مقالات مشابهة

إغراقُ السوق بالعملة المزوَّرة.. عدوانٌ اقتصادي متصاعدٌ على اليمن

لا يزالُ مرتزِقةُ العدوان الأمريكي السعوديّ عبر حكومة الفارّ هادي يُغرِقون الأسواق اليمنية بالعملات اليمنية المزورة وغير القانونية التي تم طباعتها في روسيا بطريقة غير قانونية في استهداف واضح للاقتصاد الوطني.

ويشير الكثير من الخبراء الاقتصاديين إلى أن هذه الإجراءات تحمل الكثير من المخاطر والأضرار، وفي مقدمتها ارتفاع الأسعار مقابل انهيار العملة اليمنية مقابل العملات الأجنبية، ودخول المواطنين اليمنيين في وضع معيشي سيء.

واللافت أن دول العدوان تسمح بدخول الناقلات التي تحمل الأوراق المالية غير القانونية إلى اليمن، في الوقت الذي تمنع سفن الوقود والغذاء والدواء من الدخول إلى بلادنا، بل وتفرض علينا حصاراً خانقاً في هذا الجانب، في ازدواجية مريبة يهدف العدوان من خلالها إلى ضرب المواطن اليمني واقتصاده بكل الأساليب والأدوات المعيبة.

المخاطر الاقتصادية للعملة المزورة

ويوضح وكيل وزارة المالية لقطاع التخطيط والإحصاء والمتابعة، الدكتور أحمد محمد حجر، أن هناك العديد من المخاطر الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن التعامل بالعملة المزورة، من أهمها إفساح المجال أمام دول العدوان وعبر حكومة العملاء لتحقيق الأهداف التي لم يستطيعوا تحقيقها عسكريًّا، وفي مقدمتها إخضاع المجتمع اليمني عامة والقوى السياسية الوطنية خَاصَّة للتفاوض وفق شروط دول العدوان وفي مقدمة هذه الشروط العودة إلى بيت الطاعة السعوديّ وتسليم مقدرات البلاد (من ثروات طبيعية وموانئ ونحوها) بل وكرامة وحرية المجتمع إلى مجموعة العملاء الذين سوف يسخرون هذه الموارد والمجتمع بما يخدم أجندة دول العدوان.

ويواصل الدكتور حجر قائلاً: من خلال الحرب الاقتصادية والتي من أهم أدواتها إغراق السوق بالعملة المحلية غير القانونية؛ بهَدفِ سحب النقد الأجنبي المحدود في السوق المحلي وتهريبه إلى الخارج، وهو ما يؤدي إلى تدافع رجال المال والأعمال خَاصَّة وكافة أبناء المجتمع الذين لديهم مدخرات لتدافع إلى تحويل مدخراتهم بالعملة المحلية إلى العملات الأجنبية، ما يدخل أسعار صرف العملات الأجنبية مرحلة الحلقة المفرغة للارتفاع المُستمرّ والمتزايد؛ وكون اليمن يعتمد وبنسبة كبيرة على العالم الخارجي في سد احتياجاته من السلع الأَسَاسية كالحبوب والأدوية والحليب والزيوت والمشتقات النفطية ومداخلات الإنتاج.

ويوضح حجر أن هذا سيؤدي إلى ارتفاع كبير في مستوى الأسعار وبالأخص أسعار السلع الأَسَاسية الغذائية والتي من جهتها ستؤثر وبدرجة كبيرة على مختلف فئات المجتمع وخَاصَّة الفقيرة، بل وستؤثر على مستوى الإنتاج والبطالة والخدمات الأَسَاسية، منوِّهًا إلى أن ما تسعى إليه دول العدوان لإثارة المجتمع ضد حكومة صنعاء تحت مسمى ثورة الجياع، هذا إلى جانب إيجاد حالة تنازع بين القوى السياسية المناهضة للعدوان، بين الدولة ورجال الأعمال، وحتى بين فئات المجتمع نفسه وذلك؛ بهَدفِ خلخلة الجبهة الداخلية.

ويشير حجر إلى أن هذه الخطوات تسعى من خلالها دول العدوان ومرتزِقته إلى خلق أدَاة ضغط فاعلة على متخذي القرار، سواء في ظل استمرار العدوان أَو في حالة حدوث مفاوضات، وذلك على اعتبار أن التدرج في زيادة الضغوط الاقتصادية على الأمد المتوسط هي في صالح دول العدوان؛ كون هذه الضغوط كفيلة بإيصال المجتمع إلى مرحلة عدم التحمل، ما سيدفع المجتمع إلى الخروج إلى الشارع، وبالتالي سيدفع متخذ القرار إلى الاستسلام والدخول في التفاوض وفق أجندة دول العدوان، وعليه يجب تكثيف العمل العسكري في الجوانب التي تلحق أكبرَ ضرر باقتصاديات دول العدوان سواء السعوديّة أَو الإمارات، بحسب كلام الدكتور حجر.

أضرار وأهداف أكبر

من جانبه، يقول وكيل وزارة التخطيط والتنمية، لقطاع الدراسات والتوقعات الاقتصادية، الدكتور عادل الحوشبي: إن الدول تلجأ إلى طباعة العملة عند الحاجة إلى مواكبة عملية النمو الاقتصادي وتحسين بعض المؤشرات الاقتصادية، ويتم طبع وضخ العملة المصدرة في الاقتصاد بحالات وَبشروط معينة وهو ما لا ينطبق على عملية طبع العملة المحلية التي تتم بصورة غير قانونية وغير محسوبة من قبل حكومة العمالة والارتزاق القابعة في فنادق الرياض.

ويضيف الحوشبي في تصريح لصحيفة “المسيرة” أن الاقتصاد اليمني يعاني من صعوبات كبيرة وانكماش وتدهور معظم المقومات الاقتصادية؛ بسَببِ العدوان الذي طال الحجر والبشر ودمّـر البنى التحتية الأَسَاسية والمقدرات الاقتصادية، وسيطر على الموارد المالية والمادية الضرورية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي، موضحًا أنه إذَا تم ضخ عملات نقدية أكبر من حجم الاقتصاد (السلع والخدمات واحتياطي النقد الأجنبي)، فسوف تقل القيمة الشرائية للعملة وترتفع الأسعار ويرتفع معها التضخم وتصل الدول لحالة من اللا استقرار الذي يجرها إلى الانهيار الاقتصادي وتنهار معه البنية الاقتصادية وَالاجتماعية وَالقطاعات الأُخرى.

ويؤكّـد الحوشبي أن هذه هي النتيجة الأَسَاسية التي يريد تحالف العدوان السعوديّ الإماراتي أن يراها في الاقتصاد اليمني بعد أن استنفد معظم خياراته العسكرية والأمنية والاقتصادية والتي كان من أهمها الحصار الاقتصادي الذي بدأ يفقد مفعوله شيئاً فشيئاً، بالإضافة إلى وجود آثار سلبية أُخرى على الاقتصاد ككل قد تؤدي إلى انهيار العملة كليًّا، ومن ثم انهيار كامل للاقتصاد، مثل فقدان الناس ثقتهم في العملة المحلية، وذلك عندما تحدث موجة من التشاؤم تؤدي إلى أن يقوم المواطنون بالتخلص مما لديهم من هذه العملة وشراء عملات أجنبية وذهب وسلع رأسمالية، وهذا يؤدي إلى المزيد من انخفاض قيمتها، والذي يؤدي في النهاية إلى انهيار قيمتها ومن ثم الانهيار الاقتصادي الذي لا مفرَّ منه.

ويضيف الحوشبي أن عملية طباعة وضخ العملة المحلية المزورة بشكل مُستمرّ له تداعياته الخطيرة، أهمها ارتفاع سعر الدولار من 215 ريالاً للدولار عام 2015 إلى أكثر من1000 ريال للدولار في الوقت الراهن في المناطق المحتلّة من قبل تحالف العدوان ومرتزِقته وإلى حوالي 600 ريال للدولار في مناطق سيطرة حكومة الإنقاذ الوطني، مُشيراً إلى أن هذا التطور السلبي لقيمة الريال في كلتا الحالتين له تداعيات اقتصادية واجتماعية وإنسانية خطيرة طالت معظمَ سكان اليمن، ولكن السياسات النقدية، التي اتخذتها اللجنة الاقتصادية العليا والبنك المركزي اليمني، حَدَّت من تفاقم الوضع إلى ما وصلت إليه في مناطق سيطرة تحالف العدوان، وساد نوعٌ من الاستقرار النقدي النسبي في السنوات القليلة الماضية والى الآن.

ويرى الدكتور الحوشبي أن طباعةَ وضخَّ العملة في السوق بالطريقة والشكل القديم للعملة فئة الألف ريال يعتبر إرهاباً اقتصاديًّا في إطار الحرب الاقتصادية متعددة الجوانب التي تستمر منذ نحو سبع سنوات على الشعب اليمني وعملية تخريبية ممنهجة موجهة لتدمير الاقتصاد المنهك أصلاً وزعزعة الاستقرار النقدي المستقر نسبياً في مناطق سيطرة حكومة الإنقاذ الوطني، لافتاً إلى أن هناك خطورة تكمن في التعامل بالعملة الجديدة المزورة من فئة 1000 ريال المطبوعة من قبل حكومة الفنادق تتمثل في أولها السماح بتداولها يعني في المقام الأول الاعتراف بحكومة الفنادق وإجراءاتها الاقتصادية غير القانونية، وثانيها أن التعامل بالعملة الجديدة المزورة يعني السماح لتحالف العدوان بإحداث اختراق للجبهة الاقتصادية وتهديد الاقتصاد الوطني المتردي أصلاً، بالانهيار، كما يؤدي التعامل بها إلى ارتفاع في أسعار صرف العملات الصعبة وخَاصَّة الدولار إلى مستويات قياسية، بحَيْثُ يتساوى مع المناطق التي تحت سيطرة تحالف العدوان ووصوله إلى أكثر من 1000 ريال للدولار في ثالثها.

ويواصل الدكتور حجر قائلاً: كما يؤدي إلى ارتفاع كبير في أسعار السلع والخدمات بما يفوق تحمل غالبية شرائح المجتمع، بالإضافة إلى أن السماح بالتعامل بها إلى فقدان سيطرة وتحكم حكومة الإنقاذ في السياسة النقدية المستقرة نسبياً منذ عدة سنوات، مُضيفاً أن التعامل بها إلى انخفاض قيمة العملة المحلية، وبالتالي فقدان الثقة بها واللجوء إلى شراء العملات الصعبة والسلع الرأسمالية والذهب، مما يؤدي إلى انخفاضات أكثرَ للعملة المحلية، وَتدهور اقتصادي غير مسبوق.

ويقول الحوشبي: إن هناك أضراراً كبيرة على الاقتصاد وعلى معيشة المواطن، نوجز أهمها ارتفاع معدلات التضخم وأسعار صرف العملات الصعبة وتزايد عمليات المضاربة بها، وكذلك ارتفاع أسعار السلع والخدمات وخَاصَّة أسعار المواد الأَسَاسية والمستوردة، إلى جانب انخفاض مستويات الأمن الغذائي، وُصُـولاً إلى أعلى مستوى من انعدام الأمن الغذائي وصعوبة وصول غالبية الشعب اليمني إلى سلة الغذاء؛ بسَببِ ارتفاع قيمتها وتفاقم ظواهر الفقر والبطالة ومستويات الجوع وتهديدات حدوث مجاعة غير مسبوقة.

ويتابع الحوبشي قائلاً: إن التعامل بها يؤدي إلى زعزعة وتدهور الاقتصاد الوطني، وُصُـولاً للانهيار التام للاقتصاد، وتفاقم الوضع المعيشي والإنساني للشعب اليمني المنهك؛ بسَببِ العدوان والحصار وشدة المعاناة، مشيراً إلى أن التعامل بالعملة المزورة يؤدي إلى انخفاض كبير في مستويات الاستثمار والاستهلاك ومعدَّل النمو الاقتصادي، وتزايد الأعباء الاقتصادية والاجتماعية.

صحيفة المسيرة