المشهد اليمني الأول/
لم تسفر القمة الثانية بين دونالد ترامب وكيم جونغ أون عن أي اتفاق، حيث فشلت الولايات المتحدة في تقديم أي شيء مقابل التزام كوريا الديمقراطية بنزع السلاح النووي. فهل لعب بومبيو دوراً مركزياً في تخريب عملية السلام عن عمد في الجلسة الختامية خلف الأبواب المغلقة؟
هذا ما أجاب عنه البروفيسور الكندي ميشيل تشوسودوفسكي في مقال نشره موقع «غلوبال ريسيرش» أشار خلاله إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أوضح، قبل بدء القمة، أنه سيكون راضياً إذا حافظت كوريا الديمقراطية على التزامها في عدم إجراء اختبارات للصواريخ والقذائف النووية، وأن هذا الالتزام سيؤدي بعد ذلك إلى مفاوضات لاحقة.
ولفت الكاتب إلى أن كبار مستشاري ترامب لا يشاركونه موقفه هذا، إذ يخشى البعض من أن يشعر ترامب بالضغط لتقديم تنازلات كبيرة لرئيس كوريا الديمقراطية خلال المحادثات الفردية على أمل الحصول على التزام متبادل يمكن أن يعلن عنه كنصر سياسي، وذلك وفقاً لما نشرته «واشنطن بوست».
وقال الكاتب: وفي حين أننا لسنا مطلعين على ما تمت مناقشته خلف الأبواب المغلقة (بين الرئيسين وكبار مستشاريهما)، أو ما ناقشه وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو (الذي كان مسؤولاً عن المفاوضات بين البلدين منذ بداياتها الأولى في عام 2017) مع كيم يونغ تشوب، الذي يقود مفاوضات نزع السلاح النووي من الجانب الكوري الديمقراطي في الاجتماعات السابقة لقمة هانوي، إلا أن هناك أدلة على أن بومبيو لعب دوراً أساسياً في تخريب مفاوضات السلام بين الجانبين في كل من هانوي وسنغافورة (التي استضافت القمة التاريخية الأولى بين ترامب وكيم في حزيران 2018).
وأضاف تشوسودوفسكي: في تشرين الأول عام 2017، بعد بضعة أشهر من بدء المفاوضات التمهيدية مع كوريا الديمقراطية، أشار بومبيو، الذي كان حينذاك رئيساً لوكالة المخابرات المركزية، في بيان علني إلى أن كيم جونغ أون كان على قائمة الاغتيال التي وضعتها وكالة الاستخبارات المركزية، قائلاً: «إذا مات كيم جونغ أون فجأة، لا تسألني عن ذلك»! مضيفاً: «ستصبح الوكالة أكثر وحشية» وتابع: «لقد جعل الرئيس ذلك واضحاً جداً.. إنه مستعد للتأكد من أن كيم جونغ أون ليست لديه القدرة على تعريض أمريكا للخطر، وذلك عن طريق القوة العسكرية إذا لزم الأمر».
وأكد الكاتب أن بيان بومبيو يمثل عملاً استفزازياً متعمداً، مشدداً على ضرورة استبعاده من عملية مفاوضات السلام التي تتطلب في نهاية المطاف إلغاء اتفاقية الهدنة لعام 1953 والتوقيع على اتفاقية سلام مع كوريا الديمقراطية والصين.
وقال الكاتب: في مفارقة مريرة، فإن بومبيو نفسه، الذي أشار بشكل عرضي إلى تاريخ «سي آي إيه» الحافل بالاغتيالات السياسية، قد لعب، مع الممثل الأمريكي الخاص لشؤون كوريا الديمقراطية ستيفن بيجون، دوراً مركزياً في مفاوضات «السلام»! وفي حين أن بيونغ يانغ على علم تام بتاريخ الاغتيالات ذلك، إلا أن بومبيو تعمد الإشارة إليه قبل إجراء المفاوضات مع كيم كأنه يقول له: «دعونا نتفاوض ولكن أريد أن أقتلك».
وأوضح تشوسودوفسكي أنه ليس من المستغرب في أعقاب المفاوضات بين الولايات المتحدة وكوريا الديمقراطية التي عقدت في بيونغ يانغ في أعقاب قمة سنغافورة (12-14 حزيران 2018)، أن تتهم كوريا الديمقراطية إدارة ترامب بالضغط لنزع السلاح النووي بشكل أحادي الجانب وشبه بلطجي، وقد تم توجيه البيان ضد بومبيو الذي كان مسؤولاً عن المفاوضات نيابة عن الرئيس ترامب، كما أكدت كوريا الديمقراطية في بيانها أن الجانب الأمريكي «بومبيو» لم يذكر أبداً مسألة إقامة نظام سلام على شبه الجزيرة الكورية التي تعتبر ضرورية لنزع فتيل التوتر ومنع الحرب.