المشهد اليمني الأول/
أشاد الخبير العسكري السوري اللواء محمد عباس بالصمود الأسطوري اليمني في مواجهة تحالف العدوان طيلة أربع سنوات .. مؤكداً أن دول العدوان لم تستفد من دروس التاريخ وأن اليمن مقبرة الغزاة.
وقال اللواء عباس: إن دول العدوان استثمرت في التطرف الديني والإرهاب وتسللت إلى مجتمعاتنا واستطاعت أن توجد بين صفوفنا من يقاتل معها وهم من باعوا أنفسهم للشيطان.. وفيما يلي نص الرسالة التي بعثها اللواء عباس لصحيفة «الثورة»:
اليمن يشكل موقعاً استراتيجياً هاماً على مستوى العالم وعلى مستوى العالم العربي وفي منطقة الشرق الأوسط خاصة شواطئه الطويلة جداً الواقعة على المحيط الهندي والبحر الأحمر ومضيق باب المندب، هذا المضيق الاستراتيجي الهام والحساس الذي يربط العالم.. أيضاً خليج عدن هذه المياه العميقة القادرة على استقطاب السفن وتشكل منطقة استراتيجية هامة للدول الطامعة للجغرافيا اليمنية وبالتالي الموقع الجيبولوتيكي لليمن هو مطمع ودافع كبير لهذه الدول التي تسعى سواء لمدة مساحات الجغرافيا لأنها يبدو أنها تريد أن تتغول على حساب اليمن وأيضاً تريد أن تستفيد من هذه الجزر اليمنية والشواطئ اليمنية وطبيعة الشواطئ نفسها التي توفر صيداً وفيراً من الأسماك وتوفر كتلة لاستيعاب السفن الكبيرة وأيضاً عنصر أساسي من عناصر ضمان وأمان واستقرار المنطقة وخاصة مضيق باب المندب.
نتذكر جيداً أن اليمن تشكل جغرافيا هامة جداً، وبالتالي هي موضع طمع وليس اهتماماً فقط لهذه الدول التي تريد الهيمنة وفرض سيطرتها على حساب استعباد الشعب العربي – اليمني، والذي كان ينظر له على أنه أقل كفاءة من مستوى دول الجوار، وبالتالي فإن الاستخفاف والإساءة إلى هذا الشعب هي محاولة دائمة ومستمرة ويبدو أنهم لم يتعلموا من دروس التاريخ أن الشعب اليمني لا يمكن استعباده وأعتقد أن الاحتلال التركي الذي يسميه البعض خطأً بالفتح العثماني ولكنه احتلال تحت العباءة الإسلاموية الدينية وأرادت تركيا الهيمنة على اليمن لكنها خرجت مدحورة ولن تستطيع الدخول إلى جبال اليمن الشماء، وأيضاً بريطانيا كان أمامها الكثير أن تفعله لتصل إلى جبال اليمن ولم تستطع الدخول إلى تلك الجبال وما تعرض له محمد علي باشا وإبراهيم باشا وغيرهما،
فاليمن لا ينحني، جباله شامخة وراسخة في هذا الإطار عندما لم يتمكن هذا الآخر من السيطرة على الشعب اليمني يبدو أنه بدأ مرحلة تمزيق الشعب وخاصة القبائل والعشائر والتنوع السكاني وتعدد الأطياف والانتماءات القبائلية والعشائرية وتعدد المكونات الوطنية والمجتمعية في اليمن، هي في الحقيقة تشكل نقطة قوة وفي نفس الوقت تشكل نقطة ضعف وفوارق زلزالية يعبث الآخر فيها من خلال محاولة الدخول إلى المجتمع اليمني والبحث وتعميق التناقضات وترسيخ هذه الفواصل الاجتماعية ودق الاسافين بين مكونات المجتمع الواحد بحيث انه يستطيع تدمير المجتمع والاستثمار بالتطرف الديني.
لا شك أن اليمن بحاجة إلى الكثير من عوامل الاستقرار الاقتصادي الاجتماعي والثقافي والسياسي، لاشك أن اليمن يواجه الكثير من الأمراض والعلل، اليمن مثل سوريا ومثل لبنان وليبيا والجزائر وكل الدول العربية هنالك الكثير من التناقضات والصعوبات الاجتماعية والمجتمعية وهي بحد ذاتها تسبب فوارق زلزالية للمجتمع، وهي أيضاً عوامل استقرار وعوامل ثبات، لكن العدو استطاع أن يتسلل إلى هذه الجينات الوراثية الوطنية، إلى «dna» اليمنية، وأن ينتج من خلالها خلايا سرطانية أو خلايا كفيروس الإيدز الذي يستطيع أن يدخل إلى جهاز المناعة ويستولي عليه ويصبح من خلاله أبناؤنا جنوداً لأعدائنا ويصبح أبناؤنا مقاتلين لصالح هؤلاء الإرهابيين المجرمين وهذه الدول التي تستثمر أبناءنا ليصبحوا مقاتلين معهم ويعيثون بثقافتنا وبأخوتنا وبأهلنا وبولائنا وبانتمائنا الوطني،
إذاً مسألة تدمير المجتمع والاستثمار في صناعة الإرهاب انطلاقا من عوامل الجهاد والتطرف والفقر، هي عوامل أساسية من عوامل صناعة الإرهاب وأيضاً عندما يستثمر فيه من أجل تدمير المجتمع واختراق الثقافة الوطنية والاستيلاء على الهوية الثقافية المجتمعية وتكريس عوامل الخلاف والاختلاف، والاختلاف أمر طبيعي، لكن هذا الاختلاف لا يجب أن يكون بالمحصلة أحد العوامل التي تؤدي إلى الصراع واستخدام السلاح المشكلة أننا لم نتعلم من الحوار الاعتراف بالآخر ولم نقبل بعضنا، ومن المؤسف أن ثقافتنا ترفض الاعتراف بهذا الآخر وهي واحدة من الفوارق أو الصفائح الزلزالية التي نعيش فيها ضمن هذه المجتمعات التي ترفض الاعتراف بالآخر وهي جزء من ثقافتنا المشوهة في المجتمعات العربية بكل أسف.
