مقالات مشابهة

أمريكا والسعودية والتنظيمات الإجرامية “داعش والقاعدة”.. عدوانٌ متكاملٌ على اليمن!

لم يعـــد خافيا الدعم المباشر الذي تقدمه قوى العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي للتنظيمات التكفيرية الإجرامية “داعش والقاعدة” باليمن في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية ومدى الانسجام الكبير في تحركات هذه التنظيمات الإجرامية وسيرها في خط واحد مع العمليات العسكرية لقوى العدوان والمرتزقة، وحصولها على الأموال والأسلحة المختلفة للمشاركة في قتل الشعب اليمني.
وتتجلى الحقائق من يوم إلى آخر، عن علاقة هذه التنظيمات الإجرامية التكفيرية بأمريكا، وبأنها صناعة أمريكية، وما نشره جهاز الأمن والمخابرات في صنعاء مؤخرا عن نشاط القاعدة في محافظة مأرب إلا دليل قاطع على اشتراكها مع مليشيا الإصلاح والمرتزقة في معركة واحدة ضد الشعب اليمني.
ويؤكـد الباحث والناشط السياسي علي جسار أن الدعم الأمريكي ليس جديدا، حيث بدأ منذ ثمانينيات القرن الماضي عندما أنشأت أمريكا تنظيم القاعدة لمواجهة الاتحاد السوفييتي في أفغانستان، وكذلك عندما أنشأت تنظيم داعش في العراق وسوريا، مشيرا إلى أن المشهد تكرر في العام 2011 عندما دعمت هيلاري كلينتون الإخوان المسلمين في مصر واليمن للوصول إلى الحكم.
ويشير جسار في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” إلى أن الدور الذي لعبته هيلاري كلينتون (وزيرة خارجية الولايات المتحدة الأمريكية السابقة) في دعم ومساندة الإخوان للوصول إلى الحكم وبعدها، أوصلها هي ومساعديها بالجماعة التي تم الكشف عنها في وثائق نشرتها مواقع أمريكية في عام 2016، والتي تم نشرها بموجب قانون حرية المعلومات، حيث كشفت محادثات جرت بين هيلاري كلينتون ومحمد مرسى، عرضت خلالها “مساعدة سرية” لتحديث وإصلاح جهاز الشرطة بزعم خدمة “الأسس والمعايير الديمقراطية”، وتضمنت تلك الخطة إرسال فريق من الشرطة الأمريكية وخبراء أمن إلى مصر؛ لإخضاع الإدارة المصرية والشعب المصري تحت إدارة الجماعات التكفيرية.
لقد أسست أمريكا تنظيم القاعدة ودعمته منذ ما يقارب أربعة عقود في أفغانستان، وكذلك تم إدخاله اليمن بموافقة نظام عفاش وبتوجيه أمريكي، كما توضح هيلاري كلينتون، حيث حصل ذلك بالتنسيق مع المخابرات الباكستانية وعبر النظام السعودي الذي أصدر علماؤه الوهـابيون الفتاوى الدينية لمواجهة الاتحاد السوفييتي في أفغانستان تحت مسمى “الجهاد”، وهذا ما حدث في اليمن بداية العدوان.
نسخة جديدة
ومضت واشنطن على الموال ذاته، واستنسخت “داعش” من رحم ما يسمى “بالقاعدة”، وقد أوضح هذه الحقيقة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في تصريح نشرته وكالة أسوشيتد برس بتاريخ 2 /1 /2016م، حيث قال بالحرف الواحد: “الولايات المتحدة الأمريكية هي التي أطلقت الفوضى فيما أسماه الشرق الأوسط، وإن مؤسس تنظيم “داعش” هو باراك أوباما (الرئيس الأسبق لأمريكا)، وإن المؤسس الشريك هي هيلاري كلينتون (وزيرة خارجية الولايات المتحدة الأمريكية السابقة)”.
ويجب التنبه هنا أن تصريحات ترامب لا تعبر عن إدانة للإدارة الأمريكية السابقة وتبرئة ساحته هو، أو أنها تأتي من باب المناكفات السياسية، ولكنه كشف حقيقة هذه الجماعات الإجرامية والداعم الحقيقي لها، حتى وإن حاول ترامب التظاهر وتبرئة إدارته من دعم الإرهاب، إلا أن المعطيات والوقائع تشير إلى عكس ذلك تماما، والدليل ما حدث في اليمن، حيث استمرت هذه التنظيمات في تلقي الدعم والمساندة والقتال مع العدوان الذي هو في الأساس أمريكي على بلادنا.
النظام السعودي.. الخادم الفعلي
وللتوضيح هنا فـإن النظام السعودي عمل منذ الثمانينيات كممول لمعارك التنظيمات التكفيرية الإجرامية التي تقاتل في جبهات أمريكا ولحسابها ومصالحها، فمنذ أن نادت أمريكا للحرب في أفغانستان انبرى أمراء النظام السعودي الذميم لحشد المرتزقة للقتال في جبهة أمريكا ولصالحها، وقد انطلق المجرم المدعو عبدالله عزام، وهو أحد قيادات التنظيم الإرهابي، من الأراضي السعودية جامعا وحاشدا المقاتلين والأموال، وجند الآلاف من المرتزقة، وجلهم سعوديون، ونقلوا عبر رحلات مجانية سعودية إلى أفغانستان؛ للالتحاق بتنظيم القاعدة الإجرامي تحت شعار مواجهة الاتحاد السوفييتي الذي كان الستار له.
وإذا ما ركزنا على مجريات الأحداث في اليمن جراء العدوان الغاشم منذ 6 سنوات، فـإن الشواهد والأحداث أثبتت كيف قدمت السعودية الدعم المالي لهذه العناصر المتوحشة، حيث ألقت السعودية أسلحة وأموالا عن طريق الإنزال الجوي، إلى جانب تنظيم القاعدة في أبين، كما سهلت السعودية لما يسمى “تنظيم القاعدة” ترسيخ سيطرته على الأراضي في بعض المناطق الجنوبية ومنها مدينة المكلا، التي نهب تنظيم القاعدة فيها قواعد عسكرية ومصارف في إبريل 2015، وأعلن إقامة إمارة في المدينة.
ولم يقتصر نشاط ما يسمى “بتنظيم القاعدة” في المكلا وبعض المحافظات الجنوبية المحتلة، بل كان له تمدد واسع في الكثير من المحافظات اليمنية الشمالية، وتحديدا في البيضاء ومأرب.
ويكشف جهاز الأمن والمخابرات كيف تنقلت هذه العناصر من البيضاء والجوف إلى مأرب، وكيف تعمل لجعلها “ولاية”، كـل ذلك بإشراف ومعرفة واطلاع من قوى العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي، حيث يوضح تقرير الجهاز بأن منطقة “قيفة” برداع كانت تعتمد اعتمادا رئيسيا على محافظة مأرب في توفير ما تحتاجه من مواد غذائية ومشتقات نفطية وسلاح وغيرها، وبعد أن قام الجيش واللجان الشعبية بتطهير منطقة قيفة أصبحت محافظة مأرب مأوىً رئيساً لقيادات القاعدة وعناصرها.
علاقة علانية والدعم بلا حدود
ويعاود الباحث علي جسار الحديث عن التنظيمات الإجرامية “داعش والقاعدة”، فيؤكـد أن قوى العدوان قدمت ولا تزال تقدم الدعم والغطاء لعناصر تنظيمي القاعدة وداعش من خلال تعيين قيادات تابعة للتنظيمين في مناصب حكومية رفيعة فيما تسمى حكومة الفنادق، بالرغم من أن تلك العناصر مدرجة لدى وزارة الخزانة الأمريكية كداعمين وممولين للإرهاب.
ويشير جسار إلى أن ما يسمى الخضر جديب، وهو واحد من أبرز قادة تنظيم القاعدة الإجرامي في اليمن، والمسؤول عن عشرات العمليات الإرهابية، أصبح الذراع الأيمن لما يسمى وزير الداخلية في حكومة المرتزقة والفنادق أحمد الميسري سابقا، وقائدا لحراسته، ثم ما لبث أن أصبح جديب قائدا في قوات حزب الخونة الإصلاح الموالية للعدوان ولما يسمى بـ “الشرعية” التي حاولت احتلال عدن خلال الفترة الماضية.
ويؤكـد الباحث جسار أن المجرم جديب احتل مناصب في حكومة الخونة والفنادق، رغم أنه مطلوب في قوائم الإرهاب الدولية واليمنية، وهنا يظهر الأمر بجلاء العلاقة العلانية بين حكومة الخونة في الفنادق ومرتزقتها والتنظيمات التكفيرية، التي كانت حتى وقت قريب تسيطر على أكبر مدن ومحافظات الجنوب النفطية، كعدن وحضرموت وأبين وشبوة، وترتكب فيها أبشع الجرائم ضد آلاف اليمنيين واليوم اتجهت إلى محافظة مأرب بعد أن تم تحرير بعض المناطق التي كانت تتواجد فيها وبدعوة أمريكية، ولكن مأرب سوف تتحرر قريبا ولن تكون مركزا لها.
ومن خلال هذا الطرح، نستنتج بأن العلاقة بين الجماعات التكفيرية الإجرامية “داعش والقاعدة” وتحالف العدوان الأمريكي السعودي على اليمن واضحة وجلية، وهي تتخذ أكثر من مسار واتجاه، فمنها المشاركة النشطة والفاعلة في جبهات القتال ضد أبطال الجيش واللجان الشعبية، ومنها التسليح، ومنها تلقي الأموال من قبل العدوان، والتعيينات في المناصب وقيادة المعسكرات والإدارات، وهذا يؤكـد أن قوى العدوان دعمت التنظيمات التكفيرية المسلحة كتنظيمي داعش والقاعدة وغيرهما ولا زالت مستمرة في الدعم حتى الآن، وهو دعم ليس له سقف محدود، بل يمكن القول إنه دعم بلا حدود.
ومن ضمن العلاقات والتعاون بين قوى العدوان ومرتزقته وبين التنظيمات التكفيرية، وبحسب الباحث والناشط السياسي جسار، هو ملف الأسرى، حيث تم إدراج 96 عنصرا من تنظيم القاعدة وداعش (محتجزين لدى حكومة الإنقاذ الوطني) ضمن قائمة الأسرى المقدمة من حكومة الفنادق؛ بذريعـة أنهم ضمن أسرى المرتزقة، في حين أنهم عناصر إرهابية نفذت عمليات إرهابية وإجرامية ضد المدنيين، وهذا له دلالة واضحة على أن تنظيمي القاعدة وداعش يعتبران مكونين أساسيين من مكونات قوى العدوان وجزءا لا يتجزأ مما يسمى حكومة الفنادق.
الإخوان و”إسرائيل” من رحم واحد
لقد أقلق التقدم الكبير للجيش واللجان الشعبية في مأرب أمريكا وبريطانيا؛ بسبب خوفهم من القضاء على أدواتهم، وكذلك أثار مخاوف “الكيان الإسرائيلي” الذي عبر بكل وضوح عن مخاوفه من خلال إرساله غواصة عسكرية إلى السواحل اليمنية في باب المندب، وهو ما أكـد عليه ناطق جيش الكيان “أفيخاي أدرعي” بمقطع فيديو على مواقع التواصل.
ويقول الباحث والناشط السياسي جسار: إن هذا الإعلان الإسرائيلي -وفقا للمراقبين- يؤكـد ارتباط حزب الخونة الإصلاح ممثل الإخوان المسلمين في اليمن بعلاقات مع إسرائيل من تحت الطاولة برعاية تركية، لا سـيـما أن “أنقرة” تربطها علاقات وطيدة بالكيان الإسرائيلي على المستوى الاقتصادي والعسكري، منوها إلى أن صدور بيانين متزامنين كأنهما صدرا من فم واحد خلال الأيام السابقة، الأول بيان من تنظيم داعش، والثاني تعليق من المتحدث العسكري الإسرائيلي، يمثل بيانا على سير العمليات في مأرب، أما الأول فقد صدر تحت ما يسمى دولة الخلافة الإسلامية “ولاية مأرب” بعد أن تم الدفع بقوات التنظيم المجرم جنبا إلى جنب مع قوات تنظيم القاعدة والإخوان المسلمين المجرمين، وهو يتحدث عن تنفيذ عمليات هجومية على مواقع الجيش واللجان الشعبية في منطقة الكسارة.
المشاركة في العمليات القتالية
ولأن التنظيمات التكفيرية داعش والقاعدة تتشارك الجرائم وتتبادل الأدوار مع العدوان الأمريكي السعودي في اليمن وتظهر عندما يكون حزب الخونة الإصلاح في زاوية ضيقة أو يخسر مواقعه ونفوذه، فقد بات تبادل الأدوار بين التنظيمات التكفيرية والعدوان الأمريكي السعودي من الأمور المسلم بها في اليمن، لدرجة يصعب تجاهلها في التقارير الأممية والدولية التي تحاول تقديم بياناتها بمستوى معقول من المهنية.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي عبدالخالق النقيب إنه لم يعد خافيا تنامي مستوى الشراكة الواسعة بين التنظيمين التكفيرين (داعش والقاعدة) والعدوان الأمريكي السعودي في اليمن، بعد أن أصبح الدعم المادي واللوجستي العسكري الذي يوفره العدوان لتنظيمي (داعش والقاعدة)، إحدى الحقائق التي أكـدتها عدد من الصحف الأمريكية، وأهمها ما كشفت عنه مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية المتخصصة في الشأن العسكري، حيث كشفت تقاريرها عن إبرام صفقات سرية مع مقاتلي القاعدة وداعش لمواصلة القتال في صفوف المرتزقة ضد الجيش اليمني واللجان الشعبية، كما أشار التقرير لمستوى الدعم اللوجستي العسكري وتنامي التنظيمات التكفيرية في اليمن وحجم امتلاكها من الأسلحة التي باعتها أمريكا للسعودية والإمارات، وأيـضا ما كشفت عنه وكالة أسوشيتد برس في تقارير عن صفقات سرية تم فيها إعادة تجنيد مقاتلي التنظيمات الإرهابية للانضمام والقتال في صفوف العدوان نفسه، ما أتاح لها أن تبقى حية وقادرة على القتال والتوسع والانتشار في ظل علم الإدارة الأمريكية وتحت إشرافها.
ويؤكـد النقيب أن المجلة أبرزت حالة التناغم بين التنظيمين التكفيريين والعدوان في تنفيذ أكثر من “150” عملية اغتيال في المحافظات الخاضعة لسيطرة الاحتلال، والتي استهدفت خطباء وأئمة المساجد والسياسيين المناهضين لسياسة دولة الإمارات المحتلة.
من جهته، يقول الباحث والناشط السياسي، علي جسار: إن المشاركة في العمليات القتالية والتدريب في الجبهات والمعسكرات تتمثل في عدة صور، أهمها إعلان التنظيمات الإجرامية المشاركة في العدوان.
ويضيف أنه في منتصف يونيو2015 م أعلن تنظيم القاعدة على لسان المدعو خالد سعيد عمر باطرفي -أمير التنظيم في اليمن وجزيرة العرب- مشاركته في القتال ضد الجيش واللجان الشعبية في ١١ جبهة ضمن قوات العدوان ومرتزقته، حيث تشارك التنظيمات التكفيرية (داعش _ القاعدة) في جبهات القتال ضمن تشكيلات العناصر التكفيرية السلفية المتشددة، وكذلك إلى جانب تشكيلات تابعة لمرتزقة دول العدوان في مختلف الجبهات. وتشير إحصائيات إلى أنه من بين كـل 1000 عنصر مرتزق يوجد 50-70 عنصرا لهم ارتباطات بالقاعدة أو كانوا من عناصر التنظيم.
وعلى الرغم من فارق التسليح والإمكانات بين قوى العدوان والجيش واللجان الشعبية، يبين جسار أن الأول حشد التنظيمات التكفيرية “الموسومة بالإرهاب دوليا” للقتال معه دون مواربة، وبغطاء أمريكي أوروبي، وهو ما أثبته بيان داعش بالانضمام للقتال في مأرب مع قوى العدوان قبل أيـام، مشيرا إلى استعانة العدوان بتنظيم “القاعدة وداعش” ودفعه بقيادات قبلية موالية له إلى محارق الموت، أملا بقلب موازين المعركة لم تجد نفعا، بل توالت الخسائر بسقوط قيادات كبيرة منها.
ويؤكـد جسار أن عملية التنسيق تتم بين تنظيمي القاعدة وداعش ودول العدوان ومرتزقته في مجال التدريب من خلال تدريب عناصر تنظيم القاعدة ضمن مجاميع وتشكيلات مرتزقة دول العدوان، وأنه يسمح لتنظيم القاعدة بإقامة معسكرات تدريب خاصة بالقرب من معسكرات المرتزقة، كما يسمح لهم بإقامة معسكرات خاصة بالتنظيم في بعض المناطق المحتلة.
دليل من الواقع
وبالتزامن مع استلام تنظيم القاعدة موادا متفجرة لصنع العبوات والأحزمة الناسفة وتفخيخ السيارات في يناير 2017، وقيام حكومة المرتزقة بتسليمها سلاحا ثقيلا؛ من أجل أن يتولى التنظيم قيادة المعركة في شقرة نيابة عن حكومة المرتزقة، إلى جانب الدعم الاستخباراتي وتسهيل التحركات لقيادات كبيرة في التنظيمات الإجرامية ومنح عناصرها وقياداتها بطائق عسكرية وأمنية.
وفي ذات السياق، وفي شهر إبريل من العام الماضي، زود العدوان الأمريكي السعودي عناصر تنظيم القاعدة في محافظة البيضاء، بعدد كبير من الآليات العسكرية، وذلك ما أثبتته وثيقة صادرة عن قائد قوات المرتزقة بعدن، بتاريخ 6 أبريل 2020م، إذ وجه فيها النقاط الأمنية في منطقة آل حميقان ويافع وردفان ولحج وعدن، بتسهيل مرور عدد كبير من الآليات العسكرية يقودها القيادي في تنظيم القاعدة المدعو عبدالرحمن الحميقان الذي كان يتواجد في مقر قيادة قوات العدوان بعدن بعد أن تم استقدامه من محافظة البيضاء لتقديم الدعم له، وجرى تزويده بعدد 12 عربة جيب مصفح وأطقمين وعربتي دينا جوانب وقاطرة.
ونشر ما يسمى نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، الموالي للاحتلال الإماراتي، في شهر مايو من العام الماضي، مقطع فيديو لعنصر من القاعدة يكشف خفايا مشاركة التنظيم في صفوف العدوان السعودي-الإماراتي بمأرب، وتضمن المقطع شخصا يرتدي ملابس تنظيم القاعدة ويتحدث فيها عن رحلته إلى مأرب، مشيرا إلى أنه تم نقلهم إلى منطقة الروضة وتم إنزالهم في منزل قيادي يدعى “أبو جهيم” قبل أن يأتي إليهم القائد العسكري للقاعدة في مأرب ويدعى “أبو فواز” لأخذهم إلى جبهة القتال في صرواح، مشيرا إلى أن أبا فواز كان لديه ترخيص مرور من كافة النقاط وكان يتلقى تموينا يوميا من أحد المعسكرات الممولة من العدوان في مأرب.
وعلى مدى السنوات الماضية، خاض أبطال الجيش واللجان الشعبية معارك عنيفة ضد تنظيمي داعش والقاعدة، في البيضاء وتخلل المعارك إسناد جوي من العدوان للتنظيمين، كما شهدت جبهة محافظة البيضاء خلال العام الماضي معارك طاحنة واستطاع حينها الجيش واللجان من تحقيق انتصار ساحق وطرد الجماعات التكفيرية من أهم وأكبر معاقلها في المحافظة.
ونشر الإعلام الحربي في 26 أغسطس من العام الماضي صورا تثبت الدعم السعودي لعناصر “القاعدة وداعش” في مناطق يكلا وقيفة بمديرية رداع محافظة البيضاء، حيث كشفت صور عن أموال سعودية وأجهزة تصوير واتصالات حديثة في مواقع تلك العناصر، كما بينت العديد من الصور، أسلحة أمريكية وبريطانية حديثة، تم العثور عليها بمواقعهم في قيفة ويكلا.
وأوضحت إحدى الصور بطاقة تأمين صحي صادرة عن مستشفى الرياض المركزي، باسم المجرم ناجي أحمد ضيف الله، وصورة أخرى عن منح حج مجانية من مركز سلمان مقدمة لعناصر التنظيمات الإرهابية للعام 1439هـ ـ 2018م، حيث جرى نقل عناصر القاعدة تحت إشراف العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي من مناطق قيفة ويكلا للدفاع عن معقل العدوان ومرتزقته الأخير في مأرب عقب الانهيارات الأخيرة في العام الماضي لهذه العناصر في كافة مناطق تمركزهم في قيفة ويكلا شمالي محافظة البيضاء المجاورة لمأرب التي أصبحت ملجأ لهم اليوم، وسوف تتحرر.
الإعلام الأمريكي يعترف
ليس كـل ما سبق يثبت تورط العدوان وعلاقته المريحة مع العناصر الإجرامية والتكفيرية في اليمن، بل إن الإعلام الأمريكي قد كشف عن وجود هذه العلاقة، حيث نشرت شبكة CNN الأمريكية تحقيقا كشفت فيه أن الأسلحة الأمريكية والعتاد العسكري التي تعطيها واشنطن للعدوان السعودي وصلت إلى أيدي التنظيمات التكفيرية القاعدة وداعش وميليشيات سلفية متشددة وفصائل أخرى موالية للعدوان الأمريكي السعودي، بفضل حليفي الولايات المتحدة الرئيسيين -السعودية والإمارات- في الحرب على اليمن.
وقالت الشبكة في تحقيقها إنها حصلت على أدلة تؤكـد أن العتاد العسكري الذي باعته واشنطن للسعودية والإمارات تم توزيعه على مجموعات من المليشيات الموالية للعدوان، وأن على رأس هذه المليشيات التي حصلت على الأسلحة الأمريكية “المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا”، منوهة إلى أن التحقيق توصل إلى العثور على أسلحة أمريكية في يد جماعات مسلحة تابعة لتنظيم القاعدة الإجرامي.
وفي السياق، ذكر محققون في البنتاغون أن الكثير من الأسلحة البريطانية والأمريكية وجدت طريقها إلى التنظيمات التكفيرية الإجرامية الموالية للسعودية والإمارات في اليمن القاعدة وداعش.
وكانت صحيفة “الغارديان” البريطانية قد أوضحت أن النظام السعودي، وفي انتهاك واضح للاتفاقيات التجارية، تسبب في وصول الأسلحة المتطورة، التي تم شراؤها من الشركات الأوروبية والأمريكية، مثل العربات المدرعة ومنصات الصواريخ والعبوات الناسفة والبنادق المتطورة، إلى التنظيمات التكفيرية داعش والقاعدة.
وظهر مقاتلو القاعدة وداعش في معارك عديدة ضمن العدوان على اليمن الذي تقوده أمريكا، وهم يحملون أسلحة أمريكية وهم على متن مدرعات أمريكية الصنع أيـضا، كما حصل في عدن في العام 2015 وفي الساحل الغربي في العامين 2017- 2018م، حيث أعلن زعماء التنظيمات الإجرامية -عبر بيانات منشورة- مشاركتها في الحرب والعدوان ضمن التحالف الأمريكي السعودي ضد الجيش واللجان الشعبية.
وكشفت شبكة CNN أن معدات ثقيلة عسكرية وأسلحة أمريكية وصلت إلى النظامين السعودي والإماراتي ثم تم تقديمها بشكل مباشر لتنظيمي القاعدة وداعش في اليمن، كما كشف تحقيق استقصائي لوكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية في أغسطس العام الماضي أن العدوان السعودي عقد اتفاقات سرية مع تنظيم القاعدة في اليمن، وأن هذه الاتفاقات تمثلت في دفع العدوان السعودي أموالا للتنظيم الإجرامي مقابل انسحاب مقاتليه من بعض المناطق في اليمن، وهذا ما يؤكـد العلاقة بينهما، حيث أثبتت التحقيقات الغربية بالفعل وجود علاقة قوية جـدا، وأن التنظيمات التكفيرية في اليمن تقاتل مع العدوان السعودي بالسلاح الأمريكي والبريطاني.
عناوين عدة وألمانيا تشارك
من جانب آخر، وقبل أعوام ومع انقضاء عام من بدء الحرب والعدوان على اليمن، بثت شبكة BBC البريطانية تقريرا وثائقيا كشفت فيه بالصوت والصورة عن تواجد عناصر القاعدة في معسكرات المرتزقة بمحافظة تعز، ومشاركتهم في القتال جنبا إلى جنب ضد أبطال الجيش واللجان الشعبية، حيث فضح مقطع من التقرير الوثائقي ظهور عناصر القاعدة يشاركون في القتال إلى جانب جنود المرتزقة، وكشف عن مشاركات عناصر سلفية متشددة ومليشيات متعددة في القتال بصف العدوان.
وذكر موقع الـ BBC حينها أن المحطة البريطانية استحوذت على أدلة تفيد بأن قوات من العدوان قاتلت خلال إحدى المعارك الكبرى على نفس الجبهة مع مسلحين موالين لتنظيم القاعدة ضد الجيش والجان الشعبية اليمني، ولهذا فـإن التنظيمات التكفيرية الموالية للعدوان الأمريكي السعودي الإماراتي تقاتل في محافظة تعز تحت عناوين عدة، منها مجموعات المقاومة وتنظيم القاعدة وما يسمى قوات “جيش الشرعية” وكتائب أبي العباس، وهناك العشرات من الأسماء لهذه التنظيمات والجماعات المتعددة، غير أن معظم هذه المجموعات ينتمي جزء منها لتنظيم القاعدة، والجزء الآخر لتنظيم داعش وبعض هذه المجموعات تتزعمها شخصيات مرتزقة من خارج اليمن، أي من جنسيات مختلفة من بلدان عربية أخرى.
وكشفت تقارير بريطانية موثقة بالأدلة أن بنادق ألمانية الصنع من نوع (جي3) وصلت إلى تنظيمات القاعدة وداعش في تعز وهم أنفسهم الذين يقاتلون تحت مظلة العدوان السعودي الإماراتي في اليمن. بدوره يؤكـد تقرير صحيفة الغارديان أنه تم تسرب الكثير من هذه البنادق الألمانية إلى تنظيم القاعدة بمدينة تعز، موضحا أن المدعو غالب الزايدي -المسؤول المالي لتنظيم القاعدة في اليمن- قد قتل وهو يقاتل مع العدوان.
ولهذا فـإن العالم أجمع يدرك الموقف الأمريكي الواضح الرافض لإيقاف العدوان على بلادنا، والداعم لاستمرارها وللتنظيمات الإجرامية المسماة القاعدة وداعش.