مقالات مشابهة

الحرب في اليمن:صفقة دمار حقيقية لصناعة الأسلحة الألمانية

المشهد اليمني الأول/

يوم الاثنين (16 يونيو) قصفت مقاتلات سعودية سيارة مدنية في شمال اليمن، ما أسفر عنه مقتل جميع ركابها الـ13، بينهم أربعة أطفال. التزم التحالف السعودي الإماراتي الصمت إزاء الحادثة. فمنذ أكثر من خمس سنوات من الحرب على اليمن وهذه المذابح كانت على جدول أعماله، فيما ألمانيا ماضية في تصدير الأسلحة إليه، فهي واحدة من أكبر المتواطئين في تلك الجرائم. يُظهر تقرير صادرات الأسلحة لعام 2019، الذي نُشر مؤخراً، أن الحكومة الاتحادية (الألمانية) وافقت العام الماضي على بيع أسلحة بقيمة أكثر من 8 مليارات إلى 131 دولة، وهو ما لم يتم الموافقة عليه منذ 25 عاماً على الأقل. ذهب أكثر من 1.2 مليار إلى ثماني من دول تحالف الحرب على اليمن.

ترجمة خاصة عن الألمانية: نشوان دماج

شنت الطائرات الحربية السعودية، يوم الاثنين (16 يونيو)، غارتين جويتين على سيارة مدنية في اليمن، أسفر عنهما مقتل جميع ركابها الـ13، بحسب يوسف الحاضري، المتحدث باسم وزارة صحة الحوثيين، في تصريح لـ(NachDenkSeiten). لم يعلق التحالف السعودي الإماراتي على الحادثة. وقعت الغارة على طريق ناء في منطقة شدا بمحافظة صعدة شمال اليمن، في المنطقة الحدودية مع السعودية. عدد من مشايخ القبائل أكدوا لوكالة “أسوشيتد برس” الحادثة، كما أكدها لوكالة أنباء “شينخوا” الصينية اثنان من عمال الإغاثة المحليين، موضحين أن القتلى مزارعون كانوا في طريقهم إلى بيوتهم.

“قائمة العار”

المتحدث باسم وزارة الصحة الحوثية واصل حديثه لموقع (NachDenkSeiten): “وزارة الصحة تدين مرتكبي هذه الجريمة، وهي جزء من قائمة طويلة من الجرائم التي ارتكبها التحالف السعودي الأمريكي أمام مرأى المجتمع الدولي”. الحاضري أورد أيضا قائمة بأسماء وأعمار أحد عشر من القتلى الثلاثة عشر، تظهر أن أربعة أطفال تتراوح أعمارهم بين 12 و14 كانوا من بين الضحايا، فيما كانت جثتان قد تفحمتا لدرجة أنه لم يتم التعرف عليهما.

السخرية المطلقة: في اليوم نفسه الذي يُقتل فيه أربعة أطفال أبرياء، تقوم الأمم المتحدة بشطب التحالف السعودي الإماراتي من قائمة مرتكبي جرائم الحرب ضد الأطفال، أو مما يسمى “قائمة العار”، على الرغم من أن التحالف في العام الماضي وحده قتل 2222 طفلاً أو أصابهم بإصابات خطيرة، والقصف المستمر منذ خمس سنوات هو في المقام الأول حرب ضد أطفال اليمن، كما بينت في مواضع أخرى. إن البترودولار السعودي والصداقة المتينة مع البيت الأبيض يمنعان التنديد علناً بجرائم السعودية ضد الأطفال، فتغدو آليات العقوبات عبارة عن مهزلة، وهذا مجرد مثال آخر على الحاجة إلى إصلاح الأمم المتحدة بشكل جذري.

تواطؤ الغرب

هجوم الاثنين وقع في محافظة صعدة، معقل الحوثيين، الذين يريد تحالف الحرب، منذ مارس 2015، سحق انتفاضتهم واستعادة المناطق التي سيطروا عليها، وإعادة الدمية السعودية، عبد ربه منصور هادي، إلى السلطة في العاصمة صنعاء. قُتل أكثر من 112000 شخص بسبب العنف المسلح في اليمن. بل إن التحالف السعودي الإماراتي يستخدم بشكل متعمد الجوع والأوبئة أيضاً كسلاح حرب لكسر مقاومة الشعب: إنه -إلى حد بعيد- أكبر وباء للكوليرا تم تسجيله على الإطلاق في العالم، وتنظر الأمم المتحدة إلى اليمن بأنها على حافة “أسوأ مجاعة في العالم منذ 100 عام”. وإذا تم تضمين هذه الظواهر المرافقة، فإن العدد الفعلي لضحايا الحرب يرتفع إلى ربع مليون.

إن المجازر بحق المدنيين على يد التحالف السعودي الإماراتي كانت دائما على جدول أعمال ذلك التحالف: المدارس، حفلات الزفاف، صالات العزاء، الأسواق، قوارب اللاجئين، المستشفيات، المساجد… كل تلك تم قصفها عمدا. في المجموع، شن التحالف عملياً 21259 غارة على اليمن في أكثر من خمس سنوات، بمتوسط أكثر من 11 غارة في اليوم الواحد. وبما أن دول التحالف -باستثناء مصر- ليس لديها سوى صناعات عسكرية بدائية، فإنها تعتمد على تواطؤ مُصدري الأسلحة الغربيين في ارتكاب جرائم الحرب تلك. وتحتل ألمانيا المرتبة الخامسة، بعد الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وروسيا وبريطانيا العظمى، بين المصدرين الرئيسيين لدول التحالف الثماني طيلة سنوات الحرب.

ألمانيا تواصل التصدير

قبل فترة وجيزة، قدمت الحكومة الاتحادية تقريرها الرسمي عن صادرات الأسلحة للعام 2019، والذي يشير إلى أن حكومة ميركل وافقت على ما قيمته 8.02 مليار يورو من صادرات الأسلحة إلى 131 دولة (!) في العام الماضي، وهو ما يعادل زيادة هائلة بنسبة 66% عن العام السابق 2018 (4.82 مليار يورو)، ويمثل أعلى مبلغ منذ 25 سنة على الأقل. زادت تصاريح التصدير لشركاء الاتحاد الأوروبي العام الماضي أكثر من 2 إلى 3.14 مليار يورو، بينما زادت بشكل طفيف تصاريح دول الناتو والدول الشبيهة بحلف الناتو إلى 1.34 مليار يورو. والملحوظ أن الزيادة هي أكثر من مليار يورو إلى دول “ثالثية” حصلت على تصاريح بقيمة 3.53 مليار يورو.

تشير الأرقام الحالية إلى أن برلين باعت مجدداً في 2019 منظومة أسلحة لجميع الدول الثماني المتحالفة ضد اليمن، في انتهاك صارخ لامتيازات الـ(GroKo) المفروضة ذاتياً: انتهاك للعبارة سيئة الصيت في اتفاقية التحالف: “لا نوافق على تصدير أسلحة إلى دول طالما هي متورطة بشكل مباشر في الحرب في اليمن”. لكن تم في 2019 المصادقة على مبيعات أسلحة بقيمة 1.24 مليار يورو للدول الثماني (مصر، البحرين، الأردن، الكويت، المغرب، السعودية، السودان، الإمارات). في العام الذي سبقه 2018، تم بيع أسلحة “فقط” بما قيمته 605 ملايين يورو. وفي عام 2019، رفعت برلين هذا المبلغ إلى أكثر من الضعف.

صادرات الأسلحة للعام 2019 المعتمدة من قبل الحكومة الاتحادية إلى التحالف على اليمن (باليورو):
1. مصر (801.874.706).
2. الإمارات (256.866.626).
3. الكويت (90.997.312).
4. المغرب (61.433.954).
5. الأردن (22.217.353).
6. البحرين (3.984.861).
7. السعودية (831.003).
8. السودان (4.116).
الإجمالي (1.238.209.931).
مصر، والتي حصلت على صواريخ وأجزاء صواريخ وتقود مجموعة من جميع البلدان النامية، تأتي في الطليعة بـ802 مليون يورو: ثلاث من أصل خمس صفقات أسلحة مرخصة للبلدان النامية ذهبت إلى الديكتاتورية العسكرية لزعيم الانقلاب السيسي. وبأكثر من 206 ملايين يورو، تحتل الإمارات المرتبة الثانية بين دول التحالف ضد لليمن. ومرة أخرى تمت الموافقة على صادرات جديدة إلى السعودية، على الرغم من أن التوقف الكامل للصادرات ساري المفعول فعلياً ضد المملكة حتى نهاية عام 2020.

عام 2020، شهد هو أيضاً أول مبيعات أسلحة مؤكدة للتحالف، كما يتبين من إجابة وزير الشؤون الاقتصادية والطاقة في أبريل على استفسار السياسية اليسارية سيفيم دايفدين في أبريل. وبالتالي، تم في الربع الأول من العام 2020 وحده الموافقة على صادرات بقيمة تزيد عن 290 مليون يورو لمصر، والتي يمكن لبحريتها أن تتطلع إلى غواصة جديدة من طراز (S43) والمزودة بثمانية طوربيدات من شركة (ThyssenKrupp) (تيسين كروب مجموعة صناعية ألمانية تتألف من 670 شركة حول العالم). باكستان -وهي عضو غير رسمي في التحالف- حصلت على طائرة مقاتلة جديدة من ألمانيا. المصادقات الجديدة لـ”راينميتال” (أشهر شركة سلاح ألمانية) على تصدير ذخيرة بقيمة 179 مليون يورو إلى قطر لا تقل إشكالية، فقد كانت حتى عام 2017 جزءاً من التحالف المناهض لليمن. وكذلك الأمر بالنسبة للسفن الحربية الأربع إلى “إسرائيل”، والتي تولت مسؤولية دعم التحالف لوجستياً من خلال تدريب مرتزقة كولومبيين يقاتلون في الصفوف الأمامية للتحالف ضد اليمن.

طيلة السنوات الخمس من الحرب على اليمن، وافقت الحكومة الاتحادية على ما مجموعه 6.4 مليار يورو من صادرات الأسلحة إلى التحالف الثماني. وإذا ما تم تضمين الإمدادات للأطراف غير الرسميين في ذلك التحالف، كباكستان والسنغال، بالإضافة إلى الطرفين الناشطين في الحرب أيضاً وهما: الولايات المتحدة وبريطانيا، فإن ذلك المبلغ يتضاعف إلى أكثر من 12.6 مليار يورو (حسابات لم ينشرها الكاتب حتى الآن عن تقارير صادرات الأسلحة ذات الصلة من قبل الحكومة الاتحادية). إن تصاريح صادرات السلاح لتلك الدول الـ12 فقط تمثل أكثر من 37% من جميع صادرات الأسلحة في ألمانيا: إن الحرب على اليمن -ولتغفر لي السخرية هنا- “صفقة دمار” حقيقية بالنسبة لصناعة الأسلحة الألمانية.

إن غارتي الاثنين الدمويتين من قبل الطيران السعودي تم تنفيذهما في جميع الاحتمالات بواسطة طائرات مقاتلة إما من نوع “تورنيدو” أو “يوروفايتر”، وألمانيا مساهمة بشكل كبير في تصنيع كلا النوعين الأوروبيين. وبدرجة عالية من اليقين، فإن الهندسة الألمانية مرة أخرى أودت بـ13 شخصاً من الأطفال والنساء والرجال الأبرياء.