مقالات مشابهة

“فايننشال تايمز” تنشر تسريبات جديدة من مراسلات الأمير حمزة مع باسم عوض الله

في مفاجأة جديدة نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” محتوى تسريبات وصلتها من مسؤولين أردنيين، بشأن محاولة الانقلاب في الأردن وشملت وصف لمحادثات خاصة بين الأمير حمزة بن الحسين، وباسم عوض الله رئيس الديوان السابق والمقرب من السعودية.

الصحيفة في تقريرها أكدت أن مسؤولين أردنيين وصفوا لها محتويات رسائل “واتساب” وغير ذلك من الاتصالات التي تم التنصت عليها الخاصة بالأمير حمزة، الأخ غير الشقيق للملك، مشيرة إلى أن هذه المحادثات تكشف عن أشكال تبتعد عن عملية بناء قاعدة تنافس، وتقترح صورة عن التعاون بين باسم عوض الله وولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي كما يقال “لا يحب الملك عبد الله”.

ووفق تقرير الصحيفة البريطانية فإن الرسائل تحتوي على أوقات معينة يمكن فيها للأمير دعوة أنصاره إلى الشوارع للاحتجاج.

ونقلت “فايننشال تايمز” عن المسؤولين الأردنيين الذين أمدوها بمحتوى المحادثات، أن الأمير حمزة طلب النصيحة من مجموعة التواصل بمن فيهم عوض الله، حول ما إن كان عليه دعم سلسلة من التظاهرات التي خطط لها في 24 آذار/ مارس، والتي دعت إليها حركة شبابية نظمت تظاهرات على شاكلة الاحتجاجات في الربيع العربي التي طالبت بالإصلاح.

وفي رسالة نصية، سأل الأمير حمزة، هل الوقت مناسب و”لا أريد التحرك بسرعة”، بحسب وصف مسؤول أردني لما جاء في الرسالة.

وقال مسؤولان أردنيان، إن تحرك الأمير حمزة للحصول على دعم العشائر الأردنية والحصول على دعمها الرسمي، ضرب قلب شرعية الملك عبد الله، ووصف قادة العشائر الذين تحدثت إليهم الصحيفة الملك عبد الله بالرجل البعيد، وبأنه أحاط نفسه بحاشية من المستشارين في المدن أصموا آذانه عن معاناتهم.

ويقول المسؤولون الأردنيون إن الأمير حمزة استخدم شعبيته للبحث بهدوء عن حلفاء.

وفي سلسلة من الرسائل النصية وواتساب، التي تم وصفها للصحيفة، فقد كان رجال يعملون لحمزة يتصلون مع قادة العشائر ويسألون عن ما إن كانوا مستعدين لتغيير ولائهم من الملك عبد الله.

وأضاف التقرير أنه في حالة كان الجواب نعم فإنه يتبع ذلك لقاءات خاصة مع الأمير حمزة، وذلك بحسب شخص مطلع على الرسائل.

ويقول أشخاص على علاقة مع الأمير، إنه كان واعيا للمخاطر عند زيارته للمشايخ، وحديثه عن الفساد والمحسوبية.

وقال مقرب: “صارت النكتة أنه سيرمى في السجن”، ولكنه أصر على أن الأمير لم يكن لديه طموح لاغتصاب السلطة من أخيه رغم المشاعر العدائية التي يكنها له.

وأضاف الشخص ذاته: “شعر أنه يحمل أمانة إرث العائلة” و “كان تفكيره العام، لو كانت هناك انتفاضة شعبية في الأردن، لا قدر الله فلن ينجو أي واحد من أفراد العائلة” واللغة هي “هل سيفرقون بيني وبين أخي؟ وحتى من هم على هامش النظام سيصبحون غير مرغوب فيهم”.

وبحسب أشخاص على معرفة بالتحقيقات فقد كانت المخابرات الأردنية تراقب باسم عوض الله، الذي وثق علاقته بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

وبحسب المسؤولين الأردنيين فقد التقى حمزة بعوض الله ست مرات هذا العام، وقال أحدهم عن عوض الله أنه: “كان يدرب الأمير حمزة ويشجعه ويساعده، ويشكل لغته”.

ويقول مسؤولان أردنيان ـ وفقا للصحيفة ـ إن الأمير حمزة كان على اتصال مع عوض الله في نفس الليلة التي زاره فيها قائد الجيش الجنرال يوسف الحنيطي الذي طلب منه أن يتوقف عن الاتصال مع نقاد البلد، وسجل الأمير حمزة ما دار من نقاش قبل أن يطلب منه مغادرة منزله.

وبحسب شخص مطلع على التحقيق، فبعد دقائق أرسل الأمير حمزة التسجيل إلى عوض الله برسالة مشفرة: “يجب على الناس معرفة أن هذا حدث”.

وأدى بث الأمير التسجيل عبر محاميه إلى حالة اضطراب داخل القصر استمرت 48 ساعة وبعد ساعات اعتقل عوض الله.

وأعلنت الحكومة السعودية المنزعجة من التطور عن دعمها للملك وأرسلت أربع طائرات محملة بالمسؤولين وطالبت بالإفراج عن عوض الله وهو ما لم تستجب له عمّان، حيث لا يزال معتقلا.

وقال الشخص القريب من الأمير حمزة، إنه لا يعتقد بوجود علاقة قوية مع عوض الله: “لست مطلعا على كل حواراته مع باسم ولكن شعوري أن الأمير حمزة لم يكن يثق بباسم” لكن رواية الحكومة عن انقلاب تم التعامل معها بشك داخل وخارج البلد.

وقالت الصحيفة، إن الأمير حمزة طرح قبل ثمانية أعوام فكرة على أخيه غير الشقيق الملك عبد الله الثاني حول المخابرات في البلاد، فقد ظلت أجهزة المخابرات والأمن في مواجهة مع بعضها البعض ودخلت معركة طويلة استمرت عقدا للسيطرة على المؤسسات القوية في المملكة وسجن اثنان من مدراء المخابرات العامة بتهمة الفساد.

وقال دبلوماسي غربي: “كانت فترة مظلمة” واتسمت بـ”الفساد المفتوح والمعارك للحصول على النفوذ بين الأجهزة وبيانات وأخرى مضادة بشكل أدى لتآكل فاعليتها”.

ومن هنا طلب الملك عبد الله من أخيه الذي أعفاه من ولاية العهد عام 2004 طرح فكرة تجعله مفيدا للعائلة الهاشمية، وفي ذلك الوقت تقدم الأمير الصريح بمقترح جريء، وذلك بحسب شخص مطلع عليه.

ودعا إلى توحيد كل أجهزة المخابرات العسكرية في جهاز واحد وتعيينه رئيسا له ورفض الملك عبد الله الفكرة وقال الشخص إن تعيين الأمير حمزة الذي تجاوزه وعين بدلا منه ابنه في ولاية العهد في مركز مؤثر كهذا “لا يمكن التفكير به”.

ومنذ رفض الفكرة، بدأ الأمير البالغ من العمر 41 عاما مسارا مختلفا، وتواصل مع القبائل البعيدة والساخطة والتي ساعدت قبل قرن على إنشاء المملكة الأردنية الهاشمية، وتشعر اليوم أنها أقلية يواجه أبناؤها الشباب البطالة. ووجدت في الأمير الشاب شخصا يصغي لها ونقلت الصحيفة عن دحام مثقال الفواز، 38 عاما، وهو زعيم من عشيرة السردية في شمال البلاد قريبا من الحدود السورية: “كان يسألنا عن وضعنا” و”كان يستمع عندما أخبره عن الحزن في وجوه الناس والكآبة بسبب الصعوبات التي يواجهونها”، وكان هذا الأسلوب سببا في مواجهة مفتوحة داخل العائلة الحاكمة، وتم وضع الأمير الشاب تحت الإقامة الجبرية بعد تجريده من الاتصالات الإلكترونية وتم إجباره على توقيع تعهد بالولاء لأخيه البالغ من العمر 59 عاما.

وقالت الصحيفة إن الخلاف المفتوح كشف عن التوتر الذي يغلي تحت السطح منذ وقت طويل في داخل أكثر العائلات الملكية احتراما في العالم العربي، فالنخبة الحاكمة المتعلمة في الغرب والمخابرات التي تحظى بالثقة جعلت من الأردن حليفا قويا للغرب وبخاصة الولايات المتحدة والتي كافأته بمليارات الدولارات من الدعم السنوي.

وتم اعتقال 18 شخصا على الأقل ممن وصفتهم الحكومة بالمتآمرين والعصاة.

وقالت الباحثة الأردنية بسمة المومني، في جامعة واترلو في كندا لـ”فايننشال تايمز”: “يتوقعون الكثير من الحكومة بناء على العقد الاجتماعي الذي منح لهم مع بداية الدولة” و”مع مرور الوقت باتوا ناقدين لحقيقة فقدانهم السلطة، بسبب الديمغرافيا وبسبب المعاناة الاقتصادية في السنوات الأخيرة وفاقمها كوفيد”.

وفي أثناء حكم الملك حسين الذي عاش 64 عاما مضطربا استخدم الرعاية لإرضاء السكان من خلال الزيارات واللقاءات الجماعية التي استمرت لساعات واللمسات الشخصية منه وبدلا من الاستجابة لمطالب الدولة الحديثة وزع القصر الوظائف، بخاصة في الجيش والتقاعد.

وبحلول عام 1989 عندما لجأ الأردن إلى صندوق النقد الدولي للحصول على حزمة إنقاذ وكانت نسبة 90% من العمال في المناطق القبلية مثل الطفيلة والكرك ومعان يعملون في القطاع العام، وذلك حسب تقدير طارق التل الأستاذ في الجامعة الأمريكية ببيروت.

وكان نظاما مكلفا وغير مستدام، ولأن الأردن لديه مصادر طبيعية قليلة، وهو بلد صغير واقع بين العراق وسوريا وإسرائيل والضفة الغربية والسعودية، فقد تأثرت تركيبته السكانية بالحروب في عدد من دول الجوار، بعد حربي 1948 و1967 وأكثر من 600،000 لاجئ سوري.

وفي الوقت الذي اعتلى فيه الملك عبد الله العرش عام 1999 كان الاقتصاد في حالة تراجع وأصبحت فيه العشائر الأردنية أقلية وما نتج عن ذلك من تخلخل للعقد الاجتماعي، وأدت مطالب صندوق النقد الدولي من الأردن كي يخفض من نفقاته إلى تظاهرات في عام 1989 بمناطق العشائر وتبعتها تظاهرات عام 1996 وأخرى في 2011 وفي 2018.

وقال البروفسور التل إن “قاعدة النظام والعقد الاجتماعي الذي جعله مستمرا قد تآكلت منذ وقت ويواجه مشاكل خطيرة”.

وكان “الأمير حمزة يفحص المياه ولعقد مضى في هذه العملية لكي يصبح الرجل الذي يحصل على دعم الناس”.

وقضى حمزة وقتا طويلا في التقرب من القبائل حيث شارك في أفراحهم وأتراحهم وانضم إليهم في رحلات الصيد نهارا والنقاشات السياسية في الليل.

وساعده شبهه بوالده ولغته الفصيحة في لبس عباءة وريث الحسين بسهولة أكثر من أخيه الملك والنسب مهم في الأردن.

وعبر بعض قادة العشائر عن سخطهم لزواج الملك من فلسطينية، وهي الملكة رانيا وكانوا يفضلون أردنية خالصة. وقال أحد القادة: “الأمير حمزة كان واحدا منا وكان قريبا من قلوبنا” أما “الملك فهو بعيد وعليك المرور بالكثير من الأشخاص حتى تصل إليه ولا تعرف إن كان قد استمع إلى صوتك”.

وتقول الصحيفة إن محاولة الأمير حمزة التقرب من العشائر ونقده للحكومة قوض عملية موازية للترويج لولي العهد الأمير حسين، 26 عاما فهو مثل والده وعمه الأمير حمزة متعلم في الغرب ولديه 27 مليون معجب على حسابه في إنستغرام ولديه سجل عسكري ويمثل البلد في المؤتمرات الدولية.

وقال المعلق داود كتاب، إن “الملك والملكة يحاولان تحضيره ولكنه لم يحصل على شعبية بين الأردنيين كمرشح جاد” و”منافسه الأكبر هو الأمير حمزة”.

ووصف دبلوماسيون غربيون مصدرا آخر من التوتر، فبعد رفض الملك لمحاولة حمزة غير الناجحة ليتولى مسؤولية الأجهزة الأمنية قوت الملكة رانيا من سيطرتها على أهم المؤسسات الأمنية في البلد.

وكان تعيين أحمد حسني في عام 2019 مديرا للمخابرات وغيره من المسؤولين الأمنيين بسبب دفع الملكة، حسب مسؤولي أمن غربيين وعسكريين إسرائيليين.

وقال طارق التل: “المخابرات هي أداة للهيمنة الهاشمية وإذا كانت قيادة المخابرات والجيش تحت سيطرة القصر فهذا يعني أن الملكة قوية أكثر”.

ويقول دبلوماسي غربي إن تقرب الأمير حمزة من العشائر وتبنيه مواقف الأردنيين العاديين يعتبر تحديا لصعود الأمير حسين إلى العرش وهناك حبل قوي بين الملكة والأجهزة الأمنية وبالتأكيد فتركيزها هو تأمين خلافة ولي العهد وهو أمر معروف”.

ورغم المصالحة العائلية فإن الأمير حمزة يظل رمزا قويا ويرفض السكان رواية القصر عن مؤامرة خارجية، وينتقدون الملك علانية بسبب عدم قدرة الحكومة على حل مشاكل البلاد الاقتصادية.