المشهد اليمني الأول/

 

رأى الكاتب الأمريكي بروس ريدل أن المملكة العربية السعودية وإيران، «شرعتا في التنافس على النفوذ لدى الحكومة الجديدة» في باكستان، والتي يرأسها عمران خان، مشيراً إلى أن لدى الطرفين «حسابات كبيرة» في الرهان على خطب ود تلك الحكومة، وإن كان الموقف السعودي في هذه المنافسة «أضعف بكثير بسبب الحرب في اليمن، والتي لا تتمتع بشعبية» في أوساط الشعب الباكستاني.

 

وأضاف ريدل أن باكستان تحظى بمكانة «بالغة الأهمية» لكل من الرياض وطهران، ذلك أن الدولة الآسيوية تعد «ثاني أكبر دولة في العالم الإسلامي، من حيث عدد السكان»، فضلاً عن كونها «الدولة الإسلامية الوحيدة التي تملك ترسانة نووية». كما أن هناك «أكثر من 1.5 مليون باكستاني يعيشون في المملكة العربية السعودية»، فيما «تشترك باكستان، وإيران بحدود يبلغ طولها 900 كيلومتراً في بلوشستان».

 

وعن ملف الحرب في اليمن، أورد ريدل أن العلاقات الثنائية «شهدت فتوراً على نحو ملحوظ، خلال السنوات الأربع الماضية، على خلفية الحرب اليمنية»، ناقلاً عن مسؤولين باكستانيين رفيعي المستوى قولهم، إن «السعوديين أرادوا وحدة عسكرية باكستانية كبيرة» للمشاركة في ما سُميت بـ «عملية عاصفة الحزم».

 

وأسهب الكاتب في شرح مواقف «حركة إنصاف»، بزعامة خان، من حرب اليمن، مشيراً إلى أنها كانت في «طليعة المعارضة» لمشاركة إسلام آباد في تلك الحرب، ودخولها في «التحالف الإسلامي ضد الإرهاب»، والذي ينظر إليه على أنه «تحالف مناهض لإيران». وبحسب الكاتب، فإن «خان يدين بانتخابه، وبشكل كبير، إلى مؤسسة الجيش، بفعل التهويل الذي مارسته بحق خصومه السياسيين».

 

وتوقف ريدل عند وجهات نظر بعض أعضاء «حركة انصاف» حيال العلاقات مع الرياض، وطهران، مستعرضاً مواقف شيرين مزاري، ومعتبراً إياها «إحدى أبرز الشخصيات الناقدة للعلاقات مع المملكة في حركة انصاف»، حيث أنها «تصدرت صفوف المنتقدين لحرب السعودية في اليمن»، علاوة على «معارضتها لاصطفاف باكستان إلى جانب المملكة»، واتهاماتها للحكومة السابقة بـ «الإبتعاد عن الصدق، والنزاهة، في ما يخص إرسال مدربين عسكريين» إلى الأراضي السعودية.

 

من جهة أخرى، شرح الكاتب أن مزاري تذهب إلى دعم تعزيز العلاقات مع طهران، كونها تعد «من مؤيدي مشروع استكمال خط أنابيب الغاز الإيراني- الباكستاني»، إلى جانب «تأييدها للتعاون مع إيران من أجل المساعدة في إنهاء الحرب في أفغانستان». وذكر الكاتب أن السيدة، التي درست في «كلية لندن للاقتصاد»، و«جامعة كولومبيا»، باتت تشغل حالياً منصب وزيرة شؤون حقوق الإنسان في الحكومة الجديدة، بعدما كانت مرشحة لتولي حقيبة الدفاع.

 

أما عن وزير الخارجية في حكومة خان، وهو شاه محمود قريشي، فقد شدد ريدل على أنه شخصية «تتمتع بكفاءة بالغة، وخبرة كبيرة»، خصوصاً أن الأخير «يدرك تماماً» دقة سياسة بلاده تجاه طهران، والرياض، في ظل تدني مستوى العلاقات بين إسلام آباد، والإدارة الأمريكية، حيث «يتمتع الإيرانيون، والسعوديون على حد سواء، بعلاقات وثيقة مع عناصر الميلشيات المسلحة الطائفية، من السنة والشيعة، ممن يمكنهم تفجير الوضع الداخلي في باكستان».

 

ولفت ريدل إلى أن إطلاق «مبادرة باكستانية لتخفيف حدة التوترات بين السعوديين، والإيرانيين يشكل أمراً جيداً بالنسبة للمنطقة»، لافتاً إلى أن «حالة الاستقطاب في أرجاء المنطقة بين معسكرات معادية، تتسبب بإلحاق أضرار إنسانية بالغة، ولا سيما في اليمن».

 

وعن تصاعد الصراع الإقليمي في الشرق الأوسط، رأى الكاتب أن «الرياض، مع حلول الخريف، قد تشرع في تدشين مسار خفض التصعيد» في الشرق الأوسط، أو «قد تعمد إلى رفع مستوى التوترات إلى حد كبير»، محذراً من أن قرار الادعاء العام السعودي طلب تنفيذ عقوبة الإعدام بحق الناشطة الحقوقية إسراء الغمغام يعد «تصعيداً طائفياً خطيراً». وشدد على ضرورة إطلاق سراح الغمغام، معتبراً أن ذلك سوف يكون بمثابة «خطوة حكيمة، وكريمة من جانب العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، وذلك من أجل إخماد الحريق المندلع في الشرق الأوسط»، في حين أن «إعدامها سوف يشعل العاصفة».

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا