مقالات مشابهة

ولاية يوم الغدير.. تساؤلات وإجابات وتوضيحات عن ولاية الإمام علي وعن شخصه وشخصيته المحرفة والمغيبة بمشاركة أدباء ومفكرين مسيحيين

«العظيم الحق لا يخص طائفة من البشر ولا قوماً دون قوم». بهكذا عبارة يبتدئ الشاعر والأديب اللبناني جورج جرداق موسوعته الشهيرة «الإمام علي صوت العدالة الإنسانية»، كأنما يريد بها قطع الطريق أمام أي ذهنية متعصبة لهذا المذهب أو ذاك قد تقول: ما بال هذا «المسيحي» جاء يزاحمنا في «صاحبنا» ويتحدث عنه كما لو كان واحداً منا؟!

أو كأنه يريد أن يقول بأن الأمر إذا تعلق بالعظماء فلا طائفة ولا قومية ولا مذهب يمكن أن تستأثر بهم أو تحتكرهم لنفسها مهما حاولت؛ حيث إن هؤلاء قد غدوا ملكاً للإنسانية كلها، بشراً وأدياناً وقوميات وأيديولوجيات. وبالتالي حين يقف المرء أمام عظيم بحجم الإمام علي فإنه يقف أمام مجموعة من المثل والقيم لا يسعه إلا أن ينحني احتراماً وإجلالاً لها.

فعلي بن أبي طالب كما يقول جرداق «من الأفذاذ النادرين الذين إذا عرفتهم على حقيقتهم عرفتَ أن محور عظمتهم إنما هو الإيمان المطلق بكرامة الإنسان وحبه المقدس في الحياة الحرة الشريفة، وبأن هذا الإنسان متطور أبداً، وبأن الجمود والتقهقر والتوقف عند حال من أحوال الماضي أو الحاضر ليست إلا نذير الموت ودليل الفناء».

تساؤلات من أحد ضحايا الوهابية

وكان تسائل أحد الناشطين بمواقع التواصل الإجتماعي، نواف حمد ناصر، وهو أحد ضحايا التحريف الوهابية، عن يوم الغدير، وعن تفاجئه من معرفة حقيقته، وقال نواف في تغريدة له: لعنبو ياسلاتيح، خبرتونا ان يوم الغدير مدري ويش يسون الحوثه اشياء ماهي بزينه!! اكتشفت ان يوم الغدير هو يوم الولاية الامام علي.

وأضاف نواف: يوم دعى الرسول المسلمين في منطقة غدير خُمٍ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ) للمسلمين بعد حجة الوداع (“من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وأدر الحق معه حيثما دار اللهم هل بلغت”)صدق رسول الله.

وتابع نواف: عرفت اليوم انكم تريدون تشوية يوم الولاية بأسلوب رخيص عشان تهربون من الحقائق.. بدون سلام عليكم.. أولاً: نطالب الحوثيين بتوضيح وش معنى يوم الغدير اصحاب اللحى البرتقالي بيقولون كلامي ماهو بزين ادري أنهم كذوبين، دائما يقولون كلام ماهو موجود لكن أريد انا وغيري توضيح انشروا وضحو لنا مالم بسخط عليكم.

أجوبة عن التساؤلات

ويجيب عليها رئيس الوفد اللوطني محمد عبد السلام في مقال له، قائلاً: واقعة الغدير مثلت حدثا استثنائيا في تأريخ الإسلام، والإمام علي عليه السلام الشخصية العابرة للطوائف والمذاهب والأديان، والقدوة المثلى للبشرية خُلُقا وثورة ودولة.

فيما يتعلق بالخلفية الدينية والتأريخية لحديث الولاية، ويوم الولاية

غدير خم – مكان يقع بين مكة والمدينة- شهد في السنة العاشرة للهجرة تحديدا في الثامن عشر من شهر ذي الحجة- حدثا استثنائيا في تاريخ الإسلام، وذلك حين استوقفَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم مَن معه من المسلمين يفوق عددهم حسبما ترويه كتب السير عن مائة ألف مسلم، قضوا مع رسول الله حجة الوداع، وفي طريق العودة إلى المدينة المنورة وقفَ صلى الله عليه وآله وسلم فيهم خطيبا يبلغهم أمرًا لم يسمعوا مثله من قبل.

وكان ذلك البلاغ هو إشهار ولاية الإمام علي عليه السلام على الملأ وعلى الأمة قاطبة، لا لنسبه وحسبه، وإنما امتثالا لقوله تعالى: ﴿ يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس ﴾ وقد اختصه الله بمكانة نالها بفضل جهاده في سبيل الله وإخلاصه مع نبيه، و ﴿ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم﴾.

وفي كتب السير أنه وبعد أن حمد الله وأثنى عليه.. قال صلى الله عليه وآله وسلم: (أيها الناسُ، ألستُ أولى بكم من أنفسكم، قالوا بلى يا رسول الله، فأخذ بيد علي عليه السلام وقال: اللهم من كنتُ مولاه فهذا عليٌّ مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله.)

ثم قام المسلمون وفيهم كبار الصحابة بتهنئة أمير المؤمنين علي عليه السلام بما اختصه الله من مكانة مرموقة ومسؤولية جسيمة وخطيرة، قائلين: (بخ بخ لك يا ابن أبي طالب، لقد أصبحت مولى كل مسلم ومسلمة.)

والحديث متواتر بما لا يرقى إليه الشك إطلاقا، والواقعة معروفة مشهورة لا يختلف في وقوعها اثنان، وما شهده التاريخ من خلاف إنما يقتصر على دلالة ما حصل. هل هو مجرد تكريم للتكريم، أم أن ثمة شأنا عظيما يترتب عليه مصير أمة.

مع الأخذ بعين الاعتبار دور السلطات – التي توالت على أمر الأمة- في بث الفرقة وتوجيه الرأي العام وفقا لهواها، وهو ما جلب الكوارث والمحن التي تعاظمت على نحو صار الحديث عن إنسان حاز الأفضلية والأسبقية والأقدمية في كل شأن من شؤون الحياة كالإمام علي بن أبي طالب بدعةً وخرافة، بينما التبجحُ بصفات الطغاة والمجرمين والمستبدين واللصوص والمستعمرين سياسةً وحضارةً وتقدما وحداثة!

ومن يجهل أو يتجاهل “حديث الولاية” وواقعة غدير خم، أو يصر على تجاهلها فذلك شأنه، كما هو الحال مع من يعطي القضيةَ حقها ويسعى إلى إعلاء شأنها فهو إنما يُعلي شأنا فيه أمر إلهي نزل على رسوله، ونحن أمةُ إسلام تستمد وجودَها الحضاري من كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

في الوقت الحاضر، نحن في اليمن -ومنذ زمن بعيد- نقيم الاحتفال بيوم الولاية (والتسمية باعتبار الحدث) أو عيد الغدير (والتسمية باعتبار مكان الحدث)، وليس وليدَ اللحظة أو ابتداعا ناجما عن المتغيرات الأخيرة التي شهدتها البلاد.

علاقة اليمنيين بالإمام علي عليه السلام وثيقة وتأريخية

وله فيهم إشادات وشهادات تدل على علو شأنهم ومكانتهم، وقال فيهم قوله المشهور: ولو كنت بوابا على باب جنة….لقلت لهمدان ادخلوا بسلام. وذلك بعضُ ما حفظه التاريخ للإمام علي عليه السلام في مناقب اليمنيين، بعد وسام قلده إياهم رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم حين قال فيهم: الإيمان يمان والحكمة يمانية.

وقد تجذرت تلك العلاقة منذ أن وفد إليهم مبعوثا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، واجتمع بالقبائل والأقيال في صنعاء القديمة، وإليه يعود بناء الجامع الكبير ويضم صخرتين تسمى “بالمسمورة والمنقورة” يروى أنهما الأساس الأول للجامع، وفي جنباته تقع مكتبة تاريخية تضم مصحفا بخط الإمام علي عليه السلام، سبق وأن قامت الرئاسة اليمنية إبان سلطة ما قبل 2011م بتقديم(نسخة مصورة) كهدية للسيد علي الخامنئي خلال زيارة إيران.

في هذه المرحلة، ونظرا للتطورات السياسية في البلاد والمنطقة، وإذ لم تستطع قوى العدوان أن تحقق أي انتصار، فهي تعمد إلى الغمز واللمز في ثقافة اليمنيين، وحريٌّ بتلك القوى أن تدرك أنها لولا أنها محميات أمريكية تستظل بالظل الأمريكي وتحتمي به لما تمكنت من الاستمرار على عروش متهالكة لم يعد لها من الإسلام إلا اسمه، بينما واقعها استبداد وإجرام وظلم وطغيان وتبعية للأجنبي المستعمر.

ونحن في اليمن شعب له حضارته وثقافته التي تؤهله لمواكبة التطور في الفكر السياسي جمهوريا وشعبيا بما يضمن كرامة وحرية الإنسان، وسيادة الدولة، واستقلال واستقرار وازدهار البلد.

وشعبنا اليمني لا يقبل أن يكون ملحقا لأحد، أو حديقة خلفية لأحد. وقضية هيمنة الدول الكبرى على سلب الإرادة والقيادة لمصالحها لا تزال في مختلف البلاد العربية والإسلامية موضع صراع إلا ما نَدَر . واليمنُ ليس استثناءً، بل إن معركة اليمن في هذه المرحلة هي معركة مصير وكرامة وسيادة وتحرر أكثر منها معركة حكم أو سلطة. ولعل اليمن في فكره السياسي أنضج بمراحل مما حوله من ممالك خليجية تتحكم بها عائلة يتلاعب بها الأجنبي المستعمر بريمونت كنترول.

لقد قطع الشعب اليمني شوطا كبيرا في حرية الفرد، وصار له صوته العالي في مواجهة أي سلطة لا يراها تمثله ولا تنتمي إليه، والفضل يعود إلى تلك التضحيات الجسيمة التي قدمها الشعب اليمني في مواجهة الاستبداد والتسلط أياً يكن شكله وصورته جمهوريا أو فرديا فما يريده الشعب هو الجوهر والمضمون لا الشكل والعنوان وفي طليعتهم الشهيد القائد وكوكبة من العلماء والدكاترة والأكاديميون وعدد كبير من الأحرار والشرفاء من أبناء الشعب اليمني لم يبخلوا بمهجهم ونالوا الشهادة في سبيل إعلاء كلمة الحق وعزة اليمن ورفعته، وما ذلك إلا لأن الأمر أكبر من مجرد سلطة لا تتطلب كل هذه التضحيات الجسيمة، بل من الغباء والحماقة فينا لو اعتبرنا أن دماء شهدائنا هو لمجرد سلطة.

إن القضية قضية مبدأ يتصل بأمر الأمة المنوط بها أن تكون خير الأمم وأقواها وأعزها وأكرمها. وإذ يتطلع الشعب اليمني إلى ترسيخ قيم الكرامة والسيادة والاستقلال غادره أعراب الجزيرة العربية ومن خلفهم قوى الاستعمار طمعا في إعادته إلى بيت الطاعة، وهو ما لا يكون.

وإذ تمر البلاد بمرحلة ثورية تحررية، وتعيش تعددية حزبية، وتؤمن بالجمهورية، جمهورية الناس، لا جمهورية السفارات، ولا مَلَكية القصور والصفقات وحياكة المؤامرات، فأي سيادة ودولة وقيادة تنتظر اليمنيين – في حال لا سمح الله – تمكنت قوى العدوان من فرض هيمنتها على اليمن!؟

وحتى لا يكون ذلك وهو المستحيل بعينه؛ امتشق الشعب اليمني من غِمد ثقافته وتاريخه “سيفَ الولاية” ولاية الإمام علي عليه السلام الذي يمثل في الوجدان الشعبي آخر حصن يتحصن به لدرء الخطر الماثل في العدوان والحصار وغير ذلك من المخاطر المعاصرة التي تهدد الشعوب بالانقراض إذا هي لم تتمسك بثقافتها الاسلامية وتحافظ على كينونتها الحضارية والتاريخية وشخصيتها المستقلة.

كما تجيب علينا كاتبه أخرى، زينب العياني، عن الولاية وتوضح معناها وحقيقتها، وأصلها وتفاصيلها، بملخص مقال لها عن الولاية بعنوان:

الولاية.. إكمالًا للدّين والرسالة!!

بدأ الصراع بين الحق والباطل منذ أن ألقى إبليس فتنته بين قابيل وهابيل، ومنذ ذلك الحين حتى يومنا هذا والله يبعث في كُلّ أُمّةٍ نذيرًا من ضلال الشيطان وإغوائه للنّجاة من عذابِ السّعير، مُبشّرًا برحمة الله وجناتِ النّعيم.. رغم النور الساطع في دعوة الله المُقدّسة وعزّة من يحملها، إلا أنّ الكثرة اختاروا طريق الشيّطان، وبغياب الولاية أصبحوا كالأنعام بل هم أضلّ.

في هذه الأيام نحن مُقبلون على عيد إكمال دين اللّه بالولاية:قال تعالى ﴿اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا﴾ دعونا نتأمل هذه الآية كلمة كلمة:

نزلت هذه الآية البليغة نزلت في يوم الغدير المُوافق /1441 – 18-ذي الحجّة، عندما دعى الرسول (ص وآله) الناس للاجتماع بغدير خم، حينها خطب صلوات الله عليه وآله، بالناس خطبة بليغة وكرّر وصيته بحثّهم على الثّقلين، ثم ختم خطبته قائلًا :يا أيها الناس ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا بلا يارسول الله، ثم رفع بيد الإمام علي – عليه السلام – إلى الأعلى فقال: هذا مولى من أنا مولاه، اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله.. هذا كان بلاغ رسول الله صلوات الله عليه وآله، الذي لو لم يفعله لما بُلِّغت رسالته!!

نعود للحديث عن الآية ﴿أكملت لكم دينكم﴾ أي دين يُحدثنا الله عنه؟
دين اللّه الإسلام، ملّة سيّدنا محمد صلوات الله عليه وآله، الذي جعل له الله أركانًا خمسة عامودها الشهادة لله ولرسوله، الصلاة، الصّيام ، الزكاة، الحج، الّتي إن أدّيناها كُلّها على أحسن وجه، لن يكتمل ديننا إلّا مع المُوالاة للإمام علي – عليه السلام، فإن أعرضنا عن ذلك فكأنما فرّطنا في أحد أركان الإسلام، حينها تُصبح أعمالنا كلُّها هباءً منثورا والعياذ بالله.

﴿أتممت عليكم نعمتي﴾ نعم الله تعالى على البشرية عامة لاتُحصى ولكنها علينا كأمُّة محمد (ص وآله) جسيمة ومُضاعفة عن بقية الأمم، أوّلها منّ علينا بنعمة الإسلام، وبعث فينا خير خلقه أعلاهم درجة وأشرفهم منزلة وأكثرهم شفاعة : محمد عليه وآله أفضل الصلاة والتسليم ، أنزل علينا : القُرآن تذكرةً لمن يخشى وتنزيلًا ممن خلق الأرض والسماواتِ العُلى، بعد كل هذه النعم، لم يرى الله تعالى أن نعمته تمت علينا فأتمّها بولاية أمير المؤمنين – صلواتُ الله عليه.

﴿ورضيت لكم الإسلام دينًا﴾ بعد شهادتنا بإن لا إله إلاّ الله وأن محمدًا عبده ورسوله أرسله ليُبدّد الظلمات بهدى الله وسراجٍ منير، وإقامتنا للفرائض والسُّنن، لم يرضى لنا الإسلام دينًا، فهو جل شأنه يعلم أن بعد وفاة رسوله ستعود أمة: محمد (ص وآله)على ماكانت عليه من التّيه والضلال قبل الإسلام، كما كان حال الأُمم السابقة الذين ما إن تفقد نبيًّا لها ترتدّ على عقِبها، ولكي لايطفأ نور الله، وأن لايكون للناس حُجّةً على اللَّه بعد الرُّسل، جعل سبحانه وتعالى دعوته ورسالته مُمتدّة إلى يوم القيامة، بتولّي العترة الطاهرة، بدايةً بموالاة سيد الوصييّن إمام المُتّقين من حبه إيمان وبغضه نفاق، من أطاعه فقد أطاع الله ورسوله، الإمام علي (ع)،

بعد كل هذا التعظيم من الإله العظيم والنبي الأمين منقـذ الأمة، هل لمسلمٍ عرف الله ورسوله أن يعترض على ولاية هذا الرجل الرّبّانيّ؟.

فمن رفض توليه وتَولِّي سبطيه وذراريهم، فقد حلّت عليه لعنة الله وسخطه وخذلانه، وهذه حقيقة لاريب فيها، فحال بني أمّية منذ أن خذلوه وهو حي يُرزق إلى الآن وحال خلائفهم آل سلول وكل المذهب الوهّابي الدخيل على الإسلام باعتقاداته اليهوديّة الواهية، وهو مُهان ضعيف يُعاني الذل والعبودية.. ومن يُضلل الله فلن تجد له سبيلًا.

أخيرًا الولاية للأمام علي (ع) ليست مجرد كلمة تُقال بل هي اعتقادات وأعمال تُصاغ بدم الأجساد..! وختامًا صلى الله وسلم على أهل الكساء وعلى العترة الطاهرة من يومنا هذا إلى يوم يُبعثون.
والحمدلله رب العالمين.

جيش اسامة والنبي يهجر

رسول الرحمة للعالمين محمد صل الله عليه وآله وسلم جهز جيش لفتح الشام وتحريرها من الروم وبقيادة القائد الشاب اسامة بن زيد وضم للجيش كبار المهاجرين والانصار ومنهم ابو بكر وعمر بن الخطاب ابو عبيدة بن الجراح، واستبقى الامام علي في المدينة المنورة والرسول الكريم يصدر الأمر للجيش بالتحرك نحو مؤتة في بلاد الشام والجيش لم يتحرك فتعلل البعض بحداثة سن قائد الجيش، وبحجج أخرى.

وبعد أن اشتد مرض رسول الله عاد عمر وأبو بكر مع جمع آخر من معسكر الجُرف إلى المدينة المنورة وقبيل وفاة الرسول الاكرم بأربعة أيام في سنة 11 للهجرة- خاطب جماعة من الصحابة أتوه لزيارته (ص) وهو مريض: “ايتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده”، وقد صرّحت مصادر أهل السنة والشيعة بأن عمر رفض ذلك، وقال: “إن النبي قد غلب عليه الوجع وانه ليهجر وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله” هذه الحادثة اسمّاها ابن عباس “رزية الخميس” أي “مصيبة يوم الخميس” عندما طلب النبي الأكرم دواة وقرطاساً ليكتب للأمة كتاباً لن تضل بعده أبداً.

فأبى ذلك عمر بن الخطاب بمقولته الشهيرة (إنَّ الرجل ليهجُر)، حيث وردت حادثة رزية يوم الخميس وما جرى فيها في الكثير من المصادر الإسلامية عند أهل السنة والشيعة وبعدة عبائر.

ومنها: ائتوني بدواة وکتف أکتب لکم کتابا لا تضلّوا بعده أبدا. المفید، الإرشاد، ج 1، ص 184؛ البخاري، صحیح البخاري، ج 4، ص 66؛ النيسابوري، صحیح مسلم، ج 5، ص 76.

هلُمّ اکتب لکم کتابا لا تضلون بعده. النيسابوري، صحیح مسلم، ج 5، ص 76.
ائتوني بدواة وصحیفة أکتب لکم کتابا لا تضلوا بعده أبدا. ابن سعد، الطبقات الکبری، ج 2، ص 242.
ذكرت المصادر عدة عبائر للكلمة التي قالها عمر بن الخطاب، ومنها:

فقالوا: أتراه يهجر؟ البلاذري، أنساب الأشراف، ج 1، ص 562.
غلبه الوجع. ابن كثير، البداية والنهاية، ج 4، ص 451.
إنَّ نبي الله لیهجر. ابن سعد، الطبقات الکبری، ج 2، ص 187.
إنَّ رسول الله یهجر. النيسابوري، صحیح مسلم، ج 5، ص 76.

سقيفة بني ساعدة وشجرة قريش

الرسول الكريم في ذمة الله والمهاجرين والانصار بالتسابق الى سقيفة بني ساعدة وكلا منهما يدعي بإحقيته لخلافة الرسول الكريم فزعيم الانصار”سعد بن عبادة” يقول باحقية الانصار بالخلافة والمهاجرين من قريش عمر بن بن الخطاب وابو بكر بالقول باحقية قريش بالخلافة وحصل جدال ونقاش حاد في السقيفة.

وانقسم الانصار الى الاوس والخزرج في مؤتمر السقيفة بعد ان اثيرت الخلافات التي كانت قائمة بين الاوس والخزرج قبل الاسلام ففقد زعيم الخزرج “عبادة” تاييد الاوس وانتهى المؤتمر بتقدم عمر بن الخطاب ورفع يد ابوبكر بالمبايعة فبايع المهاجرين وقسم من الانصار ورفض زعيم الانصار “سعد بن عبادة” مبايعة قريش وابو بكر بالخلافة ورفض ايضا مبايعة عمر بن الخطاب لاحقا عام 13 هـ.

وقرر سعد بن عبادة ترك المدينة المنورة والرحيل إلى الشام ووجد لاحقا مقتولا في حوران واختلفت الروايات في كيفية مقتله واحداها تقول ان الشياطين هي من قتلته مع ابيات شعرية تؤكد ذلك للجن وهذا ثاني انقسام في صفوف المسلمين.

احتجوا بالشجرة وفرطوا بالثمرة

عندما وصل الخبر للامام علي أن المهاجرين احتجوا بشجرة قريش باحقيتهم للخلافة قال الامام علي: “احتجوا بالشجرة وفرطوا بالثمرة” والثمرة هم اهل بيت الرسول الكريم والثمرة هي حديث غدير خم والثمرة هي حديث الثقلين. حديثُ زَيد بن ثابتٍ رضي الله عنه: ((إني تاركٌ فيكم ما إن تمسَّكتُم به لن تضلُّوا: كتاب الله، وعِترتي أهل بيتي؛ فإنَّهما لن يفترقَا حتى يرِدَا عليَّ الحوضَ))

والامام الشافعي الذي ينسب اليه المذهب الشافعي قال شعرا:
لوكان رفضاً حب آل محمد فليشهد الثقلان اني رافضي

مع العلم بان الامام علي وابوذر وسلمان الفارسي وبلال الحبشي لم يحظرو مؤتمر السقيفة.
فانتهى الامر بان رحل بلال الحبشي الى حمص وعمل خبازا وتوفي هناك، وابوذر الغفاري مات منفيا في صحراء الربذة وحيدا لانه مرجف ينتقد فساد والي الشام معاوية واهل البيت الكرام اليوم طائفة ومذهب وسلالة وميليشيات وكهنوت بادبيات الوراقين اليهود المتأسلمين بخطاب انظمة ملوك الفساد باعلام قنوات الفتنة للسعودية وتركياوقطر والامارات بينما معاوية يمثل السُنة قبل ميلاد الشافعي والحنفي والحنبلي والمالكي والاشعري وحتى بن تيمية والجوزية وبن عبدالوهاب.

محمد عبد السلام

وكان علق، رئيس الوفد الوطني المفاوض، محمد عبد السلام، يوم أمس الإثنين، عن ولاية الإمام علي عليه السلام، وعن شخصيته وعلاقته بالرسول محمد صلى الله وعليه وسلم.

وعبر عبد السلام عن موضوع الولاية بعدة تغريدات في حسابة بتويتر، والذي قال فيها: الإمام علي عليه السلام هو الشخصية التي قدمت نموذجاً متكاملا في شخصية القائد المسلم وكانت سيرته منذ الولادة حتى الشهادة عبق من النفائس الانسانية والعسكرية والاخلاقية والإيمانية تجلت فيه آثار التربية النبوية ويكفي فيه قول المصطفى محمد صلوات الله عليه وآله(علي مع الحق والحق مع علي )

وأضاف عبد السلام: الإمام علي عليه السلام علمٌ إسلامي ساطع والحديث عنه ليس تسويقاً مذهبياً ولاطائفياً، ويحبه وينتمي إليه كل المسلمين بإستنثناء من شذ، كالوهابية ولا غرابة أن نلحظ أصوات نشاز يُزعجها ذكر علي، فهذا مصداق قول المصطفى محمد صلوات الله عليه وعلى آله(يا علي لا يحبك إلا مؤمن ولايبغضك إلا منافق)

وتابع قائلاً: الإمام علي عليه السلام هو الشخصية الإستثنائية التي رباها النبي لقيادة الأمة في محطات كثيرة فلم يكن في سرية أو معركة إلا وعلي قائدهاوبطلها، وحين كلفه النبي بالبقاء في المدينة في غزوة تبوك قال له المصطفى صلوات الله عليه وآله (أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي).

وختتم حديثه عن الولاية بقوله: ليست النصوص الواردة في علي فحسب هي التي تفرض علينا حبه واتباعه، بل حياته وسيرته، فعلى مر التاريخ الاسلامي وحتى الانساني لا يوجد قائد تكاملت فيه صفات القيادة من إيمان، وشجاعة وعلم، وإيمان، وحكمة، وبلاغة وعدل، ومساواة، وتواضع ،وصبر وحب لله ولرسوله، واتباع للقران كما كان علي عليه السلام.

حسين العزي

كما علق، نائب وزير الخارجية، حسين العزي، عن موضوع الولاية، وعن عالميتها وعدم محدوديتها كما يتصور البعض.

وعبر عن ذلك في سلسلة تغريدات، بدأ قوله: الولاية موجودة لدى المسلم وغير المسلم، فهناك موالين لترامب أوبايدن أو(س أو ص)الخ. لذلك علينا أن نتولى الإمام علي ليس فقط كشخص وانما كنموذج ملهم في ضبط مواصفات من يجب أن نتولاه لقيادتنا كأمة وهذا أمر مهم للغايةلأننا بدون هذاالتولي الطموح قد نخطيء ونتولى قادة تافهين من طراز هادي مثلا.

وأضاف العزي: كما أن فهمنا لولاية الامام علي سيمنحنا باستمرار قيادة حكيمة وشجاعة كما سيحفزنا لصناعة قادة مذهلين يجترحون المواقف المشرفة وينتصرون للقيم والمبادئ، وتابع: إن الولاية (كثقافة) لاتلغي حق الأمة في اختيار من يحكمها لكنها بالتأكيد تمنح الأمة من الوعي والاقتدار مايجعلها تُحسن الإختيار.

وأكد حسين العزي أن ولاية الامام مصلحة استراتيجية لكل مسلم ومسلمة، وأوضح أنه ولو لم يكن لها من فائدة إلا أن تشملك دعوة النبي لكان ذلك كافيا، حين رفع كلتا يديه مبتهلا الى الله بدعائه الشهير لكل إنسان بحسب موقفه طبعا (اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله)

وتابع العزي: أن الدعوة من نبي (مسألة خطيرة جدا)، وتابع: تخيل حين يشملك دعاء النبي ( وانصر من نصره ) وحين تجنب نفسك دعوة خطيرة أيضا من النبي ( واخذل من خذله )

واختتم تغريداته بقوله: يا اخوة يامعقدين هذا الامام علي ليس لطائفة ولا لمذهب، لذلك لا أحد يورط نفسه ويظهر ما لايليق، الامور فيها دعوة بالنصر وبالنكال والدعوة من النبي مش هي من صعتر لذلك كلين يزهد لنفسه.

الإمام علي بعيون مفكرين وأدباء مسيحيين

سنحاول هنا استعراض نماذج من الأدباء المسيحيين اللبنانيين الذين انبهروا بشخصية الإمام علي عليه السلام، إلى حد فاق الإعجاب والتقدير إلى جعله أمثولة قل نظيرها في التاريخ: في الشجاعة، والبلاغة والعدالة والنبل والإنسانية وكرم الذات وكل المعاني السامية.

لا يخاصمه إلَّا جاهل

يقول الأديب الكبير جبران خليل جبران: «في عقيدتي أن ابن أبي طالب أول عربي لازم الروح الكلية وجاورها وسامرها، وهو أول عربي تناولت شفتاه صدى أغانيها فرددها على مسمع قوم لم يسمعوا مثلها من ذي قبل فتاهوا بين مناهج بلاغته وظلمات ماضيهم، فمن أعجب بها كان إعجابه موثوقاً بالفطرة، ومن خاصمه كان من أبناء الجاهلية.

مات علي بن أبي طالب شهيد عظمته. مات والصلاة بين شفتيه. مات وفي قلبه الشوق إلى ربه، ولم يعرف العرب حقيقة مقامه ومقداره حتى قام من جيرانهم الفرس أناس يدركون الفارق بين الجواهر والحصى. مات قبل أن يبلغ العالم رسالته كاملة وافية، غير أنني أتمثله مبتسما قبل أن يغمض عينيه عن هذه الأرض. مات شأن جميع الأنبياء الباصرين الذين يأتون إلى بلد ليس ببلدهم وإلى قوم ليسوا بقومهم، في زمن ليس بزمنهم، ولكن لربك شأنا في ذلك وهو أعلم».

القطب الوضَّاء

أما الأديب الكبير بولس سلامة، المعروف بملحمته الغديرية الشهيرة التي يقول فيها:
جلجل الحق في المسيحي حتى صار من فرط حبه علويا

فمعروف بهيامه وعشقه لعلي، وهو الذي يقول في ملحمته: «قد يقول قائل: ولِمَ آثرتَ عليّاً عليه السلام دون سواه من أصحاب محمّدٍ صلّى الله عليه وآله بهذه الملحمة؟! ولا أجيب على هذا السؤال إلاّ بكلمات، فالملحمة كلّها جواب عليه، وسترى في سياقها بعض عظمة الرجل .

لا يضاهيه كتاب في جوامع الكلم

ويقول في موضع آخر: «ويرسل إمام البلغاء الجملة فتأتي عامرة كإيمانه، متينة كأخلاقه، تتأملها فإذا هي حصن منيع للفكرة العالية، وتحاول أن تبدل شيئاً في جدار هذا العقل القوي كأن تضع حجراً في مقام آخر أو أن تقدم وتؤخر فلا تستطيع. وإن الواقف حيال هذا البناء الشامخ كالواقف أمام قلعة بعلبك، يحاول إدخال المسمار بين الصخرين العظيمين فيخفق.

ولا يحس روعة البناء مثل البنّاء الحاذق الذي تمرس بالفن وأدرك مطاويه ودقائقه. وكذلك هو المنشئ يدرك متانة السبك وروعة الديباجة عندما يحاول أن يأتي بمثلها فيفشل». وعن «نهج البلاغة» يقول: «لا يعدِلُهُ كتاب في الخطابة والجزالة، والفصاحة والحكمة البالغة وجوامع الكلم، كما أنه لا يضاهي الإمام علي إمام، فهو فارس الإسلام وقديسه وسيفه الباتر، وابن عم نبيه، وصهره ووصيه، وسيد القلم ووليه، وأميره وعليّه».

كما أنه ذكر الإمام علي (ع) في أكثر من قصيدة، منها بعض قوله في قصيدة «علي المهاجر»:
يا رمال الصحراء هذا علي
فاملئي الدرب والضفاف أزاهر
هو بعد النبي أشرف ظلٍّ
لاح في السبسب الحلي مهاجر

سيد العرب على الإطلاق

ومن الأدباء الكبار ميخائيل نعيمة، الذي يعد أحد الرواد الذين قادوا النهضة الفكرية والثقافية، والذي قال عن علي: «لا تسألني رأيي في الإمام كرم الله وجهه، ورأيي أنه بعد النبي سيد العرب على الإطلاق بلاغة، وحكمة، وتفهماً للدين، وتحمساً للحق، وتسامياً عن الدنيا. فأنا ما عرفت في كل من قرأت لهم من العرب رجلاً دانت له اللغة مثلما دانت لابن أبي طالب»، مادحا إياه:

«إن بطولات الإمام ما اقتصرت يوما على ميادين الحرب، فقد كان بطلا في صفاء بصيرته، وطهارة وجدانه، وسحر بيانه، وعمق إنسانيته، وحرارة إيمانه، وسمو دعته، ونصرته للمحروم والمظلوم من الحارم والظالم وتعبده للحق أينما تجلى له الحق. وهذه البطولات، ومهما تقادم بها العهد، لا تزال مقلعا غنيا نعود إليه اليوم وفي كل يوم كلما اشتد بنا الوجد إلى بناء حياة صالحة، فاضلة»، فاختصر بذلك نعيمة إعجابه بشخصية الإمام.

كما يقول في تقديم كتاب جورج جرداق «الإمام علي صوت العدالة الإنسانية»: «إنه (أي الكتاب) مكرس لحياة عظيم من عظماء البشرية، أنبتته أرض عربية، ولكنها ما استأثرت به، وفجر ينابيع مواهبه الإسلام، ولكنه ما كان للإسلام، وإلا فكيف لحياته الفذة أن تلهب روح كاتب مسيحي في لبنان، فيتصدى لها بالدرس، والتحليل، والتمحيص…؟!».

تعالت بك الأرض

وفي كتابه «في محراب علي»، جمع الشاعر الراحل خليل فرحات أجمل القصائد، عبر فيها عن علاقته الخاصة بعلي، ومما جاء في إحدى قصائده:
دللت على الرحمن هل كنت غيره؟
ففيك استوى الرحمـن بالفعل والفكـر
وفيـــــــك تجلت قدرة الله آية
كما شعشعت في الضوء خالصة الدر
وفيك رأى الوجدان معنى وجوده
وقيمة عيش المرء في مهمه العسر
تعالت بك الأرضون واشتد ظهرها
فلولاك هذي الأرض مقصومة الظهر

نبراس ومتراس

الأديب سليمان كتاني عند إصداره الكتاب الشهير «الإمام علي نبراس ومتراس»، كتب عن علي قائلاً: «بهذه المناجاة أحببت أن أقرع الباب في دخولي على علي بن أبي طالب، وأنا أشعر أن الدخول عليه ليس أقل حرمة من الولوج إلى المحراب. والحقيقة، أن بطولته هي التي كانت من النوع الفريد، وهي التي تقدر أن تقتلع ليس فقط بوابة حصن خيبر، بل حصون الجهل برمتها، إذ تتعاجف لياليها على عقل الإنسان».

نحيا بموته

وجاء في مقدمة كتاب «خطى الإمام علي» للأديب نصري سلهب: «علي (ع) من أولئك البشر الذين كتب عليهم أن يموتوا لتحيا بموتهم أمم وشعوب، وأعداء علي من أولئك النفر الذي آثروا الحياة على الموت فأماتوا بحياتهم كل إباء وشمم. ذكراه ليست ذكرى البطل الذي استشهد فخلد في ضمير الله، بقدر ما هي ذكرى الغادرين الذين غدروا فخلدوا في نار جهنم». ثم يقول: «حري بعلي وهو في الدنيا خلوده أن يبكينا لأننا من الساح فررنا وأخلينا الميدان لأعداء لنا يجولون فيه ويصولون بل يسرحون ويمرحون. كم نحن اليوم بحاجة لعلي».

أما الشاعر الكبير سعيد عقل في قصيدته الشهيرة في الإمام علي فيقول:
كلامي على رب الكلام هوى صعب
تهيبت إلا أنني السيف لم ينبُ
حببت علياً مذ حببت شمائلي
له اللغتان القول يشمخ والعضبُ
ومن لا يحب البيت، سيف عليّهِ
جميل، وذاك النهج كوثره عذب
كلام كما الأرباب في طيلسانها
ألا فلتداوله وترتعش الكتب

مفكر اجتماعي ثوري

ويقول المؤرخ والمحقق الفرنسي كاراديفو في كتابه «مفكرو الإسلام» (ص10):
«وعلي هو ذلك البطل الموجَعُ، المتألم، والفارس الصوفي، والإمام الشهيد، ذو الروح العميقة القرار التي يكمن في مطاويها سرّ العذاب الإلهي». فهو يرى في علي فارساً غالباً، ولكنه فارس صوفي، أي أن فروسيته نهلت من معين المعارف الإلهية حتى الارتواء، فهو لا يرفع سيفه النبيل ويهوي به إلا ليقتل شيطاناً من طواغيت الاستكبار المشرك والطبيعة الجاهلية البطرة، ليعز كلمة الله، ويجعل الناس يعيشون تحت ظلالها جنات الإخاء، والمحبة، وسلامة الصدور من الأحقاد، والبغضاء، والمفاسد التي اتخذ منها إبليس جنوداً ليحجب الإنسان عن ربه وإنسانيته… وعلي إمام رفعه إلى مقام الإمامة الأقدس كفاءته العلمية، والدينية، والأخلاقية، وسموه الروحاني.

ويرى كاراديفو أن علياً يحمل فكراً اجتماعياً ثورياً فاعلاً يرقى في تطوير المجتمع إلى تحقيق ما تحلم به الإنسانية من حياة فاضلة، كريمة، وأنه استشهد في سبيل ما كان يريد أن يجعله واقعاً حياً، لذلك فهو إمام شهيد، صاحب نفس وضيئة تختزن سراً إلهياً قدوسياً، هو سر قبول تحمل العذاب حتى الموت لإنقاذ الإنسان من الظلمات إلى النور.

أما الفيلسوف الإنكليزي كارليل، في كتابه «محمد المثل الأعلى»، فيقول (ص34): «أما علي فلا يسعنا إلا أن نحبه ونعشقه، فإنه فتى شريف القدر، عالي النفس، يفيض وجدانه رحمة وبراً، ويتلظى فؤاده نجدة وحماسة، وكان أشجع من ليث، ولكنها شجاعة ممزوجة برقة، ولطف، ورأفة، وحنان».

الفارس والفقيه والحكيم

وقد أصدر الشاعر جورج شكور ملحمة شعرية أسماها «ملحمة الإمام علي»، ذكر فيها تاريخ الإمام (ع) من ولادته إلى وفاته، ومما قاله:
شق الجدار المستجار وأحاط حرمتك الفخار
ولدتك في البيت الحرام وكان من شهدوا وحاروا
الله أكبر، يا علي ولدت، والتحم الجدار
ونظم الشاعر، ورئيس اتحاد الكتاب اللبنانيين سابقاً، غسان مطر، قصيدة رائعة بعنوان «علي الإمام»، جاء فيها:
مَنْ رَضِيٌّ يَهْفو إِلَيْهِ الأَنامُ
وَبَهِيٌّ بِهِ يُضيءُ الْكَلامُ
وَسَخِيٌّ تُرْخي السَّماءُ عَلى كَفَّيْهِ
نوراً فَتُشْرِقُ الأَيّامُ
مُفْرَدٌ في النُّهى يُحَكَّمُ في النّاسِ
فَتَأْتي مِنْ رَبِّهِ الأَحْكامُ؟
وَكَفى الطُّهْرَ أَنْ يُقالَ عَلِيٌّ
وَكَفى الدّينَ أَنْ يُقالَ الإِمامُ
ويقول الشاعر ريمون قسيس (من أدباء زحلة) في قصيدته «علي الفارس الفقيه الحكيم»:
بذي الفقار الذي لولاك ما كانا
يا فارس الساح كم أرديت فرسانا
وفي حنين وفي صفين أذهلهم
سيف أباد زرافات ووحدانا
سيف بكفك هل إلاّك يحمله
أنت العلي علي الله ما هانا

القرآن البشري

أما الشاعر والوزير السابق جوزيف الهاشم فقد اعتبر أن من يتعرف إلى شخصية الإمام علي استهوته، ومن استهوته أثرت فيه، ومن أثرت فيه اقتدى بها، ومن اقتدى بها أصلح نفسه، ومن أصلح نفسه تصالح مع الآخرين، وأن لعل الذين يجهلون الإمام أو يتجاهلونه يتهموننا ونحن نعظمه بالمغالاة أو بالإفراط العاطفي. كما انضم الهاشم إلى قافلة الشعراء ونظم قصائد عدة للإمام أحدها بعنوان «القرآن البشري» جاء فيها:
نعم العلي، ونعم الاسم واللقب
يا من به يشرئب الأصل والنسب
لا قبل، لا بعد، في بيت الحرام شدا
طفل، ولا اعتز إلا باسمه رجب
هو الإمام، فتى الإسلام توأمه
منذ الولادة، أين الشك والريب؟
تلقف الدين سباقا يؤرجه
صدر النبي، وبوح الوحي يكتسب