المشهد اليمني الأول/

 

اليمن التاريخي موحداً عبر التاريخ ويحكمه أبنائه حتى في ظل التنازع فيما بينهم، بإستثناء فترات القهر العسكري الخارجي المعتمد على التمزق الداخلي ومشاعر عنصرية يحرص على تأجيجها لحضوره واطالة فترة بقاءه كمحتل وناهب للخيرات وتمرير المشاريع الغربية والصهيونية، وهناك فترتين تاريخيتين لم تحكم فيه اليمن من أبنائه وبطلب منهم وبرضى تام، في ظاهرة حيرت المؤرخين عن فهمها وتفسيرها حتى اليوم، نعم حكم اليمن غير أبنائه وبدون حروب وجيوش وجحافل عسكرية وغزو وعدوان ودماء وقتل واحتلال، والفترة الأولى هي فترة عصر النبوة المباركة حيث تجلى المشهد السياسي لليمن كالتالي:-

 

دعاة وحكام وولاة من العاصمة المدينة المنورة وكان من الدعاة الإمام علي بن أبي طالب ومعاذ بن جبل، ومن الحكام نذكر عامل صنعاء أبان بن سعيد بن العاص، وعامل حضرموت زياد بن لبيد البياضي، وعامل الجند معاذ بن جبل، وعامل نجران عمرو بن حزام الأنصاري، وعامل زبيد خالد بن سعيد بن العاص، وظلوا كذلك حتى وفاة الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم، كما ذكر المؤرخين، واليمنيون يتجاوزون الوطنية اليمنية والقومية العربية إلى العالمية بدين الرحمة للعالمين فكانوا أفراد وقادة في الجيوش الإسلامية في شمال افريقيا والأندلس أسبانيا ومالطا وصقلية حتى جنوب إيطاليا وفرنسا بالغافقي والسمح بن مالك الخولاني والعلاء بن الحضرمي والحاجب المنصور وغيرهم.

 

والفترة الثانية تمثلت بذهاب قبائل همدان وخولان إلى المدينة المنورة وتحديداً الى قرية الرس التي تبعد حوالي 80 كم من المدينة المنورة وإحضار الإمام الهادي بن يحيى بن القاسم الرسي الذي ينتهي نسبة إلى الحسن بن الإمام علي بن ابي طالب كرم الله وجه ليكون حاكماً في أهل اليمن بالقرآن والعترة، وكان الأئمة الزيديون في اليمن.

 

وعندما وهنت وضعفت الدولة العباسية ظهرت الدولة الوطنية اليمنية على الجغرافيا اليمنية الطبيعية والتاريخية وبالتسلسل التاريخي كانت الدولة الزيادية والتي إمتد نفوذها إلى مكة المكرمة، ثم الدولة الصليحية، ثم دخلت اليمن تحت نفوذ الدولة الأيوبية صلاح الدين الأيوبي ولمدة “57”، ثم قام أحد القادة الأيوبيين علي بن رسول بتأسيس الدولة الرسولية ومن أشهر ملوكها الملك المظفر بن علي بن رسول، والذي ينسب إليه تأسيس مدينة تعز، وامتد نفوذ الدولة الرسولية حتى عُمان شرقاً والحجاز غرباً، ثم الدولة الطاهرية والتي بسطت نفوذها على اليمن بالكامل، ثم سيطرة الإمام شرف الدين على صنعاء.

 

والاستعمار البرتغالي يهاجم عدن في عام 1513م والدولة الطاهرية تتمكن من صد البرتغاليين والذين يسيطرون على الساحل الغربي، والإمام شرف الدين يتحالف مع المماليك “قانصوه الغوري” لطرد البرتغاليين من الساحل الغربي لليمن، في حين يرفض بنو طاهر التحالف مع المماليك، والإمام شرف الدين يتوجه إلى عدن وبنو طاهر يستدعون العثمانيون لحمايتهم. وفي عام 1538م القائد العثماني “سليمان باشا الأرناؤوطي” يدخل عدن وبدلاً من حماية بنو طاهر يقضي العثمانيون على ماتبقى من الدولة الطاهرية ويحتلون عدن ومنها ينطلقون لإحتلال صنعاء عام 1547م ولتدخل اليمن في عصر الإحتلال العثماني التركي.

 

والمؤرخ “حمزة علي لقمان” وفي كتابة “معارك حاسمة في تاريخ اليمن” والناشر مركز الدراسات صنعاء 1978م وفي صفحة 117-124 يقول لقمان:- ((وبعد الإحتلال العثماني لليمن تحولت الحروب بين الأئمة الزيديون والعثمانيون إلى حرب وطنية وقومية عربية وأصبحت القيادة رمزاً للوطنية اليمنية والقومية العربية)).. وتمكن الإمام “محمد بن القاسم” وأولاده من بعده المؤيد والمتوكل من طرد الأتراك العثمانيون وتوحيد اليمن بالكامل في عام 1640م وعاد العثمانيون لإحتلال اليمن فاحتلوا الحديدة في عام 1850م ثم صنعاء عام 1870م، والاستعمار البريطاني يحتل عدن في عام 1839م على جثث المقاومين الذين ما زالت قبورهم إلى الآن تطل على رمال ساحل صيرة في عدن.

 

والإحتلال البريطاني وعلى مدى “120” عاماً يعمل على طمس الهوية الوطنية اليمنية للجنوب عامة وعدن بصفة خاصة وبكل الوسائل الإستعمارية والصهيونية والفشل مصيره بالإرادة اليمنية، والمجاهد الوطني المصري “سعد زغلول” وعندما كان منفياً في مستعمرة عدن، كَتبَ في مذكراته عن عدن بالقول “ان نسبة المواطنيين اليمنيين والعرب في عدن لاتتجاوز ال30% من مجموع سكان مستعمرة عدن الذين ينتمون إلى “دول الكومنولث البريطاني” هنود وبنغال وصومال وغيرهم”.

 

وقام الإستعمار بتوقيع معاهدات حماية مع أشخاص ومشايخ جعلت منهم سلاطين بالتمزيق والتقسيم بالكيانات وسياسة فرق سد فكانت معاهدات محميات عدن الغربية السبع، ثم التسع ومعاهدات المحميات الشرقية وسلطنة حضرموت عام 1888م، وعدن ظلت منفصلة مستعمرة تابعة لإدارة الهند ثم إدارة المستعمرات.

 

وفي عام 1903م بدأت لجان من الإستعمار البريطاني والعثماني برسم الحدود لتقسيم اليمن التاريخي والتي انتهت من أعمالها في 1912م وبريطانيا والسلطنة العثمانية تصادق على الحدود النهائية في 9 مارس 1914م وبإسم الجنوب العربي تحت الإحتلال البريطاني واليمن تحت الاحتلال العثماني، والإمام يحيى حميد الدين يعتبرها حدود شطرية ويحرر الشمال من الأتراك في 1916م.

 

والشعب اليمني وبحركة التنقل بين الجنوب والشمال بالتجارة والبضائع والسكن والإقامة والمصاهرة وفي ظل الإستعمار وجبروته وقوانينه العنصرية يجعل هذه الحدود حدود وهمية إستعمارية صهيونية، والإمام يحيى يتوجه لتحرير الجنوب من عام 1919م إلى 1925م ويحرر الشعيب والضالع والعوالق ويافع، وبريطانيا تحتل الساحل الغربي 1918م ثم تنسحب من اللحية عام 1919م وتنسحب من الساحل والحديدة في عام 1921م وتحتفظ بجزيرة كمران.

 

ولاحقاً بن سعود وشركة أرامكو يحتلون الساحل في عام 1934م ثم معاهدة الطائف، والطائرات الحربية البريطانية من عام 1927م إلى عام 1934م تقصف الشمال ومدن الشمال بالقنابل وكانت الطائرات والتي شاهدها اليمنيون لأول مرة تلقي مع القنابل منشورات تطالب المواطنيين أن يكونوا “ضد الزيود” وعند ذلك لن يصيبهم مكروه، والمجازر تتوالى من الجو مما اضطر الإمام يحيى إلى طلب الهدنة ثم توقيع معاهدة الصداقة والتعاون مع بريطانيا في عام 1934م ومدة المعاهدة أربعون عاماً ونصت المادة الثالثة من المعاهدة على أن يؤجل البت في مسألة الحدود اليمنية حتى تتم مفاوضات تجرى فيما بينهما قبل انتهاء مدة المعاهدة، واللافت للنظر هنا تزامن العدوان والمجازر من الجنوب بالإستعمار مع عدوان بن سعود وشركة أرامكو الأمريكية في الساحل الغربي وعسير ونجران وجيزان، وينتهى كلا العدوانين بمعاهدات في نفس السنة، معاهدة الطائف مع بن سعود ومعاهده الصداقة مع بريطانيا، والقبول بحدود الجنوب وحدود الشمال ولو آجلا 20 سنة مع بن سعود و40 سنة مع الإستعمار.

 

والإستعمار يتفرغ للجنوب وفي عام 1936م بريطانيا تدعو لقيام الإتحاد الفيدرالي الجنوبي وتكرر الدعوة في عام 1940م، والرافعة الشرعية والديمقراطية بالأدوات المحلية معدومة لتمرير المشروع الاستعماري، والاستعمار والصهيونية قديماً وحديثاً وعندما يريد تمرير المشاريع المشبوهة يدفع بأدواته الداخلية للواجهة لتبني وطرح هذه المشاريع لتظهر وكأنها مطالب شعبية مشروعة ليعمل بعد ذلك العدو بكل ثقة وراحة واطمئنان بالشرعنة والديمقراطية والإنتخابات والأحزاب والنقابات والشرعية والمعاهدات وفرق تسد…إلخ، فقامت بريطانيا بإنشاء المجلس التشريعي في عام 1947م والسماح بتشكيل الأحزاب والنقابات..إلخ، وفي عام 1948م تأسست “الجمعية العدنية” التي نادت بشعار “عدن للعدنيين” وطالبت بالحكم الذاتي لعدن والإنضمام إلى رابطة دول الكومنولث البريطاني، وفي عام 1950م تأسست “رابطة أبناء الجنوب العربي” والتي نادت بإتحاد الجنوب العربي ككيان سياسي مستقل.

 

والإستعمار يتناغم مع شرعية الأحزاب، وفي عام 1954م بريطانيا تدعو لقيام إتحاد الإمارات الغربية بدون حضرموت وعدن والمحميات الشرقية، والإمام أحمد حميد الدين يعتبر ذلك مخالفة صريحة لمعاهدة 1934م ويقوم بإمداد قبائل الجنوب بالسلاح والمال، وفي عام 1955م تجرى الإنتخابات للمجلس التشريعي وسط مقاطعة الحركة الوطنية اليمنية الجنوبية للإنتخابات فاجتاحت عدن والبلاد مظاهرات عارمة سقط فيها “120” شهيد، وفي عام 1955م الأمم المتحدة تقرر تصفية الإستعمار في العالم.. والاستعمار البريطاني يعتبر شعب الجنوب لم يصل بعد إلى النضج السياسي لكي يحكم نفسه بنفسه.

 

وفي 1956م يتأسس المؤتمر العمالي وحزب الشعب الإشتراكي وغيرهم، والمفارقة العجيبة هنا أن الحركة الوطنية الجنوبية كانت تنادي بطرد الإستعمار وواحدية اليمن بينما حزب الأحرار الشمالي يدعو فقط لإسقاط النظام الأمامي في صنعاء ولا يدعو إلى تحرير الجنوب من الإستعمار، بل يدعو إلى منح عدن صفة الحكم الذاتي، إنهم جماعة الإخوان المسلمون قديماً وحديثاً ضد الداخل ومع الخارج بالحكم الذاتي والفيدرالية والعدوان والشرعية وتنسحب ذلك على الوهابية التكفيرية.

 

وفي عام 1959م بريطانيا تدعو إلى قيام إتحاد الجنوب العربي بدون عدن وحضرموت، والمؤتمر العمالي وحزب الشعب الإشتراكي يرفضون المشروع الاستعماري ويدعون إلى وحدة اليمن التاريخي، والإمام أحمد حميد الدين يطالب بعودة الجنوب إلى اليمن الوطن الأم من خلال الجامعة العربية واللجنة الخاصة بتصفية الإستعمار في الأمم المتحدة ومجلس الأمن ومنظمة دول عدم الإنحياز وكانت آخر مذكرة بذلك في 13 سبتمبر 1962م، والإمام أحمد حميد الدين يتوفى وفي ذمة الله في 19 سبتمبر 1962م.

 

وبريطانيا في عام 1961م تضم عدن إلى إتحاد الجنوب العربي، وتعلن عن خارطة طريق وتحدد عام 1969م موعد لمنح إتحاد الجنوب العربي الإستقلال، وورثة الإستعمار هم السلاطين ووزراء حكومة الإتحاد الخونة والعملاء والذين سيمنحون بريطانيا القواعد العسكرية بعد الإنسحاب بالجنوب العربي التابع للغرب تماماً مثل السعودية والإمارات والبحرين وقطر.

 

وكان للشعب اليمني العظيم جنوباً وشمالاً فعلٌ آخر بالكفاح المسلح وحرب التحرير الشعبية وبإتجاهين في نفس الوقت ضد الإستعمار والسلاطين والخونة والعملاء المرتزقة وبالإعتماد على الشعب والشعب فقط فكانت ثورة 14 أكتوبر 1963م، وبفكر اليسار الثوري الوطني والقومي والأممي تأسست الجبهه القومية في صنعاء أغسطس 1963م وفي نفس العام عقد المؤتمر الأول للجبهة في تعز وتقرر مواصلة الكفاح المسلح وحرب التحرير الشعبية كنموذج فريد ومتميز في الوطن العربي والكفاح يتواصل ومن أربع جبهات، ثلاث من الريف جبهة الشعيب وردفان والضالع ويافع وبقياده علي أحمد ناصر عنتر وصالح مصلح وشايع هادي وقاسم الزومحي، ومن جبهة فدائيي عدن بقيادة عبد الفتاح إسماعيل، وكان الإستقلال في 30 نوفمبر 1967م وقيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية في زمن هزيمة العرب في يونيو 67م من إسرائيل واحتلال سيناء والجولان وأغوار الأردن والضفة وغزة والقدس الشرقية خلال سبعة أيام فقط.. هزيمة أسموها نكسة.. تم طرد الإحتلال وإعلان جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية في زمن إنتكاسة النظام الجمهوري الثوري في صنعاء بإنقلاب 5 نوفمبر 1967م وتصفية ثوار 26 سبتمبر بتهم التطرف الجمهوري والثوري والحزبية، وليعتدل النظام الجمهوري بالوصاية السعودية وشيخ الاخوان المسلمين.

 

وكان ما كان حتى عدوان مارس 2015م، والأيادي الأمينة من السفاحين سفاحي مجازر 13 يناير 86م هادي وحسين عرب وغيرهم يستدعون بن سعود وعيال زايد وبقيادة بريطانيا وأمريكا لإنقاذهم من ثورة 21 سبتمبر 2014م لتمرير المشروع الاستعماري القديم الجديد في القرن الواحد والعشرين، والتاريخ يتكرر لسلخ الجنوب خاصة واليمن عامة من وطنيته اليمنية بالإتحاد الفيدرالي الجديد الذي داسه أبناء الجنوب اليمني من عام 1936م و1940م و1959م.. ومجدداً الجنوب تحت الإحتلال بواجهة الإمارات والسعودية والقيادة للإستعمار الأمريكي والبريطاني وحلفائهم من السلاطين والخونة والمرتزقة الجدد والوهابية والاخوانية.

 

واليوم نحتفل بالذكرى الواحد والخمسون لإستقلال الجنوب اليمني، والإمارات تحتل الجنوب اليمني وعلى خطى الإستعمار البريطاني وبطموح أكبر ليس بطمس الهوية الوطنية اليمنية الجنوبية بل والشمالية، والطموح أكبر وأكبر بإقتسام جزء من الأرض اليمنية وبهوية جديدة مثل سقطرى والمهرة وحضرموت.. وقالوا شرعية وسلمية وزيود وحوثة ومتحوثون.. وقلنا “عشنا وشفنا”..

 

والإحتلال الإماراتي على خطى الإستعمار البريطاني.. فالجمعية العدنية “عدن للعدنيين” تعود اليوم بقوات النخبة “وشبوة للشبوانيين” “وتعز للتعزيين” والمهرة للتمزيق واقتسام جزء منها وضمه لمحافظه ظفار العمانية وبكيان جديد لم تظهر فصوله كاملة بعد حتى اليوم.. واقتسام جزء من حضرموت لإمبراطورية بن سلمان الموعودة والموءودة لاحقاً إن شاء الله تعالى.

 

واتحاد الجنوب العربي بحزب “رابطة أبناء الجنوب العربي”.. يتكرر اليوم بالحراك الجنوبي والمجلس الإنتقالي بالجنوب العربي وبدون سقطرى وأكثر بعيداً عن القضية الجنوبية المحقة..

 

والحكم الذاتي لعدن بحزب “الأحرار الإخواني الشمالي”.. يتكرر بالحكم الذاتي لـ “مأرب” وربما الحكم الذاتي لـ”تعز” بحزب الإصلاح الإخواني والحكم الذاتي للجبال كما صرح وزير الدفاع الأمريكي أكتوبر 2018م.

 

ومنشورات الطائرات البريطانية ضد “الزيود”.. تتجدد بالخطاب العنصري والطائفي ضد أنصار الله والجيش واللجان الشعبية إنهم زيود حوثة ومتحوثون وميليشيات وكهنة وكهنوت بمنشورات الطائرات وفيلق إعلامي مرئي ومسموع ومقروء.

 

نحتفل بالذكرى الواحد والخمسون للإستقلال من الإحتلال.. واليمن محتل وبأشكال مختلفة وبشهادة العالم، كل العالم.. عدا المناطق التي يتواجد بها الجيش واللجان الشعبية بالوطنية الكاملة بالهوية اليمنية الإيمانية.

 

فاليمن بلاد المليون كوليرا.. وبلد مليون طفل مصاب بالدفتيريا.. وبلد المليون موظف بدون راتب.. وبلد العشرة مليون جائع.. واليمن بلد مئات المجازر.. وقالوا لك إعادة الشرعية.. إعادة الأمل.. إعادة العروبة لليمن.. وإعادة شرعية الخلافة الإسلامية الإخوانية لليمن.. وأكثر من ذلك بيان الجامعة العربية وبلسان عبري.. الصاروخ اليمني فارسي ويهدد الأمن القومي العربي.. الأمن الذي أعلنه ترامب “لولا السعودية لكانت إسرائيل في ورطة كبيرة”..

 

في الذكرى الواحد والخمسون لإستقلال الجنوب.. نستعيد ونستذكر ونتذكر مصير الخونة الذين يستدعون الخارج ضد الداخل لحماية سلطة زائلة..

إستدعى بنو طاهر حكام عدن العثمانيون لحمايتهم فأبتلعهم بني عثمان وعدن للإحتلال.. واستدعى آل عايض حكام شمال عسير وتهامة بن سعود لحمايته فأبتلعه الحوت وعسير للإحتلال.. واستدعى الإدريسي حاكم جنوب عسير وجيزان ونجران بن سعود لحمايته فأبتلعه الحوت والإحتلال هو المصير.. واستدعى هادي السعودية لحمايته وهادي تحت الإقامة الجبرية ومابعد الجبرية موت سريري واليمن للعدوان الشامل.. واستدعى الحراك الإمارات لتحريرهم.. والامارات دولة محتلة للجنوب.. وكذلك الإخوان والوهابية والسلفية والمشترك وغيرهم… وأبو العباس إرهابي وكذلك الحميقاني وهلم جراً.. وكرمان نوبل تصرخ الإمارات تحتل الجنوب.. والتحالف الغادر الغدار.. والشرعية شرعية منفى وفنادق.. ومصير خونة اليوم هو نفسه مصير خونة الأمس وما قبل الأمس وبعد اليوم وكل يوم بالإستهلاك والإبتلاع والهضم والإخراج مع مخلفات بن سلمان وبن زايد.

 

وما لم يحققه الإستعمار البريطاني “بريطانيا العظمى” وعلى مدى 120 عاماً.. لن يحققه الإحتلال الإماراتي “الاقزام الجدد”.. وكما كانت ثورة 14 أكتوبر تؤام لثورة 26 سبتمبر.. فإن تؤام ثورة 21 سبتمبر قادمة من الجنوب لطرد المحتلين الجدد.. وكما حقق الجنوب الإستقلال في زمن هزيمة العرب 67م، هزيمة أسموها نكسة.. سيحقق اليمن، كل اليمن، الإستقلال والسيادة في زمن ما بعد النكسة زمن الإنبطاح للصهيونية وصفقة القرن.. إنبطاح أسموه إعتدال ووسطية وسلام.. وكما تجاوز اليمنيين الوطنية اليمنية نحو الأندلس حتى جنوب فرنسا.. سيتجاوز اليمنيين عسير إلى جنوب فلسطين المحتلة.

 

والتاريخ -إن حكى- يحكي الوقائع والاحداث بالتاريخ الموثّق، فكل من يأتي لليمن معتدياً وغازياً ومحتلاً يُعتبر حدثاً طارئاً دخيلاً وينتهي ويُزال، واليمن هو اليمن شامخاً شموخ جبال شمسان ونقم وعطان.. وبريطانيا العظمى لم تعد بريطانيا العظمى.. والسلطنة العثمانية لم تعد السلطنة العثمانية.. وكذلك الإمارات لن تعود إمارات ومتحدة وعربية.. والسعودية لن تكون سعودية ومملكة وعربية.. وكذلك زعيمة العالم أمريكا لن تعود ولايات متحدة وأمريكية متزعمة للعالم.. والأهم أن إسرائيل الكبرى مولود ميت بل دماً وسقطاً وخدجاً في بلاط أصحاب السمو والجلالة.. بل أن إسرائيل الصغرى لن تعود إسرائيل الصغرى حتى بالإسعاف بالجامعة العبرية وحزب الله إرهابي أو بالانعاش بخطة كيسنجر بإلزام دول الخليج بالإعتراف بإسرائيل ودمجها في الوطن العربي كصديق، واكثر من ذلك فتوى الوهابية قتل الإسرائيلي حرام حرام.. كل ذلك بفعل صمود شعب الأوس والخزرج.. والتاريخ حكى ويحكي وسيحكي بالحقائق والتاريخ.. اليمن باقٍ باقٍ والطارئون طارئون وكما طاروا وقعوا.. إمبراطوريات ودويلات وأحزاب وخونة إلى مزابل العار والهوان والخسران بالتاريخ.. عاشت كل الثورات اليمنية الخالدة ضد الإستعمار القديم والجديد والصهيونية والرجعية السعودية ومن دار في فلكهم.. عاشت الذكرى الواحدة والخمسون لإستقلال جنوب اليمن الأصيل والعريق.. والإستقلال القادم قادم لا محالة بسواعد المجاهدين الكرماء والشرفاء في ميادين العزة والكرامة، ياهؤلاء، إنها “اليمن” وكفى.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

جميل أنعم العبسي