مقالات مشابهة

مغامرة ابن سلمان وقتامة المشهد السعودي

المشهد اليمني الأول/

منذ خمس سنوات ورحى الحرب العدوانية التي تديرها السعودية تطحن الشعب اليمني، دون ان تتمكن من تهشيم ارادته او سحق عزته او تفتيت عزيمته، رغم ضغط الأوراق التي استخدمتها طوال هذه الفترة، بدءا بالقصف والغارات الجوية وما اسفرت عنه من الجرائم الوحشية التي حصدت أرواح عشرات الالاف من المدنيين نساء واطفالا، مرورا بالأوبئة والامراض التي فتكت بمئات الالاف أيضا واودت بحياتهم، وصولا الى الحصار والتجويع ومحاولة كسر الصمود اليمني… وكل ذلك لم يؤدي الى أي تحقيق أي هدف من أهداف السعودية المشؤومة.

قبل أيام كان رئيس الاستخبارات السعودية السابق تركي الفيصل يتحدث في احد البرامج التلفزيونية عن حرب صدام حسين ضد ايران، وكيف انه راى في الوضع الإيراني حينها فرصة للتدخل العسكري والتأثير في ايران الثورة،

وأوضح الفيصل ان الانشقاقات التي حصلت في ايران بعد الثورة بين اليسار واليمين، شجعت صدام للمغامرة في تدخل عسكري، وكشف الفيصل أن صدام حسين عرض افكاره على الملك فهد في حوار هاتفي بينهما، الا ان الأخير عارض الفكرة، وفضل ان يترك الايرانيون لانقساماتهم اذا كانوا سيحطمون انفسهم، حسب ما أشار اليه الفيصل، او يقرروا او يتفقوا، وعزا تلك الفكرة الى ان التدخل يمكن ان يؤدي الى توحد الإيرانيين امام العدو الخارجي.

التاريخ يقول ان عراق صدام خسرت الحرب ولم تحقق أيا من أهدافها، طوال ثمان سنوات في ظل دعم عربي واقليمي ودولي، واكتشف صدام ان حساباته كانت في غير محلها، ورهاناته كانت خاطئة، ولم يملك الا ان يهلل فرحا بقرار وقف اطلاق النار من مجلس الامن، الذي سمح له بالخروج بماء الوجه. الشاهد هنا..

هو في تشابه الاحداث الى حد كبير، وأسباب ودوافع العدوان، وأهدافه الاستراتيجية، والغريب هو ان الرياض التي رفضت فكرة التدخل في ايران، انغمست في المستنقع الى اذنها، وها هي تطوي خمس سنوات، وهي لحظة دخولها في العدوان لم تكن بأقل حالا من صدام بالنسبة للتسليح والتمويل والدعم الغربي والتحالف الطويل العريض الذي تقوده، وتستند اليه، كما ان اليمن ليس بأفضل حالا من ايران في ظل حصار خانق وتكالب من ادعياء الإنسانية ومستثمري الحروب. مع التشابه الكبير فإن هناك خصوصية يمنية بالنسبة للثورة الشعبية التي أطاحت بنظام صالح ومن بعهده بنظام المبادرة الخليجية، فقد كان واضحا للرياض ان حالة الانقسام الموجودة غير قادرة على فعل شيء لكبح جماح الثورة، أو إعادة الأمور إلى المسار السعودي، وكان واضحا أيضا ان الزخم الكبير والشعبية المتنامية لقيادة الثورة ممثلة بالسيد عبدالملك الحوثي،

أفقدت السعودية أي مجال للرهان على تلك الانقسامات، مهما كانت فعالة في الأوقات الماضية، فقد بدت كل عوامل الانقسام الداخلية وفعاليتها تساوي صفرا، وربما هذه التقديرات هي من دفع السعودية للتفكير بالتدخل بدءا من عمران، ليكون الخيار أكثر إلحاحا مع نجاح ثورة 21 سبتمبر، ولتبدأ حينها التحضيرات الفعلية للعدوان، ولم تستفد الرياض من الانقسامات اليمنية إلا في تجنيد المرتزقة بأثمان رخيصة للزج بها في محارقها اليومية.

خرجت ايران من تلك الحرب اقوى، واكثر تماسكا واصرارا على مواصلة نهج الثورة، بينما خرج صدام اكثر عدوانية، وعنجهية، رغم هزيمة مشروعه، لتؤول الأمور إلى ما آلت إليه فيما بعد في غزو الكويت ثم الغزو الأمريكي للعراق واسقاط صدام حسين ونظامه. وفي اليمن لنا ان ننظر ونحن على عتبة العام السادس اين اليمن وأين السعودية؟ وتكاد الصورة التي خرج بها صدام من حرب الخليج الأولى،

هي نفسها التي ستخرج بها السعودية من عدوانها على اليمن، بل اكثر قتامة، فصدام خلال سنواته الثماني كان اكثر تماسكا وترابطا على مستوى الداخل، وكان اكثر دعما من قبل الدول العربية، اما محمد بن سلمان اليوم، فحاله أسوأ بكثير، والمشاكل التي غرق فيها داخليا وخارجيا، ومشاريعه المتعثرة اقتصاديا واجتماعيا، تكاد تعصف به، ولهذا فالتوقعات بنهاية أكثر سوءا لهذا المغامر من سوء نهاية صدام نفسه.
__________
علي الدرواني