مقالات مشابهة

صحيفة اسرائيلية تكشف سبب تخوّف السعودية من اعادة ابرام الإتفاق النووي ورفع العقوبات عن ايران

في مقال له بصحيفة هآرتس الإسرائيلية قال الكاتب والمحلل السياسي “تسفي برئيل” أن المملكة العربية السعودية حيث توجد أقدس المواقع الإسلامية تستعد لخوف كبير من رمضان والعيد وموسم الحج المقبل بسبب احتمال ظهور موجة رابعة لفيروس كورونا مما يعني ايرادات اقل لخزينة المملكة.

ومن أجل محاربتها انتشار الوباء قررت الحكومة السعودية فرض قيود صارمة على الحركة، وتخفيف الحضور في صلاة المساجد ، وحظر الدخول إلى الأماكن المقدسة دون تصريح خاص وفرض غرامات تزيد عن 2500 دولار بسبب انتهاك القواعد.

وقال التقرير الذي ترجمه “الواقع السعودي” أن السعودية استثمرت في السنوات الأخيرة مبالغ طائلة في تحسين الطرق وتوسيع المواقع ومراقبة ملايين زوار المملكة – بما في ذلك تركيب آلاف الكاميرات الأمنية ومرشات لتخفيف الحرارة وعيادات طبية متنقلة لخدمة الحجاج وهي غير مستعدة لمزيد من الخسائر بسبب كورونا, فالأماكن المقدسة ليست فقط مصدر دخل مهم للمملكة فحسب بل أنها عنصر أساسي في التنويع الاقتصادي الذي يسعى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى خلقه كجزء من خطة رؤية السعودية 2030 لتقليل اعتماد البلاد على عائدات النفط.

ويتضمن مشروع الرؤية بناء “مدينة المستقبل ، نيوم، والتي من المقرر أن تمتد عبر ثلاث دول: المملكة العربية السعودية ومصر والأردن. كما أنه ينص على مضاعفة عدد سكان الرياض ، العاصمة السعودية ، وتحويل المدينة إلى مركز تجاري دولي من شأنه أن ينافس دبي وربما يتفوق عليها باعتبارها أهم مركز تجاري في الشرق الأوسط. وتتضمن الخطة أيضًا “سعودة” القوى العاملة في المملكة.

وتشير التقديرات إلى أن السعوديين يخططون لاستثمار 7.2 تريليون دولار في هذه المشاريع الضخمة بحلول عام 2030، لكن يكاد يكون من المستحيل تحديد مدى واقعية هذا الرقم – أو ما إذا كانت الخطة قابلة للتحقيق. وخفضت المملكة هذا العام ميزانية الحكومة بنحو سبعة بالمئة للحد من عجز الميزانية الذي يمثل 12 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وتدين المملكة العربية السعودية بمليارات الدولارات للشركات الأجنبية التي بنت شبكة مترو الرياض ، وهي جزء من البنية التحتية الأساسية لجعل المدينة مركزًا دوليًا للتجارة. وسيتطلب تمويل نفقاتها الجارية وتخصيص مبالغ كبيرة للتنمية من الحكومة الاستمرار في الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل في السنوات القليلة المقبلة، لكن السعر الحالي للنفط 64 دولاراً للبرميل ، أقل بمقدار 12 دولاراً مما تحتاجه المملكة العربية السعودية. لموازنة ميزانيتها.

فمجموعة أوبك بلس – التي تضم الدول الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول وكذلك الدول المنتجة للنفط غير الأعضاء في أوبك – يرأسها وزير النفط السعودي حالياً تواجه صعبات فلا يزال الأمر متذبذباً بين رغبة عدد قليل من أعضائها في توسيع حصص الإنتاج وخيار التمسك بالحصص الحالية لزيادة سعر النفط.

وأشارت المملكة العربية السعودية مؤخراً إلى أنها ستوافق على زيادة الحصص بطريقة بطيئة وحذرة، مما يعني أنه بحلول يوليو، سترتفع الحصص بمقدار تراكمي قدره 2.1 مليون برميل يوميا لأعضاء المجموعة من دون إيران.

وقد تؤدي إعادة فتح عدد من الاقتصادات الرائدة في العالم في أعقاب الركود الناجم عن فيروس كورونا إلى زيادة الطلب على النفط وأسعار النفط. ولكن إذا توصلت القوى العالمية إلى اتفاق نووي متجدد مع إيران ورفعت العقوبات النفطية المفروضة على طهران، فإن سوق النفط سيحصل على ضخ مبدئي لمليوني برميل أخرى يومياُ.

مما يعني انخفاض أسعار النفط عن معدلها الحالي، مما يدفع المملكة العربية السعودية بعيدا عن تحقيق أهدافها وهو السبب الذي من اجله تستميت السعودية لعرقلة الأتفاق النووي و رفع العقوبات و تكيل بسببه الإتهامات لطهران بشكل شبه يومي تقريباً مما يؤكد كذب مزاعم الرياض و حديثها عن الخطر النووي الإيراني فالسبب اقتصادي بحت ولا يتعدى سوق النفط الذي تخشى السعودية من اغراقه بالنفط الإيراني.

ولتوليد إيرادات إضافية، قرر “ابن سلمان” أن يطلب – أو بالأحرى أن يأمر – الشركات الكبرى في المملكة بتجميد صرف أرباح الأسهم، من أجل توفير أموال للمشاريع المدنية. ووافق عدد قليل من الشركات الضخمة، بما في ذلك “أرامكو” السعودية ، على الطلب، لكن من الناحية العملية يعني هذا أن إيرادات الحكومة من الأرباح ستقل أيضا، كونها مساهما في الشركات. في حالة “أرامكو” ، ستفقد الحكومة حوالي 75 مليار دولار من العائدات.

لتعويض بعض الخسائر، قررت الحكومة بيع حصة الأقلية التي تمتلكها في مشروع خط أنابيب لـ”أرامكو” إلى كونسورتيوم أجنبي بقيادة شركة “إي آي جي جلوبال إنرجي بارتنرز ” الأمريكية. ستدر هذه الخطوة 12 مليار دولار. لكن على الرغم من حجم الصفقة، لكنها لا تزال أقل بكثير من توفير حجم الاستثمار الأجنبي الذي تحتاجه للمملكة.

في العام الماضي، حصلت السعودية على استثمارات أجنبية مباشرة بـ5.5 مليار دولار؛ أي أقل بكثير من رقم 500 مليار دولار التي يأمل فيه “بن سلمان” بنهاية العقد. ولسد الفجوة الهائلة، قررت الحكومة وضع خطة استراتيجية لتشجيع الاستثمار الأجنبي، بما في ذلك تشريع يمنح إعفاء ضريبيا لمدة 50 عاما للشركات الأجنبية التي تنقل مركز عملياتها إلى المملكة. إضافة إلى إعفاء هذه الشركات من قانون السعودة، ومنحها أفضلية في المزايدة على الأعمال الحكومية.

في الوقت نفسه، تحظر لائحة تم تبنيها الشهر الماضي على الوزارات أو الشركات الحكومية السعودية إبرام عقود مع الشركات الأجنبية التي لا يقع مركز عملياتها في الشرق الأوسط بالمملكة. وبهذه الطريقة تأمل المملكة في إجبار الشركات الأجنبية على فتح مراكز أعمال في البلاد وجعل الرياض مركزا تجاريا دوليا.

يمكن لهذه السياسة أن تضر بشكل أساسي دبي، التي تعتبر حاليا المركز الرائد للأعمال الدولية في الشرق الأوسط، لكن تركيا ومصر قد تعانيان أيضا. في الربع الأخير من عام 2020، ارتفع عدد تراخيص الأعمال السعودية الممنوحة للمستثمرين الأجانب بشكل حاد ، إلى 466، وهو الأعلى منذ عام 2005. لكن لا يزال من غير الواضح من الأرقام الرسمية من هم هؤلاء المستثمرون وكم من المتوقع أن يستثمروا.

يبدو أن المرحلة الثالثة من “رؤية السعودية 2030″، وهي سعودة القوى العاملة، مجرد طموح في الوقت الحالي. إذ تحدد إجراءات السعودة حصصا صارمة لعدد الموظفين الأجانب الذين يجوز للشركات توظيفهم، إلى جانب حد أقصى لنسبة الموظفين السعوديين مقابل الأجانب.

كما قصرت الوظائف في المساحات التجارية المغلقة، مثل مراكز التسوق، على السعوديين فقط، وهذا يمكن أن يخلق من الناحية النظرية أكثر من 50 ألف فرصة عمل للمواطنين السعوديين. لكن الإجراءات، التي تم فرضها منذ 2018 على 12 قطاعا صناعيا وخدميا، مليئة بالإعفاءات على أساس الحاجة أو الارتباطات الحكومية أو لأن العمال السعوديين غير مهتمين بتلك الوظائف أو غير قادرين على العمل فيها.

خذ على سبيل المثال، إعلان المملكة عزمها سعودة 20% من جميع وظائف الهندسة و 30% من جميع وظائف المحاسبة. ما لا يقوله الإعلان هو من أين سيتم توفير كل هذا العدد من المهندسين والمحاسبين ومديري المحاسبة السعوديين، في وقت لا تزال الأقسام المعنية بتلك التخصصات في الجامعات السعودية عاجزة عن تلبية الطلب.

إذ يفضل السعوديون دراسة المهن “الأسهل” التي توفر لهم درجة جامعية بسرعة وسهولة، ومن ثم تمكنهم من الحصول على وظائف حكومية لا تتطلب منهم العمل بجهد كبير.

لكن حتى لو حدثت معجزة وتم العثور على أعداد كافية من المهندسين والمحاسبين السعوديين، فإنهم -في أفضل الحالات- سيحلون محل بضع عشرات الآلاف من الأجانب في وقت يوجد فيه أكثر من 10.5 مليون موظف أجنبي، وفقط 3.1 مليون عامل سعودي. في مشاريع مثل “رؤية السعودية 2030″، تبدو الحياة واعدة ومزدهرة على الورق، وفي مقاطع الفيديو الخاصة بالعلاقات العامة التي ينتجها السعوديون.