسبوعين من كلمته المثيرة للجدل في الجمعية العامة، الوثيقة رقم 9342 تحت تصرف جنوب افريقيا؛ وثيقة تناقض كلام نتنياهو بصورة كاملة. وجاء في جانب من الوثيقة “ان الموساد يرى بان إيران لا تسعى وراء انتاج القنبلة النـووية”.

في سبتمبر عام 2019 وبعد عدة أشهر من خروج أمريكا من الاتفاق النووي، عرض نتنياهو من منبر الأمم المتحدة مسرحية دعائية جديدة ضد إيران وكرر اتهاماته ومزاعمه الباطلة السابقة وعرض صورا مدعيا بان هنالك مستودعا نوويا سريا في منطقة “تورقوزاباد” قرب طهران؛ اتهام لم تثبت صحته بعد تفقده من قبل مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية حيث ظهر انه مكان لغسل السجاد. في العام ذاته وفي مسرحية دعائية أخرى جاء نتنياهو بعدد من الصور والاقراص المدمجة والاوراق أمام عدسة التلفزيون مدعيا بان إيران تمتلك برنامجا سريا لصنع السلاح النووي.

ومن الأمثلة الأخرى لهذه المزاعم التي لا اساس لها من الصحة؛ ادعاء وزير الخارجية الصهيوني في حينه ايهود باراك في العام 1996 بان إيران ستمتلك السلاح النووي في غضون 4 أعوام قادمة وأن إيران ستصبح في غضون 6 الى 18 شهرا قوة نووية وذلك خلال حديثه الخاص مع عدد من أعضاء الكونغرس الأمريكي عام 2009 (والذي تم الكشف عنه من قبل موقع ويكي ليكس). نتنياهو توقع فترة ما بين 6 الى 7 اشهر في تصريحه لقناة “ان بي سي” الأمريكية في 16 سبتمبر عام 2012 وكذلك وجّه وزير الشؤون الإستراتيجية الصهيوني “یوفال اشتاینیتز” تحذيرا بهذا الصدد في ۲۲ سبتمبر عام 2013 والذي اوردته صحيفة “لوموند” الفرنسية.

وفي الاعوام الاخيرة تم طرح المزاعم المتعلقة بحصول إيران على السلاح النـووي عبر الأبواق المختلفة من قبل المسؤولين الصهاينة ومازالت جارية في أجواء ما بعد الاتفاق النووي في حين ثبت للجميع مرارا كذبها وزيفها وكانت في بعض الأحيان موضع سخرية واستهزاء على الصعيد الدولي.

ويرى محللون أن تكرار هذه المزاعم من قبل مسؤولي الكيان الصهيوني ضد البرنامج النـووي السلمي الإيراني مزحة مرة وثقيلة في حين أن هذا الكيان الذي يستهدف البرنامج النووي الإيراني لا يسمح هو نفسه للمفتشين الدوليين بتفقد منشآته النـووية ولم ينضم لغاية الآن لمعاهدة حظر الانتشار النووي “ان بي تي”.

كما يرى مراقبون بأن هذه المزاعم الفارغة تأتي للتبرير والتغطية على الأعمال الإرهابية والتخريبية تجاه إيران من ضمنها؛ استخدام فيروس “ستاكس نت” لضرب البرنامج النووي الإيراني والقيام بعمل تخريبي في موقع نطنز النـووي واغتيال العلماء النوويين الإيرانيين من ضمنهم الشهيد محسن فخري زادة.

ويرى المراقبون أيضا أن التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية الأمريكي الجديد انتوني بلينكن لقناة “إن. بي. سي” الذي قال بأنه “لو استمرت إيران بخرق الاتفاق النووي ستصبح على بعد عدة أسابيع فقط من امتلاك المواد اللازمة لصنع القنبلة النووية” تأتي في سياق اللعبة التي أطلقها الكيان الصهيوني منذ عقد عقود ضد إيران، لذا فانه لو أرادت إدارة بايدن العودة للاتفاق النووي وتنفيذه فلا ينبغي أن تلعب في ارض الكيان الصهيوني الذي ليس خافيا على أحد عداؤه لإيران والاتفاق النووي.

سبأ