مقالات مشابهة

فلسطين.. ربيع القدس وخريف إسرائيل

ما يجري في فلسطين المحتلة لا شك أنه يوقظ فينا الكثير من المشاعر عن ذلك الزمن الجميل ، الذي كان للعرب فيه صول وجول، بعد أن وصل الحال إلى ما هو عليه الآن من المهانة والذُل والخزي، لكن يبدو أن تلك الأيام ستعود ويعود معها عزّ العرب وكرامة الأمة، ومن ثم فإن عناصر التشخيص وأدلة التصوير والوصف الدقيق لما جرى ويجري تؤكد أن أحداث القدس وغزة بل وفلسطين بشكل عام ليست إلا مقدمة لزمن مختلف يصنعه محور المقاومة.

خاصة بعد عدة معطيات كان أهمها انتصار ثورة 21 سبتمبر في اليمن وانتصار تموز على يد حزب الله في لبنان، ومن ثم تشكيل محور المقاومة كمحور صاعد ومتنام يسعى إلى استعادة مكانة الأمة ويعزز قدراتها الذاتية ودورها في الانتصار لقضية الأمة المركزية ، مقابل ذلك الحلف القذر المسمى بمحور الاعتدال، فهذا المحور الذي صنعته أمريكا على حين غفلة من الزمن بات يتعامل وكأنه صهيوني أكثر من الصهاينة.

هناك أبواق وشبكات إعلامية تُبث بالعربية وينفق عليها من أموال عربية تحمل خطاب لا يخلو من بصمات الخطاب الصهيو أمريكي، وتتعمد ترجمة المساعي الخبيثة لنفس الحلف عبر تسويق الزيف والضلال، وتنفيذ الاستراتيجية المستخدمة في كل المناطق الملتهبة ومنها اليمن وفلسطين وسوريا والعراق، عن طريق الإمعان في زرع الفتن وشق الصف الوطني ومحاولة التأثير على الحاضنة الشعبية عبر السيل الجارف من أخبار وتقارير الإفك.

وتبني تسريبات إعلامية أقل ما توصف به أنها خبيثة تحمل السموم خلف الصدور، بدأت في زمن مبكر بشطب العبارات والمصطلحات المؤكدة للحق العربي التي ترسخت في ذهنية المتلقي لعقود من الزمن، وإبدالها بأخرى تمهد لقبول إسرائيل كطرف مقبول ومتميز في الأداء عن الآخرين، وتترجم الفكر المنحرف في أمريكا والغرب الذي يصف المقاوم عن أرضه وعرضه بالإرهابي.

ويعتبر من يمولون الإرهاب ويتبنونه فكراً وثقافة أبطالاً مدافعين عن الأرض والعرض، كما يحدث اليوم من قبل الإعلام الأمريكي الذي يعتبر الفلسطينيين الذين يدافعون بأقل ما يمتلكه الإنسان من أسلحة وحيناً بالحجارة إرهابيين، ويعطي الغازي المحتل الحق في تدمير الإنسان والحجر وكل شيء بدعوى أنه يدافع عن نفسه، أليس الأمر يدعو إلى الغرابة ويجسد فعلاً إصراراً غريباً على نشر ثقافة الموت والتفنن من إفناء البشر، وهذا النموذج اليوم ماثل بينما عرب الجنسية واللسان سادرين في الغي يعتبرون بالفعل أن العدو الفعلي للأمة هي إيران، أما العدو الصهيوني الحقيقي فهو السند والعون للقضاء على إيران بحسب وصف أحد الساسة السعوديين.

لقد تعمدوا حرف أشكال الصراع إلى ملفات فرعية وقضايا ثانوية، تعمل على إثارة الفتنة وكل ذلك بتوجيه بوصلة الصراع إلى مكان آخر، وأصبحت هذه هي ثقافة قنوات الزيف ومسؤولي ما بعد الساعة السليمانية، كلهم يبررون لكيان العدو ما يقوم به من مجازر وحشية وأعمال بشعة في فلسطين المحتلة، ويعتبرون جبهات المقاومة هي المعتدية، كما جاء على لسان وزراء خارجية عرب للأسف، أقول للأسف لأنه فعلاً كانوا أكثر تآمرا على القضية.

وكان وزير الخارجية الصيني هو الصوت الوحيد الذي وجه أصابع الاتهام إلى أمريكا في إحدى جلسات مجلس الأمن، وهي حقيقة لا مراء فيها، لكن الوزراء العرب تغافلوا عنها، كيف لا وهي ولية النعم بالنسبة لهم ومحور السند والقوة على إيران، أليست قمة المهزلة من قبل الخوالف الذين طبع الله على قلوبهم من اللحظة التي ظهرت فيها قوة حزب الله في لبنان واستطاع أن يسقط تلك النظرية بأن لدى الكيان الصهيوني جيش لا يُقهر.

فذلك الانتصار العظيم عام 2006م هو الذي كسر حاجز الخوف وحرر العقل العربي في إطار الشعوب وليس الدول من براثن الانسحاق والهزيمة النفسية ، بالتالي كشف عن أوكار الخيانة المتوغلة لدى حكام الخليج الذين هرولوا باتجاه التطبيع مع كيان العدو، وأظهروا كل الضغائن والأحقاد والنعرات الطائفية ضد كل ما هو عربي، ولا تزال الأحوال كما هي بدعوى أن دولة الكيان الصهيوني لا يمكن أن تُهزم.

وها هي الأمور تأخذ منحى آخر على يد مجموعة مقاومين أبطال لا يملكون إلا القليل من الأسلحة، فلقد تمكنوا من إرهاب هذا العدو وجعلوا المسؤولين ينامون في الملاجئ، وهذه هي الخطوة الأولى، أما ما سيأتي فهو إن شاء الله الحاسم، وكما تنبأ أحد الزعماء في وقت سابق، فإن عام 2027م سيكون عام نهاية هذا الكيان الصهيوني الغاصب وإعادة الحق إلى أهله إن شاء الله، جلّت قدرته وعزَّ شأنه، والله من وراء القصد.

__________
أحمد يحيى الديلمي