مقالات مشابهة

فورين بوليسي: لهذا السبب قد تتفجر الأوضاع في فلسطين رغم الهدنة الأخيرة؟

قالت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية في تقرير لها إن احتمال تفجر الأوضاع في غزة مجددا رغم الهدنة التي جاءت بوساطة مصرية, أمر غير مستبعد وعددت أسباب ذلك.

ولفتت المجلة إلى أن الهدنة تزداد هشاشة مع عودة إسرائيل لاعتداءاتها على الفلسطينيين واستمرار مظالم هذا الشعب دون حل.

وتابع التقرير:” وكان الهدوء الهش قد خيم نسبياً على غزة منذ الجمعة 21 مايو/أيار, بعد سريان وقف إطلاق النار الذي أنهى 11 يوماً من العنف. وها هي قد انتهت عمليات القصف والصواريخ الآن, لكن المظالم التي أشعلت انتفاضة الفلسطينيين من رام الله إلى القدس وحيفا -وصولاً إلى بيروت وعمّان- ما تزال قائمة, رغم إعلان الهدنة في غزة”.

ووقف إطلاق النار ـ بحسب فورين بوليسي ـ لن يقرب الفلسطينيين والإسرائيليين من الوصول إلى تسوية, بل الطرفان أبعد ما يكون عن ذلك.

إلى ذلك لفت تقرير المجلة الأمريكية إلى أنه رغم احتفاء كثيرين بإعلان الهدنة في غزة, فإن قوات الاحتلال اقتحمت المسجد الأقصى واشتبكت مع الفلسطينيين مرتكبةً بذلك التصرف نفسه الذي أثار حماس ودفعها إلى رشق المدن المحتلة, بالصواريخ قبل 11 يوماً, وفقاً للمجلة الأمريكية.

وجدد مستوطنون يهود, صباح الإثنين, اقتحاماتهم للمسجد الأقصى بحراسة شرطة الاحتلال الإسرائيلي, لليوم الثاني توالياً بعد منعٍ دامَ 3 أسابيع.

ويأتي هذا بعد أن كانت شرطة الاحتلال الإسرائيلي قد أعادت السماح للمتطرفين اليهود باقتحام الأقصى, الأحد, وتتم الاقتحامات على فترتين؛ الأولى صباحاً والثانية بعد صلاة الظهر.

وبدأ الإسرائيليون السماح بالاقتحامات عام 2003 رغم التنديد المتكرر من قِبل دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس.

وكانت حماس قد ربطت وقف إطلاق النار والهدنة في غزة بالوضع في القدس وحي الشيخ جراح الذي يشهد محاولات لتهجير الفلسطينيين ولكن شروط الهدنة التي توسطت فيها القاهرة تبدو غامضة, ولا يُعرف هل تضمنت تعهداً إسرائيلياً بوقف هذه الانتهاكات.

وكان لافتاً مشاركة عرب 48 في هذه الانتفاضة, وكذلك قسوة الشرطة الإسرائيلية واليمنيين المتطرفين في التعامل معهم فبالنسبة لمليوني مواطن من فلسطينيي الداخل “عرب 48”, فإن مظالمهم ما تزال قائمةً وأكثر وضوحاً من أيّ وقتٍ مضى.

فخلال 11 يوماً من الاشتباكات, شهدت المدن المختلطة اشتباكات غير مسبوقة بين فلسطينيي الداخل واليهود, تضمّنت أعمال شغب, وعصابات, وإشعال النيران في المحال التجارية, ومقتل العديد من الفلسطينيين واليهود.

علاوةً على إضرام النيران في المساجد والمعابد اليهودية, وتفشّي التحريض على شبكة الإنترنت, حسب المجلة الأمريكية.

بينما قال نمر سلطاني, أستاذ كلية الدراسات الشرقية والإفريقية بجامعة لندن: “إن القضايا نفسها التي أدّت إلى الاحتجاجات والاشتباكات في القدس الشرقية وغزة ستواصل التفاقم. واندلاع جولةٍ ثانيةٍ مسألة وقت, لأنه لا يمكنك أن تنتظر من المقموعين مواصلة التزام الصمت”. وأردف أن الوضع الآن بحاجةٍ إلى ضغط دولي على إسرائيل؛ حتى تمتثل للقوانين الدولية وتمنح المساواة للفلسطينيين لكن العديد منهم قد فقدوا الأمل بعد عقودٍ من فشل الجهود والمنظمات الدولية في الوقوف معهم.

ولن تعني الهدنة في غزة أن الفلسطينيين سيوقفون النضال من أجل حقوقهم, إذ قال اللاجئ الفلسطيني محيي شهده “30 عاماً”, خلال تظاهرةٍ في بيروت: “حين كنت طفلاً, كنت أومن بالمجتمع الدولي. لكنني أفقت من وهْم تلك المنظمات الدولية والأمم المتحدة التي لم تقدم لنا شيئاً طيلة 73 عاماً”.

وربما ليست مشاعر خيبة أمله ويأسه أمراً جديداً, لكنّ التعبير عنها بات أقوى وأكثر وضوحاً بواسطة الشباب الفلسطيني في مخيمات اللاجئين, وشوارع المدن العربية داخل حدود 48, والضفة الغربية التي ما يزال محمود عباس على رأسها منذ انتخابه عام 2005 لفترةٍ مدتها ينص الدستور الفلسطيني على أنها أربع سنوات فقط.

وكان محيي شهده مجرد رضيعٍ عام 1993 حين وقّع الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات حينها على اتفاقيات أوسلو, التي تمخَّضت عن وعدٍ زائف بالسلام وإقامة دولةٍ فلسطينية.

وأضاف شهده: “لم تقدم لنا اتفاقيات أوسلو أيّ شيء كفلسطينيين. وأين وصلت بنا 30 عاماً من مفاوضات السلام؟! وصلت بنا إلى 250 قتيلاً في غزة, الأسبوع الماضي”.

وعند تأسيس الكيان الصهيوني, حذَّر أول رؤساء وزرائه, ديفيد بن غوريون, من اللاجئين الفلسطينيين: “يجب أن نفعل كل ما بوسعنا لضمان عدم عودتهم. سوف يموت الكبار, وينسى الصغار مع الوقت”.

لكنه كان مخطئاً بشأن الصغار, حسب المجلة الأمريكية, إذ احتشد آلاف اللاجئين الفلسطينيين -وغالبيتهم من الشباب- على الحدود مع لبنان يومياً تقريباً منذ اندلاع الصراع لدرجة أن بعضهم تسلّق الجدار الحدودي الذي يصل ارتفاعه إلى نحو تسعة أمتار, ليرفعوا العلم الفلسطيني ويسخروا من جنود الاحتلال قائلين: “اطلقوا علينا النار, اطلقوا النار”.

وخلال الاحتجاجات الحدودية الأسبوع الماضي, شاهد اللاجئ الفلسطيني علي صالح, الموقف قائلاً: “تخيَّل أنّ أرضي هناك أمام عيني, لكنني لا أستطيع الذهاب إليها”. وفوق قمة التل القريب, يستطيع عليّ رؤية الأشجار التي باتت الآن تُغطي بلدة أجداده “الخالصة”, على بُعد نحو 2.4 كم من الجدار الحدودي.

وبعد نحو 7 عقود من طردهم, ما يزال اللاجئون الفلسطينيون في لبنان يعيشون بلا جنسية, وغالبيتهم داخل مخيمات مزدحمة تسودها البطالة. وقال صالح إنه كان يُخطط لعبور الحدود, لكن الجيش اللبناني منعه.

بينما قالت سماح سليمة, الناشطة من فلسطينيي الداخل المحتل: “ربما يموت الكبار, لكن الصغار يتذكرون كل شيء, ويرغبون في إصلاح الوضع”.

وكانت أبرز أوجه الاختلاف في التصعيد الأخير هي أعمال العنف التي اندلعت داخل المدن المختلطة بإسرائيل, خاصة في مدنٍ مثل حيفا التي كان يُضرب بها المثل في التعايش المشترك بين العرب واليهود.

ويُشكّل فلسطينيو الداخل نحو خُمس سكان فلسطين المحتلة ممن ظلوا داخل حدودها بعد احتلالها عام 1948. ومع إعلان وقف إطلاق النار, تكهّن الساسة الإسرائيليون بأن أعمال العنف في المدن المحتلة كانت تمثل خطراً بقدر صواريخ غزة.

ووصف كُتاب إسرائيليون الجولة كلها بأنها تُمثّل انتصاراً لـ”حماس”: “إذ نجحت الحركة في نقل ساحة المعركة من المناطق التي تطالها صواريخها إلى سائر أنحاء البلاد, في ظل اندلاع أعمال الشغب بجميع المدن”.

وبالنسبة للعديد من الفلسطينيين, فإنّ تفشّي العنف والإحباط كان بمثابة انتصارٍ للوحدة وليس لمسلّحي غزة فقط.

فمع تصاعد الصراع الأسبوع الماضي, جرى تداول بيانٍ على الإنترنت بعنوان “انتفاضة الوحدة”, وذلك في دعوة إلى انتفاضةٍ مُوحّدة للفلسطينيين من غزة إلى الضفة الغربية والقدس والمدن العربية داخل حدود 1948.

وحتى ملايين الفلسطينيين بمخيمات اللاجئين وفي الشتات حول العالم. وقد تضامن مع هذا البيان نخبةٌ من المشاهير الفلسطينيين وأنصار القضية الفلسطينية عبر الشبكات الاجتماعية.

ونص البيان على أنها “ستكون انتفاضةً طويلة في شوارع فلسطين, وحول العالم”.

فورين بوليسي
فورين بوليسي