المشهد اليمني الأول/

مُقاتل شاب يتقدم ويصرخ في وجه ضباط المخابرات المصرية ويقول: “لايمكن مطلقاً أن نتحد مع السلاطين والوزراء من عملاء الإستعمار، لايمكن أن نتحد مع أعداء الشعب الذين ظللنا نقاتلهم كل حياتنا حتى اليوم”.. الشهيد علي أحمد ناصر عنتر يناير 1966م.

الإستعمار البريطاني يدعو للأقلمة الجنوبية بفيدرالية إتحاد الجنوب العربي، وسلطات الإحتلال تُنصب الأمير “أحمد فضل العبدلي” ضابطاً سياسياً وحاكماً لمنطقة الشعيب، والسلطان العميل العبدلي وباللسان الطويل بوق إنجليزي للأقلمة الإنجليزية، ومحكمة الشعب تصدر حكم الإعدام بحق الخائن، والشهيد “صالح مصلح قاسم” ينفذ الحكم ويصرع الخائن في مارس 1962م.

في دكاكين الضالع كان يدير خلايا تنظيمية سرية من مهامها نقل السلاح من الشمال إلى جبهة ردفان، وهو القائل: “أيتها الجموع الفقيرة ناضلوا واعملوا وابنوا يمننا السعيد”.. إنه رجل المهام الصعبة والمغوار في حرب العصابات ضد الإحتلال والخونة، إنه الشهيد “علي شائع هادي”، والنار خلفت شلالاً من رماد.

والمشهد لا يكتمل بقائد جبهة ردفان الشهيد “قاسم عبدالله الزومحي”، إنها البيئة الثورية الخصبة في جغرافيا الجنوب جغرافيا الضالع ومنها تنطلق الشرارة وإلى كل الجنوب تنتشر وبإسناد ودعم من الشمال وبواحدية الوطنية اليمنية يتحرر الجنوب في الحاضر والمستقبل والماضي، تلك هي المعادلة باختصار.

الخطاب الوافد لليمن بالأدوات المتصهينة ومفترق طرق للرفاق

وقيادات الكفاح المسلح “علي عنتر” قائد جبهة الضالع، و “صالح مصلح قاسم” قائد جبهة الشعيب، و “قاسم الزومحي” قائد جبهة ردفان، و “علي شائع هادي” هم من أسسوا جيش التحرير الشعبي لتحرير الجنوب ثم طرد الإحتلال والخونة من الجنوب، وكذلك هم من أسسوا القوات المسلحة والشرطة والميليشيا الشعبية في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية للدفاع عن النظام الوطني التقدمي المعادي للإستعمار والصهيونية والإمبريالية والرجعية السعودية، وكان الجنوب الحر والسيادة وطن لامكان فيه للمناطقية وطوائف التكفير حتى زمن الغزو السعودي والوهابي السلفي والإخواني لليمن.

إذن دائماً وأبداً الخطاب التكفيري والمناطقي هو خطاب وافد لليمن ويسود بسيادة أدوات آل سعود واليهود وبريطانيا وأمريكا في اليمن بهدف تمزيق الإنسان ثم تقسيم الأرض حتى النهب، وبدونه اليمن يمن حتى في عصر التشطير بالسلطنة العثمانية والإنجليز حتى في ظل التشطير بأنظمة حُكم شرقية وغربية.

وتَسلَّلَ العدو الصهيوني إلى الداخل اليمني بالخطاب العنصري المناطقي وطوائف التكفير بالإسلام السعودي والتركي عبر الأدوات المتصهينة للتمزيق ثم التقسيم، والخارج يُشعل فتنة حرب قبلية بين قبائل شبوة وأبين في 27 يوليو 1968م وتستمر الفتنة 8 أشهر، وابن الضالع “علي عنتر” يخمدها وإلى الأبد في منتصف عام 1969م، وإخوان التكفير والإعتدال الجمهوري يستهدفون النظام الوطني في الجنوب في عام 1972م وعام 1979م والقوات المسلحة الوطنية الجنوبية تفشل المؤامرة المدعومة من آل سعود والذي أعلن حالة الطوارئ والحرب على حدود الجنوب، والرئيس الأمريكي يساند بصفقات السلاح للشمال المعتدل وبدون موافقة الكونجرس الأمريكي، تماماً كما اليوم.

وابن تعز الأعبوس الرئيس الشهيد “عبدالفتاح إسماعيل” من أصل محافظة الجوف يفاجئ الجميع ويُعلن في لقاء الشطرين في الكويت نهاية مارس 1979م إستعداده للتنازل عن الرئاسة لكي يتيح للمقدم “علي عبد الله صالح” تولي قيادة اليمن العربي الموحد بفترة إنتقالية مدتها 8 أشهر، وسلطة الشمال تتلكأ وتماطل بتشكيل لجان الوحدة، ومشائخ التكفير والإعتدال يقولون لامجال للوحدة مع الجنوب الكافر، والخارج وعبر أدواته المتعطشة للسلطة والمال والبنون يخترقون الحزب الحاكم في عدن بالخطاب التشطيري وإحداث فتنة تشطيرية بين الإخوة بالوطنية والقومية والأممية والكفاح المسلح، وقولهم هذا إبن الشمال يريد تسليم الجنوب للشماليين، والفرز التشطيري  يشتد شمالي – جنوبي؛ وابن الضالع ووزير الدفاع “علي عنتر” يهدد بتنفيذ إنقلاب عسكري إذا لم يقدم الرئيس “عبدالفتاح إسماعيل” الإستقالة؛ والإصبع على الزناد والأجواء تنذر بعواصف دموية مدمرة يشتتها الرئيس فتاح بتقديم الإستقالة ثم المنفى الإختياري موسكو إبريل 1980م.

وسلطات عدن وصنعاء تتناغم فيما بينها لتصفية القوى الوطنية في الجنوب والشمال بالإعتقالات والسجون، والوسط بحروب التكفير، والوحدة اليمنية لجان ولجان وسراب ووهم؛ ولاحقاً فتنة التشطير تتطور جنوباً إلى فتنة مناطقية بين أبين – الضالع، والرئيس “علي ناصر محمد” يتلون حسب المكان والمقام فهو مناطقي في أبين، وتشطيري في عدن والضالع، وديماغوجي في صنعاء، ورجعي عند العقال والبعير، وقومي في دمشق، وشيوعي حتى النخاع عند الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني، وماركسي عند الفصائل الفلسطينية الماركسية، وتقدمي عند الرفيق كاسترو، وماركسي-لينيني عند الرفيق السوفيتي، وعند الغرب الرأسمالي فهو معتدل ويدعو إلى الإنفتاح الإقتصادي بالقروض المالية في مجال الخدمات فقط ثم إغراق دولة الجنوب بالديون والفوائد التي خلقت طبقة فساد مناطقية شللية إستهلاكية بالتزامن مع إنشاء معسكرات وعصابات مسلحة بلون مناطقي بالسمع والطاعة للرئيس القائد، وبالولاء الشخصي والمطلق للزعيم الأمين العام للحزب، والمسألة مسألة وقت للإنقضاض على النظام الوطني في الجنوب ثم إعتدال ثورة 14 أكتوبر والتبعية للوكيل السعودي بعد إعتدال وإعتلال ثورة 26 سبتمبر.

فشل مؤامرة التصويب بثمن غالي

البيئة الثورية الخصبة الجنوبية تتنبه وتستشعر المسؤولية الوطنية وبالحس الثوري إبن الضالع “علي عنتر” يعيد القراءة والتصويب ولسان حاله يقول أين كنا؟ وأين أصبحنا؟ وأين سنمسي؟ والطريق تؤدي إلى بن سعود ثم العقبة وتل أبيب عند الصهيونية، والبداية كانت تشطير ثم مناطقية ثم إعتدال وقروض وديكتاتورية زعيم المنطقة والحزب، وابن الضالع يقرر التصويب لمواجهة إنقلاب يقوده رأس الدولة على الدولة والوطن والشعب، وعلي عنتر بالتوعية الوطنية والثورية ومن معسكر إلى معسكر ومن جامعة إلى كلية ويجول على مؤسسات الدولة والمجتمع، وبكل شجاعة يقول: “السرق يسرقون الثورة؛ اللصوص ينهبون الخيرات؛ الحرامية يدمرون الوطن والوطنية اليمنية”.

ويُحلَّق عنتر إلى موسكو لتصويب الواحدية اليمنية القادرة على هزيمة الإستعمار الجديد من الداخل، ويتصالح مع العدو بالتشطير والمناطقية، والأخ بالوطن والوطنية والقومية والأممية لمواجهة الخطر الداهم على الوطن والثورة والشعب، والوحدة الوطنية تتعزز بعودة فتَّاح من المنفى إلى عدن بعد خمس سنوات من خديعة وانخداع البيئة الثورية الجنوبية ممن قالوا بأنهم حريصين على الجنوب بالتشطير، حريصين على الشعب بالإنفتاح على قروض الربا الإستهلاكية، والحقيقة الجديدة القديمة تتكرر بتصفية الثورة والثوار ثم الإنقياد للصهيونية بالسمسار والعِقال والبَعير، ورويدا رويدا يتم تجريد الديكتاتور من بعض مناصبه السيادية، والخارج يستشعر الخطر على أدواته وينفذ مؤامرة متوحشة صهيونية إمبريالية رجعية دامية بدعوة شرفاء الجنوب من قيادات الصف الأول والثاني من القيادات السياسية والعسكرية والمدنية إلى عقد لقاءات حزبية طارئة في مؤسسات الدولة الساعة العاشرة من صباح يوم الإثنين الموافق للـ 13 يناير 1986م، وبدم بارد الأدوات المتصهينة بالتعصب المناطقي يقتلون شرفاء الوطنية والتحرر والسيادة من الإستعمار والخونة وبالهوية المناطقية فإبن الشمال يُقتل وإبن الضالع يُقتل؛ وقوائم الشرفاء من بقية المحافظات يذبحون في مقابر جماعية بالإسم والصفة، والإعلام الغربي والسعودي وإذاعة لندن يقولون بانتصار الرئيس الشرعي المعتدل على إنقلاب المتطرفين الماركسيين فتاح وعنتر، والرئيس الشرعي يظهر في تمثيلية تلفزيونية تحاكي تمثيليات قنوات الفتنة سهيل والجزيرة والحدث في هذا الزمان، وعدن والجنوب منطقة معزولة عن العالم، وبعد أسبوع إذاعة لندن الـ BBC عربي تقول إن القبائل الماركسية من الضالع وردفان تحسم المعارك، وكأنها تقول “القبائل الماركسية الملحدة والكافرة من الضالع وردفان تحسم المعارك”، لسان الحال ذاته اليوم عندما تقول “الحوثيين الشيعة”، وكأنها تقول “الحوثيين الشيعة الروافض المجوس الكفار”، تبقى بريطانيا بريطانيا وذيل الكلب “بريطاني” لن يستقيم.

والفقيد البصير المُبصر عبدالله البردوني قال: “أحداث يناير في الجنوب هي مؤامرة الخليج لتصفية النظام الوطني المعادي لأمريكا والسعودية”؛ وفشلت المؤامرة وكان الثمن غالي جداً جداً، وعَجِز الإستعمار البريطاني من هزيمتهم طوال سنوات عدة، وتَمكَّن الحارس المناطقي للرئيس الديكتاتوري “علي ناصر محمد” من قتلهم برصاص الغدر وبدقائق في قاعة إجتماعات المكتب السياسي للحزب الحاكم، وسقطت قيادات جبهة الضالع وردفان والشعيب وعدن شهداء فتاح وعنتر ومصلح وشائع والزومحي، والشهداء بالآلاف خلال سبعة أيام فقط وكان الثمن غالياً لطرد الرئيس الشرعي المعتدل وعصابته إلى أحضان سلطة صنعاء وفنادق الخليج وبريطانيا، ولاحقاً تم تدويرهم حسب الطلب فهم القوات الموالية لشرعية الوحدة أو الموت، وهم شرعية الأيادي الأمينة بالمبادرة الخليجية لسرقة ثورة شباب فبراير المستقل، وهم شرعية العدوان في مارس 2015م بأقلمة اليمن.

الغدر بالشركاء بعد فشل المؤامرة

القوات المسلحة اليمنية الوطنية الجنوبية تحط الرحال في صنعاء وحدة 22 مايو، وقوى الغدر تتحالف مع الجهاد الوهابي السعودي العائد من أفغانستان لإغتيال كفار الجنوب الماركسيين شركاء الوحدة والوطن، والتكفير يغزو الجنوب والوسط بعد الشمال والإغتيالات تتوالى، ومستشار وزير الدفاع الجنوبي الوحدوي يتم قتله في صنعاء وقائد الأمن المركزي وحفيد آكلة الأكباد يشق صدره ويأكل كبده، ولاحقاً نائب وزير الداخلية الداعشي وقائد الأمن المركزي يموت في مستشفيات بريطانيا بفيروس الكبد فالجزاء من جنس العمل واللهم لا شماته، إنه التاريخ يا من كنتم تعتبرون أنفسكم تاريخ ووطنية وإسلام داعشي متوحش، أين أنتم اليوم وكفى.

والإغتيالات بحق الشركاء تتوالى والوحدة للتأزم والإعتكاف وتصاب في مَقتل بجحافل التكفير ومجرمي مجازر يناير 86م وحمران العيون، إنهم القوات الموالية لشرعية الزعيم شرعية الوحدة أو الموت، وبشرعية الزعيم يجتاحون الجنوب الكافر والمتمرد على الشرعية والمرتد عن الوحدة، والجنوب للإستباحة والفيد والغنائم، فالأراضي ومزارع الدولة للنهب والمصانع والمعامل للتدمير بالخصخصة والعمال والموظفين للشوارع، والقوات المسلحة الوطنية الجنوبية التي حررت الجنوب من الإستعمار ووحدت الجنوب من 33 خائن ووطن “خليك في البيت”، والورثة هم مجرمي 13 يناير والتكفير والإعتدال الجمهوري، والبيئة الثورية الوطنية الجنوبية التي أفشلت مؤامرة الخليج “خليك في البيت”، والقوات الجنوبية التي أفزعت بن سعود والأمريكان واليهود الصهاينة “خليك في البيت”، وشركاء الوحدة والوطن الذين هجروا مسقط الرأس والجنوب للشمال حباً بالوطنية واليمن “خليك في البيت” وبراتب زهيد، وهُم من هم؟.. كوادر مدنية أكاديمية ورتب عسكرية رفيعة ومعظمهم من أبناء الضالع ويافع والشعيب وردفان.. فهذا مقدم ركن يعمل سائق تاكسي في شوارع عدن والجنوب اليمني، وذاك عميد ركن يعمل سائق تاكسي في شوارع الخليج، وذاك عقيد ركن يعمل في البقالة والسوبر ماركت، وهذا الضابط فلان كان قائد معسكر يعمل الآن نافخ فحم لإنضاج الذرة الصفراء وبيعها للمواطنين في شوارع عدن، وآخرون يقطنون أزقة وحافات فقيرة في عدن بغرفة أو غرفتين من زنك متهالك.

والأمثلة كثيرة على مأساة مصير دولة وقوات مسلحة وطنية ثورية، وكل ذنبها أنها كانت وحدوية ومعادية للإستعمار والإمبريالية والصهيونية والرجعية السعودية، وكم كان المشهد مؤلماً وصادماً ومؤثراً للشرفاء والأحرار وهم يشاهدون زعيم شرعية الوحدة أو الموت وهو يستقبل قادة الحراك للقوات المسلحة الجنوبية في عدن، فالصورة التلفزيونية المنقولة تظهر حالة المعاناة والبؤس والحرمان والشقاء ظاهرة على القيادات العسكرية الجنوبية بالمظهر والصحة بالمقارنة مع شركاء وحدة الغدر فالنعمة ظاهرة بالصحة ولمعان الأحذية والجزمات الباريسية والملابس الأوروبية، فظلم ذوي القربى أشد مضاضةَ.. من وقع الحسام المُهندِ.

الشركاء المغدورين.. كالمستجير من الغدر بالثعالب

أعداء الأمس أصدقاء اليوم، فظن واعتقد القوم بالإمارات خيراً للنجاة من شرعية الوحدة أو الموت شرعية التكفير والردة للحصول على ما سُميَ بفك الإرتباط واستعادة وطن وخيرات جمهورية ما قبل 22 مايو، والتي تقلصت إلى استعادة الأقلمة الجنوبية الجديدة القديمة، والحالة تتدهور أكثر وأكثر بواقع عصابات مناطقية مسلحة وطوائف التكفير المتعددة والنتيجة إستباحة للأرض والعرض وحتى اللواط له محلٌ من الإعراب في سجون الإمارات والسجَّان الأمريكي الصهيوني، والأنكى من كل ذلك فإن أبناء الجنوب عامة وخاصة البيئة الثورية الجنوبية الضالع ويافع وردفان والصبيحة وحتى القبيطة تعز مرتزقة للعقال والبعير في الأراضي اليمنية المحتلة عسير وجيزان ونجران، وجندرمة في الساحل ونهم وصعدة ومأرب والجوف، والبيئة الجنوبية الثورية الوطنية القومية الأممية كباش محرقة للعدوان الصهيوني الأمريكي، والإمارات تنتج منها أرخص مرتزقة في العالم 7 دولار فقط حسب مجلة التايم الأمريكية، أما الغنائم والفيد لقوى عدوان الخارج، فالسعودية تحتل المهرة وحضرموت، والإمارات تحتل الموانئ والجزر، والأمريكي يحتل المواقع العسكرية الإسترتيجية منها قاعدة العند، والصهيوني مشرف عام في مضيق باب المندب، والكارثة تَعُم وتشمل كل الجنوب، والأشد مرارة أن من كان يقاتلهم الجنوب الحُر في مراحل سابقة أصبحوا أسياداً على الجنوب بالمدرعات الخليجية والسفير البريطاني والفيتو الأمريكي، فجزار يناير 86م هو الرئيس الشرعي، ومجرم حرب صيف 94م هو نائب الرئيس، وشرعية الوحدة أو الموت مرحب بهم في الجنوب طارق عفاش وحافظ معياد، وليس بالأخير سلطان البركاني رئيس مجلس نواب الشرعية لبيع المهرة وحضرموت فأصبح الجنوب مرتعاً خصباً لسماسرة أسواق نخاسة بيع الأوطان والدين وحتى الرقيق الأبيض دعارة الفنادق وحشيش الشقق المفروشة.

******

وقالوا التاريخ تاريخ وجزء من الماضي ولن يعود كما كان.. وقالوا الجغرافيا مناطقية وتعصب وعنصرية وسياحة وزواج متعة ومسيار لأثرياء الخليج بفتوى الشيخين صعتر والزنداني.. وقالوا الإسلام ثورة قبور وهدم الأضرحة وحرق رفات الموتى وتكفير وإرهاب وإخوان وسلف صالح، بل هو إسلام سعودي تركي يعانق المسيحية الصهيونية في واشنطن وتل أبيب، بل هو إسلام إماراتي يلاقي ويحتضن تمثال بوذا في إمارات الخير والإحتلال، بل هو إسلام تحالف الضالين والمغضوب عليهم والذين أشركوا تمثال بوذا الصيني في ديار العرب والمسلمين، وقالوا الوطن غنائم ومناصب بالقرار الجمهوري وأرصدة واستثمارات بحافظ معياد وأراضي وعقارات ومزارع والزوجة الثانية والسكرتيرة الفاتنة بمقدمة ابن خلدون ورسالة أبو العلاء المعري، وقالوا الوطنية شعارات وأوسمة ودروع ونياشين ورتب عسكرية عالية بنجوم وطيور طارت إلى قصور الأمراء والملوك الفاسدين مع أول غارة لعاصفة الحزم التي بعثرت بمعسكرات الوحدة أو الموت في يوم وليلة غدر من جارة السوء حلفاء فتنة ديسمبر وحراس الساحل والقاع حلفاء نواب سيئون ومعياد الإستثمارات والبنك اللامركزي.

وقال الإستعمار البريطاني والإحتلال التركي العثماني اليمن إثنان، يمني بالشمال وجنوبي عربي بالجنوب، وعدن مستعمرة لرعايا دول الكومنولث البريطاني الهندي والبنغالي والصومالي والمصري، والمجاهد المصري “سعد زغلول” كتب في مذكراته أن 70 في المائة من سكان عدن هنود وصومال وبنغال و30 في المائة عرب ويمنيين، وكانت إتفاقية الحدود الشطرية بين الإحتلال العثماني والإنجليزي عام 1914م.. وقائد الإستقلال الوطني الإمام يحيى حميدالدين قال اليمن يمن ويحرر الشمال في عام 1916م من السلطنة العثمانية ويتجه إلى تحرير الجنوب وقبائل الضالع والجنوب تستجيب وبسرعة قياسية يتم تحرير الشعيب والضالع والعوالق ويافع والجنوب قاب قوسين أو أدنى بالتحرر والتحرير.

ما أشبه الليلة بالبارحة!

وما أشبة الليلة بالبارحة، فعدوان مارس 2015م يتكرر في عدوان 1918م وبأثر رجعي، فطائرات العدوان البريطانية تقصف مدن الشمال والضالع والبيضاء والساحل الغربي، وتُلقي مع قنابل الموت منشورات تطالب المواطنين أن يكونوا مع بريطانيا العظمى ضد الزيود وعند ذلك لن يصيبهم مكروه، وبن سعود وأصحاب المشاريع الصغيرة المناطقية ينضمون إلى العدوان بالوعود والعروض الإستعمارية السرابية والوهمية، وخلال 16 سنة عدوان بن سعود يبتلع إمارة “آل عايض التهامية”، ويبتلع إمارة “الإدريسي” في جنوب عسير وجيزان ونجران، وما سُميت بانتفاضة حاشد وبكيل المتحالفة مع الإنجليز للزوال والذل والهوان، والعدوان ينتهي بتحرير الساحل الغربي في عام 1934م ثم معاهدة الاخوة الإسلامية مع بن سعود، وجيزان ونجران وعسير تحت الإحتلال السعودي ولمدة عشرين سنة جددها الإمام أحمد بن حميد الدين إلى عشرين سنة أخرى، وزعيم الوحدة أو الموت يتنازل عنها باتفاقية جدة عام 2000م؛ والعدوان ينتهي جنوباً بمعاهدة الصداقة والتعاون مع بريطانيا ومدة المعاهدة أربعين عاماً، وتأجيل مسألة الحدود اليمنية إلى مفاوضات تجرى قبل إنتهاء مدة المعاهدة حسب نص المادة الثالثة من معاهدة الصداقة.

وقالت حركة الإخوان المسلمون ثورة دستورية في اليمن صنعاء، وثورات ربيع 2011م الإخوانية الصهيونية تتكرر وبأثر رجعي في ثورة دستور عام 1948م في صنعاء اليمن، النظام الوطني الملكي الإمامي المستقل الوحيد في الوطن العربي والغير تابع للإستعمار، وإخوان مصر والجزائر ينفذون إنقلاب في اليمن الوطني والمستقل بمسمى ثورة دستورية ولا ينفذون ثورة في أوطانهم مصر والجزائر المُحتلة من بريطانيا وفرنسا آنذاك، بل أن المحافل الماسونية تنتشر وبكثافة في القاهرة والمدن المصرية ولها مقرات وصحف ومجلات تدعو للعدالة والتنمية والمساواة والإخاء والمؤاخاة مع اليهود الصهاينة، ثورة في اليمن الوطني المستقل ولاثورات في الأوطان المُحتلة، بل إخاء ومؤاخاة مع الماسونية والصهاينة اليهود وكانت “إسرائيل الصغرى”، واليوم ثورات ربيع الإخوان في الأنظمة الوطنية الجمهورية ولاثورات ضد الأنظمة الملكية أو المُطبِّعة مع إسرائيل والتابعة لأمريكا واليهود الصهاينة، بل تطبيع وسلام واستسلام لإسرائيل والمراد “إسرائيل الكبرى”.

وأحرار شمال اليمن بالثورة ضد إبن البلاد الكهنوت ومن أين؟ عدن المحتلة، ثورة ضد إبن البلاد الكهنوت ولا ثورة ضد المحتل الإنجليزي لجنوب اليمن.. واليوم؟ ما اليوم؟ شرعية هادي والأحزاب بالثورة والتحرير ضد إبن البلاد الكهنوت المقاوم للصهاينة وآل سعود، ولا ثورة وتحرير ضد التكفير والمُحتل الجديد القديم للجنوب والساحل.

صنعاء الثورة سنداً لكفاح الجنوب

كانت معاهدة الصداقة مع بريطانيا إلى حين مقداره جيل أربعين عاماً، وبريطانيا تنقض المعاهدة بالأقلمة الجنوبية المناطقية والإمام أحمد يعتبر ذلك مخالفة صريحة للمعاهدة ويمدُّ قبائل الضالع بالمال والسلاح، والمناضل “علي عنتر” يقود إنتفاضة شعبية من 1956- 1958م وتحت واقع قمع سلطات الإحتلال يغادر عنتر إلى الكويت ويَنضم إلى حركة القوميين العرب ويَنضم أبناء الجنوب المغتربين وبالمال والسلاح والإمداد يعود عنتر إلى جبهة الضالع ويقود الكفاح المسلح ضد الإحتلال، وثوار الجنوب إلى تعز وصنعاء منهم الشيخ “محمد سالم البيحاني” و “شيحان الحبشي” والشاعر والأديب “محمد سعيد جرادة” و “محمد علي الجفري”؛ وفي عام 1960م المناضل اليساري “عبدالله باذيب” ومن عاصمة المملكة المتوكلية اليمنية تعز يصدر صحيفة “الطليعة” ذات التوجه الماركسي ضد الاحتلال البريطاني، ومن إذاعة صنعاء المناضل “محمد عبده نعمان” بالثورة ضد الإحتلال من برنامج “ركن الجنوب” بمشاركة المذيع المتألق “عبدالله حمران”؛ ومندوب الإمام أحمد في الجامعة العربية ومؤتمر دول عدم الإنحياز ومجلس الأمن والأمم المتحدة يطالب بتحرير جنوب اليمن وكانت آخر مذكرة بذلك إلى الأمم المتحدة بتاريخ 13 سبتمبر 1962م.

غضب الزعيم “ناصر” من زامل الإمام “أحمد”

في عام 1958م يُعلن قيام الجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسوريا والمملكة المتوكلية اليمنية، والزعيم جمال عبدالناصر يُعلن قوانين التأميم الإشتراكية الناصرية، والإمام أحمد ينتقد ذلك شعراً ويقول:

“ولا يجوز أخذ مال الغير… إلَّا بأن يرضي بدون ضير** بحجة التأميم والمعادلة… بين ذوي المال ومن لا مال له”.

والزعيم ناصر يغضب ويطرد اليمن من وحدة الجمهورية العربية المتحدة، والفقيد عبدالله البردوني في كتابه الثقافة والثورة في اليمن صفحة 194 قال: “فتسببت هذه القصيدة وما حولها من مؤامرات وتراجع في نشوء الحس الثوري وفي الاعتزام على استبدال المملكة المتوكلية بنظام جمهوري.. فكان الجدل حول إنهاء الملكية وقيام الجمهورية مادة جدل عامين لا يشغل الأذهان”.

ولاحقاً آل سعود والصهيونية يسقطون ما تبقى من وحدة الجمهورية العربية المتحدة الوحدة بين مصر وسوريا عام 1961م، وقال البردوني قصيدة ومؤامرات وتراجع في الحس الثوري والاعتزام لإنهاء النظام الملكي بالنظام الجمهوري؛ وربما قصد البردوني بالمؤامرات مؤامرة آل سعود في إسقاط وحدة مصر وسوريا.

وتالياً الزعيم جمال عبدالناصر وفي خطاب يدعم ثورة 26 سبتمبر ضد الإمام أحمد حميد الدين الذي هجا قوانين التأميم الإشتراكية الناصرية؛ يقول الزعيم ناصر في نفس الخطاب والتصفيق الحار بأن الثورة أصبحت على حدود آل سعود من اليمن؛ وبعد شهرين وفي نوفمبر 1962م يصل الجيش المصري اليمن وكانت تلك بداية النهاية للزعيم ناصر وقوانين التأميم الناصرية، بالسعودية وإسرائيل وأمريكا ونائب الرئيس المؤمن -بالإيمان الإسرائيلي- “محمد أنور السادات”.

والحرب الأهلية تندلع في اليمن وثوار الضالع وردفان والجنوب بالكفاح المسلح ضد الاحتلال وسط تقاتل الاخوة الأعداء بالجيش المصري والسعودي والأنظمة الملكية التابعة للغرب وإسرائيل، وأثناء ذلك تسللَ يهود نجران إلى اليمن وشاركوا بالقتال في صرواح مأرب حسب كتب “محمد حسنين هيكل”، ويقع أحد اليهود في الأسر، وإذاعة صنعاء تبث إعترافات الأسير اليهودي “يوسف بن مقرن الياهو” قبل الساعة الخامسة من بعد ظهر يوم 20 ديسمبر 1962م؛ ولاحقاً الإعتدال الجمهوري يطلق سراح اليهودي ويسلمه للسعودي الذي ينقله عبر الأردن إلى مرافئ الأمن والأمان في تل أبيب فلسطين المحتلة.

تمرير “مؤامرة الاعتدال” في الشمال

والسعودية تشق الصف الجمهوري حيث ينشق ما عرف بمشائخ الإعتدال الجمهوري ويصلون إلى السعودية ثم عقد مؤتمر الطائف 10 أغسطس 1965م والذي يقرر قيام الدولة الإسلامية بدلاً من النظام الوطني الملكي والنظام الجمهوري الثوري.. والزعيم ناصر يصاب بالهلع ويهرع إلى الملك فيصل بن سعود وبعد 15 يوم من مؤتمر الدولة الإسلامية يوقع الزعيم والملك إتفاقية جدة 24 أغسطس 1965م وبنود الإتفاق المعلنة تنص على وقف إطلاق النار وانسحاب الجيش المصري ووقف كافة العمليات العسكرية السعودية ومنع إستخدام الأراضي السعودية ضد اليمن الشقيق الذي سيقرر نوع الحكم عبر إستفتاء عام سيجرى في نوفمبر 1966م تنظمه حكومة إنتقالية تنبثق عن مؤتمر وطني يعقد في حرض.

وكما هو متعارف عليه لكل إتفاقية معلنة بنود سرية ملحقة بتصفية ثوار الشمال والجنوب ورموز النظام الملكي الوطني، وكان لهم ما أرادوه في الشمال لمصلحة الدولة الإسلامية، فتم تصفية ثوار الشمال بتهم التطرف الجمهوري والتطرف الثوري والتطرف الحزبي، وتم تصفية رموز النظام الملكي لاحقاً في مجازر المشائخ في محافظة شبوة وإلصاق ذلك بالنظام الوطني في الجنوب، وبعد عدوان 2015م أذيع بيان من إذاعة صنعاء لأحد مشائخ خولان الطيال يفيد بأن آل سعود فخخوا خيام مشائخ الشمال في شبوة ثم فجروها أثناء تناول وجبة الغداء وإلصاق المجزرة بالنظام الوطني الجنوبي، ولتخلوا الساحة الشمالية العسكرية والسياسية لمشائخ الإعتدال، وشيخ الإعتدال ولاحقاً الإخوان يتولى منصب رئيس مجلس الشورى كواجهة للدولة الإسلامية؛ ولا مانع من بقاء إسم الجمهورية كترضية لضباط الإعتدال الجمهوري ثم تبعية نظام صنعاء للوكيل آل سعود وكيل أمريكا واليهود الصهاينة.

فشل “مؤامرة الدمج” في الجنوب

أما في الجنوب فكان الوضع مختلف تماماً فالمؤامرة تقضي بتصفية الكفاح المسلح واستبداله بالمفاوضات لنيل الإستقلال وذلك بالدمج القسري بين الجبهة القومية التي تتبنى الكفاح المسلح بثوار الضالع وردفان وعدن مع منظمة التحرير التي تتبنى المفاوضات السلمية والتي تضم العملاء والخونة والسلاطين والوزراء التابعين للإستعمار، ونتيجة الدمج بين الجبهة القومية ومنظمة التحرير سيكون بمسمى “جبهة التحرير” ثم المفاوضات السلمية لنيل الإستقلال بالضغط السعودي وبضباط المخابرات المصرية في ظل تخاذل الاعتدال الجمهوري ومشائخ الدولة الإسلامية المزعومة… وحينها قال قائد جبهة الضالع الثوري “علي عنتر” موجهاً كلامه لضباط المخابرات المصرية “لايمكن مطلقاً أن نتحد مع السلاطين والوزراء عملاء الإستعمار، لايمكن أن نتحد مع أعداء الشعب الذين ظللنا نقاتلهم كل حياتنا حتى اليوم”، وفشلت مؤامرة الدمج القسرية في 13 يناير 1966م.

وجبهة الضالع تفاجئ العالم بإستمرار الكفاح المسلح ضد الإحتلال بالاعتماد على الشعب وعدالة القضية وبإنفاق مالي من المغتربين اليمنيين في الخارج والداخل والإسناد الشعبي من الشمال الغير رسمي وبزمن قياسي تتهاوى جبهات الضالع ويافع وردفان والعوالق ويتم إقتحام عدن.. والإلتحام مع الواحدية اليمنية قائد جبهة فدائيي عدن وماهي إلَّا أسابيع وأشهر معدودة حتى تم اقتلاع السلاطين والخونة بَصلة بَصلة، حسب وصف الفقيد عبدالله البردوني “كما تقلع البصل والثوم من الحقل”.. ثم هزيمة بريطانيا العظمى وإعلان الاستقلال والسيادة بالبندقية اليمنية المستقلة وإعلان قيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية 30 نوفمبر 1967م انطلاقاً من جبهة الضالع وفرار الخوان إلى صنعاء والسعودية وبريطانيا في زمن هزيمة العرب من إسرائيل، في هزيمة أسموها نكسة، في زمن اعتدال جمهورية 26 سبتمبر، وكانت جبهة الضالع وعدن والجنوب تتحرر من الإحتلال البريطاني في زمن نكسة العرب، وكانت جبهة صعدة وصنعاء والشمال يتحرر من الاحتلال العثماني في زمن احتلال كل الوطن العربي من الغرب الاستعماري.

ووحَّد الله والتاريخ بينهما.. والحقد والجرح والأحداث والفتنُ

والضالع وردفان جبال، وصعدة وصنعاء كذلك، وبهما يتحرر اليمن جنوباً وشمالاً، وليست صدفة وصداقة أن ينشئ الإتحاد السوفييتي أكبر قاعدة عسكرية في الشرق الأوسط في جغرافيا الضالع ولحج، وليست مودَّة ومحبة أن يحتل الأمريكان قاعدة العند بمبرر محاربة الإرهاب الوهابي، وليست صدفة أن تستهدف الضالع بالخطاب التشطيري المشبوه ثم الخطاب المناطقي الكريه، ومن يشعل صدور أبناء الضالع والجنوب بالفتن المناطقية والتشطيرية يسعى إلى إشغال أبناء الضالع والجنوب واليمن بأنفسهم لإخلاء الساحة للأعداء، كل الأعداء.

وليست صدفة أن تُستهدف صعدة بالتكفير الوهابي والسلفي والإخواني، وليست صدفة أن يتم إخضاع صنعاء لقوى إعتدال تسيطر على المال والمناصب بالولاء الشخصي والمناطقي وشللية الأحزاب الموالية للوكيل الموالي للصهاينة وأمريكا.

وبالتالي فإن معادلات أمريكا والصهاينة اليهود أصبحت مكشوفة في اليمن، فعندما يسيطر التكفير والإعتدال على الشمال يصبح الجنوب كافر ومتمرد على الشرعية ومرتد عن الوحدة.. وعندما يسيطر التكفير والإعتدال على الجنوب يصبح الشمال أهل شرك وبدع ومتمرد على الشرعية.. والنتيجة اليمني يقتل اليمني وجهل وفقر وبؤس وحرمان وشقاء، والعكس صحيح، سيادة وقرار مستقل في الضالع، والجنوب يتحرر، سيادة وقرار مستقل في صعدة، والشمال يتحرر، والشعب اليمني يتطلع إلى اليوم الذي يرى فيه وحدة القرار والمصير لجبال اليمن شمالاً وجنوباً ووسطاً وعندها سيرى العالم النجوم في عز الظهر، ولن تنفع اجتماعات رباعية العدوان وحتى خماسية وسداسية النجمة الإسرائيلية بجماعة نتنياهو وألخماهو وكل كهنة ومجرمي العالم.

وقال الفقيد البردوني عن الشمال والجنوب:

“ووحَّد الله والتاريخ بينهما.. والحقد والجرح والأحداث والفتنُ** شمسان سوف يلاقي صنوه نقماً.. وترتمي نحو صنعاء أختها عدنُ.. ولأن التاريخ اليمني حافل بالتجارب والعبر والدروس، فإن سيناريو مجازر 13 يناير لن يتردد بارتكابها تحالف العدوان والإجرام وبوحشية غير مسبوقة على أبناء الجنوب اليمني بحال إشتمامه عبق عودة عنتر وفتاح لإحباط المؤامرة الإستعمارية والرجعية على اليمن أرضاً وانساناً، ولابدَّ، نعم لابدَّ من وضع قدرات القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير على أهبة الاستعداد لسحق أي قوة ستلعب دور سفاحي مؤامرة يناير ومنع ارتكاب مذابح ستكون الأعنف والأبشع على أي قوى وطنية أعادت القراءة وصوبت المسار نحو الهوية اليمنية الإيمانية والوطنية اليمنية الكاملة، وسيطال ذلك المدنيين بمشاركة وتأييد وتبرير وقح للمجتمع الدولي.

ها هي الضالع اليوم تعيد التصويب وكل يوم إنتصارت غير متوقعة، وكما دعم المغتربين من أبناء الضالع الكفاح المسلح بالأمس، اليوم أحد المغتربين من أبناء الضالع يرفد مجاهدي الجيش واللجان الشعبية بـ 40 ألف دولار إستبشاراً بالانتصارات، وكما كان أبناء الضالع وردفان والجنوب اليمني يتهافتون حيَّ على الكفاح بالأمس، اليوم نساء وأطفال ورجال الضالع يرحبون بالجيش واللجان الشعبية بالزغاريد والأفراح والوقفات القبلية والحاشدة وبإقبال غير متوقع.

وكانت جبهة الضالع أشد وجعاً على النظام الوطني التقدمي بالورقة التشطيرية المسمومة في عام 1979م، وبعد إنكشاف الخديعة والتدليس وبعد خمس سنوات الضالع تعيد القراءة والتصويب بإستعادة الوطنية اليمنية ثم الإنتصار الحاسم وفرار الخونة إلى أحضان بن سعود؛ وكان الثمن غالي جداً بإستشهاد قيادات الكفاح المسلح، والنضال إستمر وتوِّج بإعلان الوحدة، ولكن، ما لكن.

وكانت جبهة الضالع أشد إستنزافاً للمجاهدين، وبعد خمس سنوات عدوان إنكشفت الأقنعة المتصهينة والصهيونية، وجبهة الضالع تعيد القراءة والتصويب فالسعودية عدو والإمارات عدو والتكفير عدو والشرعية سيف دموي صهيوني مُسلَّط على أحرار الجنوب والشمال معاً؛ وما لم تحققه الضالع بالوطنية والقومية والأممية ستحققه الضالع والجنوب بالأصالة والعراقة بيمن الإيمان والأنصار؛ واليمن يمن ولو صار ما صار؛ واليمن يمان ولو كان ما كان؛ واليمن لن يكون ولا يكون إلَّا بالقول والفعل الموزون يمن الايمان وحكمة القرآن الكريم.. قلناها في بداية العدوان انتظروا المفاجئات من الجنوب وها هي البوادر قد لاحت، اللهم إجعل شهر رمضان المبارك شهر جهاد وتحرير يعمُّ الجنوب اليمني وكل اليمن، ياقوي ياعزيز.. ياغفور يارحيم وفق أهلنا في الجنوب اليماني إلى ما يشفي صدور قوم مؤمنين بالتصويب والإنتصار المُبين على تحالف المغضوب عليهم والضالين ومن دار في فلكهم من القوم الظالمين.. الضالع تنتصر، واليمن تفتخر، والعدو يندحر، بل سَيُنحر أو ينتحر، ولله عاقبة الأمور.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

جميل أنعم العبسي