المشهد اليمني الأول/

المنظر مهّول والناس متخافتون بذهول للبحث بين الركام ، هنا طفلة مدفونه بين الركام ، واخرى تصيح واحشائها ملتفة حولها ، وثالث يئن وجعاً فقدماه مبتورتان!!

وبعد دقائق من رفع نصف الركام يسمع صوت رضيع يكاد يختنق بعد ان حفظه الله بين ظلماتٍ متداخلة ، فلقد أراد الله له الحياة رغم ان العدو قد كتب عليه الموت ، وتظهر الأم المحتضنه طفلها الرضيع والمدفونة كلياً غير انها محتوية رضيعها بالحضن والذي لايرى أثر الركام عليه فلقد حمته أمه كدرعٍ خاص!!

وبمرور الدقائق يحضر الأب كالسهمٍ من القوس مذهولاً مرعوباً محتملاً بالصبر وأذكار الله ، ليرى ركام منزله تتداخله عائلته ، زوجته وأبنائه ، ينظر هنا وهناك مراراً وتكراراً ، بهدوء مع تساقط الدموع كزخات المطر والحزن الذي يعصر قلبه ، إذ يزيل جاكته ويرفع ثوبه بطريقة سريعة باحثاً بين الرگام لبقية أبنائه ، وينادي بصوتٍ خافت يتداخله الأنين ساره ساره أحمد أحمد ، ويخبر المتواجدين بأنه لازال هناك فتاة ذات الحادية عشر مختفية وأخوها ذوو السابعة من العمر!!

ومع اندماج المتواجدين بالبحث تأتي طائرة التحالف لتسقط غارتي الغدر والخيانة وتبعثر المتواجدين أشلاءٍ متناثرة!! فزداد المشهد بشاعة مخلفا اثنا عشر شهيدا وسبعة جرحى!! رأس وأيدٍ مبتورة ، وأشلاء متطايرة ، وأقدام مقطوعة ، وأنين يهز الصخور!!

وبعد دقائق من الغارة الثانية يجتمع الناس ليقوموا بالواجب ، تفتتح نوافذ المنازل المجاورة إجباريا بضغط الغارات ، سعاد ذات الخمس السنوات رأت جثة ابيها بلا اطراف فصاحت بذهول مرتعبة بابا بابا!! ماما بابا مرمي وأقدامه بعيدة عنه!!

يمر الوقت وتجمّع الأشلاء المتطايرة داخل أكياس صحية ، يأتي الإسعاف ويبحث عن الحالات الحرجة ليلتقط الطفلة الملتفه بالاحشاء ذات الأنّات المصدعة للجبال ، يأخذ الرضيع بعد ان يغمى عليه ، لحظات ويتحرك الأب بعد ان فقد إحدى يديه باحثا باليد الأخرى بين الرگام عن بقية اطفاله ، وبينما هو كذلك يجد الباحثين بقية اطفاله بعد ازالة الركام من على ثلاثة أمتار تحت الأرض ليجدوهم أحياء وراء أعمدة المنزل التي تراكمت لتحميهم من غدر الطغاة وغاراتهم ، أحدهم فاقد وعيه ، والأخر مذهول لايُسمع له صوت ولا يرُى له دموع ، وگأن الخوف والذهول افقدته الإحساس والشعور.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بقلم: يحيى البدري

شاهد صور من #جريمة_الازرقين_بصنعاء

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا