المشهد اليمني الأول/

إنجازات الجيش واللجان بتحرير مديريات ومناطق مهمة وواسعة في محافظات الضالع والبيضاء واب وسط اليمن, في مقابل إنهيار دفاعات تحالف الاحتلال السعواماراكي, كان وقعها على الأمريكي رأس هرم التحالف وقع الصدمة العنيفة والمزلزلة لعدة أمور، نتناولها كالتالي:

أولاً – هذه الإنجازات مكنت الجيش واللجان الشعبية من إسقاط حزام أمني رئيسي لتأمين سيطرة تحالف الغزو والإحتلال على عدن, في وقت يبدو أن إنجازات وتقدم الجيش واللجان مستمرة وتحركه لن يتوقف وهذا يعني إمكانية الوصول إلى العمق المركزي لتواجد قوات التحالف في عدن.

ثانياً – هذه الإنجازات فتحت مسارات إستراتيجية جديدة للوصول لتحرير محافظة عدن من قوات التحالف ومرتزقته, كما أن هذه الإنجازات في جبهة تحرير الضالع, تأتي في الوقت الذي يقوم فيها الجيش واللجان بتسخين مسارات موازية بإتجاه تحرير عدن, عبر جبهة تحرير لحج والتي تلتقي مع جبهة الضالع في العند ثم عدن، ومسار جبهة تحرير ابين التي يطرق الجيش واللجان وأهالي أبين المضطهدين, دفاعات التحالف ومرتزقته في لودر عاصمة المحافظة, الواقعة على ساحل خليج عدن, والمحاذية لساحل ومدينة عدن.

ثالثاً – هذه الإنجازات التي حققها الجيش واللجان الشعبية بشكل متسارع وزمن قياسي, أظهرت مؤشرات عن حجم ومستوى بناء وتطور العقيدة الميدانية, والعقل والخبرات ومستوى الجهوزية التعبوية للخيارات والإستراتيجيات بشكل خارج التوقع والاستيعاب والاحتواء.

وما كان صادماً ومزلزلاً أن هذه الإنجازات تأتي بعد خمسة أعوام من الحصار والاستنزاف للثورة والشعب الحاضن للمشروع والداعم لموقف المواجهة للعدوان والغزو، أستخدم فيها تحالف العدوان كل أوراقه الأمنية والإقتصادية والسياسية والإجتماعية لتفكيك وحدة وتماسك الجبهة الداخلية واختراق دفاعات الصمود شكلت أسوار القلعة, ومحاولات مستمية بائت بالفشل في الوصول للمركز الرئيسي للقيادة والسيطرة, وتفراعته المحورية كوادر وبنى تحتية.

ما يقدم مؤشراً بأن إستمرار العدوان وطول مدته في ظل عجز التحالف وصمود اليمنيين يخدم عقيدة البناء والتطوير الذاتي لليمنيين بالذات في العسكري والأمني كماً ونوعاً على مستوى البر والجو والبحر.

رابعاً – أظهرت وقائع الإنجازات حجم الإلتفاف ومدى الاستعداد الشعبي للتعاون مع الجيش واللجان, الذي لا يقتصر على المناطق والمديريات المحررة حالياً بل يمتد للديموغرافيا المحتلة جنوب اليمن, التي تبحث فيها عن الخلاص من جحيم البؤس والفوضى والبطش والفقر والإذلال والإنتهاك الجماعي في واقع صنعه الإحتلال السعواماراكي بشكل مباشر وعبر مرتزقته المحليين.

وأن خمسة أعوام, أوصلت التحالف السعواماراكي كل يمني في المناطق المحتلة قبل غيرها إلى قناعة تامة حول الأهداف الخبيثة للتحالف, الذي كشف وجهه الحاقد كعدو تاريخي لليمن أرضا وانساناً وحضارة, يطمع في ثروات البلاد واستعباد اليمنيين وقهرهم جميعا دون استثناء.

هذه القناعة أتت واسقطت الأقنعة واظهرت الحقائق للناس الواقعين تحت سطوته المباشرة, ليكون لسان حالهم متسألين: هل هناك أمل? وما العمل? هل فات الأوان? ليكون الجواب قلعة الثورة والقيادة من صنعاء, نحن وأنتم الأمل, نهوضكم ونحن عونكم هو العمل, وهذا هو الأوان لتحرير الأرض والإنسان بواحدية المصير.

خامساً – في مقابل ذلك إنهيارات متسارعة لصفوف المرتزقة المحليين والأجانب, رغم الغطاء الجوي وفارق التسليح والعتاد وانحياز موازين القوة المادية منذ اليوم الأول للعدوان والغزو ومرتزقتهم, أظهرت مدى إختراق صفوف المرتزقة والتحالف وخروج صراعاتهم البينية عن السيطرة, وبين ضعف وهشاشة عقيدة القتال للمرتزقة المحليين بمختلف مستوياتهم, وأن طول المدة يرسم نهايات أطماع تحالف الإحتلال من رأس هرمه أمريكا والكيان الصهيوني مروراً بأدوات إقليمية متهالكة.

وهذا الواقع والوقائع ترسم مسارات صادمة وتحمل رسالة لتحالف الغزو والعدوان السعوصهيواماراكي, خلاصتها أنه أمام مساران لا ثالث لهما وفق حسابات مصالحه والأمر الواقع:

المسار الأول:
إما يقرر تحالف الغزو والعدوان أن يختار وقف عدوانه بكل الأشكال, لإيقاف الطوفان اليمني ومنع الإنهيار الكلي لنفوذه ومصالحه, وبهذا يستثمر بعض أطماعه التي حققها في المدى القريب على أمل ضئيل جداً أن يحافظ عليها.

المسار الثاني:
إستمرار العدوان والحصار, واختيار التصعيد بإتجاه الحديدة والساحل الغربية, بحسابات تقديرها أنه تصعيد غير مضمون ومغامرة خطيرة, في ظل معادلات جديدة لعقيدة الردع والدفاع والهجوم اليمنية نوعاً وكماً, على مستوى جبهة الساحل الغربي وما تحمله من مفاجئات وتحولات في سياق المعركة، بالتوازي مع ذلك إطلاق معركة اللاعودة التي توعد بها الرئيس الشهيد الصماد وأكدها قائد الثورة, تحالف العدوان بجعل دول العدوان في الجزيرة العربية ساحة معركة واحدة, يصعب التكهن بمداها واحتمالات توسع خنادقها, وتطور تفاعلاتها إقليميا, والتي تشمل إلى جانب ذلك نقل المعركة إلى البحر الأحمر وباب المندب, إنطلاقا من قواعد سيطرة نارية تؤمنها قدرات ذاتية متطورة وتضاريس معقدة تؤمن الديمومة والهيمنة, وسوف يكون أحد الإنعكاسات الخطيرة لتصعيد العدوان واستمرار الحصار تهديداً بتعطيل الملاحة أمام مصالح دول العدو وبدوره على إمدادات الطاقة والتجارة, الذي يعني تفاقم الأزمات الإقتصادية الغربية وتعقيدها في وضع حساس وحرج.

إلى جانب تلك المسارات تتبدى إمكانية توسيع وتعزيز قيادة الثورة والقيادة السياسية في صنعاء, لمستوى التحرك القوي والسريع نحو تحرير جنوب اليمن المحتل من قوات التحالف الغازي, يعززها فرص نجاحه الرهان على واقع عجز دفاعات التحالف, وعدم صمودها وانهيارها السريع أمام ضغط قوات صنعاء المدعومة شعبياً بالرفد والتعبئة والدعم والإحتضان, الذي قد يسبقه ويمهد له الإنفجار الشعبي نتيجة السخط واليأس والقهر في المحافظات الجنوبية المحتلة, مع وجود أمل يقدم باب للخلاص تصنعه إنتفاضة شعبية واسعة.

وهذا المسار سوف ينتهي قطعاً بالغرق الأمريكي المباشر أو الإنهيار الكامل لنفوذها ونفوذ أدواتها الإقليمية في اليمن بشكل حاسم ودون أي إستفادة أو أمل لعودة العلاقات والمصالح المشروعة على الأقل في المدى المتوسط والقريب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حُميد منصور القطواني