المشهد اليمني الأول/

 

أراد العدوان تحويل الريال اليمني إلى حبل يخنق به الشعب اليمني؛ لأنَّه أراد ذات يوم أن يكون ذات كرامة وحرية واستقلال.

 

تسبب الحصار المفروض على الغذاء والوقود والمستلزمات الطبية – بالإضَافَة إلى الضربات الجوية على البنية التحتية المدنية الحيوية – في معاناة ملايين المدنيين، لا سيما الأَكْثَـر تعرضاً للمخاطر: الجرحى والأطفال وكبار السن.

 

ووفقاً لوزارة الصحة اليمنية وَمنظّــمات غير حكومية محلية، توفي أَكْثَـرُ من 27 ألف مدني؛ لأنَّهم لم يتمكّـنوا من الحصول على العلاج الطبي في الخارج؛ بسببِ حظر التحالف على الرحلات الجوية من وإلى مطار صنعاء الدولي – في حين يستمر 200000 آخرين في المعاناة وفي انتظار مصير مماثل.

 

يموتُ طفلٌ كُـلّ عشر دقائق ويبلغ أَكْثَـرُ من 63 ألف حالة وفاة بين الأطفال في عام 2016م وحده وفقًا لليونيسف.. وكل ذلك يرجع إلى أسباب يمكن الوقاية منها تتعلق بسوء التغذية والتي ظلت دون علاج؛ بسببِ حصار التحالف.

 

هذا الحصار الفظيع الذي لا يتحدث عنه أحد هو ما تسبب في انهيار البلد كلياً؛ والذي سمحت القوى الدولية المتحكمة بالسعوديّة باستمراره.

 

تحالف العدوان أرد أن يحدثَ هذا الانهيار سريعاً؛ بهدفِ إضعاف الجبهة الداخلية، غير مبالين بنتائج هذا الحصار على السواد الأعظم من الشعب اليمني الذي يقع تحت خط الفقر، والذين هم المتضرر الوحيد من جَـرَّاءَ هذا الحصار البربري الخانق.

 

يعتقدون أن العالم سيعفيهم وسيعفي السعوديّة من المسؤولية الإنْسَـانية، لكن التأريخ لن يعفي أحداً من لعنته.. فانهيار الوضع الاقتصادي في اليمن سُجل دون نقاش كأسوأ جريمة عقاب جماعي بحق شعب بأكمله، ارتكبها طرفٌ واحد يعرفه الجميع، من ينفّـذ الحصار الاقتصادي الخانق منذ أَكْثَـرَ من ثلاثة أعوام ونصف عام، وبمعرفة واطّلاع الأمم المتحدة والدول الأعضاء وكل المؤسّسات النقدية والمالية ومنظّــمات حقوق الإنْسَـان في العالم أجمع.

 

لم تكتفِ دولُ تحالف العدوان بالحصار الاقتصادي الذي صمد الشعب في وجهة وأبى الركوعَ إلا لله وحدَه، حتى لجأت قوى التحالف من خلال أَدَوَاتها في الداخل إلى إركاع الشعب اليمني واللجوء إلى كُـلّ الأساليب المؤدية إلى انهيار الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية.

 

فإلى جانب استمرار الحرب وسعي قُــوَّات تحالف العدوان بقيادة السعوديّة والإمارات إلى إضعاف واستنزاف اليمن، إضَافَةً إلى قرارِ تعويم أسعار الصرف، والمشتقات النفطية، وما لهذا القرار من سلبيات اقتصادية في ظلّ الظروف الراهنة وانعدام الرقابة، أضف إلى ذلك انخفاض تحويلات المغتربين نتيجة للقيود والمضايقات من قبل التحالف، واعتماد السوق المحلي على حوالي ٩٠٪ من البضائع المستوردة خَاصَّـة الكماليات منها، إلا أن السببَ الأبرز لانهيار العُملة هو الطباعة المفرطة للعُملة دون غطاء، والذي ليس له مبرّرٌ أَوْ مسوغٌ سوى تضييق الخناق على الشعب اليمني وخلق صومالٍ جديد.

 

كُلُّ هذه التداعيات الخطيرة ليست سوى جزء من مُخَطّط قادم وحملة عدوان على اليمن بشكل جديد تحت مسمى “رياح السلام” والتي يتلخص هدفُها في تضييق الخناق الاقتصادي على الشعب، والسعي عبر أَدَوَات العدوان المندسّة إلى خلق الفوضى الخلّاقة وشق الصف الوطني من خلال بثّ الدسائس بعد فشلهم في إركاع الشعب اليمني، غير أن الشعب يعي تماماً من هو المتسبب الرئيسي لهذه الأزمات، وقد جاء التأكيد على ذلك في تقرير فريق الخبراء المعني باليمنِ، حَيْــثُ يذكّر رئيسُ فريق الخبراء بأن “المسؤولية القانونيّة الأساسية للحدّ من هذه الانتهاكات والجرائم تقع على عاتق حكومة اليمن التي تضطلع بحماية الأفراد الخاضعين لولايتها القضائيّة”.

 

ويدعو الحكومة اليمنية إلى التحقيق في الانتهاكات التي ترقى إلى جرائمَ مرتكبة من قبل مواطنيها وقُــوَّاتها المسلحة وملاحقتهم قانونيًّا.

 

ففي الوقت الذي تتقاضى أعضاء هذه الحكومة القابعة في فنادق الرياض أعلى مستوى أجر بالدولار، ‏بلغ ‎الفقر في ‎اليمن مستوىً غيرَ مسبوق في ظلّ مخاوفَ من تدهورِ الوضع؛ نتيجة استمرار ‎الحرب التي لا يريدون إطفاءَ فتيلها؛ بسببِ الإتاوات والعائدات التي يرتبط مصيرُها بمصير هذا العدوان على أبناء اليمن.

 

وماذا بعد!

 

هل يوجد بعد التحطيم والتمزق والوجع والألم شيءٌ؟!

هل يوجد جسد بعد كُـلّ هذا؟!

هل يوجد ما يصلح هذا؟!

 

لا يوجد، لقد فات وقتُه ولن يعود مرةً أُخْـرَى.. وليس هناك أغلى من الشرف والكرامة، ولكم في ممارسات قُــوَّات العدوان في أراضي اليمن المحتلة عبرة يا أولي الألباب.

 

فالوطنُ هو رغيفُ الخبز، والشعور بالانتماء، والإحساس بالكرامة.

 

حفظ الله اليمن من كيد الكائدين.

 

وحقن الله دماءَ اليمنيين.

 

عاشت اليمن حرةً أبية موحدة.

 

ولا نامت أعين الجبناء.

 

بقلم/ أيمن محمد قائد