لينين العربي ورفاقه الأمريكان

2969

المشهد اليمني الأول/

الحملة الانفرادية التي تقودها على صفحتها في «فيس بوك»، الرفيقة وفاء عبدالفتاح إسماعيل، لاستعادة منزل عائلتها المنهوب في عدن، لم تثر ردات الفعل التضامنية المطلوبة والضاغطة لجهة تمكين أصحاب الحق من حقهم.

الرفاق حائرون حتى اللحظة في تأويل الواقعة (جنائية أم سياسية؟!). البيان الصادر عن الحزب، والمنشور في الموقع الناطق باسمه (الاشتراكي نت 10/4/2018)، بدا من صيغته ومضمونه كما لو أنه صدر عن وزارة داخلية، تستهدف تصويب معطيات مغلوطة ناقدة لأداء هذه الوزارة، من منطلق التعقيب وحق الرد مكفول، لا عن حزب تتعرض ذاكرته التاريخية الخاصة، والذاكرة الوطنية العامة، لبلده وشعبه لتجريف ومحو ممنهج من قبل تحالف أجنبي معادٍ لهذه الذاكرة، ولهذا التاريخ. ولا حتى دفاعاً عن الحق الشخصي، لورثة مواطن شهيد كان في يوم من الأيام الغابرة، الأب الروحي والمؤسس للحزب، الذي صدر عنه هذا البيان السامج واللئيم.

من سطوره الأولى، يتكشف الهدف الموارب للحزب من البيان: إسدال ستارة سميكة على الجاني الحقيقي في واقعة السطو، وتقزيمه وتقديمه في صورة (إحدى العائلات التي اقتحمت المنزل من دون حكم قضائي تستند إليه).

وبما أن الأمر كذلك، فإن إتلاف محتويات المنزل الوثائقية الثمينة، لجهة ذاكرة البلد والأجيال عقب الاقتحام، لا تعود مدانة في نظر الحزب، لكونها الهدف الرئيس من عملية السطو برمتها، بل لكونها تصرفاً استباقياً بمحتويات عقار لم تثبت بعد صحة دعوى ملكيته لمقتحميه ولا لمالكيه، فـ(القضية لا تزال منظورة أمام القضاء…) بحسب نص البيان. عند هذه الذروة من الإفك والفبركة والزعم تدليساً وكذباً بأن (القضية منظورة…)، يبلغ الحزب زبدة الغاية من بيانه: محاولة احتواء الجلبة التي أحدثتها حملة الرفيقة وفاء وإخراسها، وإيهام المتضامنين معها بأن (الحزب يفعل ما عليه فعله تجاه القضية…) لكن عبر القنوات الرسمية لاحتلال أجنبي، أصبح مأمور ضبط، وقاضياً وحكماً وحاكماً في شؤون الجغرافيا والتاريخ، يتصدى (الاشتراكي) لدفع الافتراءات عنه بوصفه مسؤولاً للعلاقات العامة لديه.

لا داعي ـ إذن ـ للشوشرة وإقلاق سكينة الاحتلال بقضية (عقار منهوب ينظر القضاء في أمره). يقول الحزب وبيانه اللئيم، في حين يقول الواقع، إن هذا المنزل ليس محض عقار، بل اختزال كثيف لوطن أباحه (شامانات اليسار واليمين والوسط) لشذاذ الآفاق واللصوص، كما أن محتوياته ليست محض مقتنيات شخصية، بل ذاكرة تغتلي بآلام وآمال شعب وأشواق تاريخ مديد. أما جهة التقاضي بشأنه، فهي ميادين الوغى وذؤابات سيوف التحرير، وفوهات بنادق الاستقلال، ولا قاضي سوى أبناء هذا التراب الشرفاء الغيورين من (حوف إلى الخضراء).

إن معضلة الحزب مع (وفاء فتاح)، تتلخص في أن هذه الرفيقة (النجمة)، لم تمنح (قراصنة الكاريبي والمانش) مفتاح (البحر)، ولم تبع أصابع (ذي يزن) لديدان المازوت والقار، ولو أنها فعلت، لكانت الآن ترفل في دمقس الذل وديباج الهوان معتمرة (قبعة الكاوبوي) تحت أقدام عربان البشوت في (جولدمور) تماماً كـ(شلال شائع).

لكنها (وفاء) بلا خيانة وشرف بلا مساومة، لذا فهي منفية بلا منزل وبلا وطن، وأكثر من ذلك بلا ضريح لأب شهيد سرقوا جثمانه سلفاً. ضريح تسند عليه رأسها وتبكي كابنة مفجوعة لأب مغمور، لا لمناضل كان يسمى ـ ذات حقبة منسية ـ لينين الشرق العربي.

بقلم/ صلاح الدكاك

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا