المشهد اليمني الأول/

 

تعاملت روسيا حتى الان مع الكيان “الاسرائيلي” ككيان “مسؤول” يمكن الوثوق به لاسيما في اطار الحرب المفروضة على سوريا من قبل التحالف الامريكي الصهيوني العربي الرجعي منذ اكثر من سبع سنوات ، لذلك كانت تنسق مع العسكريين “الاسرائيليين” حتى بشأن الغارات التي كانت تشنها الطائرات “الاسرائيلية” داخل سوريا بذريعة منع حصول حزب الله على اسلحة متطورة ايرانية.

 

وصل التنسيق ذروته عندما جمدت روسيا خطة تسليم منظومات “إس-300″ إلى سوريا عام 2013، بطلب من الكيان “الاسرائيلي”بعد ان كانت جاهزة للتصدير، وقد تلقى عسكريون سوريون تدريبات حول طريقة استخدام هذا النظام ، ورغم ان سوريا كانت قد دفعت قيمة الصفقة.

 

رغم عدم تقبل محور المقاومة ومن بينه سوريا ، لهذا التنسيق الروسي “الاسرائيلي” ، وللثقة التي توليها روسيا للطرف “الاسرئيلي” باعتباره طرفا يمكن التعامل معه بمسؤولية ، الا ان محور المقاومة وانطلاقا من الواقعية السياسية ، وانطلاقا من كون روسيا دولة عظمى لها مصالحها الخاصة بها والتي تقتضي ان تتعامل مع الكثير من القضايا بطريقة تختلف مع توجه محور المقاومة، الا ديدن الكيان”لاسرائيلي” القائم على العدوان والغطرسة والعنجهية والعنصرية والتعالي ، اسقط المسحة الباهتة التي كانت تغطي الكيان “الاسرائيلي” نفسه به امام روسيا ، فاذا بهذا كيان لا يحترم اي طرف مهما كان ، اذا ما شعر بأن هذا الطرف يقف حاجزا امام ممارسة طبيعته العدوانية ، بذريعة حماية امنه من الاعداء ، وهي ذريعة جعلت من “اسرائيل” فوق القانون الدولي.

 

روسيا شعرت ان الكيان “الاسرائيلي” طعنتها بالظهر ، على خلفية إسقاط طائرة “إيل-20” الروسية الأسبوع الماضي والسبب خدعة اراد الكيان “الاسرائيل” من ورائها ضرب العلاقات الروسية السورية الايرانية ، الا انها اودت بحياة 15 عسكريا روسيا كانوا على متن الطائرة الروسية.

 

سريعا كشفت روسيا خيوط الخدعة “الاسرائيلية” ، عندما حملت الكيان مسؤولية اسقاط الطائرة ، بعدران اعلنت أن “اسرائيل” لم تبلغ الطرف الروسي عبر الخط الساخن بنيتها شن غارات جوية على سوريا إلا قبل دقيقة واحدة من بدء الهجوم ، كما ان”اسرائيل” لم تسلم للعسكريين الروس معلومات دقيقة عن المنطقة التي ستتعرض للهجوم وادعت أن الغارات ستُنفّذ في شمال سوريا ، خلافا للواقع، ما منع الجيش الروسي من إبعاد طائرته من منطقة الخطر ، وبذلك احتمت طواقم الطائرات “الإسرائيلية” المطلعة جيدا على الوضع في الجو ، بالطائرة الروسية التي كانت تحلق في الاجواء ، ما أدى إلى إصابتها واسقاطها.

 

الطعنة التي وجهها الكيان “الاسرائيلي” لكرامة روسيا، لم تفلح من التقليل من وطأتها كل الاتصالات “الاسرائيلية” ومن اعلى المستويات ، ولا حتى ارسال قائد القوة الجوية “الاسرائيلية” الى موسكو ، والذي رفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استقباله ، ولا يبدو ان روسيا ستمر من خلال الحادث مرور الكرام ، الا بعد ان تنتقم لكرامتها.

 

من هم الاجراءات التي اتخذتها روسيا خلال اليومين الماضيين ، والتي قد تكون تمهيدا للارضية لرد الصاع صاعين ل”اسرائيل” ، ومن هذه الاجراءات:

 

-قررت روسيا، تسليم منظومات الدفاع الجوي “إس-300” إلى سوريا خلال أسبوعين، وهي قادرة على اعتراض الأهداف الجوية على مسافة تتجاوز 250 كيلومترا.

 

وقال الوزير: “بسبب قدرتها العالية على عرقلة التشويش وسرعتها المتفوقة في إطلاق الصواريخ، ستسهم هذه المنظومة إسهاما ملموسا في تعزيز القدرات القتالية للدفاعات الجوية السورية”.

 

-تجهيز المراكز القيادية لقوات الدفاع الجوي السورية بنظام آلي للتحكم موجود حصريا لدى الجيش الروسي، مما سيضمن الإدارة المركزية لجميع الدفاعات الجوية السورية، وتحديد جميع الطائرات الروسية في الأجواء من قبلها.

 

-الملاحة عبر الأقمار الاصطناعية ورادارات الطائرات وأنظمة اتصالات الطائرات الحربية التي تهاجم أهدافا أرضية ستلغى في المناطق المحاذية لسوريا في البحر المتوسط ، بمعنى ان روسيا ستشوّش على اتصالات اي طائرة تحاول ضرب سوريا من فوق البحر المتوسط.

 

عمليا لم تعد الاجواء السورية بعد اليوم مجالا لعربدة الطيران “الاسرائيلي” ، بعد ان اتضح لروسيا بما لا يقبل الشك ، انها وضعت ثقتها في طرف لم يكن من اللائق ان تثق به ، فهذا الطرف ، الذي اسكره الدم الامريكي اللامحدود ، لا يقيم وزنا لاي بلد ولاي طرف ولاي قانون ، لاسيما في ظل ادارة امريكية يمينية متطرفة عنصرية يديرها شخص مهووس بالحروب مثل جون بولتون.

 

لقد انقلب السحر على الساحر ، فالخدعة “الاسرائيلية” تحولت الى وبال عليها ، بعد ان تأكد لروسيا ان الطبيعة الاجرامية لهذا الكيان ، لا تقتصر تداعياتها على الشعب الفلسطيني او اللبناني او الشعوب العربية والاسلامية ، بل تشمل كل شعوب العالم ، في حالت فكرت ، مجرد تفكير ، الوقوف في وجه هذه العدوانية المتوحشة.
ـــــــــــــــــــــــــــ
فيروز بغدادي